جاء إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء أمس (الاثنين)، عن مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري (71 عاماً)، بغارة أميركية على كابل السبت الماضي، ليكتب نهاية واحد من أبرز قادة الإرهاب الدولي خلال العقود الأخيرة، والذي رغم انتمائه لأسرة مصرية من الطبقة المتوسطة، شغل أفرادها مناصب مرموقة في الدولة، إلا أن ازدهار «تيارات الإسلام السياسي» إبان نشأته، كان له «أكبر الأثر» في تحويل الجراح المصري، إلى إرهابي دولي، وصياغة مستقبله عبر مجموعة من المحطات.
ولد أيمن الظواهري، في حي المعادي بالقاهرة، في 19 يونيو (حزيران) 1951، لعائلة من الأطباء وأستاذة الجامعات، إذ كان والده محمد ربيع الظواهري طبيباً بارزاً وأستاذاً في جامعة القاهرة. وشغل جده الشيخ محمد الأحمدي الظواهري، منصب شيخ الأزهر، بينما تنحدر والدته أميمة عزام، من أسرة سياسية، وشغل والدها عبد الوهاب عزام، منصب رئيس جامعة القاهرة، في حين تولى عمها عبد الرحمن عزام أمانة جامعة الدول العربية من 1945 حتى 1952.
* «الإخوان» وسيد قطب
ورغم ما بدا أنها ظروف عائلية تؤهل لمستقبل جيد، فإن ميول أيمن الظواهري «المتطرفة» كانت قد بدأت في الظهور مبكرا، لترسم له مستقبلا آخرَ، ففي سن الخامسة عشرة، انخرط في تنظيم «الإخوان»، وأصبح «زعيمًا لمجموعة صغيرة من الطلاب الذين كانوا يطالبون بـإطاحة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر»، وفقا لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي. ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي أن "جماعة أنصار السنة المحمدية، هي التي شكلت فكر الظواهري الجهادي، منذ نشأته»ـ ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الجماعة كان لها أكبر الأثر في حياة الظواهري في ما بعد».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1554440627030413314?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1554440627030413314%7Ctwgr%5E43a154525ac7851cb6253e056f079686402e9e97%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=http%3A%2F%2Faawsat.prod.acquia-sites.com%2Fhome%2Farticle%2F3794076%2FD985D986-D8B3D98AD982D988D8AF-C2ABD8A7D984D982D8A7D8B9D8AFD8A9C2BB-D988D98AD8AED984D981-D8A7D984D8B8D988D8A7D987D8B1D98AD89F
أعجب الظواهري بأفكار سيد قطب، وكان يستشهد بها في كتاباته، وبعد إعدام الأخير في 1966، ساعد الظواهري مع أربعة طلاب في تشكيل خلية سرية بهدف قلب نظام الحكم و«إقامة دولة إسلامية». ويقول العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن «انضمام الظواهري لتنظيم الإخوان كان واحدة من أهم المحطات التي شكلت فكره في ما بعد، إذ اعتنق خلال فترة مبكرة من عمره فكر التنظيمات المسلحة»، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الجماعات الإسلامية كانت نشطة في ذلك الوقت، وعملت على استقطاب أبناء الطبقات الراقية والمتعلمة باعتبارهم الأقدر على إقناع الناس بأفكارهم».
* تنظيم «الجهاد»
انتماء الظواهري للتنظيمات الإسلامية لم يمنعه من إكمال دراسته الجامعية، فقد تخرج من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1974، وحصل على درجة الماجستير في الجراحة، مستكملا التقاليد العائلية في تأسيس عيادة في أحد ضواحي القاهرة، في الوقت الذي انضم فيه لتنظيم «الجهاد» منذ تأسيسه عام 1973.
في عام 1981، اعتقل الظواهري عقب اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، بتهمة المشاركة في الترتيب للاغتيال، وظهر في القفص وهو يهتف: «نحن مسلمون نؤمن بديننا ونسعى لإقامة الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي». لم تثبت التهمة بحقه كما يقول عكاشة، ليخرج الظواهري من السجن، ويسافر بعدها إلى أفغانستان وباكستان.
تولى الظواهري قيادة «حركة الجهاد الإسلامي»، بعد أن عادت للظهور عام 1993، وكان شخصية رئيسية وراء سلسلة من الهجمات التي شنتها الجماعة على وزراء في الحكومة المصرية، بمن في ذلك رئيس الوزراء عاطف صدقي. كما كان الظواهري ضالعاً في محاولة كبيرة لإقامة ما قيل إنه «دولة إسلامية» في البلاد خلال منتصف التسعينيات في أحدث دامية أسفرت عن «مقتل أكثر من 1200 مصري».
