تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء

تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء
TT

تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء

تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء

طور باحثون بجامعة دونغهوا الصينية ومركز يوليش لعلوم النيوترونات (JCNS) في ألمانيا أخيرا جلدًا أيونيًا صناعيًا جديدًا واعدًا للغاية يعتمد على شبكة نانوية مرنة قابلة للشفاء ذاتيًا؛ وهي بنية متشابكة تشبه جلد الإنسان.
وهذا الجلد الصناعي، الذي تم تقديمه في بحث نُشر بمجلة Nature Communications ناعم وخالٍ من التعب وذو قابلية للشفاء الذاتي، وذلك حسبما نشر موقع «phys.org» العلمي المتخصص.
وقال صن شينغتونغ أحد باحثي الدراسة «كما نعلم، الجلد هو أكبر عضو في جسم الإنسان، والذي يعمل كطبقة واقية وواجهة حسية للحفاظ على صحة الجسم وإدراكه... ومع التطور السريع للذكاء الصناعي والروبوتات اللينة، يحاول الباحثون حاليًا تغطية الروبوتات الشبيهة بالبشر بجلد صناعي يكرر جميع الخصائص الميكانيكية والحسية لجلد الإنسان، حتى يتمكنوا أيضًا من إدراك البيئة الخارجية المتغيرة مثلنا».
ونظرًا لأن جلد الإنسان نظام معقد للغاية ومتطور، فإن محاكاة جميع وظائفه يمكن أن يكون أمرًا صعبًا للغاية؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لجلد الإنسان أن يشعر بمجموعة متنوعة من التغيرات البيئية، بما في ذلك الضغط وتشوه سطحه وتغيرات درجة الحرارة، وذلك ببساطة عن طريق التقاط الإشارات الإلكترونية القائمة على الأيونات.
ويضيف صن «يشعر جلد الإنسان بالنعومة، لكنه يصبح شديد الصلابة عند التمدد. ويمكن للجلد أيضًا أن يشفي الجروح بشكل طبيعي في غضون أيام قليلة عن طريق الإصلاح الكامل لهيكله ووظائفه. والأهم من ذلك، أن أكثر من مليون دورة من التشوهات سنويًا جنبًا إلى جنب مع حركات الجسم، لن تحلل خصائص الجلد، ما يشير إلى خصائص جيدة جدًا لمكافحة التعب».
وعلى الرغم من أن علماء المواد قد ابتكروا أخيرًا العديد من الجلود الصناعية، والتي يشار إليها أيضًا بالجلود الإلكترونية أو الأيونية، إلا أن معظم هذه الأنظمة يمكنها فقط إعادة إنتاج جزء من السمات الطبيعية للبشرة. لذا حاول صن وزملاؤه تصميم مواد أكثر واقعية وشبيهة بالجلد لعدة سنوات.
ويوضح صن «أثناء إجراء دراساتنا، لاحظنا أن الجلد يجمع بين العديد من الخصائص المثيرة للاهتمام من خلال بنية هرمية من الألياف النانوية، والتي يتم تحديدها بواسطة سقالة ليفي كولاجين صلبة مدمجة في مصفوفة الإيلاستين المتشابكة الناعمة. ولا تلتئم هاتان المرحلتان بمساعدة الخلايا الليفية الجلدية عند الجرح فحسب، بل تضفي أيضًا صلابة عالية جدًا للكسر على جلد الإنسان عن طريق تثبيت الضرر في الألياف النانوية الصلبة للكولاجين».
واستلهامًا من البنية الطبيعية للبشرة، شرع الباحثون في تصميم جلد صناعي جديد يعتمد على شبكة نانوية ذاتية الشفاء ومصفوفة أيونية يمكنها تكرار وظائف الكولاجين والإيلاستين على التوالي. وقد نتج عن ذلك مادة شبيهة بالجلد تكون ناعمة ولكنها تصبح صلبة عند شدها، وهي خاصية تعرف باسم «التقوية بالتوتر».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجلد الصناعي الجديد أن يشفي نفسه بشكل مستقل بعد تعرضه للتلف، وهو مقاوم للتعب ويستجيب بسرعة لتشوهات الشكل؛ وهذا أمر مرغوب فيه بشكل خاص لتطبيقات الاستشعار.
