تغير المناخ ينتج المزيد من أقواس قزح

ستزيد في نهاية القرن 5%

ظاهرة قوس قزح في العاصمة الألمانية برلين (أ.ف.ب)
ظاهرة قوس قزح في العاصمة الألمانية برلين (أ.ف.ب)
TT

تغير المناخ ينتج المزيد من أقواس قزح

ظاهرة قوس قزح في العاصمة الألمانية برلين (أ.ف.ب)
ظاهرة قوس قزح في العاصمة الألمانية برلين (أ.ف.ب)

كان كيمبرلي كارلسون، الذي يعمل في قسم الدراسات البيئية في جامعة نيويورك، يعيش سابقاً في جزر هاواي بأميركا، التي بات يُطلق عليها أخيراً اسم «عاصمة قوس قزح في العالم»؛ إذ تشهد سنوياً بضعة أيام من هذه الظاهرة الجمالية، لذلك كان مشغولاً بتأثير التغيرات المناخية على حدوثها.
وبينما تشير التقارير إلى تأثير مباشر سلبي لتغير المناخ على صحة الناس وسبل عيشهم، كان كارلسون سعيداً بالعثور ولو على جانب إيجابي بسيط، ليس له تأثير كبير على حياة الناس، وهو أن التغيرات المناخية ستزيد من فرص حدوث تلك الظاهرة. ويتم إنتاج أقواس قزح بألوانها المعروفة، عندما تكسر قطرات الماء شعاع ضوء الشمس، لذلك فإن ضوء الشمس وهطول الأمطار من المكونات الأساسية لأقواس قزح.
وتعمل الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري على ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تغيير أنماط وكميات هطول الأمطار والغطاء السحابي، لذلك تساءل كارلسون: كيف يمكن أن يؤثر تغير المناخ على فرص مشاهدة قوس قزح؟
وخلال الدراسة التي نشرها (الاثنين) في دورية «غلوبال إنفيرومينتال تشانغ»، توصل مع فريقه البحثي إلى أن «تغير المناخ سيزيد من فرص رؤية أقواس قزح، وقدّر أنه مع نهايات القرن الحالي في عام 2100، ستشهد الأرض زيادة بنحو 5 في المائة من الأيام التي تظهر فيها أقواس قزح مقارنة ببداية القرن».
وأوضح خلال الدراسة، أن خطوط العرض الشمالية والارتفاعات العالية جداً، ستشهد زيادة في أيام قوس قزح، ويُتوقع أن يؤدي الاحترار إلى انخفاض الثلوج ومزيد من الأمطار، وفي المقابل من المتوقع أن تفقد الأماكن التي ينخفض فيها هطول الأمطار في ظل تغير المناخ - مثل البحر الأبيض المتوسط - أيام قوس قزح، ولكن في الإجمالي ستكون هناك زيادة بنحو 5 في المائة.
ولم يحظَ تأثير تغير المناخ على الصفات الجمالية للبيئة باهتمام عدد كبير من الباحثين، ولم يهتم أحد من الباحثين قبل كارلسون وفريقه، برسم خريطة لحوادث قوس قزح، ناهيك بتغير المناخ.
وقام كارلسون وفريقه بفحص الصور التي تم تحميلها على «Flickr»، وهي منصة وسائط اجتماعية يشارك فيها الأشخاص الصور، وقاموا بفرز عشرات الآلاف من الصور الملتقطة في جميع أنحاء العالم، التي تحمل كلمة «قوس قزح»، لتحديد أقواس قزح الناتجة عن انكسار الضوء بواسطة قطرات المطر.
وتقول أماندا وونغ، التي كانت آنذاك طالبة جامعية في علوم البيئة العالمية، وهي مؤلفة مشاركة بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الرسمي لجامعة هاواي، بالتزامن مع نشر الدراسة: «كان علينا فرز صور أعمال فنية بألوان قوس قزح وأعلام وأطعمة بنفس الألوان للعثور على أقواس قزح الحقيقية».
وبعد ذلك، قام العلماء بتدريب نموذج تنبؤ بألوان قوس قزح، بناءً على مواقع صور قوس قزح الحقيقية وخرائط هطول الأمطار والغطاء السحابي وزاوية الشمس، وأخيراً طبقوا نموذجهم للتنبؤ باليوم الحالي وحالات قوس قزح المستقبلية على مناطق الأرض العالمية، ويشير النموذج إلى أن الجزر هي نقاط ساخنة لقوس قزح.
والجزر، هي أفضل الأماكن لمشاهدة أقواس قزح، وفقاً لستيفن بوسينجر، أستاذ علوم الغلاف الجوي المشارك بالدراسة، وهذا لأن «تضاريس الجزيرة ترفع الهواء أثناء نسائم البحر اليومية، مما ينتج عنه زخات محلية محاطة بالسماء الصافية التي تسمح بدخول الشمس لتنتج أقواس قزح رائعة».
ومن المتوقع أن تشهد جزر هاواي، بضعة أيام أخرى مع أقواس قزح سنوياً، بسبب تغيرات المناخ. ويقول كارلسون: «سيؤدي تغير المناخ إلى تغييرات واسعة الانتشار في جميع جوانب التجربة البشرية على الأرض، والتحولات في الأجزاء غير الملموسة من بيئتنا - مثل الصوت والضوء - هي جزء من هذه التغييرات، وتستحق المزيد من الاهتمام من الباحثين». ويضيف: «في هذه الحالة، تكون النتائج الإجمالية مشجعة، ويبدو أن الناس ستتاح لهم المزيد من الفرص لمشاهدة ألوان قوس قزح في ظل تغير المناخ».


