هاجمت مجموعة من المحامين، المحسوبين على نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، دار نقابة المحامين للاستيلاء عليها، مباشرة في أعقاب صدور قرار بحل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين التي وضعت مؤخراً مسودة «الدستور الانتقالي» الذي وجد تأييداً كبيراً داخل السودان وخارجه. ورفضت النقابة «المحلولة» تسليم الدار للمهاجمين، وتحوّلت الدار إلى ساحة هتاف وهتاف مضاد بين الطرفين، فيما وقفت الشرطة في الخارج تراقب الموقف.
وقال أمين الإعلام في اللجنة التسييرية، محمد عبد المتعال، إن المجموعة المهاجمة تحاول تنفيذ القرار «بشكل أمني» قبل حق الاستئناف. وأربك حل النقابة الحالية المشهد السياسي في السودان نظراً إلى أن الدستور المقترح من نقابة المحامين أصبح خلال الفترة الأخيرة منصة للوصول إلى اتفاق سياسي بين المدنيين والعسكريين لحل أزمة الحكم. وأكدت مصادر تحالف «الحرية والتغيير» أن الآلية الأممية في السودان أبلغتهم بأن العسكريين الحاكمين البلاد قبلوا هذا الدستور المقترح.
ورفضت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين قرار حلها الذي اتخذته لجنة أخرى، عيّنها رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، سلطة مراجعة قرارات لجنة تصفية نظام البشير. واعتبر المهاجمون أن قرار إلغاء النقابة الحالية يعني تلقائياً عودة نقابتهم السابقة التي كوّنوها إبان حكم البشير، لكن تم حلها بعد قيام ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018. واعتبرت النقابة الحالية، صاحبة مشروع الدستور الانتقالي، أن قرار حلها جاء من جهة «مسيسة تريد إفشال التسوية الحالية بين المدنيين والعسكريين»، التي لها فرصة حقيقية في حل الأزمة.
وأصدرت لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام 30 يونيو (حزيران) 1989 ومحاربة الفساد، التي تم تجميدها بقرار من رئيس مجلس السيادة، إثر إجراءات أكتوبر (تشرين الأول) 2021، قراراً قضى بحل نقابة المحامين، وتعيين لجنة تسييرية، هي اللجنة الحالية، وهو القرار الذي قامت بإلغائه لجنة تم تكوينها لاستئناف قرارات لجنة إزالة التمكين. وقضت لجنة استئناف قرارات لجنة إزالة التمكين، الجمعة الماضي، بإلغاء القرار الصادر عن اللجنة، وأمرت بإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل صدور قرار الحل، وهو ما اعتبرته لجنة تسيير نقابة المحامين غير قانوني ومسيساً، وتعهدت بمناهضته وفقاً للقانون وبالطرق السلمية، واعتبرته محاولة للالتفاف على دورها في تقديم مشروع الدستور الانتقالي الذي توافقت عليه معظم القوى السياسية والمجتمعية والقوى الإقليمية والدولية التي تتولى الوساطة بين العسكريين والمدنيين.
وقال نقيب المحامين علي قيلوب، في مؤتمر صحافي، أمس، إن الدائرة المعنية لم تبلغهم بالقرار رسمياً، وإنهم اطلعوا عليه في الميديا، وإنهم على الفور شرعوا في تكييفه قانونياً وموضوعياً، وتعهد بالتصدي له قانوناً وبالأساليب السلمية كافة، التي أرستها ثورة ديسمبر (كانون الأول) السودانية. ووصف قيلوب القرار بأنه لا يستند إلى أي أساس قانوني، وتابع: «أقولها بملء الفم إنه قرار صادر عن قضاء مسيس، وإنه لا يستند إلى أي من معايير التقاضي العادلة، أو أي أساس قانوني يمكن التعويل عليه»، وتابع: «القرار أعاد النقابة التي انتهى أجلها في 2021، وجئنا نحن بعد الثورة، لذلك نقف على أرضية صلبة تمكننا التصدي لأي انتهاكات».
وبدوره، اعتبر الأمين العام لنقابة المحامين، الطيب العباس، قرار الحل استمراراً لمخطط يسوقه من أطلق عليهم «فلول النظام المباد» ضد نقابة المحامين، بدأ قبل 6 أشهر بتجميد حسابات النقابة من قبل بنك السودان، وأعقبه تسريب بثّه التلفزيون بحل اللجنة التسييرية، قبل أن يتراجع عنه، وتنفيه الهيئة القضائية. وقال العباس إن قرار حل لجنة نقابة المحامين الهدف منه وقف الحراك الذي تقوم به، خطّط له من سماهم «أعداء الثورة»، والقصد منه قطع الطريق أمام جهود نقابة المحامين، التي نتجت عن مشروع الدستور الذي أعدته للتوافق عليه بين المدنيين والعسكريين ليحكم الفترة الانتقالية، وأعلنته للكافة، وحصل على إجماع معظم القوى السياسية والمجتمعية والمجتمعين الدولي والإقليمي.
ووصف العباس لجنة استئنافات قرارات لجنة إزالة التمكين بأنها «غير قانونية» لأنها أصدرت قرارها في غياب اللجنة المغيبة بقرار تجميد نشاطها، وتابع: «لذلك لن نسلّم له، وسنتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، ولن نألوا جهداً في مواجهة الأذرع التي كانت تخدم النظام البائد والعمل على عودته». وعزا العباس صدور القرار وتوقيته إلى الرغبة في إيقاف عمل اللجنة وتعطيل إقامة الجمعية العمومية بعد تنقيح سجل المحامين وإزالة التلاعب الموجود فيه، وقال: «بعد أن أصبحنا قريبين من إقامة الجمعية العمومية، سعى فلول النظام المعزول والعسكريين لتعطيل هذا العمل».
وانتقد العباس النيابة العامة، ووصفها بأنها أصبحت «مغلولة اليدين» ما جعل منها أداة تنفذ أدواراً محددة لها تجاه المحامين، وشكّك في قانونية لجنة الاستئنافات، لكونها غير مكتملة العدد، وفقاً للقانون الذي أنشئت بموجبه، وقال: «نص القانون على لجنة استئناف من 5 أشخاص، وصدر قرار الحل من لجنة مكونة من 3 أشخاص»، وتابع: «كما أنها لجنة غير معروفة، ولم يتم إعلان تشكيلها من قبل الجهات العدلية»، وتابع: «لقد ارتكبت فضيحة بائنة، لأنها اتخذت قرارها يوم عطلة الجمعة، وصدر قرارها بورق رسمي من مجلس السيادة».
وانتقد عضو هيئة الدفاع المحامي ساطع الحاج القرار، واعتبره استمراراً لمعركة بين معسكر الشمولية ومعسكر التحول الديمقراطي. وأوضح أن الجهات العدلية وضعت العراقيل أمام هيئته ورفضت تمليكها أي معلومات، بل ماطلت دائرة المحكمة العليا في تسلم طلباتهم ورفض رئيس الدائرة مقابلتهم، وتابع: «هذا قرار خارج الأطر القانونية والعدلية، وسنواجهه بحسم وفقاً للقانون» واستطرد: «بعد أكثر من 3 عقود في المحاماة، أجد نفسي مضطراً لانتقاد قرار قضائي في منبر إعلامي، لأنهم حوّلوا القرارات القضائية إلى معركة سياسية، ولذلك ستواجههم نقابة المحامين».
السودان: أنصار البشير يهاجمون نقابة المحامين بعد حلّها
النقابة تتهم الدوائر العدلية بـ«التسييس» وترفض الحل
السودان: أنصار البشير يهاجمون نقابة المحامين بعد حلّها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة