مخاوف من فوضى أمنية في لبنان نتيجة استفحال الأزمة المعيشية

نواب «كتلة التغيير» حذروا من سيناريو قاتم مقبل على البلد

لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)
لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)
TT

مخاوف من فوضى أمنية في لبنان نتيجة استفحال الأزمة المعيشية

لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)
لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)

تتصاعد المخاوف في لبنان من انفلات أمني يؤدي إلى فوضى قد تكون القوى الأمنية غير قادرة على ضبطها، في ظل ارتفاع معدلات الفقر، وتراجع قيمة رواتب العناصر الأمنيين إلى حدود مقلقة، بحيث بات راتب الجندي في الجيش اللبناني لا يساوي أكثر من 33 دولاراً أميركياً، مع تجاوز سعر صرف الدولار الواحد عتبة الـ38 ألف ليرة لبنانية.
ولعل ما فاقم هذه المخاوف الاقتحامات التي شهدتها نهاية الأسبوع لعدد من المصارف من قبل مودعين احتجزوا رهائن، وهددوا بالسلاح الموظفين للحصول على ودائعهم المحتجزة منذ عام 2019، وهي ظاهرة يرجح كثيرون أن يكون من الصعب ضبطها بعدما بات القسم الأكبر من هؤلاء المودعين على يقين أنهم لن يحصلوا على أموالهم في وقت قريب في ظل تلكؤ الحكومة، بعد مرور 3 سنوات على الأزمة، في إقرار خطة اقتصادية مالية واضحة تحدد مصير ودائعهم.
وتترافق هذه الظاهرة مع ازدياد معدلات السلب والسرقة، مع ترجيح مصدر نيابي في تكتل نواب «التغيير» أن ترتفع هذه المعدلات مع ارتفاع سعر الصرف وبلوغه مستويات غير مسبوقة.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «البنك الدولي طلب من عدد من الخبراء قبل فترة دراسة عن السيناريو الأسوأ الذي قد يشهده لبنان في حال تواصل الانهيار، وقد تم وضع 3 سيناريوهات؛ الأول تجاوزناه منذ عامين، الثاني بلغناه منذ نحو 6 أشهر، أما السيناريو الثالث، وهو أسوأ السيناريوهات التي نخشاها فيقول بفلتان أمني كبير قد ينطلق من مدينة طرابلس ويمتد إلى المخيمات الفلسطينية على أن يطال كل المناطق، فتعجز القوى الأمنية عن ضبطه وإلقاء القبض على المطلوبين، خصوصاً في ظل الأوضاع المعيشية السيئة جداً التي يرزح تحتها العناصر الأمنيون».
ويشير المصدر إلى أن نواب «التغيير» في جولتهم على القوى السياسية ضمن إطار شرح مبادرتهم الرئاسية «نبهوا القيادات السياسية من هذا السيناريو بحيث نكون بصدد أمن ذاتي وزعماء أحياء». ويضيف: «السبيل الوحيد لمنع الوصول إلى هذه المرحلة من الانهيار المسارعة لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وإقرار خطة التعافي وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد. وبخلاف ذلك نكون نتجه إلى الفوضى».
ولا يخفي وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي، أن «الأزمات الاجتماعية الناتجة عن الواقع المالي والاقتصادي المعروف تجعلنا نتحسب لإمكانية حدوث فوضى، وبذلك تبقى الأجهزة الأمنية حاضرة ومتيقظة وبحالة جهوزية، وهذا من واجبها»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزارة الداخلية والقوى الأمنية مستمرة في القيام بواجبها في حفظ الأمن والنظام، رغم الظروف الصعبة. فاللبنانيون لا يريدون الحرب، والتقارير الأمنية التي نتابعها يومياً لا تشير إلى توقع أحداث أمنية». ويضيف: «نعول على وطنية القوى الأمنية ووعي قياداتها، فتبقى هذه القوى واعية وحاضرة لخدمة الوطن وحماية المجتمع، كما أننا نعمل مع القيادات الأمنية والعسكرية على تأمين متطلبات خدمة العناصر الأمنية من محروقات وطبابة وتعديل الرواتب رغم الصعوبات».
ويعتبر رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيغما» رياض قهوجي، أن «القفزات الكبيرة للدولار وبشكل مفاجئ من دون اتضاح أي سقف للارتفاع عوامل فاقمت أوضاع الناس الصعبة أصلاً نتيجة إفلاس الخزينة، وغياب المداخيل وتراكم الديون»، لافتاً إلى أنه وبعدما أصبحت «الرواتب من دون قيمة تذكر، وفي ظل عجز الحكومة عن إعادة النهوض بالبلد والتوجه لتذويب ودائع الناس، بات الخوف حقيقياً من فوضى، سواء تكون نتيجة رد فعل الناس على مآسيهم، أو نتيجة سعي فرقاء داخليين لتأزيم الوضع في مرحلة نهاية العهد لخلق مبررات لإبقاء الرئيس الحالي بالقصر أو تشكيل حكومة بشكل مشوه».
وينبه قهوجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الوضع خطير، ويزداد خطورة مع مرور الأيام ما يهدد بخسارة الدولة هويتها وبتداعي كيانها.
من جهته، يرى رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن «ما يحصل بموضوع المصارف طبيعي ومنتظر، ونتوقع أن يستمر، لكنه ليس مؤشراً على فوضى أمنية إنما لانفلات أمني سيزداد يوماً بعد يوم ككرة ثلج تكبر بسبب الفقر والحاجة، لكن ما نحن واثقون منه أن الجيش وقوى الأمن قادران على منع الفوضى»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كنا ننتظر أسوأ من ذلك أمنياً في السنوات الـ3 الماضية... وحده انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة يمكناننا من استيعاب الوضع ومنع تدهوره».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».