أخطر قيادات «القاعدة» بين الفارين من سجن صنعاء المركزي

تمكنوا من الهرب عبر فتحة أحدثها تفجير سيارة مفخخة في سور السجن

فتحة في جدار سجن صنعاء المركزي هرب منها قيادات {القاعدة} أول من أمس (أ.ف.ب)
فتحة في جدار سجن صنعاء المركزي هرب منها قيادات {القاعدة} أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أخطر قيادات «القاعدة» بين الفارين من سجن صنعاء المركزي

فتحة في جدار سجن صنعاء المركزي هرب منها قيادات {القاعدة} أول من أمس (أ.ف.ب)
فتحة في جدار سجن صنعاء المركزي هرب منها قيادات {القاعدة} أول من أمس (أ.ف.ب)

كشفت السلطات الأمنية اليمنية، عن فرار 21 سجينا، يوصفون بأنهم أخطر عناصر «القاعدة»، في الهجوم الذي استهدف السجن المركزي بصنعاء، الخميس، وقتل فيه ثمانية جنود، ومواطنان.
وأعلنت وزارة الداخلية في بيان نشرته وكالة الأنباء الحكومية، في وقت متأخر من مساء، يوم الهجوم، أن 29 سجينا، من المدانين في قضايا إرهابية وجنائية مختلفة، تمكنوا من الفرار عبر فتحة أحدثها انفجار السيارة المفخخة في سور السجن، موضحة أن «19 من السجناء الفارين من العناصر المتهمة بجرائم إرهابية».
وأفاد مسؤول في مصلحة السجون بأن الهجوم أسفر عن مقتل عشرة، هم ضابط وسبعة جنود من قوات الأمن ومواطنان، فيما لم يذكر أي معلومات حول سقوط قتلى أو جرحى من جانب المهاجمين.
واستنفرت وزارة الداخلية، أجهزتها الأمنية، في معظم المحافظات، ودعت المواطنين، إلى مساعدتها في تعقب الفارين تمهيدا لضبطهم وإعادتهم إلى السجن، مشيرة إلى أنها ستنشر صور المتهمين عبر وسائل الإعلام.
وأوضح مصدر مسؤول بالداخلية، تفاصيل الهجوم على السجن، الذي يضم آلاف المساجين، ويقع بالقرب منه مقرات حكومية، بينها وزارة الداخلية، وقال إن «المجموعة الإرهابية قامت بتفجير السيارة المفخخة في الجهة الغربية من سور السجن قبالة مبنى رئاسة مصلحة السجون، مما أدى إلى إحداث فتحة قطرها نحو خمسة أمتار في جدار السجن، ومقتل حراسة بوابة رئاسة المصلحة، ثم قاموا بإطلاق عدة قذائف «آر بي جي»، وإطلاق النار من عدة أماكن على حراسات السجن المركزي.
وأشار إلى أن فرار السجناء كان نتيجة حالة الارتباك التي حدثت لدى انشغال حراسة السجن في التصدي للعناصر الإرهابية المهاجمة.
ونشرت وزارة الداخلية أسماء 29 شخصا، قالت إنهم فروا من السجن، منهم 21 عنصرا من تنظيم القاعدة، وتضمنت القائمة أسماء عناصر من «القاعدة» مسجلين ضمن أخطر أفراد التنظيم، ومحكوم عليهم بالإعدام، بينهم خبراء متفجرات، ومتهمون في محاولة اغتيال الرئيس عبد ربه منصور هادي، إضافة إلى متهمين بقتل قيادات أمنية، وشخصيات أجنبية.
ويخوض اليمن ضمن تحالف دولي حربا شرسة ضد «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، الذي استغل الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد، وضعف الحكومة المركزية، في شن عمليات كبيرة، أسفرت عن مقتل عشرات العسكريين.
وكانت أجهزة الأمن اليمنية ذكرت أن القوات اليمنية أحبطت، أول من أمس (الخميس)، هجوما شنته مجموعة مسلحة على السجن الذي يضم خمسة آلاف سجين، بحسب مسؤولين أمنيين، ويقع قبالة مبنى رئاسة مصلحة السجون.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اليمنية إنه «نتيجة لحالة الارتباك التي حدثت لدى انشغال حراسة السجن في التصدي للعناصر الإرهابية التي هاجمت السجن، تمكن 29 سجينا من المدانين في قضايا إرهابية وجنائية مختلفة من الفرار عبر الفتحة»، التي أحدثها الانفجار في سور السجن.
وقال اللواء محمد الزلب رئيس مصلحة السجون إن عدد القتلى 11 (سقط عشرة داخل مصلحة السجن بينهم عقيد، إضافة إلى جندي القوات الخاصة عند بوابة السجن). وتابع اللواء الزلب أن «عدد المهاجمين لا يقل عن 50 أو 60»، مشيرا إلى أنهم «عناصر من تنظيم القاعدة».
وأوضح أنهم «اقتحموا في البداية مصلحة السجون مقابل السجن، وقتلوا من كانوا فيه، ثم فجّروا سور السجن واقتحموه»، موضحا أنهم «حاصروا السجن من كل الجهات حتى من المباني المجاورة للسجن التي أطلقوا النار منها».
وأشار إلى أن «تنظيم القاعدة هم من هددوا في أكثر من مناسبة، لكن للأسف لم يستجب لنا أي مسؤول في الدولة لحماية السجن».
وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إن بين الذين فروا «ثلاثة عناصر خطرة في (القاعدة) من بينهم مبارك هادي علي مبارك الشبواني» الذي حكم عليه بالإعدام في 2010 لتورطه في هجمات ضد قيادات في الجيش والأمن.
من جهته، تحدث مصدر أمني آخر عن «تواطؤ» من الأمن الداخلي في السجن. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الذين فروا كانوا مزودين بهراوات وسلاح أبيض»، موضحا أن «شجارا حصل بين مساجين في نوفمبر (تشرين الثاني) كان مناورة لإخراجهم من العنابر التي كانوا فيها إلى مكان يبعد 20 مترا عن السور».
وأضاف أن «فريق التحقيق طالب حينذاك باستبدال مدير السجن المركزي، لكن هذا لم يحصل». ورأى مصدر أمني ثالث أن العملية بدأ التخطيط لها منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويقع هذا السجن على بعد 300 متر عن مقر المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الحوثية. وقال المصدر الأمني إنه «شوهدت أمس جماعات مسلحة من الحوثيين بكثافة في المنطقة».
وقام وزير الداخلية اللواء عبد القادر محمد قحطان بزيارة إلى السجن المركزي، عقب الهجوم مباشرة.
وكانت قوات الأمن أحبطت في أكتوبر (تشرين الأول) محاولة فرار نحو 300 سجين من تنظيم القاعدة تمردوا في سجن آخر في صنعاء. وأصيب عدد من الحراس والمعتقلين، لكن لم يسجل مقتل أي شخص.
وفي أغسطس (آب) توعد ناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي تعدّه الولايات المتحدة الفرع الأكثر خطورة لتنظيم القاعدة، بتحرير أنصاره المعتقلين في سجون اليمن. وقد فر هو نفسه من سجن في صنعاء في فبراير (شباط) 2006 مع 22 عضوا آخر في التنظيم الإرهابي.
واستفاد تنظيم القاعدة من ضعف السلطة المركزية في اليمن في 2011 إبان حركة الاحتجاج الشعبي ضد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، لتعزيز وجودها في البلد.



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».