سيكون نحو 300 مقاتل لبناني سابق من الّذين قاتلوا في سوريا، يريدون العودة إلى لبنان، من أصل 800 إلى 1000 شخص من لبنان انضمّوا إلى التنظيمات المتطرفة في سوريا، فيما مات الآخرون أو ما زالوا يقاتلون، حسب تقديرات الدوائر الحكوميّة اللبنانية، هذا دون احتساب «60 إلى 70 لبنانياً»، معظمهم من النساء والأطفال، ما زالوا محتجزين في مخيمي الهول والروج شمال شرقي سوريا، حيث علق نحو 60 ألف شخص في الحرب ضد تنظيم «داعش»، وفق تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسيّة.
وقال المحامي محمد صبلوح، الذي يدافع عن موكليه الذين قاتلوا في سوريا: «في الأشهر الأخيرة، ازدادت عمليات العودة».
ووفقاً للمركز الدولي لدراسة التطرّف، يتردّد لبنان في إعادة المقاتلين السابقين في التنظيمات المتطرفة وعائلاتهم، وقد تمّ إبرام بروتوكول رسمي لإعادة أربعة عشر منهم فقط، من بينهم امرأة وخمسة أطفال.
ويلاحظ صبلوح: «في الواقع، هناك المزيد منهم (من الذين قاتلوا في سوريا) يريدون العودة، لكنّهم يعودون بمفردهم»، مضيفاً: «الدولة لا تحصيهم، وتدير ملفهم على أساس كل حالة على حدة عندما يعلن المقاتلون عن أنفسهم».
ويقول قاضٍ سابق في المحاكم العسكرية اللبنانية المختصّة بهذه القضايا: «يجب محاكمة جرائم الإرهاب»، مضيفاً أنّ عودة «الجهاديين» تمثّل «خطراً أمنياً كبيراً، سواء كانوا مقاتلين متمرسين أو حتى زوجاتهم أو كانوا قاصرين».
ويشير القاضي العسكري السابق إلى أنّ رفض معالجة أكثر عموميّة لملفّ المقاتلين اللبنانيين في سوريا، هو تعبير عن مشكلة «سياسية للغاية وبالتالي مذهبية».
ويشير التقرير في هذا الإطار إلى أنّ «حزب الله» جنّد عدّة آلاف من الشيعة من أجل حماية نظام بشار الأسد، وفي ذروة القتال، تمّ على الأرجح نشر ما بين 7 آلاف و8 آلاف رجل من وحدة النخبة «الرضوان» (التابعة ﻟ «حزب الله») في سوريا.
وعن مقاتلي «حزب الله»، تقول هدى الرفاعي، العاملة الاجتماعيّة في الأحياء المحرومة في طرابلس، إنّه «على عكس الشباب السنة الذين يعودون (إلى لبنان من سوريا) مبدين خجلاً وندماً ويقضون سنوات عدّة في السجن، يُحتفل بالمقاتلين الشيعة في محيطهم ويعودون أحراراً»، لافتة إلى أن من شأن ذلك أن يبقي «استياءً شديداً داخل المجتمع السني (اللبناني)».
ويلاحظ الباحث والأكاديمي اللبناني هشام بو ناصيف في دراسة له، أنّ «تورّط سنة لبنانيين في الحرب السورية مرتبط بشكل أساسي بهذا الشعور الجماعي بالضحية، فالدوافع الاقتصادية والإحباطات الاجتماعية والمعتقدات الدينية هي عوامل مهمة، لكنها غير كافية لوحدها لتفسير قرارهم بالذهاب والقتال».
ويحذّر التقرير من أنّ الخطر يكمن في سوء معاملة هؤلاء الشبّان، مما يدفعهم لمغادرة لبنان، «فقبل بضعة أشهر، فضّل مائة شاب من طرابلس، لم تظهر على معظمهم أي علامات التطرف، الانضمام إلى (داعش) في العراق بدلاً من أن يتمّ القبض عليهم».
ولأنها تتفهم هذا الخطر، أنشأت ليا بارودي، مؤسسة جمعية «مارش»، التي تُعنى بخلق التسامح وتعزيز التنوّع وحرية التعبير في لبنان، البرنامج الوحيد، بحسب التقرير، الّذي يُعنى بمكافحة التطرّف وإعادة إدماج المقاتلين السابقين في البلد، والذي شارك فيه 237 مقاتلاً سابقاً منذ إطلاق البرنامج في عام 2017.
تشرح بارودي: «علينا أن نوازن بين احتياجات المجتمع، ولا سيما فيما يتعلّق بالأمن، وتطلّعات هؤلاء الأفراد»، مضيفة أنّه إذا استمرّ المقاتلون السابقون بالعيش في خوف بعد انقضاء عقوبتهم، من دون نقود أو حياة اجتماعية، فإنّ الخطر يكمن في أنّ عدداً أقلّ منهم سينظر في العودة إلى لبنان، أو أنّهم سيختارون المغادرة من جديد.
300 لبناني قاتلوا في سوريا يعتزمون العودة إلى بلادهم
300 لبناني قاتلوا في سوريا يعتزمون العودة إلى بلادهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة