إسرائيل تعلن أنها لن تسمح بوصول «أسطول الحرية» إلى غزة وتهدد بمحاكمة النائب غطاس

طائرات حلقت فوقه وإسرائيلية انضمت إليه.. وزعيم يميني يطالب بتغيير الموقف

مؤيدون للفلسطينيين يرسمون إشارة النصر لحظة إبحارهم من ميناء «إلوندا» شمال جزيرة كريت اليونانية قبل يومين (أ.ف.ب)
مؤيدون للفلسطينيين يرسمون إشارة النصر لحظة إبحارهم من ميناء «إلوندا» شمال جزيرة كريت اليونانية قبل يومين (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعلن أنها لن تسمح بوصول «أسطول الحرية» إلى غزة وتهدد بمحاكمة النائب غطاس

مؤيدون للفلسطينيين يرسمون إشارة النصر لحظة إبحارهم من ميناء «إلوندا» شمال جزيرة كريت اليونانية قبل يومين (أ.ف.ب)
مؤيدون للفلسطينيين يرسمون إشارة النصر لحظة إبحارهم من ميناء «إلوندا» شمال جزيرة كريت اليونانية قبل يومين (أ.ف.ب)

أعلن منظم «أسطول الحرية»، درور فايلر، وهو مواطن إسرائيلي سابق يعيش في النرويج، الإصرار على الاستمرار في رحلة الأسطول باتجاه غزة، على الرغم من التهديدات الإسرائيلية الصريحة ضده وانتشار أنباء عن طائرات حربية تحوم فوق القوارب المشاركة فيه. وصرح النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي عن «القائمة المشتركة»، د. باسل غطاس، من على متن أحد القوارب قائلا: «سنصل إلى هدفنا في غضون يوم وليلة».
وقال مراسل «القناة الثانية» للتلفزيون الإسرائيلي التجاري، أوهاد حيمو، الذي يوثق الرحلة من على متن «مريانا»، أكبر قارب في القافلة، إن ركابها يأملون بأن يؤتي الضغط الأوروبي ثماره، وتسمح إسرائيل لهم بدخول قطاع غزة.
لكن إسرائيل أعلنت بشكل صارم أنها لن تسمح لهم بذلك، وسوف تسيطر على القوارب وتجرها إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، وترسل حمولتها إلى قطاع غزة عبر البحر. وأضاف أن لديه معلومات تفيد بأن إسرائيل بدأت في ترتيب الأمر مع حماس.
وفي هذا السياق، فاجأ وزير التعليم الإسرائيلي، زعيم حزب المستوطنين اليميني المتطرف، نفتالي بينت، الجميع بإعلانه أن الوقت قد حان لتغيير السياسة إزاء غزة. وقال: «يجب علينا المبادرة إلى خطوة دولية لترميم القطاع على المستوى المدني مقابل وقف التضخم العسكري». وحسب رأيه، «توجد هنا مشكلة. فمصر والسلطة الفلسطينية تريدان الشر فقط لقطاع غزة، وأن نواصل الحرب دائما لأن هذا جيد لهما». وقال بينت إنه ما دام لم يتقرر القيام بخطة شاملة، تتضمن احتلال قطاع غزة واستبدال سلطة حماس، فإن على إسرائيل العثور على بديل عملي.. «أنا لا أزيل ذلك (احتلال القطاع) عن الطاولة، ولكن في هذه المرحلة، أنا أعارضه. الجميع سعداء لأننا نتصارع مع حماس، ولكن الوضع هو أن حماس موجودة هناك». وأضاف: «لدينا مصلحة كبيرة في ترميم القطاع مدنيا. هناك حلول خلاقة للربط بين الترميم ووقف العمليات الإرهابية ووقف عمليات التضخم العسكري، مثلا، تجميد الوضع من وجهة نظر حماس العسكرية مقابل إدخال الأرز دون قيود». وفي رده على سؤال حول ما إذا كان في موقفه هذا يلتف على الليكود من على يساره، قال بينت: «أنا آتي مع شيء يسمى العقل السوي. أنا أنظر إلى الواقع كما هو. إذا حانت لحظة نقرر فيها تدمير سلطة حماس، فيمكننا عمل ذلك، ويمكن لهذه اللحظة أن تصل. وما دام لم يكن هذا هو الوضع، فإنه تجب المبادرة».
المعروف أن «أسطول الحرية»، الذي يضم أربعة قوارب صيد صغيرة، بدأ يصل إلى منطقة قريبة من الشواطئ الإسرائيلية والفلسطينية. وحسب تغريدة على الشبكات الاجتماعية، أرسلها عضو الكنيست العربي باسل غطاس، من على متن القارب «مريانا» في «أسطول الحرية»، فإنه سيصل إلى قطاع غزة في غضون يوم وليلة، إذا سمحت إسرائيل بذلك. وكتب على حسابه في موقع «فيسبوك»: «صباحكم أمل.. نحن الآن على بعد مائتي ميل من غزة الحبيبة، الطقس لا يسعفنا، ولكننا ماضون.. بين يوم وليلة سنقترب من غزة المحاصرة»، فيما يتوقع المنظمون أن يصل الأسطول لقطاع غزة أواسط الأسبوع في حال لم تعترضه إسرائيل.
وأطلق ركاب الأسطول نداء مفتوحا إلى السلطات الحكومية والتشريعية في دول الاتحاد الأوروبي، يدعو إلى «التحرك للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل السماح لسفن «أسطول الحرية» بالوصول الحر والآمن إلى شواطئ غزة». وقالوا إن حمولة القوارب تشتمل على الأدوية والمواد التموينية الضرورية ولا توجد عليها أي أسلحة. وحملوا إسرائيل مسؤولية أي أذى يصيبهم، وطالبوا بالقيام بالخطوات اللازمة التي من شأنها أن تضمن سلامة وأمن المتضامنين. وقال عضو الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، د. رامي عبده، إن «زوارق وطائرات استطلاع عسكرية مجهولة حلقت حول إحدى سفن (أسطول الحرية) الثالث، بالتزامن مع تهديدات الاحتلال الإسرائيلي باعتراض الأسطول ومنعه من الوصول إلى شواطئ القطاع»، ويعتقد أنها مقاتلات إسرائيلية نفذت طلعات تهديد لتخويف من في الرحلة. وحذر عبده من مغبة الاعتداء على «أسطول الحرية»، مؤكدًا أن الحملة ستلاحق قضائيًا أمام المحاكم الدولية أي طرف يعتدي على الأسطول والناشطين على متنه، مشددًا في الوقت ذاته، على مهمة الأسطول الإنسانية التي تهدف إلى كسر حصار القطاع البحري، ولفت أنظار المجتمع الدولي إلى المعاناة المتفاقمة لسكانه.
وكانت أولى سفن «أسطول الحرية» قد غادرت جزيرة كريت اليونانية مساء الخميس الماضي، ومن المتوقع وصولها مع باقي سفن الأسطول، التي التحقت بها الجمعة الماضي وضمت على متنها أكثر من 50 مشاركا من نحو 20 دولة، منتصف الأسبوع الحالي، ومن أبرزهم الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي. وانضمت المواطنة الإسرائيلية زوهر ريغف، التي تعيش في إسبانيا، إلى «أسطول الحرية» في آخر لحظة، وقالت لموقع «واللا» الإخباري العبري: «بصفتي إنسانة، وإسرائيلية، ويهودية، لم أستطع الصمت أمام خرق حقوق الإنسان؛ فالحصار المفروض على غزة حصار جماعي لجمهور مدني. وقد تعلمنا من تاريخ الشعب اليهودي أنه يمنع عمل هذا لأي شخص». وقالت إن هدف الأسطول ليس إثارة الاستفزاز.
ومع انطلاق الأسطول، يستعد الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أيضا، لوصوله؛ فقد أعلن رئيس لجنة الكنيست ديفيد بيطان (الليكود) بأنه سيعقد غدا، أو بعد غد، اجتماعا للجنة لمناقشة سحب جواز السفر الدبلوماسي من النائب باسل غطاس وتقييد تحركاته، بسبب مشاركته في الأسطول. وقال بيطان: «لن أكتفي بالقرار الذي اتخذناه الأسبوع الماضي، بتقديم شكوى ضد غطاس إلى لجنة الآداب البرلمانية، بل سأطلب تمرير قرار يحدد حرية تحركات غطاس الذي يتآمر على سيادة إسرائيل ويختبئ وراء حصانتها».
يشار إلى أن تمرير قرار كهذا يحتم تجنيد غالبية في لجنة الكنيست، ويفرض السماح للنائب غطاس بطرح ادعاءاته أمام اللجنة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».