ويؤكد صن «استيحاء من البنية الليفية النانوية القابلة للإصلاح للبشرة أنشأنا جلدًا أيونيًا صناعيًا من خلال دمج سقالة شبكية نانوية مرنة قابلة للشفاء ذاتيًا في مصفوفة أيونية ناعمة أخرى قابلة للشفاء ذاتيًا. وتم إنتاج الشبكة النانوية عن طريق الغزل الكهربائي للبولي يوريثين الصناعي الذي يمكن أن يشفي ذاتيًا عن طريق تبادل رابطة ثاني كبريتيد في درجة حرارة الغرفة. وقد تم تصنيع المصفوفة الأيونية عن طريق تبخير المحلول المائي لبولي (حمض أكريلاميد - أكريليك) وحمض الهيالورونيك و CaCl2 ، والتي يمكن أن تلتئم بمساعدة الترطيب. وبسبب قابلية المادتين الأم للشفاء يمكن للجلد الأيوني الهجين أيضًا أن يشفي الأضرار في غضون فترة زمنية قصيرة».
جدير بالذكر، يتميز الجلد الصناعي الجديد الذي ابتكره صن وزملاؤه ببنية فريدة من نوعها مرنة ونانوية ليفية تجعله شديد المقاومة للتعب. وبشكل أكثر تحديدًا، يمكن لألياف البولي يوريثان النانوية المدمجة أن تغطي أطوال نقل القوة الكبيرة، وبالتالي تخفف الشقوق وتمنعها من الانتشار.
وفي التقييمات الأولية، حقق نظام الجلد الصناعي نتائج واعدة للغاية؛ فقد وجد الفريق أنه حتى مع وجود شق مقطوع مسبقًا، ظل الأيوني الهجين سليمًا لأكثر من 10000 دورة تمدد. وان عتبة التعب المحسوبة للجلد الأيوني الهجين ~ 2950 Jm-2 ، أي أعلى مرتين تقريبًا من العضلات البشرية (1000 J m-2).
وفي هذا الاطار، يبين صن «ان النعومة وقابلية التمدد هما أهم خواص ميكانيكية لمواد استشعار الجلد. لكن مع ذلك، غالبًا ما تؤدي تصميمات المواد التقليدية للنعومة والمط إلى المتانة المنخفضة، والتي تتعارض مع عمر خدمة الجلود الأيونية. ولقد عالجنا هذه المشكلة من خلال إنتاج جلد أيوني هجين يحاكي البنية الليفية النانوية للجلد البشري».
ويعد النظام الشبيه بالجلد الذي أنشأه فريق الباحثين من بين أوائل الجلود الصناعية التي ليست فقط ناعمة وقابلة للتمدد، ولكنها أيضًا ذات شفاء ذاتي ومقاومة للإرهاق بشكل موثوق. وفي المستقبل، يمكن استخدام التصميم الذي اقترحه صن وزملاؤه لإنشاء هياكل قوية أخرى موصلة للأيونات بناءً على تركيبات المواد الأخرى.
وبينما ان نظام الجلد الصناعي يساعد في تطوير روبوتات بشرية تكون أكثر مقاومة للإجهاد وأداء أفضل ولا تتضرر بسهولة بمرور الوقت. حقق الجلد الأيوني الجديد للفريق نتائج ملحوظة حتى الآن، إلا أنه لا يزال يعاني من بعض القيود الملحوظة والتي يأمل صن وزملاؤه في النهاية التغلب عليها.
وختم صن بالقول «لأننا استخدمنا هيدروجيل استرطابي كمصفوفة أيونية، فإن الاستقرار البيئي ضعيف نسبيًا، خاصة في ظروف تغير الرطوبة... ففي الظروف البيئية شديدة الجفاف ستصبح المصفوفة الأيونية قاسية بفقدان الماء، وسيكون من الصعب أيضًا إدراك قدرة الجلد على الشفاء الذاتي. وللتغلب على هذا الحد، نحن الآن متحمسون لإنتاج جلود أيونية أكثر قوة يمكنها العمل بشكل موثوق في ظروف قاسية مثل درجات الحرارة المنخفضة والعالية أو تحت الماء أو في الفراغ أو في وجود مواد قابلة للتآكل. سيكون هذا مفيدًا جدًا للروبوتات اللينة التي من المتوقع أن تعمل في بيئات أكثر تعقيدًا وتغيرًا من تلك التي يعيش فيها البشر».


مقالات ذات صلة

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

الاقتصاد مقر هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في الرياض (الموقع الإلكتروني)

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

بدأ تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق، لتكون من نوع «USB Type - C».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثل في مصطبة لطبيب ملكي لدى الدولة المصرية القديمة، تحتوي نقوشاً ورسوماً «زاهية» على جدرانها، بالإضافة إلى الكثير من أدوات الطقوس والمتاع الجنائزي.

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، كشفت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية المشتركة التي تعمل في جنوب منطقة سقارة الأثرية، وتحديداً في مقابر كبار رجال الدولة القديمة، عن مصطبة من الطوب اللبن، لها باب وهمي عليه نقوش ورسومات «متميزة»، لطبيب يُدعى «تيتي نب فو»، عاش خلال عهد الملك بيبي الثاني، ويحمل مجموعة من الألقاب المتعلقة بوظائفه الرفيعة، من بينها: «كبير أطباء القصر»، و«كاهن الإلهة سركت»، و«ساحر الإلهة سركت»، أي المتخصص في اللدغات السامة من العقارب أو الثعابين وعظيم أطباء الأسنان، ومدير النباتات الطبي.

جدران المصطبة تتضمّن نقوشاً ورموزاً جنائزية بألوانها الزاهية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعد هذا الكشف إضافة مهمة إلى تاريخ المنطقة الأثرية بسقارة، ويُظهر جوانب جديدة من ثقافة الحياة اليومية في عصر الدولة القديمة من خلال النصوص والرسومات الموجودة على جدران المصطبة، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد.

من جانبه، أوضح رئيس البعثة، الدكتور فليب كولمبير، أن المصطبة تعرّضت للسرقة في عصور سابقة، حسب ما ترجح الدراسات الأولية، لكن الجدران ظلّت سليمة وتحمل نقوشاً محفورة ورسوماً رائعة الجمال، ونقشاً على أحد جدران المقبرة على شكل باب وهمي ملون بألوان زاهية. كما توجد مناظر للكثير من الأثاث والمتاع الجنائزي، وكذلك قائمة بأسماء القرابين، وقد طُلي سقف المقبرة باللون الأحمر تقليداً لشكل أحجار الغرانيت، وفي منتصف السقف نقش يحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة.

رموز ورسوم لطقوس متنوعة داخل المصطبة (وزارة السياحة والآثار)

بالإضافة إلى ذلك عثرت البعثة على تابوت حجري، الجزء الداخلي منه منقوش بالكتابة الهيروغليفية يكشف اسم صاحب المقبرة.

وكانت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية قد بدأت أعمال الحفائر في الجزء الخاص بمقابر موظفي الدولة، خلف المجموعة الجنائزية للملك بيبي الأول، أحد حكام الأسرة السادسة من الدولة القديمة، وتلك الخاصة بزوجاته في جنوب منطقة آثار سقارة، في عام 2022.

وكشفت البعثة قبل ذلك عن مصطبة للوزير وني، الذي اشتهر بأطول سيرة ذاتية لأحد كبار رجال الدولة القديمة، التي سُجّلت نصوصها على جدران مقبرته الثانية الموجودة في منطقة أبيدوس بسوهاج (جنوب مصر).

ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذا الاكتشاف «يكشف القيمة التاريخية والأثرية لمنطقة سقارة التي كانت مركزاً مهماً للدفن خلال عصور مصر القديمة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المصطبة المكتشفة تعود إلى طبيب ملكي يحمل لقب (المشرف على الأطباء)، كان يخدم البلاط الملكي في الأسرة الخامسة (تقريباً في الفترة ما بين 2494 و2345 قبل الميلاد)، وجدران المصطبة مزينة بنقوش زاهية الألوان تجسّد مشاهد يومية وحياتية وأخرى جنائزية؛ مما يوفّر لمحة عن حياة المصريين القدماء واهتماماتهم بالموت والخلود».

ويضيف العالم المصري أن المصاطب تُعد نوعاً من المقابر الملكية والنخبوية التي ظهرت خلال بدايات عصر الأسرات الأولى، قبل ظهور الشكل الهرمي للمقابر.

المصطبة المكتشفة حديثاً في سقارة (وزارة السياحة والآثار)

وتضم النقوش داخل المصطبة صوراً للطبيب الملكي وهو يمارس مهامه الطبية، إلى جانب مناظر تعكس الحياة اليومية مثل الصيد والزراعة، ويلفت عبد البصير إلى أن «النقوش تحتفظ بجمال ألوانها المبهجة؛ مما يدل على مهارة الفنانين المصريين القدماء وتقنياتهم المتقدمة».

ويقول الدكتور حسين إن هذا الاكتشاف يعزّز فهمنا لتاريخ الدولة القديمة، ويبرز الدور المحوري الذي لعبته سقارة مركزاً دينياً وثقافياً، مؤكداً أن هذا الاكتشاف «يُسهم في جذب مزيد من الاهتمام العالمي للسياحة الثقافية في مصر، ويُعد حلقة جديدة في سلسلة الاكتشافات الأثرية التي تُعيد إحياء تاريخ مصر القديمة وتُظهر للعالم عظمة هذه الحضارة».

تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة والآثار أعلنت قبل يومين اكتشاف 4 مقابر يعود تاريخها إلى أواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة، في منطقة سقارة بالجيزة، وأكثر من 10 دفنات من عصر الأسرة الـ18 من الدولة الحديثة.