شاشات : مشاكل طائفية

شاشات : مشاكل طائفية
TT

شاشات : مشاكل طائفية

شاشات : مشاكل طائفية

* وليد العوضي ليس المخرج السينمائي الوحيد الذي يقدم على الانتقال هذا الموسم إلى العمل التلفزيوني. بصرف النظر عن وجود مخرجين مصريين داوموا الانتقال من وإلى طالما أن هناك فرصًا متاحة، هناك أيضًا المخرج اللبناني سمير حبشي الذي كان حقق فيلمه السينمائي الأول في الثمانينات «الإعصار» سنة 1992 مبشرًا بولادة مخرج نابغة يتمتع بموهبة وأصالة. ثم غاب لسنوات قبل عودته في مسلسلات لبنانية مثل «بنت الحي» و«لمحة حب» و«السجينة».
في الواقع أنجز من المسلسلات أكثر مما أنجز من الأفلام ولسبب بسيط: فرص العمل متاحة أكثر للأعمال التلفزيونية مما هي متاحة للأفلام السينمائية. لكن عندما أتيحت له فرصة العودة إلى السينما سنة 2009 بفيلم عنوانه «دخان بلا نار» أنجز ما لم يكن أهلاً للإشادة أو الترحاب.
مسلسله الحالي هو «أحمد وكرستينا» (على «الجديد») الذي هو «روميو وجولييت» عربي. ليس اقتباسًا لكنه في المفهوم نفسه من حيث وقوع ذكر وأنثى في الحب المدان من قِـبل المجتمع لمجرد أن الرجل هنا ينتمي إلى كيان مختلف عن كيان المرأة التي يحب وتبادله الحب.
في مسرحية شكسبير هو الفاصل الطبقي. في «وست سايد ستوري» هو الفاصل العرقي (مكسيكي وأميركية). في هذا المسلسل هو الفاصل الديني: هو مسلم (يؤديه وسام صليبا، ربما لا يوجد ممثلون مسلمون للدور؟) وهي مسيحية (تؤديها الجيدة سابين). من الحلقة الأولى حتى الحادية عشرة نتابع التعرّف الذي وقع بينهما ثم الاستلطاف والحب وبعد ذلك تقدّم ابن عمّـها لخطبتها من أبيها ليكتشف ابن العم جريس بأنها تحب أحمد وهذا لا يجوز. يوعز بذلك الأمر إلى والدها ونمضي الحلقتين الحادية عشرة والثانية عشرة والأب يرغي ويزبد.
في الحقيقة لم أحص المشاهد التي يصرخ فيها أفراد المسلسل بعضهم على بعض. ليس الأب هو الوحيد الذي يصرخ بل هناك آخرون. لكن إذا ما كانت الصدامات ضرورية، إن لم يكن لشيء فلرد الملل، فإن الكثرة منها لا يعدو أكثر من تفعيل يتكرر حتى في المشاهد التي كان من الأفضل الاعتماد على المخزون العاطفي الداخلي عوض تفجيره دوما بالحوارات.
تقع الأحداث في الستينات وفي ملف الفيلم أنه في مطلع تلك الفترة قامت مؤسسات وجماعات مدنية في بيروت بمحاولة تأسيس منهج اجتماعي ينبذ الطائفية. على أن هذه الأحداث تقع في بيئة قروية لم يصل إليها خبر ما يحدث في العاصمة. لكن الربط غير واضح الدلالة. الطائفية في لبنان عصب حياة سياسية بالمقام الأول يرزح تحتها شعب دخل في منتصف السبعينات حربًا طاحنة تداخلت فيها عوامل عدّة كانت الطائفية إحداها.
هنا تطالعنا الاحتمالات التي قرر المسلسل تفويتها: فلو أن الأحداث سبقت مباشرة بداية الحرب سنة 1976 أو لو أنها تقع اليوم وشبح الطائفية يعود، لكان المسلسل سجل لنفسه حضورًا أفضل من وضعه الحالي. ليس أن الطائفية آنذاك لم تكن موجودة، أو أنها كانت أصغر شأنًا، لكن العمل يفتقر إلى خلفية أقوى.
* على مسافة بعيدة من هذا الموضوع يضطلع مسلسل إماراتي من إخراج خليل الرفاعي عنوانه «بنت وشايب» (قناة سما دبي): ليس عن حب بين فتاة صغيرة ورجل كبير في السن، بل عن تلك الفتاة التي استهوت الرجل فدخلت قلبه ومن ثم بيته علمًا بأنه متزوّج من سواها.
هو لا يعرف خلفيّـتها كونها، حسب الحكاية التي وضعها خالد الفضيلي أنها يتيمة وبالطبع لا يعرف أنها تكيد لكي تسلبه ماله وخطيبها الذي يعمل عنده. وإذ تدخل (في الحلقة 11) منزله لأول مرّة تتودد للزوجة الأولى في مطلع الأمر ثم تكشف عن جلدتها الحقيقية فتأخذ زمام الأمور.
ليس أن الحكاية جديدة أو أن أحداثها متتابعة، لكن الحلقات التي شوهدت منها مكثّـفة المفارقات بحيث هناك دورة دموية مستمرة بينها وفي كل منها. كذلك هناك اهتمام بالشخصيات الثانوية (كالخادمة المصرية المسكينة) يكشف عما تعايشه في الوضع العاطفي - الأسروي الماثل.
أعجبني هنا تحرر المخرج من المكان التقليدي (المكتب والبيت) واختياره مطارح شعبية تقع فيها بعض أحداثه. صحيح أن الأحداث هنا، كما هي في معظم المسلسلات الأخرى، حوارية لكن المكان المختار عادة ما يمنح المشهد قدرًا من التجدد.
* من ناحية أخرى، هناك خلط كبير قائم في المسلسلات التي نراها يتعلق بورود أسماء الممثلين ذكرني به مسلسل «أحمد وكرستينا»: المقدّمات (التي تأخذ خمس دقائق في المتوسط من البرنامج) عادة ما تقدّم أسماء الممثلين الذين يقودون العمل. بعد ذلك تأتي كلمة «بطولة» وينعت بها الممثلون المساندون. كيف؟ ثم «ويشترك في البطولة»، وتطلق على ممثلين أدوارهم في الإجمال ثانوية!
كذلك هناك عقدة النجم: يذكر البرنامج «بطولة النجم» كما لو أن كلمة ممثل شتيمة. ثم لماذا التعريف على هذا النحو. لماذا التفخيم والتطبيل على هذا النحو؟ طبعًا، وكما ذكرت، ليست مشكلة «أحمد وكرستينا» ولم تبدأ أساسًا في المسلسلات اللبنانية كافة، بل هي مشكلة الكثير من المسلسلات التي يحاول صانعوها إرضاء كل الأطراف. وربما كانت لنا عودة لهذا الموضوع.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.