توصي وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة بأن تتم رعاية مرضى «جدري القردة» الذين يعانون من مرض شديد يتطلب دخول المستشفى في غرف عزل، مع اتخاذ احتياطات الوقاية من العدوى ومكافحتها، التي تهدف إلى احتواء الفيروسات المعدية المحتملة داخل الغرفة وحماية العاملين الصحيين، ومع ذلك، يبدو أن هذه التدابير غير كافية قياساً بمخاطر التعرض للفيروس المحتمل، وذلك وفق دراسة لباحثين من جامعتي ليفربول وأكسفورد ببريطانيا.
وأثبتت الدراسة المنشورة أمس في دورية «ذا لانسيت ميكروب»، أن فيروس «جدري القردة» يمكن أن ينتقل إلى البيئة المحيطة عن طريق جزيئات الجلد المتساقطة من الأشخاص المصابين، وفي حطام الآفات الجلدية مثل القشور، ولأن الفيروس شديد التحمل نسبياً، يمكن أن «يظل معدياً على الأسطح لأسابيع في ظل الظروف المناسبة، ما يخلق خطراً محتملاً لنقل العدوى لآخرين».
وللتحقق من ذلك، قام الباحثون بتقييم مدى انتشار الفيروس على الأسطح في غرف العزل المتخصصة التي تحتوي على مرضى تم إدخالهم إلى المستشفى للعلاج من مرض «جدري القردة» الحاد، كما قاموا بالتحقيق فيما إذا كان الفيروس قابلاً للاكتشاف في عينات الهواء من الغرف.
ووجد الباحثون أنه يمكن العثور على الحمض النووي الفيروسي الذي يسقطه المرضى على أسطح متعددة في جميع أنحاء غرف العزل، فمن بين 60 عينة تم فحصها، عثر على الحمض النووي الفيروسي في 56 منها بنسبة 93 في المائة.
وتم العثور أيضاً على الحمض النووي لفيروس «جدري القردة» في معدات الحماية الشخصية التي يرتديها العاملون في الرعاية الصحية الذين يعتنون بهؤلاء المرضى، وفي غرف الانتظار حيث يزيلون معدات الوقاية الشخصية الخاصة بهم، وتم اكتشاف الحمض النووي لفيروس «جدري القردة» أيضاً في 5 من 20 عينة هواء تم أخذها داخل غرف العزل.
وكان تغيير أغطية السرير نشاطاً مرتبطاً بشكل خاص باكتشاف الحمض النووي لفيروس «جدري القردة» في عينات الهواء بالغرفة، ويشير هذا إلى أن الجزيئات الفيروسية، ربما في جزيئات الجلد المتساقطة، يمكن أن تصبح معلقة في الهواء عند تغيير ملاءات السرير.
وتم التعرف على فيروس «جدري القردة» القادر على التكاثر بالخلايا في ظل الظروف المختبرية (وهو مؤشر على أن الفيروس يمكن أن يصيب أشخاصاً آخرين)، في اثنتين من أربع عينات إيجابية تم اختيارها لعزل الفيروس، ويشمل ذلك عينات الهواء التي تم جمعها أثناء تغيير أغطية السرير.
وتقول سوزان جولد، من كلية ليفربول للطب الاستوائي الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الرسمي لجامعة أكسفورد بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «تغيير أغطية الأسرة التي يستخدمها المرضى في مستشفى عزل المصابين بـ(جدري القردة) يزيد بالفعل من خطر التعرض للفيروس؛ حيث ينقله من أغطية السرير ويسمح بتعليقه في الهواء».
وبالإضافة إلى اكتشاف الحمض النووي للفيروس، تمكن الباحثون من عزل الفيروس المؤهل للتكاثر في بعض العينات السطحية والهواء.
وأظهرت النتائج، لأول مرة، أن فيروس «جدري القردة» في بعض عينات الهواء المأخوذة حول المرضى في المستشفى قادر على التكاثر في الخلايا وليس مجرد فيروس «ميت».
وتضيف جولد أن «هذه النتائج تشير إلى أن فيروس (جدري القردة) الذي ينتقل من بيئة المريض في المستشفى يشكل خطر عدوى يجب إدارته».
من جهته يقول جيك دونينغ، من كلية الطب في جامعة أكسفورد الباحث المشارك بالدراسة: «من المهم ملاحظة أن اكتشاف الفيروس، حتى عندما يثبت أنه معدٍ، لا يعني بالضرورة أن التعرض له في الحياة الواقعية سيؤدي إلى إصابة الشخص المعرض، ومع ذلك، فإنه يكشف عن خطر انتقال محتمل ومن المهم منع هذا الخطر في المستشفى، وتؤكد نتائجنا أن إجراءات التحكم في العدوى الصارمة التي نتبعها في المراكز المتخصصة للأمراض المعدية ضرورية ومناسبة».
ويوضح أنه من المهم أيضاً التأكيد على أن نتائجنا تتعلق برعاية المرضى المقبولين في المرافق المتخصصة في المستشفيات، لذلك قد لا تنطبق النتائج والتوصيات على أماكن أخرى، مثل العيادات الخارجية، حيث يحضر المرضى لفترة قصيرة، وتختلف التفاعلات، ومن غير المرجح أن يتراكم الفيروس إلى هذا الحد؛ حيث لا يوجد ما يشير إلى أن انتقال فيروس «جدري القردة» عبر الهباء الجوي هو طريقة شائعة لانتشار العدوى من شخص إلى آخر. ويضيف: «تدعم نتائجنا تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها المصممة للحماية من التعرض للفيروسات المعدية على الأسطح وفي الهواء، مثل معدات الوقاية الشخصية المناسبة، واستخدام غرف الضغط السلبي، ومناطق خلع ملابس العمل».
وغرف الضغط السلبي، هي تقنية عزل تستخدم في المستشفيات والمراكز الطبية لمنع التلوث المتبادل من غرفة إلى أخرى، وتتضمن تهوئة تولد ضغطاً سلبياً للسماح للهواء بالتدفق إلى غرفة العزل من دون الخروج.
غرف العزل في المستشفيات قد تساعد على انتشار «جدري القردة»
دراسة أكدت قدرة الفيروس على البقاء لأسابيع على الأسطح
غرف العزل في المستشفيات قد تساعد على انتشار «جدري القردة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة