قصف إيراني جديد لمواقع في كردستان

صالح يرفض أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات

صورة وزعتها «وكالة فارس للأنباء» لإطلاق صاروخ إيراني باتجاه كردستان الخميس الماضي (أ.ف.ب)
صورة وزعتها «وكالة فارس للأنباء» لإطلاق صاروخ إيراني باتجاه كردستان الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

قصف إيراني جديد لمواقع في كردستان

صورة وزعتها «وكالة فارس للأنباء» لإطلاق صاروخ إيراني باتجاه كردستان الخميس الماضي (أ.ف.ب)
صورة وزعتها «وكالة فارس للأنباء» لإطلاق صاروخ إيراني باتجاه كردستان الخميس الماضي (أ.ف.ب)

جددت إيران، أمس السبت، قصف مواقع في إقليم كردستان في شمال العراق، كما أفاد مسؤول فيه، وذلك بعد ساعات قليلة من مطالبة الرئيس العراقي برهم صالح بوقف الاستهدافات الإيرانية والتركية لكردستان، معتبرا إياها تصعيداً خطيراً.
وقال عطا ناصر، القيادي في حزب «كومله – كادحون» الكردي الإيراني المعارض، لـ«الصحافة الفرنسية» إن «القوات الإيرانية قصفت بمدافع وطائرات مسيرة مناطق وجودنا في جبال هلكورد» قرب الحدود مع إيران.
أضاف: «القصف أدى إلى تدمير مقرات لنا، ولكن بدون خسائر في صفوفنا».
وكان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن مساء الخميس الماضي أنه سيواصل هجماته في كردستان العراق ضد المعارضة الكردية الإيرانية.
ومنذ أكثر من أسبوع، تشن إيران ضربات متفرقة في شمال العراق، كان أعنفها الأربعاء، بأكثر من 70 صاروخاً وضربات لطائرات بلا طيار في الإقليم المتمتع بحكم ذاتي، استهدفت مجموعات كردية إيرانية معارضة.
وقتل على الأقل 14 شخصاً بينهم امرأة حامل في هذا القصف، وأصيب 50 آخرون بجروح «معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال دون سن العاشرة»، بحسب جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم.
وقال الحرس الثوري في بيان الخميس إنه «شن سلسلة عمليات ضد قواعد ومقرات إرهابية في شمال العراق باستخدام صواريخ من جميع الأنواع وطائرات مسيرة قتالية وطائرات مسيرة انتحارية».
وتأتي هذه الضربات فيما تتواصل الاحتجاجات في إيران منذ منتصف الشهر الماضي على خلفية مقتل مهسا أميني الكردية الإيرانية البالغة 22 عاماً بعد توقيفها لدى شرطة الأخلاق.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد أكد، لدى استقباله مساء أول من أمس الجمعة، مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، أن «القصف الإيراني يُعد تصعيداً خطيراً وغير مقبول، وتجاوزاً على سيادة البلد وأمنه واستقراره وسلامة مواطنيه». كما أكد في هذا الصدد أيضاً أن «القصف التركي المتواصل لمناطق في إقليم كردستان غير مقبول، ويُعد انتهاكاً للسيادة العراقية وينبغي وقفه ومنع التداعيات المُترتبة عليه».
وجرى خلال اللقاء، طبقاً للبيان الرئاسي، «التأكيد على ضرورة متابعة هذا الملف ومع أعلى المستويات مع دول الجوار، كونه يعتبر تصعيداً خطيراً، وحسم المشاكل والملفات الأمنية القائمة عبر الحوار والمتابعة المشتركة والقنوات الدبلوماسية، طبقاً للمصالح الأمنية المشتركة وقواعد حسن الجوار ومبادئ القانون الدولي، ورفض الأحادية في معالجة القضايا العالقة واحترام السيادة العراقية».
كما تم التأكيد على أن «موقف الدولة العراقية الرسمي وسياستها الخارجية الموحدة يرتكزان على رفض العراق القاطع بأن تكون أرضه ميداناً للصراعات وساحة لتصفية حسابات الآخرين وتهديد أمنه واستقراره الداخلي، وكذلك رفض أن يكون منطلقاً للعدوان على أي أحد، وأن أمن دول الجوار والعراق مترابط ومشترك، وهو ما يستدعي أهمية تفعيل الحوار والتعاون المشترك لمعالجة التحديات الأمنية، ووفقاً للمصالح المشتركة والأمن المشترك، وبما يحفظ سيادة العراق وسلامة أراضيه ومواطنيه».
وكان العراق قد سلم الخميس الماضي مذكرة احتجاج شديدة اللهجة إلى الحكومة الإيرانية بعد استدعاء السفير الإيراني إلى مقر الخارجية العراقية، تضمنت رفضاً شاملاً للعراق لمثل هذه الممارسات التي عدها بمثابة جريمة، لا سيما أن القصف أوقع عشرات الضحايا من المدنيين بين قتيل وجريح.
وفي الوقت الذي لم يتبين بعد فيما إذا كان العراق سوف يلجأ إلى مجلس الأمن الدولي بشأن هذا القصف أم سيكتفي بهذا الموقف الذي عبرت عنه رسالة الاحتجاج، فإن ربط القصف الإيراني مع استمرار القصف التركي على المناطق العراقية من جهة شمال العراق في محافظة نينوى ومناطق إقليم كردستان وفق ما عبر عنه الرئيس العراقي، يعد بمثابة موقف جديد للعراق لجهة التعامل مع كلتا الدولتين الإيرانية والتركية.


مقالات ذات صلة

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

كشف مصدر مسؤول في وزارة المالية بإقليم كردستان العراق، أن «الإقليم تكبد خسارة تقدر بنحو 850 مليون دولار» بعد مرور شهر واحد على إيقاف صادرات نفطه، وسط مخاوف رسمية من تعرضه «للإفلاس». وقال المصدر الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»: إن «قرار الإيقاف الذي كسبته الحكومة الاتحادية نتيجة دعوى قضائية أمام محكمة التحكيم الدولية، انعكس سلبا على أوضاع الإقليم الاقتصادية رغم اتفاق الإقليم مع بغداد على استئناف تصدير النفط».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

فيما نفت تركيا مسؤوليتها عن هجوم ورد أنه كان بـ«مسيّرة» استهدف مطار السليمانية بإقليم كردستان العراق، أول من أمس، من دون وقوع ضحايا، وجهت السلطات والفعاليات السياسية في العراق أصبع الاتهام إلى أنقرة. وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، في بيان، «نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخول للقوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية».

المشرق العربي نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجا قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، مساء أمس، من محاولة اغتيال استهدفته في مطار السليمانية بكردستان العراق. وتحدث مصدر مطلع في السليمانية لـ «الشرق الأوسط» عن قصف بصاروخ أُطلق من طائرة مسيّرة وأصاب سور المطار.

المشرق العربي الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

يبدو أن الانقسام الحاد بين الحزبين الكرديين الرئيسيين «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي» المتواصل منذ سنوات طويلة، يظهر وبقوة إلى العلن مع كل حادث أو قضية تقع في إقليم كردستان، بغض النظر عن شكلها وطبيعتها، وهذا ما أحدثه بالضبط الهجوم الذي استهدف مطار السليمانية، معقل حزب الاتحاد الوطني، مساء الجمعة.

فاضل النشمي (بغداد)

«حماس»: لن نستجيب لأي مبادرة أو صفقة تبادل تحت الضغط والتصعيد العسكري

القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان (رويترز)
القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان (رويترز)
TT

«حماس»: لن نستجيب لأي مبادرة أو صفقة تبادل تحت الضغط والتصعيد العسكري

القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان (رويترز)
القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان (رويترز)

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان، اليوم الثلاثاء، إن الحركة لن تستجيب لأي مبادرة أو صفقة تبادل تحت الضغط والتصعيد العسكري.

ووصف حمدان قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومجلس وزراء الحرب بتوسيع العمليات العسكرية لتشمل منطقة رفح والسيطرة على معبرها، رغم موافقة الحركة على مقترح لوقف إطلاق النار، بأنه يعكس إصراراً على تعطيل جهود الوسطاء.

وقال في مؤتمر صحافي عقده في بيروت: «لن نستجيب لأي مبادرة أو صفقة تبادل تحت الضغط والتصعيد العسكري»، مطالباً الإدارة الأميركية بإثبات جديتها من خلال إلزام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ الاتفاق.

وعبّر عن تقدير «حماس» للموقف المصري الرافض لطلب فتح معبر رفح في ظل القصف ووجود الآليات العسكرية الإسرائيلية بداخله.

وجاءت تصريحات حمدان بالتزامن مع وصول وفد من «حماس» برئاسة خليل الحية قبل قليل إلى العاصمة المصرية القاهرة، قادماً من قطر.

وقالت «حماس»، في بيان، إن الوفد سيتابع «الجهود مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر، لإنجاز اتفاق وقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم، أنه سيطر كلياً على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية، في عملية عسكرية بدأها أمس.

وفي وقت سابق اليوم، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه طلب من الوفد المفاوض المتجه للقاهرة الإصرار على الشروط المطلوبة للإفراج عن المحتجزين، بينما قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن بلاده مستعدة لتقديم تنازلات لاستعادة المحتجزين، لكنها ستكثف عملياتها إن لم يتم التوصل إلى اتفاق.


إعلام إسرائيلي: إطلاق 30 صاروخاً من غزة على بلدات حدودية... واعتراض نصفها

الفصائل الفلسطينية تطلق 30 صاروخاً على بلدات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة (إ.ب.أ)
الفصائل الفلسطينية تطلق 30 صاروخاً على بلدات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

إعلام إسرائيلي: إطلاق 30 صاروخاً من غزة على بلدات حدودية... واعتراض نصفها

الفصائل الفلسطينية تطلق 30 صاروخاً على بلدات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة (إ.ب.أ)
الفصائل الفلسطينية تطلق 30 صاروخاً على بلدات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة (إ.ب.أ)

قالت صحيفة «هآرتس» اليوم (الثلاثاء) إن الفصائل الفلسطينية أطلقت 30 صاروخاً على بلدات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، أضافت أن منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي اعترضت نصف تلك الصواريخ، في حين سقط الباقي في مناطق مفتوحة.

وأفاد مجلس «أشكول» الإقليمي بأن القصف سبب نشوب حريق في منطقة ناحال الهاشور، دون وقوع إصابات معروفة.

وذكرت وسائل إعلام في وقت سابق أن الجيش الإسرائيلي أعلن إطلاق صفارات الإنذار في بلدات عين هشلوشا وكيسوفيم ورعيم الحدودية.


دمار غزة بالأرقام

دمار 75% من مدينة غزة (إ.ب.أ)
دمار 75% من مدينة غزة (إ.ب.أ)
TT

دمار غزة بالأرقام

دمار 75% من مدينة غزة (إ.ب.أ)
دمار 75% من مدينة غزة (إ.ب.أ)

تسببت الحرب المتواصلة منذ سبعة شهور بين إسرائيل و«حماس» بمقتل أكثر من 34 ألف شخص وبمستويات كارثية من الجوع والإصابات، لكنها أحدثت أيضاً دماراً مادياً هائلاً في غزة.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال كوري شير من جامعة مدينة نيويورك الذي أجرى أبحاثاً في صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة لغزة، إن «معدل الأضرار التي تم تسجيلها لا يشبه أي شيء قمنا بدراسته من قبل. إنه أسرع بكثير وأوسع نطاقاً من أي أمر سبق أن قمنا بمسحه».

في وقت دخلت فيه دبابات إسرائيل إلى رفح، آخر بؤرة سكانية في غزة لم تدخلها بعدُ قواتها البريّة، تلقي «وكالة الصحافة الفرنسية» نظرة على مشاهد الدمار في المنطقة بعد سبعة شهور على اندلاع الحرب التي تسبب بها هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول):

تدمير 75% من مدينة غزة

تعد غزة من المناطق ذات الكثافة السكانية الكبرى في العالم حيث كان 2.3 مليون شخص يعيشون في القطاع البالغ مساحته 365 كيلومتراً مربّعاً قبل الحرب.

ووفق التحليلات عبر الأقمار الاصطناعية التي أجراها كل من شير ويامون فان دين هويك، أستاذ الجغرافيا المساعد لدى جامعة ولاية أوريغون، فإن 56.9 في المائة من مباني غزة تضررت أو دُمّرت حتى 21 أبريل (نيسان)، لتصل إلى ما مجموعه 160 ألف مبنى.

وقال شير إن «أسرع معدلات الدمار كانت في أول شهرين إلى ثلاثة من القصف».

وفي مدينة غزة التي كانت تضم 600 ألف نسمة قبل الحرب، فإن الوضع غاية في الخطورة؛ إذ تضررت أو دُمّرت ثلاثة أرباع (74.3 في المائة) مبانيها تقريباً.

تحول خمسة مستشفيات إلى ركام

هاجمت إسرائيل مستشفيات غزة بشكل متكرر خلال الحرب؛ إذ تتّهم الدولة العبرية «حماس» باستخدامها لأغراض عسكرية، وهي تهمة تنفيها الحركة.

وخلال الأسابيع الستة الأولى من الحرب أشير إلى «60 في المائة من المنشآت الصحية... على أنها متضررة أو مدمّرة»، بحسب شير.

استُهدف أكبر مستشفى في القطاع «مجمّع الشفاء الطبي» في مدينة غزة بهجومين شنّهما الجيش الإسرائيلي، كان الأول في نوفمبر (تشرين الثاني) والثاني في مارس (آذار).

وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن العملية الثانية حوّلت المستشفى إلى ما وصفته بـ«الهيكل الفارغ»، وتناثرت فيه الأشلاء البشرية.

دُمّرت خمسة مستشفيات بالكامل، وفق أرقام جمعتها «وكالة الصحافة الفرنسية» من مشروع «أوبن ستريت ماب» (OpenStreetMap)، ووزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، ومركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة (UNOSAT). وما زال أقل من مستشفى من بين ثلاثة (أي 28 في المائة) يعمل بشكل جزئي، بحسب الأمم المتحدة.

تضرر أكثر من 70% من المدارس

دفعت مدارس القطاع التي تدير الأمم المتحدة الجزء الأكبر منها، وحيث لجأ العديد من المدنيين هرباً من القتال، ثمناً باهظاً أيضاً.

وأحصت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) 408 مدارس لحقت بها الأضرار؛ أي ما يعادل 72.5 في المائة على الأقل من هذه المنشآت التعليمية التي تفيد بياناتها بأن عددها 563.

ومن بين هذه المنشآت، دُمّرت مباني 53 مدرسة بالكامل، وتضرر 274 مبنى آخر جراء النيران المباشرة.

تفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن ثلثي المدارس ستحتاج إلى عمليات إعادة إعمار كاملة أو رئيسية لتعود إلى الخدمة.

وفيما يتعلّق بأماكن العبادة، تظهر بيانات «UNOSAT» و«OpenStreetMap» معاً أن 61.5 في المائة من المساجد تضررت أو دُمّرت.

أكثر دماراً من درسدن

تجاوز مستوى الدمار في شمال غزة ذاك الذي تعرّضت له مدينة درسدن الألمانية التي قصفتها قوات الحلفاء عام 1945 في عملية تعد من الأكثر إثارة للجدل خلال الحرب العالمية الثانية.

وبحسب دراسة عسكرية أميركية تعود إلى عام 1954، أوردتها صحيفة «فاينانشال تايمز»، فإن القصف أواخر الحرب العالمية الثانية ألحق أضراراً بـ59 في المائة من مباني درسدن.

وأواخر أبريل، قال مدير برنامج إزالة الألغام في الأراضي الفلسطينية مونغو بيرش، إن كمية الركام الذي ينبغي إزالته في غزة يتجاوز ذاك الذي في أوكرانيا التي غزتها روسيا قبل أكثر من عامين.

وقدّرت الأمم المتحدة أنه حتى مطلع مايو (أيار)، ستكلف إعادة الإعمار ما بين 30 و40 مليار دولار جراء الحرب في غزة.


مرسوم رئاسي يحرر «التبغ» في سوريا لصالح القطاع الخاص

مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)
مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)
TT

مرسوم رئاسي يحرر «التبغ» في سوريا لصالح القطاع الخاص

مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)
مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)

بعد عقود من الاحتكار وسنوات من شكاوى مزارعي التبغ السوريين من الإجحاف في الأسعار التي تحددها الحكومة لشراء محاصيلهم، صدر مرسوم رئاسي يجيز للقطاع الخاص الاستثمار في صناعة التبغ وشرائه؛ بهدف «تصنيعه وتسويقه مصنّعاً». وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا) التي أشارت إلى أن فتح الباب أمام القطاع الخاص للدخول في استثمار التبغ سيتم «بشكل محوكم ومدروس ومخطط»، مضيفة أن المرسوم سيحقق الفائدة للمزارعين كما يحقق تطويراً لهذه الصناعة عبر «خلق بيئة تنافسية محوكمة في عمليات الشراء والتصنيع والتسويق».

تجفيف ورق التبغ في ريف اللاذقية على الساحل السوري (ويكيبيديا)

وتخصص المؤسسة العامة للتبغ مبالغ كبيرة لاستيراد التبغ الذي يحتل المرتبة الرابعة في قائمة المستوردات السورية. فيما يقدر إنتاج سوريا من التبغ أكثر من 12 ألف طن سنوياً، حتى عام 2020. ويشار إلى أن اهتمام الحكومة بزراعة التبغ تزايد خلال سنوات الحرب، وقد شجعت على زراعة المزيد من المساحات في مناطق متفرقة بعد أن كانت تتركز في الساحل.

زراعة التبغ في درعا جنوب سوريا

وانتشرت زراعة التبغ في سهل الغاب ومصياف وحمص ودرعا، لما توفره صادرات هذه الزراعة من قطع أجنبي تفتقده الخزينة العامة. ويقدر عدد مزارعي التبغ في سوريا بنحو 60 ألف مزارع، معظمهم من أبناء الساحل.

ولم يعرف بعد إذا كان هذا المرسوم سيطبق على الموسم الحالي المتبقي على قطافه نحو الشهرين، وقالت مصادر زراعية في منطقة الساحل السوري لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعليمات التنفيذية المقرر صدورها عن مجلس الوزراء لم تصدر بعد»، ولم يتضح كيف ستتم عملية تسويق المحاصيل لهذا الموسم، وما هو دور المؤسسة العامة للتبغ (الريجة)، التي احتكرت هذه الزراعة منذ تأسيسها عام 1935 مرورا بتأميمها عام 1963، في عملية تخمين وتسويق محاصيل التبغ.

متداولة لعلب سجائر قديمة في سوريا بعضها محلي الصنع مثل الحمرا

وتشترط المؤسسة العامة للتبغ على المزارعين بيعها القطفة الأولى، ثم بيع ما تبقى للتجار في السوق المحلية. وبينما كانت قبل اندلاع الاحتجاجات تتشدد في تغريم المخالفين، لكن لاحقاً ونظراً لأن غالبية المزارعين من فقراء سكان الساحل وتعدّ زراعة التبغ مورد رزق لعائلاتهم، جرى التغاضي عن المخالفات مثل منح مساحات جديدة دون ترخيص، لا سيما وأن النسبة الأكبر من قتلى الميليشيات الرديفة والقوات الحكومية كانت من أبنائهم، بحسب مصدر مطلع.

يذكر أنه مقابل الشروط التفضيلية السابقة، اعتادت المؤسسة العامة للتبغ، تقديم الدعم لزراعة التبغ بوصفه «أحد المحاصيل الزراعية الاستراتيجية»، فتقدم البذار والأدوية والمبيدات ومستلزمات الزراعة، من خلال سلفة دون فوائد تسدد بعد تسليم المحاصيل لمراكز تتبع المؤسسة، وفق أسعار تحددها الحكومة مسبقاً بحسب الأصناف والجودة، تتولاها لجان مختصة بتخمينها عند التسليم.

زراعة التبغ في درعا جنوب سوريا

وقد يتعرض المحصول للتلف في أثناء التخزين الذي يسبق التسليم، الأمر الذي يكبد المزارع الخسائر الكبيرة. وفي السنوات الأخيرة تزايدت شكاوى المزارعين من إجحاف لجان التخمين، خاصة أن أسعار الحكومة لا تراعي الارتفاع المتواصل في تكاليف الإنتاج، بحسب المصادر التي قالت إن «تلك الآلية عززت الفساد والتواطؤ بين المزارع ولجان التخمين، للحصول على أعلى تقييم بغض النظر عن الجودة، لتتسرب القطفة الأولى والأصناف عالية الجودة إلى السوق الموازية في الطريق إلى التهريب خارج البلاد».

ويوجد في سوريا سبعة أصناف رئيسية من التبغ هي: (شك البنت - تنباك - فرجينيا - برلي - بصما - بربلين - كاتريني). وتختلف هذه الأصناف بين مرويّ وبعليّ، كما تختلف حسب وظيفتها مثل قوتها ومذاقها وامتصاصها.

وحددت الحكومة في العام الجاري 2024، أسعار شراء كيلو التبغ من المزارعين حسب الأنواع: «تنباك 24000 ليرة، برلي 23000 ل.س/كغ، فرجينيا 24000 ل.س/كغ، بصما 32000 ل.س/كغ، بريليب 28000 ل.س/كغ، شك البنت 27000 ل.س/كغ، كاتريني 28000 ل.س/كغ». (الدولار الأميركي يعادل 14600 ليرة سورية).

علماً بأن سعار الدخان الوطني ارتفع بنسبة 50 في المائة والمهرب الأجنبي بنسبة 60 في المائة، في الأشهر القليلة الماضية التي شهدت سلسلة موجات في ارتفاع الأسعار نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات والطاقة.

وتنحصر تجارة الدخان الوطني والمهرب بمجموعات مقربة من الأجهزة الأمنية، وتتمتع بنفوذ عال. وقد ازدهرت تجارة التبغ المحلي خلال سنوات الحرب بعد فرض العقوبات الغربية الاقتصادية عام 2012، التي شملت مؤسسة التبغ ومنعت من استيراد مختلف أنواع الدخان الأجنبي، أو المواد الداخلة في صنعه.

وأدى ارتفاع أسعار الدخان إلى إقبال كثير من المدخنين على دخان الفلش «المفروم»، ويتراوح سعر الكيلو منه بين 40 و150 ألف ليرة، كما تغرق أسواق المهربات بأنواع كثيرة من الدخان مجهول المصدر، مخالفة للمواصفات.


عائلات المحتجزين الإسرائيليين تطالب بوقف الحرب... واليمين يصرّ عليها

نازحون فلسطينيون في خان يونس بعدما طلبت منهم إسرائيل إخلاء مدينة رفح الثلاثاء (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون في خان يونس بعدما طلبت منهم إسرائيل إخلاء مدينة رفح الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

عائلات المحتجزين الإسرائيليين تطالب بوقف الحرب... واليمين يصرّ عليها

نازحون فلسطينيون في خان يونس بعدما طلبت منهم إسرائيل إخلاء مدينة رفح الثلاثاء (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون في خان يونس بعدما طلبت منهم إسرائيل إخلاء مدينة رفح الثلاثاء (إ.ب.أ)

في الوقت الذي يتجند فيه قادة اليمين المتطرف إلى جانب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في المضي قدماً في الحرب بلا توقف والتفاوض فقط من مركز قوة، ومن خلال الضغط العسكري لإفراغ رفح وتصفية «حماس» والانتقال إلى حرب مع «حزب الله» أيضاً، حذّر محللون من مغبة مواصلة حرب بلا هدف استراتيجي. وجاء ذلك في حين طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة بوقف الحرب فوراً، وتوجهت إلى الرئيس جو بايدن مطالبة بأن يتدخل لوقفها بأي ثمن.

وقالت عيناف تسنغاوكر، والدة أحد الأسرى الجنود في غزة، إن أهالي الأسرى يعيشون في كابوس منذ بدأ اجتياح رفح، مشيرة إلى أنهم يشعرون بأن الحكومة رضخت للتيار اليميني المتطرف الذي لا يتردد في التضحية بالأسرى. وقالت: «أولادنا يعيشون في جهنم والحكومة لا تكترث وتبحث عن نصر كذاب من دون إعادة الأسرى».

وأجمع محللون في الصحف الصادرة الثلاثاء، على أن حركة «حماس» فاجأت إسرائيل، أمس، عندما أعلنت موافقتها على مقترح لصفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في قطاع غزة، في حين سيحاول رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إفشال الصفقة مرة أخرى؛ لأنه ليس لديه استراتيجية للخروج من الحرب.

ووفقاً للمحلل السياسي في صحيفة «معاريف»، بِن كسبيت، فإنه حتى لو احتلت إسرائيل رفح، وقتلت 500 مقاتل فلسطيني، فإن هذا لن يكون انتصاراً إسرائيلياً، «فالانتصار على (حماس) سيتحقق بمجهود كبير ومتواصل يستمر لسنوات». وأضاف أن عملية «السور الواقي» العسكرية التي اجتاح الجيش الإسرائيلي خلالها الضفة الغربية، في عام 2002، «لم تحقق شيئاً»، وأن ما حدث في الضفة حينها «يُفترض أن يحدث في غزة، لكن بشكل أصعب وأخطر؛ لأن (حماس) في عام 2024 أخطر وأقوى من الإرهاب الفلسطيني في بداية الألفية. وهدف الحرب الحالية هو إنشاء وضع يتمكن فيه الجيش الإسرائيلي من الدخول إلى غزة والخروج منها بحرية نسبية. وهذا الهدف أنجزناه تقريباً».

دبابات إسرائيلية على الحدود مع جنوب قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

وتابع كسبيت أن «إنهاء الحرب يعني لجنة تحقيق، احتجاجات أكبر وأسئلة صعبة» في إسرائيل. ولفت إلى أن إسرائيل تعلن أنها ستجتاح رفح في أكثر توقيت حساسية في المفاوضات «أي أنها تلمح لوفد (حماس) أن يوقف الاتصالات من دون قول (نعم). وهكذا بالإمكان منح تفويض لطاقم المفاوضات (الإسرائيلي) لقول (نعم) للمقترح المصري، ولكن إحباط (نعم) (حماس) بطرق ملتوية. وهذا سيستمر في الأيام القريبة أيضاً، لأن كلا الجانبين ليس في حاجة إلى صفقة وإنما إلى الوقت».

وقال مراسل الشؤون العسكرية في «القناة12»، نير دفوري: «بحسب الخطة العملية، تذهب إسرائيل في كل حال إلى عملية تدريجية متصاعدة. وهي عملية مخططة لأن يكون ممكناً وقفها في كل لحظة يطلب منها ذلك، في حال حصول تطور إيجابي في موضوع صفقة التبادل. العملية في رفح، عملياً انطلقت. إنها العملية التي كان ينبغي أن تتم قبل شهرين. وهي عملية عينية متدحرجة ربما هي التي أثّرت على التطورات الأخيرة. في السطر الأخير، كل عملية عسكرية كهذه يجب أن تترافق مع خطة سياسية معروفة المعالم، خصوصاً الوصول إلى محور فيلادلفيا ومعبر رفح. وإلا فإنه لا يكون هناك مجال للتوصل إلى النتيجة المرجوة، تحرير المخطوفين والمساس بـ(حماس)».

وقال المراسل السياسي المعروف بانتمائه اليميني في «القناة12»، عميت سيجال: «يجب وضع الحدث في سياقه الأوسع، بعيداً عن البحث في قضية الرجل الذي يدير حكومة الـ64 نائباً وعائلته. هناك رؤيا تقول إن في الأمر (مؤامرة على إسرائيل). وإن هذه المؤامرة، التي جرت من وراء ظهورنا، قادت إلى قبول (حماس) وقف النار مقابل ضمانات أميركية على انتهاء الحرب. هذا كما هو معروف يتناقض مع تعهدات الرئيس بايدن في إسرائيل بأن يؤيد هدف تصفية (حماس). لقد رأينا البيت الأبيض يتراجع عن هذا الهدف ويتحدث عن وقف النار مقابل إطلاق سراح الأسرى والآن يتراجع أكثر وأن الهدف الأميركي هو إنهاء الحرب. واضح تماماً أن إعلان (حماس) الإيجابي جاء بعدما أصدر نتنياهو ذلك البيان الطارئ في يوم السبت، بشكل استثنائي. لكن بالأساس جاء (إعلان حماس) نتيجة الضغط على رفح أو أمور أخرى هي باعتقادي الضمانات الأميركية».

فلسطينيتان قرب مدرسة تديرها وكالة «أونروا» في مخيم الشاطئ بشمال قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأشار المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، إلى أنه «مثلما أدركنا في جميع حروب إسرائيل، وبشكل أكبر في حرب غزة، فإن ما يخطط له الجيش الإسرائيلي وما يحدث على أرض الواقع هما قصتان مختلفتان».

وأضاف: «منذ الأسبوع الأول للحرب، يحذّر ضباط إسرائيليون سابقون وحاليون من أنه ليس لدى نتنياهو استراتيجية خروج. ولنفترض أننا سننجح في السيطرة على محور فيلادلفيا، فماذا سيحدث حينها؟ لمن سنسلم المنطقة التي احتللناها؟ فلا أحد في إسرائيل، باستثناء اليمين المتطرف، يريد أن يخدم هو أو أولاده في حكم عسكري في غزة».

وتابع برنياع أن البيت الأبيض أوضح لنتنياهو أنه إذا أوعز بشن عملية عسكرية واسعة في رفح، فإنه «سيفرض حظر إمداد شحنات أسلحة إلى إسرائيل. وتعهد بايدن في بداية الحرب بالوقوف إلى جانبنا ضد (حماس). وبعد سبعة أشهر، إسرائيل عالقة في غزة، وفي لبنان أيضاً. وهذه ليست إسرائيل التي سعى بايدن إلى مساعدتها».

بدوره، رأى المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن احتلال الجيش الإسرائيلي للجانب الفلسطيني في معبر رفح ومحور فيلادلفيا جاء «على خلفية المفاوضات على الصفقة». وأضاف أنه في أعقاب إعلان «حماس» موافقتها على مقترح الصفقة، أمس، «ادّعوا في المستوى السياسي الإسرائيلي أنه من الجائز أن المصريين والأميركيين توصلوا إلى تفاهمات مع (حماس) من وراء ظهر إسرائيل، من خلال تعديل المقترح المصري الذي ردت إسرائيل عليه بالإيجاب قبل نحو أسبوعين». ورأى هرئيل أن إعلان مكتب نتنياهو عن إيفاد فريق عمل، ليس رفيعاً، لمواصلة المفاوضات مع الوسطاء، وفي موازاة ذلك بدء عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، «هو على ما يبدو تلميح أولي من جانب نتنياهو بشأن عزمه رفض المقترح، بعد رد (حماس) الإيجابي عليها».

وأضاف أن احتمال حدوث تقدم في المفاوضات حول الصفقة لا يزال ضئيلاً، «لكن من الجائز أن قادة (حماس)، بإجابتهم الإيجابية، دقّوا أسافين بين إسرائيل والولايات المتحدة. فالكثير من عائلات المخطوفين طالبت نتنياهو، بالأمس، بالموافقة على المقترح المصري، بعد رد (حماس)، والبدء بإعادة المخطوفين إلى الديار».


الأردن يندد بمهاجمة متطرفين إسرائيليين قافلة مساعدات

مساعدات من الأردن تنتظر منطقة تفتيش للشاحنات التي تحمل إمدادات المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة على الجانب الفلسطيني من معبر «إيريز» بين جنوب إسرائيل وغزة الأربعاء 1 مايو 2024 (أ.ب)
مساعدات من الأردن تنتظر منطقة تفتيش للشاحنات التي تحمل إمدادات المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة على الجانب الفلسطيني من معبر «إيريز» بين جنوب إسرائيل وغزة الأربعاء 1 مايو 2024 (أ.ب)
TT

الأردن يندد بمهاجمة متطرفين إسرائيليين قافلة مساعدات

مساعدات من الأردن تنتظر منطقة تفتيش للشاحنات التي تحمل إمدادات المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة على الجانب الفلسطيني من معبر «إيريز» بين جنوب إسرائيل وغزة الأربعاء 1 مايو 2024 (أ.ب)
مساعدات من الأردن تنتظر منطقة تفتيش للشاحنات التي تحمل إمدادات المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة على الجانب الفلسطيني من معبر «إيريز» بين جنوب إسرائيل وغزة الأربعاء 1 مايو 2024 (أ.ب)

ندد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، اليوم الثلاثاء، بتعرض قافلة مساعدات أردنية ثانية في طريقها إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون (إيريز)، لهجوم من قبل «مستوطنين متطرفين»، داعياً مجلس الأمن للعمل على «حماية» قوافل المساعدات.

وحث الصفدي مجلس الأمن الدولي على التصرف بفاعلية؛ لضمان حماية قوافل المساعدات والعاملين فيها.

وقالت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية إن القافلة كانت تضم 35 شاحنة تحمل طروداً غذائية، وأرسلت، الثلاثاء، إلى غزة عبر معبر بيت حانون، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي ومنظمات خيرية دولية.

وأكدت أنها وصلت إلى القطاع «على الرغم من (تعرضها) لمحاولة اعتداء وتخريب لإعاقة وصولها».

ونقل البيان عن أمين عام الهيئة حسين الشبلي إن 1280 شاحنة مساعدات أردنية دخلت القطاع منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وهي المرة الثانية التي يهاجم فيها متطرفون إسرائيليون قافلة مساعدات أردنية بعد هجوم الأول من مايو (أيار).

وأعلنت حركة متطرفة تُدعى «تساف 9» على منصة «إكس» تعرضها لشاحنات المساعدات التي تطالب بمنع إدخالها إلى القطاع ما لم يُطلق سراح كل الرهائن المحتجزين فيه.

وأشارت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إلى اعتراض شاحنات الإغاثة في منطقة غور الأردن بالضفة الغربية أو داخل إسرائيل.

ونشرت مواقع تواصل اجتماعي أردنية مقاطع فيديو لأشخاص صعدوا على ظهر الشاحنات وقاموا برمي المساعدات على الأرض.

ترسل المملكة عادة المساعدات براً عبر معبر كرم أبوسالم. ولكن في 30 أبريل (نيسان) شهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن انطلاق أول قافلة أردنية عبر معبر «إيريز».


تسخين حدودي في لبنان... و«حزب الله» يصعّد هجماته

جنود إسرائيليون يحملون نعش عسكري قتل في عملية لـ«حزب الله» استهدفت مستعمرة المطلة (أ.ب)
جنود إسرائيليون يحملون نعش عسكري قتل في عملية لـ«حزب الله» استهدفت مستعمرة المطلة (أ.ب)
TT

تسخين حدودي في لبنان... و«حزب الله» يصعّد هجماته

جنود إسرائيليون يحملون نعش عسكري قتل في عملية لـ«حزب الله» استهدفت مستعمرة المطلة (أ.ب)
جنود إسرائيليون يحملون نعش عسكري قتل في عملية لـ«حزب الله» استهدفت مستعمرة المطلة (أ.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين في عملية وصفها «حزب الله» اللبناني بأنها عملية «نوعية - مركبة»، في تطوّر لافت في الحرب المستمرة بين الطرفين، وفي تناغم واضح مع التصعيد الإسرائيلي في رفح، وعدم اتضاح صورة المفاوضات التي تجري حيال الهدنة في غزة.

وكثّف «حزب الله» من عملياته خلال ساعات النهار، حيث أعلنت «المقاومة الإسلامية» في بيانات متفرقة عن تنفيذ المقاتلين «هجوماً جوياً بمسيّرات انقضاضيّة استهدفت ضبّاط وجنود العدو في أثناء وجودهم في باحة ‏ثكنة يفتاح، وفي الوقت نفسه استهدفت طائراتٌ أخرى إحدى منصّات القبّة الحديدية المتموضعة جنوب ثكنة راموت نفتالي، ‏وأصابتها إصابة مباشرة أدت إلى إعطابها».‏

وبعد نحو الساعة والنصف من الهجوم الجوي بالمسيّرات على ثكنة راموت نفتالي، عاد «حزب الله» وأعلن عن استهداف «تجمّع جنود العدو داخل الثكنة، بصاروخ موجّه إضافة إلى ثكنة زبدين في مزارع شبعا».

وأعلن الحزب عن استهدافه بعد «التجهيزات التجسسية في موقع السماقة ‏في تلال كفرشوبا، مشيراً في بيان آخر إلى أنهم استهدفوا جنود ‏العدو بعد رصد ومتابعة في موقع الراهب، وفي أثناء تحركهم داخل إحدى الدشم بالأسلحة الصاروخية الموجهة».

وكان «حزب الله» قد نفذ عملية مركبة مماثلة في شهر أبريل (نيسان) الماضي، استهدفت مراكز إسرائيلية في عرب العرامشة، أدت إلى إصابة 18 جريحاً في صفوف العسكريين.

وأتت عمليات الثلاثاء، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي، صباحاً، عن مقتل جنديين إسرائيليين يبلغان 31 عاماً، من قوات الاحتياط، في هجوم بطائرة دون طيار شنه «حزب الله» مساء الاثنين، ليعود بعدها الحزب ويعلن أنه «نفذ هجوماً جوياً بمسيرات انقضاضية استهدف تموضعاً لجنود العدو الإسرائيلي جنوبي المطلة وأصابت نقاط استقرارهم، وتمّ تدمير آلياتهم وإعطابها وأوقعتهم بين قتيل وجريح».

الدخان يتصاعد من بلدة الخيام الجنوبية إثر استهدافها بقصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

وشهد يوم الاثنين تدهوراً أمنياً بعد أيام من الهدوء الحذر على جبهة الجنوب، بعدما استهدف الطيران الإسرائيلي خلال النهار مدينة بعلبك وإقليم التفاح وجبل الريحان، قبل أن يعود ويشن قرابة العاشرة والنصف مساء، سلسلة غارات على مرتفعات وأودية إقليم التفاح وجبل الريحان، مستهدفاً المناطق نفسها التي طالها صباحاً، لا سيما أطراف جرجوع، محيط نبع الطاسة، عين عقماتا، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة كذلك إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه بلدة كفركلا.

وخلال ساعات النهار، حيث ساد الهدوء الحذر في جنوب لبنان، نفذ الطيران الإسرائيلي غارة على بلدة الخيام - حي وادي العصافير، وأخرى على بلدة عيتا الشعب.

ورغم هذا التصعيد يرى رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيجما)، رياض قهوجي، أن المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل لا تزال ضمن طبيعة المواجهات بين الطرفين منذ بدء الحرب بينهما، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «القتيلان سقطا في مستعمرة المطلة على الحدود المباشرة مع لبنان، وشهدت قصفاً منذ اليوم الأول للمواجهات، بحيث إن (حزب الله) يلتزم بقواعد الاشتباك التي وضعها لنفسه على عكس إسرائيل التي لا تلتزم بأي قواعد اشتباك، إنما يبدو واضحاً أنها تهدف إلى التصعيد».

ويشير في الوقت عينه إلى أن العمليات التي يقوم بها الحزب تستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية وليست مدنية، وإن كان الجيش الإسرائيلي يتصدى لها في كثير من الأحيان، إنما تنجح في أحيان بإسقاط قتلى كما حصل في مستعمرة المطلة.

من جهة أخرى، وصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» مقتل سبعة مسعفين في استهداف لجنوب لبنان، الشهر الماضي، بـ«الهجوم غير القانوني على المدنيين»، داعية واشنطن إلى تعليق بيع الأسلحة إلى إسرائيل. وقالت المنظمة غير الحكومية في بيان إن «غارة إسرائيلية على مركز إسعاف في جنوب لبنان في 27 مارس (آذار) 2024 هي هجوم غير قانوني على مدنيين ولم تُتخذ فيه كل الاحتياطات اللازمة».

وأضافت: «إذا كانت الغارة متعمدة أو نفذت باستهتار، فيجب أن يُحقَّق فيها على أنها جريمة حرب مفترضة». وأعلن الجيش الإسرائيلي حينها أنه استهدف «مجمعاً عسكرياً» في بلدة الهبارية، «تم القضاء» فيه «على قيادي إرهابي كبير ينتمي إلى تنظيم «الجماعة الإسلامية»، الفصيل المقرب من «حماس»، «وإرهابيين آخرين» كانوا برفقته.

لكن منظمة «هيومن رايتس ووتش» قالت إنها «لم تجد أي دليل على وجود أهداف عسكرية في الموقع». وأكدت أن الغارة استهدفت «مبنى سكنياً كان يؤوي جهاز الطوارئ والإغاثة التابع لجمعية الإسعاف اللبنانية، وهي منظمة إنسانية غير حكومية».

ونفت الجماعة الإسلامية إثر الغارة أي ارتباط لها بالمسعفين، فيما أكدت الجمعية ألا ارتباطات لها بأي جهة سياسية لبنانية.

ورأت «هيومن رايتس ووتش» أن «اعتراف» الجيش الإسرائيلي باستهداف المركز «يشير في حدّه الأدنى إلى عدم اتخاذ الجيش الإسرائيلي كل الاحتياطات الممكنة للتأكد من أن الهدف عسكري، وتفادي الخسائر في أرواح المدنيين»، ما يجعل «الغارة غير قانونية».

ونقلت المنظمة عن رئيس جهاز الطوارئ والإغاثة وأقارب القتلى وزملائهم أن الضحايا السبع، أكبرهم لم يتجاوز 25 عاماً، كانوا جميعهم متطوعين في المركز منذ أواخر 2023، موضحة أن شقيقين «توأم» (18 عاماً) في عداد الضحايا.

وأضافت: «أقارب القتلى، وجمعية الإسعاف اللبنانية، والدفاع المدني، أجمعوا على أن الرجال السبعة كانوا مدنيين وغير منتمين إلى أي جماعة مسلحة»، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي قد تشير إلى أن اثنين على الأقل من القتلى هما ربما من «مناصري» الجماعة الإسلامية.


من يسيطر على معبر رفح؟ وما أهميته لغزة؟

صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
TT

من يسيطر على معبر رفح؟ وما أهميته لغزة؟

صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنه سيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر. ويشكل المعبر منفذاً بالغ الأهمية لمرور المساعدات إلى القطاع وإخراج مصابي الحرب.

ماذا يعني ذلك لسكان غزة؟

منذ بداية الحرب قبل 7 أشهر كان معبر رفح، وهو المعبر الوحيد في القطاع الذي لا تديره إسرائيل، يشكل شريان الحياة الرئيسي بين العالم الخارجي وسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إذ أتاح دخول الإمدادات الإنسانية ونقل المرضى إلى الخارج في ظل انهيار مرافق الرعاية الصحية.

وقالت مصادر في مجال العمل الإنساني لـ«رويترز» إن تدفق المساعدات من المعبر توقف.

وصرح هشام عدوان المتحدث باسم هيئة المعابر في قطاع غزة أن «الاحتلال الإسرائيلي يحكم على سكان القطاع بالموت بعد إغلاقه معبر رفح... إغلاق معبر رفح يحكم على مرضى السرطان بالموت في ظل انهيار المنظومة الصحية».

وقال الجيش الإسرائيلي إن معبر كرم أبو سالم، وهو نقطة العبور الأخرى الوحيدة في الجنوب والذي جرى من خلاله تسليم معظم المساعدات إلى غزة في الآونة الأخيرة، مغلق أيضاً بعدما أسفر هجوم صاروخي لحركة «حماس» عن مقتل 4 جنود إسرائيليين.

وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إن ذلك أدى إلى «خنق» الشريانين الرئيسيين لإدخال المساعدات إلى غزة مع وجود مخزونات قليلة جداً داخل القطاع.

وذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في منشور على منصة «إكس» أن معدلات الجوع الكارثية، خصوصاً في شمال قطاع غزة، ستزداد سوءاً إذا انقطعت خطوط الإمداد.

وحذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي من «مجاعة شاملة» تتفشى في شمال القطاع.

وعبرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق عن قلقها من أن إغلاق المعبر بين مصر وغزة سيكون له تأثير كبير على إمدادات الأدوية ودخول العاملين في المجال الطبي.

لماذا يعد معبر رفح شديد الأهمية؟

تسيطر إسرائيل على جميع المنافذ البحرية والجوية إلى غزة وعلى معظم حدودها البرية.

وشددت إسرائيل القيود التي تفرضها على القطاع لتصبح حصاراً شاملاً بعد هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والذي رد عليه الجيش الإسرائيلي بشن حملة عسكرية واسعة على غزة.

ومع إغلاق المعابر الحدودية الإسرائيلية، أصبح معبر رفح الطريق الوحيدة التي يمكن لسكان غزة من خلالها مغادرة القطاع الساحلي الذي تبلغ مساحته 360 كيلومتراً مربعاً، كما بات محور الجهود المبذولة لتوصيل المساعدات الإنسانية والسماح للمصابين وحاملي جوازات السفر الأجنبية بالخروج.

وتوسطت قطر في اتفاق بين مصر وإسرائيل و«حماس» بالتنسيق مع الولايات المتحدة للسماح بعمليات إجلاء محدودة.

وغادرت القطاع المجموعة الأولى من المصابين عبر معبر رفح في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد نحو 3 أسابيع من بدء الحرب، تلتها الدفعة الأولى من حاملي جوازات السفر الأجنبية.

ولم تكن إسرائيل تسيطر بشكل مباشر على المعبر قبل الثلاثاء، لكنها كانت تراقب كل الأنشطة في جنوب غزة من قاعدة كرم أبو سالم العسكرية وعبر غيرها من وسائل المراقبة. وهذه أول عودة للقوات الإسرائيلية إلى معبر رفح منذ انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005.

ما الطرق الأخرى لإدخال المساعدات؟

بعد إعلان الحصار، فتحت إسرائيل تدريجياً مزيداً من المعابر، وكان آخرها معبر إيريز في الشمال في الأول من مايو (أيار)، والذي كان مغلقاً منذ تدميره خلال هجمات السابع من أكتوبر.

