في تجربة مذهلة لعلاج مناعي... حقنة واحدة تقضي على أعراض «الذئبة»

في تجربة مذهلة لعلاج مناعي... حقنة واحدة تقضي على أعراض «الذئبة»
TT

في تجربة مذهلة لعلاج مناعي... حقنة واحدة تقضي على أعراض «الذئبة»

في تجربة مذهلة لعلاج مناعي... حقنة واحدة تقضي على أعراض «الذئبة»

دخل خمسة أفراد يعانون من مرض الذئبة التي يصعب علاجها في فترة سكون بعد أن قام العلماء بتعديل خلاياهم المناعية باستخدام تقنية تستخدم عادة لعلاج السرطان.
وبعد العلاج لمرة واحدة، توقف جميع المرضى الخمسة المصابين بمرض المناعة الذاتية عن علاجاتهم القياسية ولم يتعرضوا لانتكاسة، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص، نقلا عن مجلة Nature Medicine.
ووفق الموقع، يحتاج هذا العلاج، المعروف باسم العلاج بالخلايا التائية لمستقبل المستضد الخيمري (CAR)، إلى اختباره في مجموعات أكبر من مرضى الذئبة قبل الموافقة على استخدامه على نطاق واسع. ولكن إذا ثبتت النتائج في تجارب أكبر، يمكن أن يوفر العلاج يوما ما الراحة للأشخاص الذين يعانون من الذئبة المتوسطة إلى الشديدة.
وفي تعليق على هذا الأمر، قال الدكتور جورج شيت مدير أمراض الروماتيزم والمناعة بجامعة فريدريش ألكسندر- إرلانجن بنورمبرغ في ألمانيا «بالنسبة لهم، هذا حقا اختراق». وشيت المعدّ الرئيسي لتقرير جديد يصف التجربة الصغيرة.
وعن التجربة الجديدة أكد شيت «أنها حقنة واحدة من خلايا CAR T، ويوقف المرضى جميع العلاجات. فوجئنا حقا بمدى جودة هذا التأثير».
جدير بالذكر، يعد مرض الذئبة مزمنا يهاجم فيه الجهاز المناعي عن غير قصد خلايا الجسم، ما يؤدي إلى الالتهاب وتلف الأنسجة والألم والإرهاق. ويمكن أن تظهر الأعراض، التي تتراوح من خفيفة إلى مهددة للحياة. وغالبا ما يتناول المرضى أدوية متعددة لتقليل تكرارها وشدتها.
ففي مرض الذئبة، تضخ الخلايا البائية المختلة، وهي نوع من الخلايا المناعية، «الأجسام المضادة الذاتية» التي تتكتل على خلايا الجسم وتستدعي الخلايا الأخرى لتدميرها. وتستهدف العديد من الأدوية هذه الخلايا البائية الضارة، لكنها لا تعمل مع جميع مرضى الذئبة.
وفي ذلك يقول شيت «هناك مجموعة شديدة الخطورة حقا وهي تتنقل عبر العديد من العلاجات ولا تتعافى أبدا».
وفي هذا الاطار، وضعت مجموعة شيت نظرية مفادها أن مرضى الذئبة المقاوم للعلاج يمكن أن يستفيدوا من العلاج بالخلايا التائية CAR T، والتي سبق استخدامها لعلاج مرضى السرطان. وأثناء العلاج بالخلايا التائية CAR T، يستخرج الأطباء الخلايا المناعية، المسماة بالخلايا التائية، من دم المريض، ويقومون بتعديل تلك الخلايا التائية وراثيا في المختبر ثم حقنها مرة أخرى في جسم المريض، وفقا للمعهد الوطني للسرطان التابع للمعاهد الوطنية للصحة.
وفي جميع علاجات السرطان المعتمدة، تستهدف هذه الخلايا التائية الخلايا البائية بجزيئات معينة على أسطحها، ما يؤدي إلى القضاء على كل من الخلايا المصابة والخلايا البائية السليمة.
وبدون هذه الخلايا البائية، قد يكون المرضى أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، كما أن العلاج بالخلايا التائية CAR T يحمل خطر التسبب بـ«متلازمة إطلاق السيتوكين»، حيث تطلق الخلايا التائية فجأة تدفقا من الجزيئات الالتهابية في مجرى الدم. لذلك، على الرغم من فوائده المحتملة، فإن العلاج غير مناسب لأولئك الذين يعانون من مرض خفيف فقط. لذلك قام شيت وزملاؤه بتجنيد المرضى المقاومين للعلاج مع الشكل الأكثر شيوعا من مرض الذئبة، يسمى الذئبة الحمامية الجهازية (SLE). وأظهر جميع المشاركين في التجربة تلفا في أعضاء متعددة، بما في ذلك الكلى والقلب والرئتين والمفاصل.
وبعد العلاج، انخفض عدد الخلايا البائية لدى المشاركين الخمسة، وكذلك مستويات الأجسام المضادة الذاتية لديهم. وخفت أعراض مرض الذئبة لديهم وتوقفوا جميعا عن تناول أدويتهم السابقة، وحتى الآن، لم ينتكس أي مرضى. وكان أول مريض تم علاجه (الذي وصفت حالته في البداية في مجلة نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين) الآن في حالة سكون خالية من الأدوية لمدة 17 شهرا.
وبعد خمسة أشهر من العلاج، بدأ عدد الخلايا البائية لدى المريض في الارتفاع لكن الأعراض لم تعد.
ويوضح شيت أنه منذ أن تم القضاء على حشد من الخلايا البائية المختلة من الجسم، بدأ نخاع العظام في إنتاج خلايا بائية جديدة لا تضخ نفس الأجسام المضادة كما فعلت أسلافها.
كما بدأ المرضى الأربعة الآخرون في صنع خلايا بائية جديدة في غضون أشهر من العلاج، دون حدوث انتكاس. ويعلق شيت على ذلك «يبدو كما لو أن إعادة تشغيل نظام الخلايا البائية بهذه الطريقة قد يمنع المرض من العودة»؛ لكنهم سيحتاجون إلى الاستمرار في مراقبة المرضى للتأكد من ذلك.
وينظم شيت وفريقه تجربة أكبر للعلاج بالخلايا التائية CAR لمرض الذئبة، بالإضافة إلى أمراض المناعة الذاتية والتصلب الجهازي والتهاب العضلات.
ويؤكد شيت أنه في المستقبل، يمكن أيضا اختبار العلاج للتخلص من التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد، من بين اضطرابات المناعة الذاتية الأخرى.


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».