عقب إطلاق النار الدامي في كنيسة خاصة للمواطنين من أصول أفريقية في تشارلستون في جنوب شرق الولايات المتحدة، أعلنت الشرطة الأميركية أمس توقيف المشتبه به في قتل تسعة أشخاص، وفتحت السلطات الفيدرالية تحقيقا في ارتكاب «جريمة كراهية». وأحدثت الجريمة صدمة في الولايات المتحدة، خاصة بعد تكرار حوادث القتل الجماعي في البلاد خلال الأشهر الماضية.
وندد الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس بـ«الجرائم العبثية» إثر إطلاق النار، مشيرا إلى «حزنه» و«غضبه»، وقال: «يجب أن نعترف بأن هذا النوع من العنف لا يقع في بلدان أخرى متطورة»، داعيا مجددا إلى وضع معايير أفضل لبيع الأسلحة النارية «فواقعة حدوث ذلك في كنيسة للسود يثير طبعا أسئلة حول الصفحة القاتمة في تاريخنا».
وأعلن قائد الشرطة غريغوري مولن للصحافيين أن «ديلان روف البالغ من العمر 21 عاما اعتقل على حاجز تفتيش في شيلبي، في كارولينا الشمالية، على بعد أربع ساعات بالسيارة من مكان الهجوم»، مضيفا أن «محققي تشارلستون سيتجهون إلى شيلبي لاستجواب المشتبه به حول الجريمة المأساوية الشائنة».
وقال مولن في مؤتمر صحافي إن «المعتدي دخل إلى الكنيسة مدة ساعة قبل أن يبدأ بإطلاق النار على المصلين».
ويعتبر إطلاق النار على «كنيسة عمانوئيل الأفريقية الأسقفية الميثودية» الأسوأ ضد مكان عبادة خلال السنوات الأخيرة، ويأتي في وقت تتزايد فيه التوترات على خلفيات عنصرية في البلاد. وقتل في الاعتداء ثلاثة رجال وست نساء، وأصيب عدد آخر. ومن بين القتلى القس كليمنتا بينكني، وهو أيضا سيناتور عن ولاية جنوب كارولينا. وقال مولن إن «هذه الجريمة الشائنة أسفرت حتى الآن عن تسعة قتلى»، موضحا: «أعتقد أنها جريمة كراهية».
ووقع إطلاق النار في التاسعة مساء بالتوقيت المحلي خلال جلسة لدرس الكتاب المقدس، وهذه عادة منتشرة جدا في كنائس جنوب الولايات المتحدة، خلال أيام الأسبوع ويوم الأحد.
ويأتي الحادث وسط توترات على خلفية عنصرية في الولايات المتحدة، وخصوصا تجاه الأميركيين من أصول أفريقية بعد خمسة عقود على بدء العمل بقانون الحقوق المدنية الذي يمنع العنصرية وأي نوع من التمييز.
وخلال الفترة الأخيرة دفعت عدة حوادث مقتل أميركيين من أصول أفريقية على يد الشرطة لخروج مظاهرات غاضبة وحصول أعمال شغب في مناطق عدة في الولايات المتحدة، فضلا عن ظهور جدل على صعيد وطني حول العنصرية وممارسات الشرطة.
وأعلن متحدث باسم وزارة العدل الأميركية عن فتح تحقيق في ارتكاب «جريمة كراهية» في حين يعمل عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي مع الشرطة المحلية.
ومن جهته أعرب السيناتور تيم سكوت، عن كارولينا الجنوبية، وهو واحد من أصل عضوين من أصول أفريقية في مجلس الشيوخ عن «حزنه الشديد لتشارلستون وكارولينا الجنوبية».
ومن جهته أعرب مالك أحد المحال القريبة من الكنيسة جيم كورلي عن استغرابه من أن يشن أحدهم هجوما في منطقة سياحية. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن ذلك «غريب جدا.. ليس لدينا أي فكرة عن الدافع خلف ذلك».
ويذكر أنه في أبريل (نيسان) الماضي اتهم شرطي بقتل والتر سكوت من أصول أفريقية الذي كان يبلغ 50 عاما في مدينة شمال تشارلستون بعد إصابته من الخلف، وفق ما أظهر شريط فيديو.
وبحسب كورلي فإن «سكان المنطقة حيث توجد الكنيسة يتعايشون بسلام وليس هناك توترات عنصرية».
وتلقب تشارلستون محليا بـ«المدينة المقدسة» بسبب العدد الكبير من الكنائس المنتشرة فيها فضلا عن المجموعات الإثنية المتنوعة التي أضفت على المدينة تنوعا ثقافيا.
ووصف رئيس بلدية تشارلستون جوزيف رايلي ما حصل بـ«الكارثة».
ولم تعلن الشرطة تفاصيل حول هوية ضحايا الاعتداء في الكنيسة الأقدم في ولايات جنوب أميركا، وفق موقعها الإلكتروني. وأسست الكنيسة في عام 1816، وفي عام 1822 جرى التحقيق بتورطها في التخطيط لـ«ثورة عبيد».
وقال رايلي إن «السبب الوحيد ليدخل أي شخص إلى كنيسة ويطلق النار على المصلين هو الكراهية».
وجاء في بيان لحملة جيب بوش، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية، على حسابه في «تويتر»، أن «أفكاره وصلواته تتجه للأشخاص والعائلات التي تأذت من الأحداث المأساوية في تشارلستون».
وكتبت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض، التي كانت تعقد اجتماعا انتخابيا في تشارلستون يوم الأربعاء الماضي، في تغريدة على موقع «تويتر» الإلكتروني: «أخبار مرعبة من تشارلستون، إني أفكر فيكم جميعا وأصلي من أجلكم».
وأظهر تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي العام الماضي أن «عمليات إطلاق النار الجماعية ارتفعت في الولايات المتحدة». ودرس محققون 160 حالة بين عامي 2000 و2013، وارتفع معدل تلك الحوادث من 6.4 في الأعوام السبعة الأولى إلى 16.4 في الأعوام السبعة الأخيرة.
ومن بين الاعتداءات، الهجوم في معهد فيرجينيا التقني في أبريل 2007 حيث قتل 32 شخصا، ومن ثم في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في ديسمبر (كانون الأول) 2012 في نيو تاون في كونيكتيكت حيث قتل 27 شخصا بينهم 20 طفلا.
«جريمة كراهية» داخل كنيسة في تشارلستون تصدم الولايات المتحدة
أوباما: هذا النوع من العنف لا يقع في بلدان أخرى متطورة
«جريمة كراهية» داخل كنيسة في تشارلستون تصدم الولايات المتحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة