رحلة في تاريخ زابوريجيا... بوابة السيطرة على جنوب أوكرانيا

حامية انتصارات الإمبراطورة كاترين الثانية وعقدة المواصلات والتجارة

رجل يستمتع ببحر آزوف على شاطئ بمنطقة زابوريجيا الأوكرانية (إ.ب.أ)
رجل يستمتع ببحر آزوف على شاطئ بمنطقة زابوريجيا الأوكرانية (إ.ب.أ)
TT

رحلة في تاريخ زابوريجيا... بوابة السيطرة على جنوب أوكرانيا

رجل يستمتع ببحر آزوف على شاطئ بمنطقة زابوريجيا الأوكرانية (إ.ب.أ)
رجل يستمتع ببحر آزوف على شاطئ بمنطقة زابوريجيا الأوكرانية (إ.ب.أ)

يحبس العالم أنفاسه في هذه الأيام وهو يراقب الصراع القائم حول محطة زابوريجيا الكهروذرية.
والحديث عن اقتراب المنطقة من حافة «كارثة نووية» لا تقتصر تداعياتها على أوكرانيا وروسيا، بل يمكن أن تجتاح بلدان القارة الأوروبية، بات الأكثر تداولاً على خلفية الاتهامات المتداولة بين الطرفين الروسي والأوكراني بشأن الاستهدافات المتكررة للمنطقة، بالصواريخ وقذائف المدفعية. لكن، خلف استخدام تهمة «الابتزاز النووي»، وفقاً لتعبير الرئيس فولوديمير زيلينسكي تارة متهماً الروس، ووفقاً لبيان الخارجية الروسية في أحيان أخرى، ضد الأوكرانيين، تبقى حقيقة أن الصراع على زابوريجيا أوسع نطاقاً وأبعد مدى، لجهة الرمزية التاريخية لهذه المنطقة، ثم لجهة كونها البوابة الأساسية لإحكام السيطرة على وسط وجنوب أوكرانيا.
https://twitter.com/officejjsmart/status/1560554037916884992
بهذا المعنى فإن لعبة شد الحبل حول المحطة الكهروذرية التي يتم استخدامها بقوة حالياً، لا تزيد على كونها جزءاً من الصراع، تبرز فيه ورقة مهمة، تشكل مصدر رعب للعالم، وتتصدر عناوين التغطيات في الصحف العالمية.
لطالما قال مؤرخون إن من يسيطر على زابوريجيا يمتلك مفاتيح السيطرة على كل الجنوب الأوكراني ويفتح الطريق نحو روسيا. لذلك كان من الطبيعي أن تشكل معركة السيطرة على زابوريجيا صفحة مهمة في الصراع الجاري.

ويكفي إلقاء نظرة عابرة على تاريخ المنطقة لمعرفة مكانتها في الرواية التي تأخذ الصراع في أوكرانيا إلى عهود قديمة؛ فالمدينة تقوم اليوم مكان أول وجود في التاريخ القديم على ضفاف نهر دنيبر يعود إلى العصر الحجري الأوسط.
ورغم أنها تأسست رسمياً في الحدود التقريبية التي نعرفها حالياً في عام 1770، عندما أُقيمت قلعة ألكسندر لتكون حامية كبرى ظهرت حولها لاحقاً مظاهر الحياة المدنية، لكن التاريخ ترك فيها شواهد تعود إلى الإمبراطور البيزنطي قسطنطين السابع بورفيروجنيتوس، وكان أول ذكر مكتوب للمستوطنات القائمة على ضفتي نهر دنيبر وجزيرة خورتيتسيا الاستراتيجية التي تقع في وسط زابوريجيا حالياً، يعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، حيث امتلك السكيثيون منطقة شمال البحر الأسود. وعبر قرون توالى عليها الغزاة حتى وقعت في القرن الميلادي الثامن في يد قبائل الخزر.

لكن الحضور الروسي في المنطقة بدأ فعلياً في القرن السادس عشر عندما أسس أمير فولين دميتري فيشنفيتسكي قلعة خشبية وترابية.
وفي عام 1764، في السنة الثانية من عهد الإمبراطورة كاترين الثانية، تم تشكيل مقاطعة نوفوروسيسك، التي تحولت داخل حدودها إلى منطقة زابوريجيا الحديثة بأكملها. مع بداية الحرب ضد الدولة العثمانية عام 1768، أصبح من الضروري حماية الحدود الجنوبية للمقاطعة من خانية القرم. في بداية عام 1769، صد الجيش الثاني للجنرال ألكسندر روميانتسيف غزو تتار القرم ووصل إلى ساحل بحر آزوف. بعد ذلك، في عام 1770، قررت الإمبراطورة بناء سبع قلاع من متحدرات دنيبر إلى بحر آزوف - خط دنيبر الدفاعي. وفقاً للخطط، كان من المفترض أن يحمي الخط المنطقة من هجمات التتار، ومن ناحية أخرى، لضمان تعزيز سيطرة الإمبراطورية الروسية على أراضي مناطق الجنوب الأوكراني حالياً.
لا يوجد اتفاق على أسباب تسمية قلعة ألكسندر بهذا الاسم، وأهمية ذلك أنها تعد الرمز الأساسي للوجود الروسي في المنطقة. هناك من يقول إنها حملت اسم الجنرال الذي طرد تتار القرم، بينما تشير روايات إلى أن كاترين الثانية أطلقت على القلعة هذا الاسم تكريماً للقديس، الذي ورد اسمه في التقويم الكنسي للنصف الأول من عام 1770.

بحلول عام 1775، تم الانتهاء من بناء القلعة. كانت القلعة نقطة محصنة قوية إلى حد ما، تغطي مساحة تبلغ نحو 105 فدادين (130 هكتاراً).
ومنذ بداية وجود قلعة ألكسندر استقر في الضواحي البناة الفلاحون والمدانون والعاملون الذين يخدمون القلعة والجنود المتقاعدون.
بعد ضم خانات القرم إلى الإمبراطورية الروسية في عام 1783. تقلصت أهمية خط الحماية الرئيسي على ضفاف دنيبر لكن أكبر قلعتين (ألكسندر وبيتروفسكايا) حافظتا على الأهمية العسكرية في عهد كاترين الثانية.
بحلول عام 1806، نمت قلعة ألكسندر لتصبح بلدة ألكسندروفسك في مقاطعة يكاترينوسلاف. وتم اختيار برلمان واستحداث مكتب بريد فيها. ومع حلول نهاية القرن، وفقاً لتعداد عام 1897، كان يعيش في المدينة نحو 20 ألف نسمة نصفهم من الأوكرانيين، يليهم اليهود ثم الروس الذين بلغ تعدادهم نحو 4600 نسمة.
وفي عام 1921، تحولت مدينة ألكسندروفسك إلى زابوريجيا، ويعني الاسم «الواقعة خلف المتحدر» لتغدو مدينة كبرى على نهر دنيبر وأهم المراكز الإدارية والصناعية والثقافية في جنوب أوكرانيا لاحقاً.
وفقاً لتقديرات مراكز روسية بلغ عدد السكان في مطلع عام 2022 نحو 700 ألف نسمة، بينهم 75 في المائة من الأوكرانيين، ونحو ربعهم من الروس. وتعد المدينة الاستراتيجية حالياً ميناءً نهرياً وتقاطعاً مهماً لسكك الحديد التي تربط مناطق الجنوب والوسط والشرق. وهي رابع أكبر مركز صناعي في أوكرانيا مع تطور صناعات الهندسة الميكانيكية والتعدين والصناعات الكيماوية والبناء.
ومع احتفاظ المنطقة بالرمزية التاريخية المهمة؛ كونها ترتبط بفتوحات الإمبراطورة كاترين الثانية التي استولت على القرم ووسعت حدود الإمبراطورية الروسية من حول شبه الجزيرة لتحصنها، فإن هذه الرمزية تنعكس بشكل مباشر على الصراع القائم حالياً؛ إذ تُعدّ السيطرة على زابوريجيا عنصراً مهماً في تعزيز القبضة على كل المناطق المحيطة وضمان أمن القرم ومناطق دونباس كلها. تقع إلى الشرق من زابوريجيا دونيتسك، وفي الجنوب الشرقي ماريوبول المدينة الاستراتيجية بالميناء الأهم على بحر ازوف. وفي الجنوب خيرسون التي تعد نقطة الربط الأساسي برياً مع شبه جزيرة القرم. وفي الجنوب الغربي نيكولايف التي تفتح السيطرة عليها الطريق نحو إحكام القبضة على موانئ البحر الأسود وصولا إلى أوديسا في أقصى جنوب غربي البلاد.
إنها عقدة المواصلات وبوابة السيطرة، فضلاً عن كونها المجمع الصناعي التجاري الأكثر أهمية على نهر دنيبر.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: واشنطن لم تخطرني بالتسريبات الاستخباراتية

الولايات المتحدة​ زيلينسكي: واشنطن لم تخطرني بالتسريبات الاستخباراتية

زيلينسكي: واشنطن لم تخطرني بالتسريبات الاستخباراتية

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لصحيفة «واشنطن بوست»، إن الحكومة الأميركية لم تُبلغه بنشر المعلومات الاستخباراتية ذات الأصداء المدوِّية على الإنترنت. وأضاف زيلينسكي، للصحيفة الأميركية، في مقابلة نُشرت، أمس الثلاثاء: «لم أتلقّ معلومات من البيت الأبيض أو البنتاغون مسبقاً، لم تكن لدينا تلك المعلومات، أنا شخصياً لم أفعل، إنها بالتأكيد قصة سيئة». وجرى تداول مجموعة من وثائق «البنتاغون» السرية على الإنترنت، لأسابيع، بعد نشرها في مجموعة دردشة على تطبيق «ديسكورد». وتحتوي الوثائق على معلومات، من بين أمور أخرى، عن الحرب التي تشنّها روسيا ضد أوكرانيا، بالإضافة إلى تفاصيل حول عمليات التجسس الأميرك

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الجيش الأوكراني: تدمير 15 من 18 صاروخاً أطلقتها القوات الروسية

الجيش الأوكراني: تدمير 15 من 18 صاروخاً أطلقتها القوات الروسية

أعلن الجيش الأوكراني أن فرق الدفاع الجوي دمرت 15 من 18 صاروخا أطلقتها القوات الروسية في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، فيما كثفت موسكو الهجمات على جارتها في الأيام القليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم حريق بخزان وقود في سيفاستوبول بعد هجوم بمسيّرة

حريق بخزان وقود في سيفاستوبول بعد هجوم بمسيّرة

قال حاكم سيفاستوبول الذي عينته روسيا إن النيران اشتعلت اليوم (السبت) في خزان وقود في المدينة الساحلية الواقعة في شبه جزيرة القرم فيما يبدو أنه ناجم عن غارة بطائرة مسيرة، وفقاً لوكالة «رويترز». وكتب الحاكم ميخائيل رازفوجاييف على تطبيق «تيليغرام» للمراسلة، «وفقا للمعلومات الأولية، نتج الحريق عن ضربة بطائرة مسيرة». وتعرضت سيفاستوبول، الواقعة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، لهجمات جوية متكررة منذ بدء غزو روسيا الشامل لجارتها في فبراير (شباط) 2022. واتهم مسؤولون روس كييف بتنفيذ الهجمات. ولم يرد الجيش الأوكراني على الفور على طلب للتعليق اليوم.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم بعد مقتل 25 بقصف روسي... زيلينسكي يطالب بدفاعات جوية أفضل

بعد مقتل 25 بقصف روسي... زيلينسكي يطالب بدفاعات جوية أفضل

طالب الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بالحصول على مزيد من الأسلحة للدفاع عن بلاده بعد موجة من الهجمات الصاروخية الروسية التي استهدفت مواقع سكنية، مما أسفر عن مقتل 25 شخصا، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وقال زيلينسكي في رسالة فيديو مساء أمس (الجمعة) «الدفاع الجوي، قوة جوية حديثة - من دونها يستحيل الدفاع الجوي الفعال - مدفعية ومركبات مدرعة... كل ما هو ضروري لتوفير الأمن لمدننا وقرانا في الداخل وفي الخطوط الأمامية». وأشار زيلينسكي إلى أن الهجوم الذي وقع بمدينة أومان، في الساعات الأولى من صباح أمس، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 23 شخصا، من بينهم أربعة أطفال.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».