العراق يضبط مواقيته على «ساعة الصدر»

شارع يافا عند مدخل المنطقة الخضراء (رويترز)
شارع يافا عند مدخل المنطقة الخضراء (رويترز)
TT

العراق يضبط مواقيته على «ساعة الصدر»

شارع يافا عند مدخل المنطقة الخضراء (رويترز)
شارع يافا عند مدخل المنطقة الخضراء (رويترز)

في ذروة التهيئة للانتخابات البرلمانية العام الماضي والتي وصفت آنذاك بالمبكرة، قرر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من الانتخابات، وإغلاق مقرات الهيئة السياسية للتيار وجميع المؤسسات التابعة لها، ما عدا مرقد والده المرجع الراحل محمد صادق الصدر (اغتيل عام 1999 مع ولديه) والمتحف الخاص به.
وتدرك القوى السياسية أنه دون مشاركة الصدر وتياره العريض في الانتخابات فإن المعادلة السياسية لن تستقيم في البلاد الأمر الذي جعلها تطلب منه العدول عن قرار الانسحاب.
وبعد ضغوط ومطالبات، عاد الصدر فعلاً إلى المشاركة في الانتخابات في الأيام الأخيرة قبل إغلاق باب الدعاية الانتخابية ليكتسح النتائج بحصوله على المرتبة الأولى فيها (73 نائبا). في مقابل ذلك فإن كل خصومه الشيعة الذين جمعوا أنفسهم تحت مظلة اسمها «الإطار التنسيقي» (يضم «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و»الفتح» بزعامة هادي العامري، و»العصائب» بزعامة قيس الخزعلي، و»تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و»ائتلاف النصر» بزعامة حيدر العبادي) حققوا نحو 80 مقعداً. وبينما كان الصدر أراد تشكيل حكومة أغلبية وطنية وشكل تحالفاً من الكرد (الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني) وتحالف السيادة السني بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان ورجل الأعمال خميس الخنجر، فإن خصومه في قوى الإطار التنسيقي شكلوا ما سمي (الثلث المعطل) الذي حال دون تمكن تحالفه من انتخاب مرشحه لرئاسة الجمهورية. وبينما استمر المشهد في التعقيد بعد أن رمى الجميع الكرة في ملعب القضاء بعد 9 شهور من الفشل في تشكيل الحكومة، فإن المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى وجدا نفسيهما بين مطرقة التيارالصدري وسندان الإطار التنسيقي وهو ما دفع الصدر ليس إلى الإنسحاب هذه المرة وإنما إعتزال العمل السياسي ككل.
قرار الصدر وإن كان مفاجئاً على خلفية رسالة المرجع الشيعي كاظم الحائري المقيم في قم بإيران الذي يقلده الصدريون بعد اغتيال مرجعهم السابق محمد محمد صادق الصدر، فإن أسبابه الحقيقية بدأت منذ عدم تمكنه من تشكيل حكومة الأغلبية.
خصوم الصدر الذين يتندرون أحياناً بكثرة انسحاباته ومن ثم عودته إلى المشهد ثانية، بدا لهم الأمرهذه المرة مختلفاً نظراً للتصادم الحاد بين رؤية الصدر من جهة ورؤية خصومه من جهة أخرى. وكان الصدر سحب وزراءه عام 2006 في زمن حكومة نوري المالكي، وفي عام 2014 سحب نفسه من رعاية كتلة الأحرار الصدرية. لكنه عاد إلى انتخابات عام 2018 حيث شكل كتلة «سائرون» التي فازت حصلت في تلك الانتخابات على 54 مقعداً مقابل 48 مقعدا لكتلة الفتح بزعامة هادي العامري. ورغم التنافس بين الطرفين عبر تحالفي البناء الذي كان يضم الفتح مع قوى برلمانية أخرى سنية وشيعية، والإصلاح الذي يضم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقوى سنية وشيعية أخرى، فإن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها الكثيرون هي الاتفاق بين الصدر والعامري على تشكيل حكومة عادل عبد المهدي التي لم تتمكن من الصمود بعد اندلاع انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019.
عودة الصدر الجديدة ومشاركته في انتخابات عام 2021 شكلت مفاجأة أخرى وهي فوزه الكبير الذي لم يتمكن من خلاله تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية وهوما جعله يعلن اعتزاله العمل السياسي، وبالتالي دفع إلى تعقيد المشهد عبر اقتتال شيعي ـ شيعي أضطر الصدر ثانية إلى إنهائه حين أمر أتباعه بإنهاء الاعتصام في غضون ساعة. وفي هذا السياق يقول الدكتور غالب الدعمي أستاذ الإعلام في جامعة أهل البيت لـ«الشرق الأوسط» إن «المشهد السياسي العراقي بدا وكأنه مرسوم حتى قبل سنوات طويلة تعود إلى عام 2010 وذلك لجهة إمكانية حصول قتال شيعي ـ شيعي بدأ بإطلاق رصاص بين أكثر من طرف وهو ما من شأنه أن يزيد المشهد تعقيدا». وأضاف الدعمي أن «كلتا الجهتين تملك سلاحاً وجمهوراً وبالتالي فإن الموقف يحتاج إلى اتخاذ موقف قوي من قبل قيادة التيار الصدري وكذلك قيادة الإطار التنسيقي لوأد هذه الفتنة والتوجه نحو حل جذري يتمثل من وجهة نظري بحل البرلمان والاتفاق على إجراء انتخابات مبكرة ومحاسبة الفاسدين وهو المطلب الرئيسي للتيار الصدري وقائده السيد مقتدى الصدر».
وأوضح أنه «كان بالإمكان عدم الوصول إلى هذه اللحظة لو تمت الاستجابة إلى بعض مطالب الصدر والشروط التي وضعها لذلك». مشيرا إلى أن «تمسك بعض الأطراف بالبرلمان هو الذي أدى إلى انحدار الأمور نحو اقتتال بين إخوة في النهاية».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

مقتل أربعة من «فيلق الشام» في كمين بريف اللاذقية

عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)
عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)
TT

مقتل أربعة من «فيلق الشام» في كمين بريف اللاذقية

عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)
عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)

قُتل أربعة على الأقل من عناصر إدارة العمليات العسكرية في سوريا في كمين نصب لهم أمس السبت في ريف اللاذقية، معقل الرئيس المخلوع بشار الأسد.

في الأثناء، أعلن التحالف الذي تولى السلطة في دمشق وتقوده هيئة تحرير الشام، أن «إدارة العمليات العسكرية ترسل تعزيزات عسكرية كبرى نحو أرياف اللاذقية وطرطوس وجبلة».

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل «أربعة مقاتلين على الأقل» من «فيلق الشام» في «اشتباكات عنيفة اندلعت في ريف اللاذقية بين مسلحين من فلول النظام السابق وعناصر من الفصيل».

وأشار المرصد إلى أن «الهجوم جاء نتيجة كمين مسلح نصبه المسلحون لمقاتلي الفيلق، قرب أوتستراد اللاذقية - جبلة»، قرب دارة لوسيم الأسد، واصفاً الأخير بأنه «قريب ماهر الأسد الذي كان يشرف على عمليات تصنيع وتجارة الكبتاغون»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولفت المرصد إلى أن الاشتباكات جاءت «عقب توجه الفيلق إلى ثكنة عسكرية كانت سابقاً لقوات النظام البائد في قرية الحكيم التابعة لمنطقة المزيرعة بريف اللاذقية بهدف ضبط عمليات سرقة سلاح كانت تحدث في الثكنة من قبل فلول النظام».

وأكد مصدر في «فيلق الشام» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «لصوصاً مسلحين» أطلقوا النار على مقاتلي الفيلق الذين كانوا «يسيّرون دورية» أمنية، مما أسفر عن مقتل أربعة منهم.

وجاء في تنويه نشرته القيادة العامة لتحالف الفصائل على منصة «تلغرام» أن «القوات الموجودة في اللاذقية تعمل على معالجة الوضع ومحاسبة المرتكبين بأسرع وقت وبكل حزم»، مذكّرةً بأنه «يُمنع منعاً باتاً حمل الأسلحة في مدينة اللاذقية، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أي مخالف».

ولفت المرصد إلى أن سكان المنطقة كانوا طلبوا السبت من السلطات الجديدة التدخل ضد من يرتكبون «أفعالاً تزعزع أمن المنطقة التي تتميز بوجود العديد من مكونات الشعب السوري».

والسبت أعلنت السلطات الجديدة تخصيص أرقام هاتفية للاتصال بها من أجل الإبلاغ عن حدوث أي طارئ في اللاذقية.

كما أصدرت بياناً حضّت فيه «كل من استولى على أي من الممتلكات العامة سواء كانت عسكرية أو خدمية أن يبادر بتسليم ما أخده إلى أقرب مركز شرطة خلال مدة أقصاها سبعة أيام من تاريخ صدور هذا البلاغ».

وهي كانت قد دعت (الثلاثاء) جميع التشكيلات العسكرية والمدنيين في منطقة الساحل السوري، إلى «عدم مصادرة أية معدات أو أسلحة أو مركبات عامة لأي شخص»، وذلك «تحت طائلة المساءلة والعقوبة».