مقالات ذات صلة

كرات غامضة تُغلق شواطئ في سيدني... وتحيّر السلطات

يوميات الشرق عينات من الكرات المجهولة التي عثر عليها على أحد شواطئ سيدني (إ.ب.أ)

كرات غامضة تُغلق شواطئ في سيدني... وتحيّر السلطات

أغلقت السلطات الأسترالية تسعة شواطئ في سيدني أمام الزوار اليوم (الثلاثاء) بعد أن جرف الماء كرات رخامية غامضة بيضاء ورمادية اللون إلى الشاطئ.

«الشرق الأوسط» (سيدني (أستراليا))
يوميات الشرق الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)

بثّ مباشر «بلا دراما» لزوجَي طيور يتقاسمان رعاية البيض

تُعدُّ مستعمرة البرّ الرئيس في نيوزيلندا، وهي واحدة من 4 مواقع، موطناً لـ1 في المائة من الطيور البالغ عددها 170 ألفاً على مستوى العالم.

«الشرق الأوسط» (ويلينغتون نيوزيلندا)
يوميات الشرق مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)

تطوير أشجار لمكافحة آفات زراعية مدمِّرة

طوّر باحثون من جامعة «فلوريدا» نوعاً جديداً من أشجار الموالح المعدّلة وراثياً التي يمكنها مقاومة الحشرات الصغيرة المسؤولة عن نقل مرض الاخضرار البكتيري المدمّر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق لا تستحق تذوُّق الفأس (حملة إنقاذ الشجرة)

شجرة تاريخية في بريطانيا تُواجه الفأس

لطالما كانت جميلة تثير الإعجاب ولا تستحقّ هذه المعاملة. إنها أقدم من المنازل، وأقدم كثيراً من ساحة رَكْن السيارات...

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة فضلات الطيور قد تساعد على التنبؤ بالجائحة القادمة

فضلات الطيور قد تساعد على التنبؤ بالجائحة القادمة

أفاد تقرير إخباري بأن فضلات الطيور قد تساعد على التنبؤ بالجائحة القادمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
TT

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)

قلَّة لم تتأخر عن موعد بدء الدراسة في الصباح، لأسباب مختلفة. لكنَّ اعتياد التلامذة على التأخر في جميع الأوقات يُحوّل المسألة إلى مشكلة فعلية.

في محاولة للتصدّي لذلك، بدأت مدرسة «دورير» الثانوية بمدينة نورمبرغ الألمانية، فرض غرامة تأخير مقدارها 5 يوروات على كل تلميذ يُخالف بشكل دائم، ودون عذر، لوائح الحضور في التوقيت المحدّد.

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنه بعد مرور أشهر على تنفيذ هذه الخطوة، لم يكن المدير رينر جيسدورفر وحده الذي يرى أن الإجراء يحقق نتائج جيدة.

إذ يقول مجلس الطلاب إن عدد التلاميذ المتأخرين عن حضور الفصول الدراسية تَناقص بدرجة كبيرة منذ فرض الغرامة، يوضح جيسدورفر أن الإجراء الجديد لم يفرض في الواقع بوصفه نوعاً من العقوبة، مضيفاً: «ثمة كثير من التلاميذ الذين مهما كانت الأسباب التي لديهم، لا يأتون إلى المدرسة في الوقت المحدّد». ويتابع المدير أن أولئك الصغار لا يكترثون بما إذا كنت تهدّدهم بالطرد من المدرسة، لكنْ «دفع غرامة مقدارها 5 يوروات يزعجهم حقاً».

ويؤكد أن الخطوة الأخيرة التي تلجأ إليها المدرسة هي فرض الغرامة، إذا لم يساعد التحدث إلى أولياء الأمور، والمعلّمون والاختصاصيون النفسيون بالمدرسة، والعاملون في مجال التربية الاجتماعية على حلّ المشكلة.

وحتى الآن فُرضت الغرامة على حالات محدودة، وهي تنطبق فقط على التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و11 عاماً، وفق جيسدورفر، الذي يضيف أن فرض الغرامة في المقام الأول أدّى إلى زيادة الوعي بالمشكلة.

وتشير تقديرات مدير المدرسة إلى أن نحو من 5 إلى 10 في المائة من التلاميذ ليسوا مهتمّين بالتحصيل التعليمي في صفوفها، إلى حدِّ أن هذا الاتجاه قد يُعرّض فرصهم في التخرج للخطر.

بدورها، تقول متحدثة باسم وزارة التعليم بالولاية التي تقع فيها نورمبرغ، إن المسؤولية تتحمَّلها كل مدرسة حول تسجيل هذه المخالفات. وتضيف أنه في حالات استثنائية، يمكن للسلطات الإدارية لكل منطقة فرض غرامة، بناء على طلب المدارس أو السلطات الإشرافية عليها.

ويقول قطاع المدارس بالوزارة إن المدارس المحلية أبلغت عن تغيُّب التلاميذ عن الفصول الدراسية نحو 1500 مرة، خلال العام الماضي؛ إما بسبب تأخّرهم عن المدرسة أو التغيب طوال أيام الأسبوع، وهو رقم يسجل زيادة، مقارنةً بالعام السابق، إذ بلغ عدد مرات الإبلاغ 1250، علماً بأن الرقم بلغ، في عام 2019 قبل تفشّي جائحة «كورونا»، نحو 800 حالة.

أما رئيس نقابة المعلّمين الألمانية، ستيفان دول، فيقول إن إغلاق المدارس أبوابها خلال فترة تفشّي الجائحة، أسهم في فقدان بعض التلاميذ الاهتمام بمواصلة تعليمهم. في حين تشير جمعية مديري المدارس البافارية إلى زيادة عدد الشباب الذين يعانون متاعب نفسية إلى حدٍّ كبير منذ تفشّي الوباء؛ وهو أمر يمكن أن يؤدي بدوره إلى الخوف المرَضي من المدرسة أو التغيب منها.