قفزة في ترسية عقود المشروعات الكبرى بالسعودية

سجلت نمواً بنسبة 88 % بقيمة 12.9 مليار دولار

تنتعش الأنشطة الاقتصادية بزيادة ترسية عقود المشروعات الكبرى في أنحاء السعودية (الشرق الأوسط)
تنتعش الأنشطة الاقتصادية بزيادة ترسية عقود المشروعات الكبرى في أنحاء السعودية (الشرق الأوسط)
TT

قفزة في ترسية عقود المشروعات الكبرى بالسعودية

تنتعش الأنشطة الاقتصادية بزيادة ترسية عقود المشروعات الكبرى في أنحاء السعودية (الشرق الأوسط)
تنتعش الأنشطة الاقتصادية بزيادة ترسية عقود المشروعات الكبرى في أنحاء السعودية (الشرق الأوسط)

أشار تقرير صادر عن مجلس الأعمال السعودي الأميركي بواشنطن إلى ارتفاع إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثاني من عام 2022 ليصل إلى 12.9 مليار دولار (48.6 مليار ريـال)، وساهم تنفيذ المشروعات الكبرى في دفع قطاع الإنشاءات بالمملكة ونمو اقتصادها، وأوضح المجلس أن قيمة العقود التي تمت ترسيتها ارتفعت بنسبة 88 في المائة على أساس سنوي وبنسبة 6 في المائة على أساس ربع سنوي.

قيمة العقود

وخلال النصف الأول من العام، ارتفعت قيمة العقود التي تمت ترسيتها إلى 94.5 مليار ريـال (25.2 مليار دولار أميركي) محققة قفزة كبيرة بنسبة 110 في المائة مقارنة بالنصف الأول من عام 2021. وتشهد المملكة نمواً اقتصاديا كبيراً، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12.2 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الثاني من عام 2022، وهو أعلى معدل نمو منذ الربع الثالث من عام 2011.
وساهم الناتج المحلي الإجمالي لقطاع النفط بزيادة قدرها 22.9 في المائة، في حين شهد الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي قفزة كبيرة بنسبة 8.2 في المائة.
وساهم الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الإنشاءات بزيادة نسبتها 8.8 في المائة على أساس سنوي. وعلاوة على ذلك، شهد إجمالي تكوين رأس المال الثابت نمواً بمعدل 28.8 في المائة على أساس سنوي، فيما شهد القطاع الخاص نمواً بلغ 24 في المائة.

توسع الإنشاءات

واصل مؤشر مجلس الأعمال السعودي الأميركي لترسية العقود ارتفاعه ليصل إلى 230 نقطة بنهاية الربع الثاني. وظل مؤشر ترسية العقود فوق 200 نقطة على مدى الأرباع الثلاثة الأخيرة، إذ كان آخر انخفاض له إلى ما دون هذا المستوى خلال الربع الثالث من عام 2021.
ووفقاً لمؤشر ترسية العقود، شهد قطاع الإنشاءات توسعاً منذ الربع الثاني من عام 2021، إذ تخطى عتبة 100 نقطة بعد مروره بفترة عصيبة جراء الجائحة. فيما حقق مؤشر ترسية العقود نمواً بمقدار 128.2 نقطة، أي 126 في المائة على أساس سنوي، وبمقدار 17.67 نقطة، أي 8 في المائة على أساس ربع سنوي. وعلى أساس شهري خلال الربع الثاني من عام 2022، بلغ مؤشر ترسية العقود 200 نقطة في أبريل (نيسان)، و183.86 نقطة في مايو (أيار)، و230 نقطة في يونيو (حزيران).

قطاع النقل

ووفقاً لتقرير مجلس الأعمال السعودي الأميركي، شهد قطاع النقل توقيع 14 عقداً خلال الربع الثاني من عام 2022، لترتفع حصته من العقود التي تمت ترسيتها ارتفاعاً كبيراً بلغ 22.3 مليار ريـال سعودي (6 مليارات دولار أميركي)، محققاً بذلك أعلى قيمة ربع سنوية لترسية العقود في القطاع منذ 9 سنوات، عندما بلغت قيمة ترسية العقود 94.1 مليار ريـال سعودي (25.1 مليار دولار أميركي) في الربع الثالث من عام 2013. وتأتي الزيادة الكبيرة في القيمة خلال هذا الربع من العام إلى ترسية حزم عقود كبيرة خاصة بالبنية التحتية في مشروع «ذا لاين» في مدينة نيوم.
وشهد قطاع النقل نمواً بقيمة 19.1 مليار ريـال (5.1 مليار دولار)، أي 597 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الثاني من عام 2022، وبقيمة 15.5 مليار ريـال (4.1 مليار دولار)، أي 229 في المائة على أساس ربع سنوي. وخلال النصف الأول من عام 2022، حقق قطاع النقل أعلى قيمة من العقود التي تمت ترسيتها بمبلغ 29.1 مليار ريـال (7.8 مليار دولار)، وهي أعلى من القيمة المحققة في النصف الأول من عام 2021 بمقدار 23.7 مليار ريـال سعودي (6.3 مليار دولار)، أي بنسبة 437 في المائة. وبذلك تشكل حصة عقود النقل ما نسبته 31 في المائة من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال النصف الأول من عام 2022.

النفط والغاز

واحتفظ قطاع النفط والغاز بمكانته كأحد أفضل القطاعات أداءً من حيث قيمة العقود التي تمت ترسيتها، إذ شهد ترسية 11 عقداً بقيمة 9.7 مليار ريـال (2.6 مليار دولار). وشكلت العقود التي أرستها شركة «أرامكو السعودية»، كجزء من تطوير حقول النفط لديها في المنطقة الشرقية، وعقود شركة نيوم للهيدروجين الأخضر لإنشاء مرافق في نيوم، جميع العقود خلال الربع الثاني من عام 2022.
وشهد قطاع النفط والغاز نمواً بقيمة 6.6 مليار ريـال (1.8 مليار دولار)، أي 218 في المائة على أساس سنوي، وانخفاضاً بقيمة 5.4 مليار ريـال (1.4 مليار دولار)، أي 36 في المائة على أساس ربع سنوي. وخلال النصف الأول من عام 2022، حقق قطاع النفط والغاز ثاني أعلى قيمة من العقود التي تمت ترسيتها بمبلغ 24.7 مليار ريـال (6.6 مليار دولار)، وهي أعلى من القيمة المحققة في النصف الأول من عام 2021 بمقدار 17.8 مليار ريـال (4.8 مليار دولار). وبذلك تشكل حصة عقود النفط والغاز ما نسبته 26 في المائة من إجمالي العقود التي تمت ترسيتها خلال النصف الأول من عام 2022.

قطاع المياه

شهد قطاع المياه قفزة في قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثاني من عام 2022، والتي بلغت 15 عقداً، لتصل إلى 6.1 مليار ريـال (1.6 مليار دولار). وتمت ترسية أغلب العقود عن طريق شركة المياه الوطنية، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والشركة السعودية لشراكات المياه ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وارتبطت هذه العقود بإنشاء شبكات توزيع المياه ومحطات التحلية ومرافق تخزين المياه على مستوى المملكة. لذا شهد قطاع المياه نمواً بقيمة 2.8 مليار ريـال (757 مليون دولار)، أي 86 في المائة على أساس سنوي، وبقيمة 2.9 مليار ريـال (781 مليون دولار)، أي 89 في المائة على أساس ربع سنوي. وخلال النصف الأول من عام 2022، استحوذ قطاع المياه على حصة من العقود التي تمت ترسيتها بلغت 9.3 مليار ريـال (2.5 مليار دولار)، بزيادة قدرها 3.9 مليار ريـال (مليار دولار) أي أعلى بنسبة 72 في المائة مقارنة بالنصف الأول من عام 2021.

تبوك لأكبر حصة

واستحوذت منطقة تبوك، التي تحتضن منطقة مشروع مدينة نيوم العملاقة، على أعلى حصة من العقود التي تمت ترسيتها بقيمة بلغت 21.2 مليار ريـال (5.7 مليار دولار)، أي 44 في المائة من إجمالي قيمة العقود. وبلغت 3 حزم كبيرة من عقود البنية التحتية التي تمت ترسيتها لنيوم، بما في ذلك عقود التطوير الأولي لمشروع «ذا لاين»، ما قيمته 17.6 مليار ريـال (4.7 مليار دولار أميركي)، أي 83 في المائة من إجمالي قيمة العقود في تبوك.
وساهم قطاع الغاز والنفط في إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها، بحصة بلغت 3.6 مليار ريـال سعودي (960 مليون دولار)، أي 17 في المائة من إجمالي قيمة العقود، إذ شهد قطاع النفط والغاز ترسية عقدَين في تبوك كجزء من أول عقدين لشركة نيوم للهيدروجين الأخضر.

منطقة الرياض

جاءت منطقة الرياض في المرتبة الثانية من حيث أعلى قيمة للعقود التي تمت ترسيتها، التي بلغت 9.1 مليار ريـال (2.4 مليار دولار)، أي بنسبة مساهمة قدرها 19 في المائة. إذ شهدت مزيجاً متنوعاً من العقود التي تمت ترسيتها من القطاع المدني وقطاع النقل وقطاع العقارات وقطاع الرعاية الصحية. وكان القطاع المدني المساهم الأكبر في منطقة الرياض، إذ استحوذ على عقود بقيمة بلغت 6.1 مليار ريـال (1.4 مليار دولار)، أي بنسبة 56 في المائة من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها.
واستحوذ مشروع حديقة الملك سلمان على ترسية أكبر عقد للقطاع المدني ومنطقة الرياض، بينما استحوذ قطاع النقل على عقودٍ بقيمة 3.8 مليار ريـال سعودي (2.2 مليار دولار)، أي بنسبة 41 في المائة من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها.

المنطقة الشرقية

استحوذت المنطقة الشرقية على عقودٍ بقيمة 8.4 مليار ريـال (2.2 مليار دولار)، أي بنسبة 17 في المائة من القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها. واستحوذ قطاع النفط والغاز على أعلى حصة من العقود التي تمت ترسيتها بقيمة بلغت 6.1 مليار ريـال (530 مليار دولار)، أي بنسبة 72 في المائة من إجمالي العقود. فيما استحوذ قطاع المياه على أغلب العقود المتبقية في المنطقة الشرقية بقيمة مليارَي ريـال (530 مليون دولار)، أي بنسبة 24 في المائة. وشملت القطاعات المساهمة الأخرى العقارات والطاقة والنقل والقطاع الصناعي.

البنية التحتية

خلال النصف الأول من عام 2022، بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها 67 في المائة من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها في عام 2021، بفضل الاستثمارات القوية على مستوى مبادرات «رؤية 2030». وكانت مشروعات البنية التحتية لنيوم في قطاع النقل، وتطوير مؤسسة الملك سلمان لحديقة الملك سلمان، وإنشاء شركة لوسد لمصنع سيارات كهربائية؛ من أهم المشروعات التي تمت ترسيتها خلال الربع الثاني من عام 2022.
وعلاوة على ذلك، شهد كلٌّ من قطاع النفط والغاز بقيادة «أرامكو السعودية» وقطاع المياه ترسية عقود كبيرة ساهمت في زيادة إجمالي العقود بشكل كبير.
وأفاد البراء الوزير، مدير البحوث الاقتصادية في مجلس الأعمال السعودي الأميركي، أن «التحول التدريجي في زيادة مشاركة القطاع الخاص في تطوير الاقتصاد غير النفطي للمملكة يؤتي ثماره»، مضيفاً أن الاستثمارات في مشروعات البنية التحتية المادية والاجتماعية بدعم من القطاع الخاص قد عززت مساهمات قطاع الإنشاءات في الناتج المحلي الإجمالي، وأتاحت فرص عمل جديدة للمواطنين السعوديين.


مقالات ذات صلة

تعيين أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً لـ«نيوم»

الاقتصاد المهندس أيمن المديفر

تعيين أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً لـ«نيوم»

أعلن مجلس إدارة شركة «نيوم» تعيين المهندس أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً للشركة، وذلك بعد مغادرة نظمي النصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص يتطلب «واي فاي 7» بنية تحتية متقدمة ودعماً لمعدلات بيانات أعلى (أدوبي)

خاص كيف يدعم «واي فاي 7» التحول الرقمي وشبكات القطاعات الحيوية؟

يعزز «واي فاي 7» الاتصال عالي السرعة ويدعم التحول الرقمي في القطاعات الحيوية مع تحسين الأمان وكفاءة استهلاك الطاقة لتحقيق الاستدامة.

نسيم رمضان (دبي)
الاقتصاد أكثر من 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون ستُعرض في المملكة عبر مزاد علني يبدأ اليوم (واس)

السعودية تطلق منصة تبادل طوعية لسوق الكربون لجذب التمويل المناخي

دشنت السعودية سوقاً طوعية لتداول أرصدة الكربون، حيث من المقرر عرض أكثر من 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون في مزاد علني على بورصة «سوق الكربون الطوعية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير البلديات والإسكان يتحدث للحضور خلال المؤتمر في الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:44

اتفاقيات ومشاريع تتجاوز 48 مليار دولار في أكبر معرض عقاري بالعالم

يشهد القطاع العقاري في السعودية دفعة جديدة مع توقيع صفقات خلال النسخة الثانية من «سيتي سكيب العالمي 2024» وهو أكبر معرض عقاري على مستوى العالم

آيات نور (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية د. عبد العزيز السويلم يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

السعودية تحشد مجتمع الملكية الفكرية لـ«الويبو» للمرة الأولى خارج جنيف

تجمع السعودية حالياً مجتمع الملكية الفكرية العالمي لتشكيل رؤية واضحة لمستقبل التصاميم، خلال المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
TT

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)

بينما حثَّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من باكو حيث يُعقد مؤتمر «كوب 29»، القادة الدوليين على سد فجوة تمويل التكيف، البالغة 359 مليار دولار مع تفاقم الآثار المناخية التي تهدد الاستقرار العالمي والمجتمعات الضعيفة، كان لافتاً الانتقاد اللاذع الذي وجهه إلهام علييف رئيس أذربيجان، البلد المستضيف للمؤتمر، إذ انتقد علييف المنتقدين الغربيين لصناعة النفط والغاز في أذربيجان، واصفاً بلاده بأنها ضحية «حملة مدبرة جيداً من الافتراء والابتزاز».

وقد جددت مناقشات اليوم الثاني من فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العاصمة الأذربيجانية، باكو، تطلعات دول العالم إلى التوصل لاتفاقات جادة؛ للتخفيف من عواقب التغير المناخي، التي باتت واضحة من خلال الفيضانات، والعواصف، وحرائق الغابات، وموجات الحرارة الشديدة، وسط تحذيرات متزايدة بشأن تفاقم أزمة المناخ العالمية، مع الدعوة لإيجاد أرضية نقاش مشتركة.

وصول الضيوف إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في استاد باكو (رويترز)

وعلى الرغم من مشاركة قادة وممثلين من نحو 200 دولة، فإن بعض القادة الدوليين قرروا عدم حضور المؤتمر، بمَن في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي من المقرر أن تتولى بلاده رئاسة مؤتمر الأطراف في عام 2025. وفي الوقت نفسه، ألغى المستشار الألماني أولاف شولتس رحلته إلى باكو؛ بسبب انهيار تحالفه الحاكم الأسبوع الماضي.

وأعلنت أكبر بنوك التنمية المتعددة الأطراف في العالم هدفاً جديداً لجمع تمويلات للمناخ بشكل سنوي للدول النامية، بواقع 120 مليار دولار بحلول نهاية العقد.

احتواء الكارثة المناخية

في كلمته الافتتاحية، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيراً شديد اللهجة إلى قادة العالم، مؤكداً أن البشرية في سباق مع الزمن لاحتواء الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.

وعبّر غوتيريش عن قلقه من احتمال تجاوز هذا الهدف خلال العام الحالي، واصفاً عام 2024 بأنه «درس في تدمير المناخ». وأشار إلى أن تلك الكوارث المناخية، التي تضر بشكل خاص الدول الفقيرة، هي «قصة ظلم عالمي»، مطالباً الدول الثرية بالوفاء بتعهداتها.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمته (إ.ب.أ)

وأعرب عن الحاجة الملحة لسد الفجوة المتزايدة في تمويل التكيف مع المناخ، التي قد تصل إلى 359 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030.

رئيس الإمارات يدعو لتعاون دولي مستدام

من جهته، أكد رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التزام بلاده بتسريع العمل المناخي، وبناء اقتصاد مستدام، مشيراً إلى أن الإمارات، التي استضافت مؤتمر «كوب 28» العام الماضي، قدَّمت «اتفاق الإمارات» بوصفه خريطة طريق لتحقيق انتقال عادل في قطاع الطاقة، موضحاً في الوقت نفسه أن التعاون الدولي البنَّاء يوفر فرصة جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، عادّاً أن «العمل المناخي ليس عبئاً، بل فرصة للتقدم».

اتهام أذربيجان

وفي خطاب لافت، انتقد رئيس أذربيجان، إلهام علييف، وسائل الإعلام الغربية وبعض المنظمات البيئية التي وصفها بأنها «مزيفة»، متهماً إياها بشنِّ حملة تشويه ضد بلاده. ورد علييف على الاتهامات بأن أذربيجان «دولة نفطية» بتأكيده أن النفط والغاز «هبة من الله»، مؤكداً أن «الأسواق العالمية بحاجة إلى هذه الموارد، تماماً كما تحتاج إلى الذهب والشمس والرياح». جاء هذا التصريح في ظل تصاعد الدعوات للابتعاد عن استخدام الوقود التقليدي.

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يتحدث في حفل افتتاح المؤتمر (رويترز)

وقال: «لسوء الحظ، أصبحت المعايير المزدوجة، والعادة في إلقاء المحاضرات على البلدان الأخرى، والنفاق السياسي، نوعاً من أسلوب العمل لبعض السياسيين والمنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها الدولة ووسائل الإعلام المزيفة في بعض الدول الغربية».

واستهدف علييف، بشكل خاص، الدول الأوروبية التي وقَّعت على الفور صفقات لتوسيع مشترياتها من الغاز الأذربيجاني في أعقاب الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، وقال: «لم تكن فكرتنا. لقد كان اقتراحاً من المفوضية الأوروبية».

وأشار إلى اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في يوليو (تموز) 2022، عندما وقّع الاتحاد الأوروبي صفقة مع أذربيجان لمضاعفة إمدادات الغاز من البلاد. وقال: «إنهم كانوا بحاجة إلى غازنا؛ بسبب الوضع الجيوسياسي المتغير، وطلبوا منا المساعدة».

ويعتمد اقتصاد أذربيجان بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز. وفي عام 2022، شكّل هذا الإنتاج نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد و92.5 في المائة من عائدات التصدير، وفقاً لإدارة التجارة الدولية الأميركية.

وقال علييف: «بصفتنا رئيس مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، فسنكون بالطبع من المدافعين الأقوياء عن التحول الأخضر، ونحن نفعل ذلك. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نكون واقعيين».

واختتم حديثه بانتقاد جماعات المجتمع المدني التي دعت إلى مقاطعة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين؛ بسبب الحكومة القمعية في أذربيجان، وبصمة الوقود التقليدي. وقال: «لدي أخبار سيئة لهم. لدينا 72 ألف مشارك من 196 دولة. ومن بينهم 80 رئيساً ونائب رئيس ورئيس وزراء. لذا اجتمع العالم في باكو، ونقول للعالم: مرحباً بكم في أذربيجان».

بريطانيا... وتعهدات مناخية طموحة

من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن بريطانيا ستخفِّض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة بحلول عام 2035. إذ تعهدت البلاد بهدف مناخي أكثر طموحاً في قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29).

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة خلال مؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وقال ستارمر، في مؤتمر صحافي، خلال مؤتمر المناخ في باكو بأذربيجان: «في مؤتمر المناخ هذا، سُررت بإعلان أننا نبني على سمعتنا بوصفنا قائداً مناخياً، مع هدف المملكة المتحدة لعام 2035، «NDC (المساهمات المحددة وطنياً)»؛ لخفض جميع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة على الأقل عن مستويات عام 1990».

وقال ستارمر إن الجمهور البريطاني لن يثقل كاهله بسبب الهدف الجديد، الذي يستبعد انبعاثات الطيران والشحن الدوليَّين. وأضاف: «ما لن نفعله هو أن نبدأ في إخبار الناس بكيفية عيش حياتهم. لن نبدأ في إملاء ما يجب أن يفعلوه على الناس».

ويتماشى الهدف الجديد مع توصية من لجنة من مستشاري المناخ الذين قالوا الشهر الماضي إن الهدف يجب أن يتجاوز الخفض الحالي بنسبة 78 في المائة للانبعاثات، قياساً على مستويات عام 1990.

ازدياد اللاجئين بسبب الكوارث المناخية

وعلى هامش القمة، حذَّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من ازدياد أعداد اللاجئين المتأثرين بتداعيات المناخ، في ظل تصاعد الصدمات المناخية وتكرارها.

وأشار المفوض الأممي، فيليبو غراندي، إلى أن اللاجئين غالباً ما يفرون إلى دول مجاورة تواجه هي أيضاً تحديات مناخية. وذكر التقرير أن 75 في المائة من اللاجئين الذين نزحوا بحلول نهاية العام الماضي يعيشون في مناطق تتعرض لكوارث مناخية متزايدة.

أزمة المناخ تتجاوز البيئة

من جهته، قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، إن أزمة المناخ لم تعد مجرد قضية بيئية، بل أصبحت ذات تبعات اقتصادية، إذ ُيقدَّر أن الكوارث المناخية قد تكلف بعض الدول حتى 5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي.

وأضاف: «مع ازدياد التكاليف على الأسر والشركات نتيجة لتغيرات المناخ، يحذِّر الخبراء من أن ارتفاع التضخم قد يستمر ما لم تتخذ الدول إجراءات مناخية أكثر جرأة».

وتابع ستيل: «إن التأثيرات المناخية المتفاقمة ستؤدي إلى زيادة التضخم ما لم تتمكَّن كل دولة من اتخاذ إجراءات مناخية أكثر جرأة». وقال: «دعونا نتعلم الدروس من الجائحة: عندما عانى المليارات لأننا لم نتخذ إجراءات جماعية بالسرعة الكافية. عندما تضررت سلاسل الإمداد. دعونا لا نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى. تمويل العمل المناخي هو تأمين عالمي ضد التضخم».