* الحرب السوفياتية - الأفغانية
شارك الظواهري في علاج اللاجئين المتضررين من الحرب السوفياتية- الأفغانية خلال وجوده في بيشاور عام 1980، وقام بعد رحلات على الحدود إلى أفغانستان حيث شاهد الحرب عن كثب.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1554437817094356992
وتقول بعض المصادر أن الظواهري سافر حول العالم خلال التسعينيات، من القرن الماضي، بحثا عن مصادر تمويل، بحثًا عن ملاذ ومصادر تمويل، ويروي البعض أنه عاش في بلغاريا والدنمارك وسويسرا، وفي عام 1993، سافر الظواهري الي الولايات المتحدة حيث ألقى الكثير من الخطب في مساجد بولاية كاليفورنيا تحت اسم مستعار هو «عبد المعز»، كما أمضى ستة أشهر في الحجز الروسي عام 1996، بعد أن قُبض عليه بدون تأشيرة صالحة في الشيشان، قبل أن ينتقل عام 1997، إلى مدينة جلال آباد الأفغانية، حيث كان مقر أسامة بن لادن.
* رفيق الدرب ابن لادن
واحدة من المحطات المهمة في تاريخ الظواهري هي علاقته بمؤسس تنظيم «القاعدة»، وزعيمها الأول أسامة بن لادن. وأرجع المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية «بداية تعاونها إلى عام 1980»، حين اجتمع الاثنان في مدينة بيشاور، في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وكان الظواهري وقتها يعمل جراحا في الهلال الأحمر، بينما جاء بن لادن إلى بيشاور للقيام بأعمال تجارية وجمع المال، في تلك الفترة «أدرك الظواهري الفائدة المحتملة» من علاقته ببن لادن الثري، خاصة وأن الثاني كان محملاً بالطموحات السياسية، إلا أنه «كان مرنا من الناحية الأيدولوجية»، على حد قول مجلس العلاقات الخارجية الأميركي.
لكن مصادر أخرى ترجع بداية علاقتهما إلى عام 1986، في جدة حيث كان الظواهري يعمل طبيبا، لكن فرغلي يوضح: «لا دليل على أنهما التقيا في السعودية، بل كان اللقاء في بيشاور».
لكن في كل الأحوال فإن بن لادن كان رفيق دربه، وشارك الاثنان في تأسيس تنظيم «القاعدة». ويقول عكاشة، إن «الظواهري طور فكر تنظيم الجهاد ليكون أساسا لتنظيم القاعدة، ودخل في تحالفات مع الكيانات والفصائل المسلحة في أفغانستان»، بينما يؤكد فرغلي إن «تنظيم القاعدة مبني على فكر الجهاد، بن لادن كان لديه المال فقط، وليس الفكر».
* زعامة «القاعدة»
كان من الطبيعي أن يرث الظواهري رئاسة التنظيم خلفا لبن لادن، فهو كان الرجل الثاني في التنظيم منذ تأسيسه، وصاحب الفكر الرئيسي فيه. وبحسب المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية فإن «الظواهري دمج فكر تنظيم الجهاد، مع فكر القاعدة، عام 2001»، لكن الخبراء كانوا يرون خلافات بين الشخصيتين في القيادة. ويقول دانيال بيمان، الأستاذ في جامعة جورج تاون، في مقال نشره بمجلة «فورين بوليسي»، الثلاثاء، إن «الظواهري ورث قيادة تنظيم القاعدة لكنه افتقد كاريزما بن لادن»، معتبرا مقتله «نهاية لعصر من عصور التنظيم الذي نفذ أكبر العمليات ضد الولايات المتحدة الأميركية».
ونقل موقع الراديو الوطني الأميركي (إن بي آر) عن بروس هوفمان، مدير مركز دراسات السلام والأمن في جامعة جورج تاون، قوله إن «الظواهري يظهر كقائد عقائدي أكثر من بن لادن، كونه مصبوغاً بالفكر الإرهابي منذ المراهقة، لكنه يفتقر إلى كاريزما بن لادن وصوته اللطيف».
5 محطات وشخصيات شكلت «صورة الظواهري»
أسامة بن لادن رفيقاً... وسيد قطب مُلهماً
5 محطات وشخصيات شكلت «صورة الظواهري»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة