ما السر وراء التفوق الميداني للجيش الأوكراني على نظيره الروسي؟

جنود أوكرانيون مع دبابة روسية مهجورة بالقرب من خاركيف في 30 سبتمبر (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون مع دبابة روسية مهجورة بالقرب من خاركيف في 30 سبتمبر (أ.ف.ب)
TT

ما السر وراء التفوق الميداني للجيش الأوكراني على نظيره الروسي؟

جنود أوكرانيون مع دبابة روسية مهجورة بالقرب من خاركيف في 30 سبتمبر (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون مع دبابة روسية مهجورة بالقرب من خاركيف في 30 سبتمبر (أ.ف.ب)

عندما أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسال قوات إلى شبه جزيرة القرم ثم المناطق الحدودية الشرقية لدونباس في عام 2014، كانت هذه القوات أفضل تجهيزاً وتدريباً وتنظيماً، وتمكنت من التفوق على خصومها.
ولكن الآن، وبعد ثماني سنوات، انعكست الأمور ميدانياً بشكل ملحوظ، وتفوق الجيش الأوكراني على نظيره الروسي في ساحة المعركة، حيث تمكن من استعادة مساحات واسعة من القبضة الروسية شرقي البلاد.
وأثار هذا التفوق الأوكراني دهشة الكثير من الأشخاص حول العالم، وانتقادات عنيفة في الداخل.
ووفقاً لوكالة «بلومبرغ» للأنباء، يرجع هذا التفوق الميداني لأوكرانيا إلى العديد من العوامل، من ضمنها الأسلحة الحديثة والتدريب المقدم لكييف من قبل حلفائها، والروح المعنوية الأفضل لجيشها، والقدرات العالية لقادتها، والمساعدات الاستخباراتية والتخطيطية التي قدمتها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأخطاء التكتيكية الكارثية من قبل الكرملين وجنرالاته.

* «المهام الموكلة»:
يرى وزير الدفاع الأوكراني السابق، أندريه زاغورودنيوك أن السبب الرئيسي للتفوق الأوكراني قد يرجع إلى تجارب موسكو وكييف المختلفة في فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي.
وأضاف: «لعل أبرز ما تميز به الجيش الأوكراني عن نظيره الروسي بعد هذه الفترة هو عمله بمبدأ «المهام الموكلة»، حيث يتم تسليم عملية صنع القرار إلى أدنى مستوى ممكن».

ويعتمد مبدأ «المهام الموكلة» على إعطاء المزيد من السلطات للجنود العاديين لاتخاذ القرارات اللازمة في ساحة المعركة، حيث يعلن القادة عن أهداف مهمة ما، ويتركون طريقة ومسؤولية تنفيذها إلى صغار الضباط، مما يسمح للقوات باتخاذ القرارات السريعة اللازمة دون الرجوع لقادتهم.
وقال زاغورودنيوك: «إنه عكس ما يحدث تماماً في صفوف القوات المسلحة الروسية. فالجيش الروسي يتبع مبدأ سلطوياً وإمبراطورياً في فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي، في حين يتبع الجيش الأوكراني مبدأ متمرد وفرداني يرتبط بالديمقراطية الليبرالية».
واتفق ميكولا بيليسكوف، الباحث في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث حكومي أوكراني مع رأي زاغورودنيوك في هذا الشأن، حيث قال: «أعتقد أن تجربتنا منذ عام 1991 ساهمت كثيراً في تفوقنا الميداني الأخير. فقد أنقذتنا القرارات الذاتية، أو ما يعرف باسم (المهام الموكلة) من الخسارة والانهيار، لأن في كثير من الحالات تكون الجيوش بحاجة إلى الارتجال من أجل البقاء على قيد الحياة».

* إصلاحات تحويلية في الجيش:
قال وزير الدفاع الأوكراني السابق: «كان الجيش من بين آخر المؤسسات التي تغيرت وتطورت في أوكرانيا. ومع ذلك كانت الإصلاحات التي تمت به «تحويلية». أضف إلى ذلك التدريب المقدم لكييف من قبل الناتو، وتطوير وحدة عسكرية جديدة من ضباط الصف على الطراز الأميركي تتمتع بسلطات صنع القرار وتحظى باحترام أكبر، بالإضافة إلى ثماني سنوات من الخبرة في القتال في دونباس، لتصبح في النهاية صورة الجيش الأوكراني مختلفة بشكل كبير عن روسيا».

* القتال المستمر في دونباس:
وفقاً لزاغورودنيوك، عانت دونباس من قتال داخلي مستمر بين كييف والانفصاليين المدعومين من الكرملين منذ عام 2015. حيث استمر القتال يومياً تقريباً حتى اللحظة التي غزا فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي.

وأشار زاغورودنيوك إلى أن هذا الصراع أرهق القوات الروسية، حيث أرسلت موسكو الكثير من قواتها المدربة للمنطقة، في حين أن الغالبية العظمى من الجنود الروس الذين جاءوا إلى أوكرانيا في فبراير لم يسبق لهم أن شاركوا في الحرب. أما كييف، فقد كان لديها قوة عسكرية واسعة تلقت تدريبات مكثفة في السنوات الأخيرة.
وفي حين أن نتيجة الحرب لم تُحسم بعد، إلا أن التفوق الأوكراني في ميدان المعركة كان جلياً وواضحاً، الأمر الذي ربما دفع روسيا اليوم (الاثنين) لاستغلال تفوقها الصاروخي لتوجيه ضربات عنيفة على العاصمة الأوكرانية كييف ومدن لفيف وترنوبل ودنيبرو، وذلك بعد ساعات من اتهامها لأوكرانيا بتدبير انفجار قوي ألحق أضراراً بجسر رئيسي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.


مقالات ذات صلة

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.