عندما تذكر منطقة «بارك رويال» تخطر على بالك تلك المدينة الصناعية التي تضم المعامل والمصانع وورشات تصليح السيارات، ولكن في الفترة الأخيرة أصبحت تمر بتلك المنطقة لتشتم رائحة الحلوى والمأكولات والمخبوزات الشرقية حيث تفوح رائحة المناقيش والزعتر. «بارك رويال» الواقعة في شمال غربي لندن معروفة بأنها تضم أكثر من 73 ألف شركة يعمل فيها أكثر من 43 ألف موظف، وتعدّ أكبر مدينة صناعية في العاصمة، رأى فيها العرب ملاذاً للعمل والتجارة فكانوا من بين أوائل المستثمرين فيها، إلا إن أقوياء القلوب رأوا فيها ما هو أبعد من محل للحدادة وبيع قطع السيارات أو مصنع للخشب؛ رأوا فيها عنواناً لتعريف الغرب بالمطبخ الشرقي بشكل عام واللبناني على وجه الخصوص.
وكان الشاب اللبناني أيمن عاصي من بين أصحاب تلك الرؤية فتحدى المألوف وقرر أن يفتتح أول مطعم له على ضفة قناة الماء في منطقة صناعية بحتة. ففي عام 2017 افتتح مطعم «بيت الزيتون» ليصبح اليوم من أهم عناوين الأكل اللبناني في «بارك رويال»، وليس هذا فحسب؛ إنما كان السبب في تقوية مستثمرين آخرين قلوبهم وافتتاح مشروعات مماثلة بالقرب منه.
سندويتشات محضرة بمطبخ المطعم في نايتسبريدج
منذ افتتاح المطعم الذي يذكرك بمطاعم لبنان المحاذية للماء، وهو آخذ في التوسع بعد الإقبال الشديد عليه من قبل الجالية العربية واللندنيين أيضاً، فجرى توسيع المطعم من حيث المساحة، ولم يكتف أيمن عاصي بهذا القدر من التوسيع فقرر أن ينقل علامته اللبنانية لتصل إلى منطقة نايتسبريدج التي تعدّ مرتعاً للعرب والخليجيين تحديداً والمتسوقين، فركب موجة التكنولوجيا من خلال أول فرع لـ«بيت الزيتون أون ذا غو (Beit El Zaytoun On The GO)»؛ وهو مطعم صغير الحجم يتم طلب المأكولات اللبنانية فيه عن طريق تطبيق إلكتروني يسهل طريقة الشراء ويختصر الوقت، وتباع في هذا الفرع الصغير، الذي يعتمد على الموقع الصحيح في قلب العاصمة، السندويتشات اللبنانية الطازجة التي تحضر بمكونات جيدة وخبز من صنع المطعم أيضاً ولكن بأسلوب عصري ومبتكر.
في مقابلة مع صاحب «بيت الزيتون» والرئيس التنفيذي في الشركة، أيمن عاصي، قال إنه لطالما أراد أن ينشر المطبخ اللبناني في لندن على طريقته التي تعكس أسلوبه العصري، ولطالما أراد أن يكون لـ«بيت الزيتون» وجود في منطقة مثل نايتسبريدج الراقية، ويسعى إلى أن يكون لـ«بيت الزيتون أون ذا غو» 5 أفرع بحلول 2025، ورؤيته ترتقي للوجود في مناطق شهيرة في لندن تفسح المجال لأهلها وزوارها لتذوق ألذ الأطباق اللبنانية السريعة التي تعتمد على المنتج الجيد.
عبارات لبنانية تبناها «بيت الزيتون»
ويقول عاصي: «أسعى إلى أن يكون هذا المشروع رؤية تحتذى. (أون ذا غو) لن يكون مطعماً عادياً؛ إنما عنوان للحصول على الأكل الجيد بسرعة فائقة، من خلال الطلب عن طريق تطبيق خاص بالعلامة يغنيك عن التواصل مع عامل البيع وتضييع الوقت، كما ستكون داخل كل فرع ماكينات خاصة تخولك إجراء الطلبية حسب ذوقك فتختار الصلصة التي تفضلها والخبز الذي تريده دون الحاجة للتواصل مع أحد العمال».
أفكار عاصي مصدرها شغفه وحبه لعمله الذي لا يخجل من أن يتكلم عن بدايته المتواضعة، فهو جاء إلى لندن في عمر العشرين فغسل الصحون في مطبخ أحد المطاعم اللبنانية، وبعدها عمل في مجال توصيل الطعام، ليصبح بعدها بائعاً في أحد المتاجر، ليقطع على نفسه وعداً بألا يعمل لصالح أحد، وقرر أن يكون سيد نفسه ويفتح أول مشروع له. افتتح مطعماً، ولكن لسوء الحظ فشل وتسبب في تكبيده خسائر مادية كبيرة وصلت إلى 400 ألف جنيه إسترليني، ولكنه لم ييأس وبقيت فكرة العمل على باله، فبدأ بمشروع ركن السيارات الخاصة «فاليه باركينغ»، وحبه السيارات جعله يفتح مكتباً لتأجير السيارات ليفتح شركة بعدها أطلق عليها اسم «Amerald Uk» تعنى بتقديم الخدمات الراقية من السيارات إلى الطائرة الخاصة إلى تأمين الخدمات كافة، وهذا المشروع لا يزال قائماً، ولكن الهدف الأهم في حياة أيمن هو إيصال المطبخ اللبناني بحلته العصرية إلى أكبر عدد في لندن.
أيمن عاصي صاحب «بيت الزيتون» ورؤية «أون ذا غو» العصرية
اليوم يعدّ «بيت الزيتون» من العناوين اللبنانية المميزة، ويقصده الذواقة لتناول الفطور اللبناني والغداء على أنغام فيروز، والعشاء على صوت العود. استطاع أيمن عاصي أن يجعل من «بيت الزيتون» مكاناً يحتذى.
ويقول عاصي: «قد تكون منطقة (بارك رويال) بعيدة بالنسبة إلى البعض عن وسط لندن، ولهذا السبب أسعى إلى أن تكون لتلك العلامة فروع عدة في وسط العاصمة تقدم نخبة الأطباق السريعة المتوفرة على لائحة الطعام في المطعم الأم ، وأشار إلى أن جميع المأكولات المتوفرة في نقاط البيع في وسط لندن تحضر في المكان نفسه، وهي طازجة لضمان ألذ مذاق» .
وعن لائحة الطعام التي ستكون متوفرة في فرع «أون ذا غو» فإنها «متنوعة»؛ بحسب وصف أيمن عاصي، الذي شدد على أهمية تقديم ما يناسب الجميع؛ بمن فيهم الـ«فيغن» والنباتيين بحيث ستكون هناك لائحة تحت اسم «Green Lovers» تقدم مأكولات سريعة على طريقة الـ«Street Food» تستهدف الزوار والتلاميذ والموظفين في وسط لندن. ومن المعروف عن عاصي تشجيعه ممارسة الرياضة، ولهذا السبب سيقدم في فروعه الجديدة السريعة مأكولات بسعرات حرارية منخفضة لتتناسب مع الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية منظمة.
وعند سؤاله عما إذا كان على دراية بالمنافسة الحادة بين المطاعم الشرقية في وسط لندن، قال عاصي: «المنافسة مفتاح النجاح، والعمل الدؤوب من شأنه أن يجعل من يقف وراءه مميزاً. أعرف أن المنافسة قوية، ولكن ما أسعى إلى تقديمه في أسلوب (أون ذا غو) مختلف تماماً؛ لأنه يعتمد على التكنولوجيا والعصرية، ومن الممكن حجز ما تود أكله عن طريق نظام (Click and Collect) وكل هذا لتفادي تضييع الوقت والانتظار» .