وكانت إعادة فتح معبر إيريز من المطالب الرئيسية لوكالات الإغاثة الدولية للتخفيف من حدة الجوع الذي يعتقد أنه أشد وطأة بين المدنيين في الجزء الشمالي من القطاع.

وقال مسؤول إسرائيلي في الأول من مايو إن من المستهدف إدخال 500 شاحنة مساعدات إلى غزة يومياً.

وأعيد فتح معبر كرم أبو سالم، حيث تلتقي حدود إسرائيل وغزة ومصر، في ديسمبر (كانون الأول)، ومرت من خلاله منذ ذلك الحين أكثر من 14 ألف شاحنة مساعدات لغزة، وهو ما يزيد على حجم المساعدات التي دخلت من معبر رفح، وفقاً لبيانات «الأونروا».

وأغلقت إسرائيل المعبر لأسباب أمنية بعد هجوم أعلن الجناح المسلح لحركة «حماس» في الخامس من مايو مسؤوليته عنه، وأسفر عن مقتل 4 جنود إسرائيليين. وقال الجيش الإسرائيلي إنه سيعاد فتح المعبر بمجرد أن يسمح الوضع الأمني ​​بذلك.

كما وصلت كميات محدودة من المساعدات إلى غزة عن طريق البحر، أو عن طريق الإنزال الجوي. وبدأت قوات أميركية بناء رصيف بحري قبالة ساحل غزة في أبريل (نيسان) بهدف تسريع تدفق المساعدات إلى القطاع عندما يبدأ تشغيله في مايو.


«حزب الله» يعلن التعبئة ويستخدم أسلحة متطورة تحسباً لما بعد رفح

في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)
في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يعلن التعبئة ويستخدم أسلحة متطورة تحسباً لما بعد رفح

في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)
في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تواكب القوى السياسية اللبنانية على اختلاف انتماءاتها ومشاربها ردود الفعل العربية والدولية على اجتياح إسرائيل معبر رفح، للتأكد مما إذا كان يأتي في إطار الضغوط التي تمارسها على حركة «حماس» لدفعها للتسليم بشروطها للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، أم أنها تخطط للسيطرة على مدينة رفح، مع ما يترتب عليها من تداعيات تفتح الباب أمام لجوئها لتوسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان الذي يشهد حالياً تصاعد وتيرة المواجهة العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي بدأ يستخدم أسلحة غير تقليدية تطول العمق الإسرائيلي في رده على خرق إسرائيل قواعد الاشتباك بتحويلها منطقة جنوب الليطاني، التي تطالب بانسحاب «قوة الرضوان» منها، إلى أرض محروقة، منزوعة من سكانها، وتصعب الإقامة فيها.

تعبئة عامة

وتقول مصادر في الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل») إن «حزب الله» أعلن التعبئة العامة، ليكون بوسعه الاستعداد لمواجهة الخطوة التالية التي ستُقدم عليها إسرائيل بعد اجتياحها معبر رفح، في حال قررت توسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان. وتؤكد هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن جهات دولية لم تُسقط من حسابها قيام إسرائيل بتوسعة الحرب كخطوة استباقية لمنع الحزب من تكرار ما أقدمت عليه «حماس» باجتياحها المستوطنات الإسرائيلية الواقعة ضمن غلاف غزة.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن الملاحظات التي أوردها الثنائي الشيعي على الورقة الفرنسية بنسختها الثانية لتهدئة الوضع في الجنوب، تأتي في سياق رغبته الدخول في عملية ربط نزاع مع باريس، بانتظار ما ستؤدي إليه الوساطات بضغط من الولايات المتحدة الأميركية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة الغزاوية وانسحابه على جنوب لبنان، وتؤكد أن الحزب بدأ يستخدم أسلحة متطورة في تصدّيه لخروج إسرائيل عن قواعد الاشتباك، على أمل أن يتمكن من فرض معادلة جديدة في مساندته «حماس»، محكومة بتوازن الرعب، لدفع إسرائيل إلى مراجعة حساباتها بعدم مبادرتها إلى توسعة الحرب.

التفاوض لشراء الوقت

وتعترف مصادر الثنائي الشيعي بأن تعاطيها مع الورقة الفرنسية يبقى تحت سقف شراء الوقت لملء الفراغ، وإنما بالتفاوض، إلى حين تسمح الظروف السياسية بمبادرة الوسيط الأميركي أموس هوكستين لمعاودة تشغيل محركاته بين بيروت وتل أبيب لتطبيق القرار الدولي 1701، خصوصاً أنه لا يزال في مرحلة استكشاف النيات لاختبار مدى استعدادها للتقيد به.

وتؤكد المصادر نفسها أن الوسيط الأميركي، في تواصله مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لم يطرح ورقة متكاملة لتطبيق القرار 1701، وإنما تقدم بمجموعة من الأفكار جرت صياغتها في ورقة غير رسمية، جرى التداول بها مع «حزب الله» الذي أوكل إليه التفاوض لتطبيق القرار 1701، نظراً لأن علاقة الحزب بواشنطن مقطوعة منذ أن أدرجته على لائحة الإرهاب.

وتضيف أن الوسيط الأميركي كان قد تواصل أيضاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي فضّل حصر التفاوض برئيس البرلمان، على خلفية أن الحزب يسرّ إليه وحده بما يريد وكيف سيتعاطى مع الأفكار الأميركية لتطبيق القرار 1701، من دون أن يعني أنه أخلى الساحة من دون أن يتدخل، خصوصاً أنه ينسّق معه في كل شاردة وواردة.

تنسيق بين باريس وواشنطن

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية أن باريس لم تطرح ورقتها لتهدئة الوضع في جنوب لبنان من وراء ظهر واشنطن، بل بادرت إلى التنسيق معها كونها على تواصل مع قيادة «حزب الله» وإيران، ويمكن أن تستعين بها لتذليل ما لديها من اعتراضات لتطبيق القرار 1701 في حال كانت الطريق من جانب إسرائيل سالكة سياسياً لتطبيقه، مع أن الاتصالات بين واشنطن وطهران لم تنقطع، وهذا ما تبيّن من رد الأخيرة على إٍسرائيل باستهدافها قنصليتها في دمشق وإبقائها عليه محدوداً وتحت السيطرة، في إشارة واضحة إلى أنها ليست في وارد توسعة الحرب.

لذلك، فإن مجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وانسحابه على لبنان بضغط أوروبي - أميركي، من شأنه أن يؤدي حكماً إلى تبديل جذري في جدول الأعمال اللبناني للمرحلة الراهنة، بإعطاء الأولوية للتوصل إلى وقف إطلاق النار على امتداد الجبهة بين لبنان وإسرائيل، تمهيداً لإعادة تحريك الملف الرئاسي بإخراج انتخاب الرئيس من التأزم كشرط لإطلاق المفاوضات لتطبيق القرار 1701.

انتخاب الرئيس والشعور بـ«الحرمان» المسيحي

وتلفت المصادر السياسية إلى أن هناك ضرورة لانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة فاعلة، لأن من دونهما لا يمكن للبنان الجلوس إلى طاولة المفاوضات ليكون طرفاً، في حال تقررت إعادة النظر في خريطة المنطقة المحيطة به، وتكشف أن الوجه الآخر للحملة التي تصدّرتها القوى المسيحية في معارضتها قرار الاتحاد الأوروبي بتخصيص مليار يورو للبنان لقاء عدم إيجاد حل، كما تقول، لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، يكمن في أن شعورها بـ«الحرمان» المترتب على تعذُّر انتخاب الرئيس أخذ يتعاظم.

