سوريات يتحسرن على «العيش في الخيمة»

عائلات خرجت من «الهول» إلى حياة متعبة وسط التنمر والرفض

واجهت متاعب التنمر الاجتماعي ورفض الأهل والجيران لارتباطهم بتنظيم «داعش» (الشرق الأوسط)
واجهت متاعب التنمر الاجتماعي ورفض الأهل والجيران لارتباطهم بتنظيم «داعش» (الشرق الأوسط)
TT

سوريات يتحسرن على «العيش في الخيمة»

واجهت متاعب التنمر الاجتماعي ورفض الأهل والجيران لارتباطهم بتنظيم «داعش» (الشرق الأوسط)
واجهت متاعب التنمر الاجتماعي ورفض الأهل والجيران لارتباطهم بتنظيم «داعش» (الشرق الأوسط)

على مدار أيام، استمعنا إلى أصوات وتسجيلات نازحات سوريات يتحدرن من مدينتي الرقة ودير الزور شمال شرقي سوريا، خرجن بكفالات عشائرية من مخيم الهول، أكثر المخيمات السورية تطرفاً وتشدداً، غير أن الحياة ليست كما توقعنها ليواجهن صدمة كبيرة بعد رفض المحيط الاجتماعي التعامل معهن؛ بسبب ملاحقة تهمة الانتساب أو الولاء لتنظيم «داعش» الإرهابي، لتبدأ فصول معاناة جديدة ذُقن الأمرّين فيها؛ لعدم تقبل المجتمع إعادة دمجهن، ومواجهة مستقبل مجهول وظروف اقتصادية معيشية قاسية، وحُجبت الأسماء وبعض التفاصيل الشخصية؛ حفاظاً على سلامة الشهادات التي شاركت في التحقيق.
- الغربة وسط الأهل
أحد هذه الأصوات (أ.م)، وهي سيدة تبلغ من العمر 46 عاماً متعلمة جامعية، وتحمل إجازة في كلية التربية، تتحدر من بلدة الثورة التابعة لمحافظة الرقة، تروي قصة خروجها مع زوجها -الذي كان في صفوف «داعش»- من مسقط رأسها بعد اشتداد المعارك منتصف 2017، وتنقّلا كثيراً بين مناطق كانت خاضعة لسيطرة التنظيم وقتذاك، ليقررا لاحقاً الخروج قاصدين مخيم الهول شرقي محافظة الحسكة، وعاشا هناك حتى منتصف 2019.
ولدى حديثها في اتصال صوتي عبر خدمة «واتساب» قالت بدايةً إن الحظ حالفها لقبول اسمها وعائلتها بالخروج من المخيم: «كنا محظوظين لقبول أسمائنا بكفالة عشائرية بأول رحلة عودة بشهر مايو (أيار) 2019، لكن بدأت معها رحلة معاناة جديدة من نوع آخر». انخفضت نبرة صوتها، وكان بالكاد يُسمع؛ نظراً لصعوبة الأيام التي تقضيها، وأكملت حديثها: «أول ما طلعنا شعرنا بالغربة حتى من أقرب الناس ومن الأهل ومن الجيران، لا بيت للسكن، ولا عمل لتأمين معيشتنا، ولا أوراق ثبوتية لنكمل حياتنا بشكل طبيعي». وأكدت أن زوجها منذ تاريخ خروجهما من مناطق سيطرة التنظيم محتجز لدى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ولا تعلم عنه أي شيء. وأشارت إلى أن هذه الحالة واجهت الكثير من النازحات اللواتي خرجن من المخيم وتحسرن عليه؛ بسبب المعاملة وحالات التنمر التي تعرضن لها، والتحديات التي واجهتهن: «كنا شبه منعزلين تماماً، وشعرنا بأننا جسم غريب دخل على المجتمع، وهذه الحالة بقيت لأشهر حتى بدأت تتلاشى بفضل جهود أعضاء لجان حل النزاع والمنظمات المدنية».
- المجتمع يرفضها
السيدة «ن.س» تشابهت فصول حكايتها؛ فعندما عادت إلى مدينتها الطبقة، جنوب محافظة الرقة، أوائل العام الماضي، بكفالة الشيوخ، كانت تحلم بحياة طبيعية بعيداً عن معاناة المخيم وظروف العيش القاسية في مناطق سيطرة التنظيم، لكنها وجدت نفسها وسط مجتمع يرفضها. وتقول هذه السيدة البالغة من العمر 28 سنة وأم لأربعة أطفال، التي عاشت نصف حياتها بين المخيمات ومناطق الحروب: «أول ما رجعنا من المخيم أغلب العوائل من الجيران والمحيط الاجتماعي وحتى الأهل خافوا منا ومن أطفالنا، كان شعوراً قاسياً لتقبل هذا الواقع». أما اليوم فلم تعد تكترث كثيراً لهذه المعاملة؛ نظراً لمواجهة مشقات الحياة وتأمين نفقات معيشة عائلتها.
- تحسر على الحياة في الخيمة!
سيدة تبلغ من العمر 33 سنة وتتحدر من بلدة الغرانيج بريف دير الزور الشرقي، تقول: «كنا نسكن بخيمة ومتوفر لنا كل شيء. أما اليوم فنسكن بالإيجار بمساكن سيئة، لكن مجبرين، ولا يوجد لنا أي مصدر رزق نعيش منه».
امرأة أخرى روت كيف يتحسرون على جرة الغاز التي فُقدت مؤخراً وارتفع سعرها كثيراً مع انعدام التيار الكهربائي. وقالت: «في كثير من المرات تنقطع مياه الشرب عنا، أضف كذلك ربطة الخبز صارت اليوم بألفي ليرة وعائلتي 6 أفراد، ونحتاج 3 ربطات، وتأمين مبلغ يومي مستحيل ولا نمتلكه». عدا أنها لا تعلم أي شيء عن زوجها المفقود منذ معركة «الباغوز» في مارس (آذار) 2019... «طالبنا لجان حل النزاع والإدارة الذاتية تحديد مصير أزواجنا، رغم متاعب الحياة لكن حالة الفقد متعبة أكثر».
ومنذ عام 2019 تمكن شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل المحلية في مناطق شمال شرقي سوريا، من إخراج قسم كبير من النازحين السوريين الذين كانوا يعيشون في مخيم الهول على دفعات. وبحسب إحصاءات وأرقام رسمية من سلطات الإدارة الذاتية غادر أكثر من 10 آلاف شخص بموجب اتفاقات مع وجهاء المنطقة؛ بهدف إعادة السوريين إلى مناطقهم وقراهم ودمجهم في مجتمعاتهم.
- «لجان حل النزاع»
وتعليقاً على مبادرة شيوخ العشائر ووجهاء المنطقة وتشكيل «لجان حل النزاع»، قال حسن الخمري، من وجهاء «قبيلة الولدة» (عشيرة الناصر) في بلدة الطبقة التابعة لمدينة الرقة، إن اللجان تأسست قبل عام مؤلفة من شيوخ ووجهاء وناشطين من المجتمع المدني، لديهم الكفاءة ويحظون بثقة المجتمع المحلي... «مهمتنا وسيط بين العوائل الخارجة من مخيم الهول ومؤسسات الإدارة الذاتية والمجتمع المحلي والمنظمات المدنية». وأكد أن هذه اللجان تسعى لإخراج باقي السوريين العالقين في مخيم الهول، بالتزامن مع رغبة الإدارة الذاتية وقوات «قسد» في تفكيك المخيم. وقال: «اللجان ستتبع آلية خاصة للعوائل التي ستخرج قريباً، عبر فتح مراكز خاصة من دعم نفسي وتعليم مضغوط مسرع وإيلاء الرعاية الكاملة لإعادة تأهيل الأطفال ودمجهم بالمجتمع المحلي».
وأشار الناشط المدني محمد الشيخ، رئيس لجنة حل النزاع في بلدة الصور ومدير منظمة «أرجوان للتنمية البشرية»، إلى أن اللجان اهتمت بشكل كبير بدمج هؤلاء العائدين مع المجتمعات؛ لتحقيق الأمن والسلم الأهلييْن، و«بالفعل عالجت اللجنة عشرات الحالات، وحققت إنجازات كبيرة بحل قضايا معقدة؛ كالثأر والانتقام وسيطرة القوات الأمنية على منازل العوائل الخارجة من المخيم». وأكد أن خلفية تلك العوائل معروفة عند الأهالي إلا أنهم لا يحملونها مسؤولية سنوات حكم التنظيم وممارساته، مضيفاً: «ساهمت اللجان بالفعل بدمج مئات العائلات مع مجتمعاتها، وحققت لهم حياة طبيعية خالية من التنمر المجتمعي».


مقالات ذات صلة

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
أفريقيا وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة.

كمال بن يونس (تونس)
الولايات المتحدة​ وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)

كيف يعكس هجوم نيو أورليانز نمطاً عالمياً لاستخدام السيارات أسلحةً إرهابيةً؟

قال خبراء لموقع «أكسيوس» إن الهجوم الذي شهدته مدينة نيو أورليانز الأميركية في ليلة رأس السنة الجديدة يعد جزءاً من اتجاه عالمي لاستخدام السيارات أسلحةً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي بايدن في البيت الأبيض يتحدث عن هجوم نيو أورليانز الإرهابي الخميس (د.ب.أ)

بايدن: منفّذ هجوم نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بُعد

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، إن المهاجم في حادثة دهس السيارات في نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بعد في سيارته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.