تقرير: كيف أدخل ماسك نفسه في أكثر الصراعات احتراقاً في العالم؟

ماسك يتحدث خلال حدث تسليم لسيارات تسلا موديل 3 صينية الصنع (رويترز)
ماسك يتحدث خلال حدث تسليم لسيارات تسلا موديل 3 صينية الصنع (رويترز)
TT

تقرير: كيف أدخل ماسك نفسه في أكثر الصراعات احتراقاً في العالم؟

ماسك يتحدث خلال حدث تسليم لسيارات تسلا موديل 3 صينية الصنع (رويترز)
ماسك يتحدث خلال حدث تسليم لسيارات تسلا موديل 3 صينية الصنع (رويترز)

عرض إيلون ماسك في الأسابيع الأربعة الماضية، خطة سلام بين روسيا وأوكرانيا أثارت غضب المسؤولين الأوكرانيين. بعدها عرض ماسك طريقة لحصول الشعب الإيراني على الإنترنت لمشاهدة تعامل حكومتهم مع المتظاهرين. كما أشار في مقابلة صحافية إلى أنه يمكن استرضاء الصين إذا مُنحت سيطرة جزئية على تايوان. وطالب مسؤول في تايبيه بالتراجع عن اقتراحه.
برز ماسك في الأشهر الأخيرة كممثل فوضوي جديد على مسرح السياسة العالمية، في حين أن الكثير من المديرين التنفيذيين الأثرياء الذين يحبون التغريد عن الشؤون العالمية، لا يمكن أن يقترب أي منهم من تأثير ماسك وقدرته على التسبب في المتاعب. لقد خاض أحياناً في مواقف حتى بعد أن نُصح بعدم القيام بذلك، وقد ترك وراءه بالفعل الكثير من الفوضى. حسبما أفاد تقرير عن صحيفة «نيويورك تايمز».
في حين أن الجزء الأكبر من ثروة ماسك يأتي من حصته في شركته للسيارات الكهربائية «تسلا»، فإن نفوذه ينبع إلى حد كبير من شركة الصواريخ الخاصة به «سبيس إكس»، التي تدير شبكة «ستارلينك» الفضائية، التي يمكنها إرسال خدمة الإنترنت إلى مناطق الصراع والمناطق الجيوسياسية الساخنة، وقد أصبحت أداة أساسية للجيش الأوكراني.
وبحسب التقرير، سيزداد تأثير ماسك أكثر إذا تم الانتهاء من شرائه المخطط لشركة «تويتر» يوم الجمعة كما وعد. وأطلق على نفسه اسم «المطلق لحرية التعبير»، ومن المتوقع أن يمتد نفوذه لتغيير طفيف لبعض محتوى «تويتر».
ويخشى منتقدوه - وهم كثيرون - من صعوبة فصل آراء ماسك عن اهتماماته التجارية، خاصة عندما يتعلق الأمر بشركة «تسلا»، التي تعتمد بشكل متزايد على الصين.
قالت كارين كورنبلوه، مديرة صندوق مارشال الألماني، وهي مؤسسة فكرية جيوسياسية، ومستشارة سابقة للرئيس باراك أوباما: «لقد أصبحت التكنولوجيا مركزية في الجغرافيا السياسية... إنه رائع وفوضوي - وهناك ماسك في الوسط».
يقول التقرير، في بعض الحالات، كان ماسك نعمة، عندما قدم الوصول إلى الإنترنت عبر شركة «ستارلينك» في أوكرانيا في وقت سابق من العام، ومول جزءاً على الأقل من الأجهزة والخدمات، قام بتجهيز المدنيين والجنود بوسائل اتصال حاسمة خلال الصراع المستمر مع روسيا، ولكن الرسائل التي أرسلها تسببت أيضاً في مشاكل. ففي الأسبوع الماضي، وفي منشور على تويتر، قال إنه لا يستطيع تمويل استخدام أوكرانيا لـ«ستارلينك» إلى أجل غير مسمى، قبل أن يعكس المسار فجأة.
وفي أواخر الشهر الماضي، اقترح ماسك خطة سلام للحرب في أوكرانيا تسمح لروسيا بضم الأراضي الأوكرانية، ويبدو أنها تنحاز إلى الكرملين. أثناء حضوره لحدث خاص في أسبن. نظم هذا الحدث جزئياً الرئيس التنفيذي السابق لشركة «غوغل» والمستشار الحكومي إريك شميدت، وقد جمع الحدث بين رجال الأعمال والسياسيين الأميركيين، بما في ذلك رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، ونائب الرئيس السابق آل جور والرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد.
أثارت الفكرة غضب الكثير في الحدث، وفقاً للحاضرين. وكشف ماسك عن خطته بعد 10 أيام على «تويتر». وأيد الكرملين الفكرة علانية.
ووبخ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وكبار مساعديه بشدة خطة ماسك.
وهذا الشهر، ألقى ماسك المزيد من القلق منذ عهد قريب إلى أوكرانيا عندما قال إنه لا يستطيع الاستمرار في الدفع مقابل خدمة «ستارلينك» للبلد، مما يجعل الأمر يبدو وكأنه كان يتحمل النفقات. وفي الواقع، دفعت الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا لسبيس إكس مقابل جزء على الأقل من تكلفة «ستارلينك»، وفقاً لوثيقة تحدد النفقات التي استعرضتها صحيفة «نيويورك تايمز».
خاض ماسك أيضاً اضطرابات في إيران، فمع انتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، واستجابة السلطات من خلال منع الوصول إلى الإنترنت في بعض المناطق، بدا وكأنه المنقذ. وقال في رسالة على تويتر إنه سيقوم بتفعيل «ستارلينك» بعد أن رفعت الحكومة الأميركية بعض العقوبات التي حدت من قدرة شركات التكنولوجيا الأميركية على العمل في إيران حتى تتمكن من مساعدة المحتجين.
وعرضت «ستارلينك» إمكانية تجاوز الحصار الذي تفرضه الحكومة على اتصالات الإنترنت الأرضية التي جعلت صعوبة للإيرانيين في العديد من المدن الحصول على الإنترنت.
بينما ظل برنامج «ستارلينك» غير متاح في إيران، بدأ المتسللون الذين يُعتقد أن لديهم صلات بالحكومة حملة تصيد، وأرسلوا رسائل داخل قنوات التواصل الاجتماعي مع روابط تدعي توفير الوصول إلى «ستارلينك»، وفقاً لأمير رشيدي، خبير الحقوق الرقمية من إيران.
وبدلاً من توفير الوصول إلى نظام الأقمار الصناعية الخاص بماسك، كانت الروابط عبارة عن برامج ضارة تلتهم المعلومات من هواتف المستخدمين.
أشاد الرشيدي، الذي فر من البلاد في عام 2009 بماسك لمحاولته المساعدة، لكنه قال إن تكتيكاته كانت غير مدروسة للغاية. وقال: «لقد كان مجرد شخص يريد أن يقفز ليقول، أنا أفعل شيئا جيداً، دون دراسة ما يترتب عليه من عواقب».
كما دخل ماسك مؤخراً إلى أكثر بقعة جيوسياسية حساسة في العالم منها تايوان، فقد تشكل التوترات بين الصين وتايوان مخاطر كبيرة على إمبراطورية أعمال ماسك. حيث تدير شركة «تسلا»، منشأة تصنيع في شنغهاي تنتج ما يصل إلى 50 في المائة من سيارات الشركة الجديدة. وتسيطر حكومة بكين بإحكام على كيفية عمل الشركات الغربية في البلاد، ويخشى المراقبون منذ فترة طويلة بشأن كيفية تأثير اعتماد «تسلا» على الصين على مواقف ماسك السياسية.
ففي هذا الشهر، أكد ماسك أنه واجه ضغوطاً من بكين، عندما أخبر صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الحكومة الصينية أوضحت أنها لا توافق على عرضه لخدمة الإنترنت «ستارلينك» في أوكرانيا. وقال إن بكين طلبت تأكيدات بأنه لن يقدم الخدمة في الصين.
ثم عرض ماسك طريقة لتخفيف التوترات عندما اقترح تسليم بعض السيطرة على تايوان إلى الصين.
وأثار التعليق، الذي يخالف بشدة سياسة الولايات المتحدة وحلفائها، انتقادات سريعة من السياسيين التايوانيين.
وفي مقابلة هاتفية مع صحيفة «نيويورك تايمز»، دعا تشاو تيان لين، عضو الحزب الديمقراطي التقدمي ولجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالهيئة التشريعية التايوانية، ماسك إلى التراجع عن بيانه.
وقال: «إذا لم يفعل ذلك، فسوف أنصح بصدق ليس فقط تايوان ولكن جميع المستهلكين في الدول الديمقراطية الليبرالية بمقاطعة تسلا ومنتجاتها ذات الصلة».
وأشار البعض إلى أنه في حالة اندلاع نزاع عسكري بين البلدين، فإن التايوانيين، مثل الأوكرانيين، قد يطلبون من ماسك توفير وسيلة طارئة للاتصال عبر الإنترنت عبر الأقمار الصناعية.
ولكن نظراً للموقف العام لماسك بشأن الموقف والروابط مع الصين، فقد لا يكون «ستارلينك» خياراً قابلاً للتطبيق هناك.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».