وتؤكد المصادر أن القوى المسيحية، بغالبيتها العظمى ومعها البطريركية المارونية، لم يرق لها المشهد السياسي المترتب على حفل استقبال «الدويكا»، أي بري وميقاتي، لكل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، بغياب رئيس الجمهورية، رغم أن المعترضين على الهبّة الأوروبية آثروا الكتمان، وفضّلوا عدم خروج اعتراضهم إلى العلن، حيال ما تتناقله من حين لآخر بأن الثنائية الشيعية - السنية هي من تدير البلد، وأن «حرمانهم» من انتخاب الرئيس لا يزال قائماً، مع أنها، أي الثنائية الشيعية - السنية، لا تترك مناسبة إلا تدعو فيها لانتخاب الرئيس، لأنه الممر الإلزامي لإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية، وأن ما يقال بأن البلد يمشي من دون الرئيس ليس في محله، ويراد منه تأجيج الصراع في لبنان.

عودة لودريان ودور «اللجنة الخماسية»

وتضيف المصادر أن عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، كما قال الرئيس إيمانويل ماكرون، مرتبطة بوضع انتخاب الرئيس على نار حامية، وذلك بالتفاهم مع اللجنة «الخماسية» التي تتشكل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، ويقتصر دورها على تقديم الدعم والمساندة لتسهيل انتخابه، وهي تترقب حالياً ما سيقرره وزراء خارجيتها لإخراج انتخاب الرئيس من الحلقة المفرغة التي يدور فيها، لعلهم يرسمون العناوين الرئيسة لخريطة الطريق لوقف تعطيل انتخابه.

وتنقل المصادر عن مقربين من الثنائي الشيعي، وآخرين يدورون في فلك الرئيس ميقاتي، قولهم بأن الخلاف الماروني - الماروني هو ما يؤخر انتخاب الرئيس، وبالتالي من غير الجائز القفز فوقه على نحو يؤدي إلى تطييف الملف الرئاسي، مع أن الحملة التي تستهدف ميقاتي يجب أن تكون حافزاً لإنهاء خدمات حكومة تصريف الأعمال، وذلك بانتخاب الرئيس، خصوصاً أن ميقاتي توجه إلى النواب في آخر جلسة نيابية بقوله: «انتخبوا الرئيس، وحلّوا عنا».

وعليه، فإن الوسيط الأميركي سيتفرغ لتهيئة الظروف لتطبيق القرار 1701، من دون أن يعني ذلك أن واشنطن ستغيب عن المشهد السياسي المتعلق بانتخاب الرئيس، كونها تتمتع بنفوذ سياسي، سواء في الداخل أو لدى القوى الإقليمية والدولية المعنية بانتخابه.


كردستان إلى «صفحة جديدة» مع إيران... وبغداد تخفف الضغط

خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
TT

كردستان إلى «صفحة جديدة» مع إيران... وبغداد تخفف الضغط

خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)

بدت الأجواء السياسية في إقليم كردستان أكثر تفاؤلاً بعد قرار قضائي في بغداد بإلغاء حكم سابق يتعلق بانتخابات البرلمان، فيما تحدث مسؤول كردي عن «فتح صفحة جديدة» بين الكرد وإيران.

وزار رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إيران، والتقى هناك المرشد علي خامنئي ومسؤولين بارزين، لبحث قضايا مختلفة، أبرزها الأمن، وفقاً لبيانات رسمية.

وأصدرت المحكمة الاتحاديّة العُليا في العراق، اليوم (الثلاثاء)، أمراً ولائيّاً بإيقاف آليّة توزيع مقاعد برلمان الإقليم، بعد طلب تقدّم به رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني.

وقرّرت المحكمة إيقاف تنفيذ بند يتعلّق بنظام تسجيل قوائم المرشّحين والمصادقة عليها لانتخابات برلمان الإقليم، وينصّ ذلك البند على أن يضمّ برلمان كردستان العراق 100 مقعد، موزعة على 4 دوائر، إلى حين حسم دعوى رئيس حكومة الإقليم.

وكان إقليم كردستان قد جمّد مشاركته في الانتخابات المقررة هذا الشهر احتجاجاً على القرار.

عبداللهيان ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني في طهران (الخارجية الإيرانية)

قرار المحكمة

وعزَت المحكمة حكمها الجديد إلى «تلافي ما يترتّب على تنفيذه (ذلك البند) من آثار يصعب تداركها مستقبلاً».

وبموجب الحكم الجديد، الذي أُوقف تنفيذه بقرار المحكمة، فإن دوائر الإقليم الانتخابيّة هي 4 دوائر، حيث يبلغ نصيب محافظة أربيل 34 مقعداً، ومحافظة السليمانيّة 38 مقعداً، ومحافظة دهوك 25 مقعداً، ومحافظة حلبجة 3 مقاعد.

وتقدم مسرور بارزاني بشكوى إلى المحكمة الاتحاديّة العليا ضد رئيس مجلس مفوضي هيئة الانتخابات الاتحادية وأعضاء المجلس لانتهاء ولايتهم منتصف يونيو (حزيران) المقبل.

وطالب المحكمة بإصدار مرسوم بتعليق إجراء الانتخابات وآليّة توزيع مقاعد البرلمان على الدوائر الانتخابية و«كوتا» المكوّنات.

بدورها، قالت جمانة الغلاي، المتحدثة باسم المفوضيّة المستقلة للانتخابات في العراق، إنها «ماضية في إجراءاتها وعملها لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، بحسب المرسوم الإقليمي الصادر عن رئاسة الإقليم، الذي حدّد موعد الانتخابات في 10 يونيو 2024»، وفقاً لرسالة صوتية وزّعت على صحافيين عراقيين.

وأوضحت المتحدّثة أنّ الموعد «ضمن المدّة القانونيّة المخصصة لمجلس المفوّضين، والمُلزَمين بإجراء هذه الانتخابات خلال المدة القانونيّة الخاصة بهم».

وأضافت غلاي: «على المفوضيّة خلال هذه المدة إنجاز عمليّة انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم وانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق بالدورة السادسة».

الرئيس الإيراني خلال استقباله نيجيرفان بارزاني والوفد المرافق (الرئاسة الإيرانية)

صفحة جديدة

إلى ذلك، قال كفاح محمود، المستشار الإعلامي لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن زيارة رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى إيران ستفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين، وستنهي توترات شابت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة، وستنقل التعاون الثنائي إلى مرحلة جديدة.

ووصل بارزاني إلى طهران، الأحد الماضي، في زيارة هي الخامسة له لإيران في أقل من عام.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أكد خلال اجتماعه مع بارزاني أن بلاده تتوقع من الإقليم منع استغلال أراضيه ضد بلاده.

ونقلت وكالة «العالم العربي» عن محمود أن العلاقات مع طهران «شابتها تشنجات منذ سنوات، في ظل شكوك القيادة الإيرانية بوجود معارضين لسياستها من الأحزاب الكردية المعارضة، يقومون بعملياتهم انطلاقاً من أراضي كردستان».

واستدرك قائلاً: «لكن الاتفاقية الأمنية، التي تم توقيعها مؤخراً بين طهران وبغداد بوجود ممثلي إقليم كردستان، أكدت للجانب الإيراني أنه ليس هناك شيء من هذا القبيل، وقد تم إبعاد تلك العناصر، التي يُفترض أنها كانت تقوم بتلك العمليات، وتم إبعادها عن المناطق الحدودية إلى عمق كردستان، وعدّوا لاجئين مهاجرين من إيران تحت إشراف (الأمم المتحدة)».

وأوضح محمود أن «الإيرانيين يدركون جيداً أن مصالحهم كبيرة جداً في إقليم كردستان، خاصة أنها سوق استراتيجية لبضائعهم، وهناك أكثر من 10 مليارات من الدولارات سنوياً من صادرات إيران ومن استثماراتها في إقليم كردستان، خاصة أن الإقليم يُعدّ بوابتها إلى العراق وإلى الخليج».

وتوقع المستشار الكردي انتقال العلاقات بين إيران وإقليم كردستان إلى «مرحلة استراتيجية» جديدة، وأكد على أن الإقليم يرفض استخدام أراضيه في أي عمليات ضد إيران.