دخلت العلاقات السودانية - الأميركية مرحلة جديدة، بعد قطيعة استمرت لأكثر من عقد من الزمان، واستعادت خلالها العلاقات الدبلوماسية والثقافية، بعد إعلان السفارة الأميركية في السودان عن افتتاح مراكز ثقافية في ثلاث مناطق بالبلاد، وكذا إعلان الإدارة الأميركية عن دعمها المباشر للانتقال الديمقراطي في البلاد، وذلك برغم تمسك الإدارة الأميركية بموقفها المناوئ لسيطرة الجيش على السلطة في السودان، وإقالة الحكومة المدنية الانتقالية.
وأعلنت المسؤولة الثقافية في السفارة الأميركية بالسودان، إيليثيا مكفارلين، خلال مؤتمر صحافي عقد بمقر السفارة جنوبي العاصمة الخرطوم، أمس، عن تدشين مركز ثقافي أميركي في السودان في ثلاث جهات بالبلاد؛ هي مقر السفارة، وجامعة الخرطوم، ومدينة بورتسودان الخرطوم، يحتوي على مكتبة تضم أحدث الإصدارات الأميركية والدوريات والصحف، ومكتبة إلكترونية، متاحة للمواطنين السودانيين بإجراءات ميسرة.
وكانت واشنطن أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 رفع تمثيلها الدبلوماسي في السودان من مستوى قائم بالأعمال، إلى مستوى سفير، وسمّت الدبلوماسي المخضرم جون جودفري سفيراً لها في الخرطوم، ليصبح بذلك أول سفير أميركي في البلاد، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 1996، وقد تدهورت علاقات البلدين بسبب دعم نظام الحكم السوداني آنذاك لمتطرفين دينيين، واتهمته واشنطن بالضلوع في عمليات إرهابية استهدفت مواطنين أميركيين داخل وخارج الولايات المتحدة، وأضافته لقائمتها للدول الراعية للإرهاب سنة 1993، وفرضت عليه عقوبات اقتصادية ومالية شاملة.
وقال مدير المركز الأميركي في السودان، مجاهد موسى، للصحافيين في مؤتمر صحافي، إن المركز «يروم تقديم خدمات ثقافية للسودانيين، تشمل مكتبة تقليدية وأخرى رقمية، إضافة إلى الدوريات العملية، وكبريات الصحف الأميركية، إلى جانب عرض أفلام، وتقديم دروس وتنظيم حلقات لتعلم اللغة الإنجليزية، فضلاً عن استعادة عمليات التبادل الثقافي الكاملة بين البلدين».
وكان لواشنطن مركز ثقافي كبير بوسط الخرطوم، لكن تم إغلاقه بعد تدهور العلاقات بين البلدين إبان حكم الرئيس عمر البشير منتصف تسعينات القرن الماضي. ولذلك يعد استئناف عمل المركز الأميركي في الخرطوم، وفقاً لخبراء، تطوراً مهماً في العلاقات بين واشنطن والخرطوم، وخطوة تمهد لخطوات أخرى، يتوقع أن تدعم الانتقال الديمقراطي في البلاد، سيما وأنها تقود مبادرة مشتركة مع المملكة العربية السعودية لاستعادة الانتقال المدني الديمقراطي.
وتطورت العلاقات بين البلدين تطوراً ملحوظاً بعد نجاح الثورة الشعبية في الإطاحة بحكم الإسلاميين في أبريل (نيسان) 2019، وبموجب ذلك شطبت واشنطن السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأعلنت دعمها الصريح للانتقال الديمقراطي فيه، كما أعلنت عن حزمة مساعدات عاجلة تقدم للسودان.
وبخصوص عدم وصول السفير جودفري للخرطوم حتى يومنا هذا، رجحت مصادر سياسية أن يكون ذلك مرتبطاً بالإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكتوبر الماضي، واعتبرتها المعارضة والحركة الشبابية «انقلاباً عسكرياً» ضد الحكومة المدنية.
وكانت الحكومة الانتقالية، برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، قد عيّنت نور الدين مدني سفيراً في واشنطن، بيد أن قائد الجيش الذي استولى على الحكم أقاله، وابتعث سفيراً جديداً في واشنطن هو محمد عبد الله إدريس، ووافقت عليه الإدارة الأميركية.
وتحتضن الخرطوم عدداً من المراكز الثقافية الغربية والإقليمية، من بينها المركز الثقافي الفرنسي، والمركز الثقافي البريطاني، ومعهد جوتة الألماني، كما كان هناك مركز ثقافي إيراني قبل أن تغلقه حكومة الرئيس السابق عمر البشير، علماً بأن وجود المراكز الثقافية الأجنبية يشير إلى شكل العلاقة بين الدولة السودانية وحكومات العالم.
العلاقات السودانية ـ الأميركية تدخل مرحلة جديدة بمراكز ثقافية
العلاقات السودانية ـ الأميركية تدخل مرحلة جديدة بمراكز ثقافية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة