لبشاعة أفعالها ضد زوجها نبي الله ورسوله لوط عليه السلام، توعد القرآن الكريم والهة بالعذاب الشديد في آيات كثيرة، في عدة سور، منها التحريم، والأعراف، والحجر، والنمل، والعنكبوت، وهود، والشعراء.
إنها ثانية الزوجتين الخائنتين اللتين ضرب الله عز وجل بهما المثل للذين كفروا في قوله تعالى: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امرأة نُوحٍ وَامْرَأَة لُوطٍ».... (التحريم: 10).
تحالفت مع قومها الضالين الفاسدين المنحرفين عن الخلق الحميد، الذين يأتون الفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين. أفشت أسرار زوجها لوط عليه السلام، وحرضت قومها «السافلين» على ضيوفه من الملائكة الذين نزلوا عليه في صورة آدميين لمعاقبة الفجرة الفاسقين.
في حديثه عن والهة قال «معجم أعلام النساء في القرآن الكريم» لمؤلفه عماد الهلالي: «كانت كافرة مشركة، لم تؤمن بزوجها، وكانت تعاديه، وتشجع قومها على اللواط وإتيان الذكران.
لما أنزل الله العذاب على قوم النبي لوط لانغماسهم في اللواط والفحشاء والموبقات، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، وجاءتهم الزلازل وقلبت ديارهم عاليها سافلها فأهلكتهم، كانت - والهة - من جملة من شملهم العذاب والهلاك.
ومن أعمالها الشريرة أنها كانت عينا لقومها على من يكون عند لوط من الضيوف».
أول ناد للعراة
كان الأجدر بوالهة أن تتحلى بأخلاق زوجها النبي لوط عليه السلام، وتبذل جهودها مخلصة في تأييد دعوته، ودعم رسالته بين قومها في «سدوم» ولكنها اختارت خيانة زوجها، ومعاداة دعوته.
أوقفت نشاطها على مراقبة حركة زوجها لحساب قومها الذين بلغ فسادهم حد التعري وكشف عوراتهم وسوءاتهم، والتفاخر بذلك، فيما يمكن اعتباره أول ناد للعراة في التاريخ.
كان واجبها أن تقف إلى جوار زوجها لوط وهو يدعو قومها إلى الإيمان بالله تعالى، والطهارة، والعفة، ونبذ الزنا واللواط، والفاحشة، ولكنها أبت إلا أن تكون عونا لهم على زوجها ودعوته.
لقد واجههم لوط عليه السلام، وحاول مرات كثيرة أن ينتشلهم من الفجور الذي سقطوا فيه دون جدوى.. قال تعالى: «كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعالمينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعالمينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بل إنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ».. (الشعراء: 160 - 166).
وتحكي سورة العنكبوت جانبا مهما من جهود لوط مع قومه لإنهاء فسادهم، وتقويم سلوكهم، قال تعالى: «وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعالمينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ.»... (العنكبوت: 28 و29).
وتكشف الحقائق الدينية والتاريخية أن قوم لوط لم يستجيبوا لدعوته، وتمادوا في فسادهم، وأعلنوا تحديه.. «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ».. (العنكبوت: 29 و30).
وهددوه بالطرد من مدينتهم إذا لم يتوقف عن دعوتهم إلى نبذ الفساد.. «قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ».. (الشعراء: 167).
وما كان الله تعالى ليتركهم على فسادهم وسوء سلوكهم، فأرسل رسله من الملائكة - ومنهم جبريل عليه السلام - لمعاقبتهم.
إفشاء أسرار لوط
استضاف لوط عليه السلام هؤلاء الملائكة في بيته دون أن يدري بهم أحد من قومه، غير أن زوجته الخائنة والهة سارعت بإفشاء هذا السر، وإبلاغ قومها أن لوطا يستضيف أناسا في بيته قائلة: إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط.
وهكذا حرضت والهة قومها على ضيوف نبي الله لوط، فما كان من قومها إلا أن هرعوا إلى منزل لوط بغية الاعتداء عليهم.. قال تعالى: «وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رجل رَّشِيدٌ».. (هود: 77 – 78).
يقول الدكتور شعيب غباشي الأستاذ بجامعة الأزهر في كتابه «أعلام النساء في القرآن الكريم»: وجاء الموعد، فاستأذن جبريل عليه السلام في هلاكهم فأذن له، فاحتمل الأرض التي كانوا عليها وأهوى بها حتى سمع أهل سماء الدنيا صياح كلابهم، وأوقد تحتهم نارا ثم قلبها بهم، قال تعالى: «فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَإليها سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَة مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَة عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِي مِنَ الظَّالِمِينَ ببعِيدٍ».. (هود: 82 - 83).
ومضى الدكتور غباشي قائلا: «ولما سمعت امرأة لوط الهدة - آثار العقاب - قالت: وا قوماه، فأرسل عليها حجرا فأدركها فقتلها، ونجى الله لوطا وأهله المؤمنين به إلا امرأته، فإنها كانت للوط خائنة، وبالله كافرة».
إن المتأمل في سلوك والهة زوجة نبي الله لوط سيجد أنها اختارت العداء لزوجها ورسالته، وأصمت أذنيها عن سماع دعوة الخير، وأوقفت جهودها على الكيد لدين الله عز وجل، والتآمر على المؤمنين، وفي مقدمتهم زوجها لوط.
منعها سوء أخلاقها، وقسوة قلبها، وشدة حقدها من التأثر بنبوة زوجها، فلم تؤمن بدعوته، ولم تتأثر بإيمانه، وصلاحه، وانغمست في كفرها وعنادها وخيانتها حتى أهلكها الله عز وجل.
إن نساءنا وفتياتنا مطالبات بوعي حقيقة أن اتباع الهوى والبعد عن الحق ومجافاة الأخلاق الفاضلة وهجر القيم الدينية السمحة من شأنها أن تقود المرء إلى الهلاك كما كان مصير والهة الخائنة.
زوجات الأنبياء الحلقة (9): والهة.. شجعت أهلها على الفساد.. أفشت أسرار لوط وحرضت على الملائكة
زوجات الأنبياء الحلقة (9): والهة.. شجعت أهلها على الفساد.. أفشت أسرار لوط وحرضت على الملائكة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة