استفادت قلة من المرضى من فرصة غير عادية تمثلت في شفائهم من فيروس «إتش آي في» المسبب لمرض العوز المناعي البشري (الإيدز)، لكنّ هذه الحالات معزولة للغاية، ولا تسمح بعد بتطوير علاجات من شأنها أن تؤدي إلى القضاء التام على الفيروس.
وقال مريض من هؤلاء، تم الإعلان عن شفائه، أمس (الأربعاء)، قبيل المؤتمر الدولي لـ«الإيدز» في مونتريال: «لم أتخيل أبداً أني سأعيش طويلاً بما يكفي للشفاء من الـفيروس».
هذا المريض الذي نشر بياناً عن حالته من داخل مستشفى في كاليفورنيا حيث كان يعالج من دون كشف هويته، هو رابع أو خامس شخص يُشفى من الفيروس، بحسب تعدادات مختلفة.
لذلك فإن هذه الحالات نادرة جداً. ويتعين تمييز هؤلاء الأشخاص عن ملايين المرضى المصابين بـ«الإيدز»، لكن يمكنهم العيش حتى متوسط العمر المتوقع بفضل وجود علاجات فعالة.
هذه العلاجات التي تُسمّى مضادات الفيروسات القهقرية، تمنع تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية في الجسم، لكنها لا تقضي عليه تماماً. مع ذلك، في الحالات القليلة التي ثبت علاجها، يمكن الحديث عن اختفاء الفيروس.
وتعود أول هذه الشفاءات إلى عام 2008 لشخص قيل إنه من برلين. أما المريض ما قبل الأخير والذي أُعلن عن شفائه قبل بضعة أشهر، فقد عولج في نيويورك.
لكن هؤلاء المرضى جميعاً لديهم حالة مشتركة محددة جداً. فهم كانوا يعانون من سرطانات الدم واستفادوا من زراعة الخلايا الجذعية التي جددت جهاز المناعة لديهم.
وكان المرضى الذين شفوا محظوظين، إذ كان لدى الأشخاص الواهبين في حالاتهم طفرة نادرة في جينة تسمى «CCR5” تجعل جهاز المناعة مقاوماً للسلالات الرئيسية للفيروس.
في أحدث حالة شفاء تم الإعلان عنها حتى اليوم، خضع المريض من كاليفورنيا لعملية زرع نخاع عظمي في عام 2019. بعد عامين، توقف عن تناول الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، حيث أصبح الفيروس غير قابل للكشف في جسده.
هذه الحالة مثيرة للاهتمام بدرجة كبيرة لأن الرجل البالغ 66 عاماً والمصاب بالمرض منذ أكثر من ثلاثين عاماً، هو أكبر المرضى الذين تم الإعلان عن شفائهم سنّاً. وهذا يوضح أن العلاج عن طريق زرع الخلايا الجذعية يمكن أن يفيد كبار السن نسبياً.
لكن تظل هذه الملاحظة نظرية إلى حد كبير لأن من غير المعقول تعميم مثل هذا العلاج على المرضى الذين يعانون من بعض أنواع السرطان.
وقالت اختصاصية الأمراض المعدية جانا ديكتر التي عالجت هذا المريض وستعرض حالته في مؤتمر مونتريال: «بالنسبة لمعظم المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، هذا ليس خياراً»، وذلك بانتظار مراجعة هذا العمل العلمي بشكل مستقل ونشره في مجلة علمية.
ومن المعروف أن زرع الخلايا الجذعية الذي يحصل غالباً عن طريق نخاع العظم، مسار ثقيل له آثار جانبية كبيرة.
وقال الباحث ستيفن ديكس، اختصاصي فيروس نقص المناعة البشرية الذي لم يشارك في هذا العمل، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «التأثير الأول لعملية زرع نخاع العظم هو تدمير جهاز المناعة مؤقتاً». وأضاف أن مثل هذا الخطر «غير وارد لدى أي شخص لا يعاني من السرطان».
ورأى ديكس الذي سيقدم في مونتريال تطورات مهمة في طريقة التعرف على الخلايا المصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، أن المريض في كاليفورنيا، مثل أسلافه، يقدم أدلة مثيرة للاهتمام لإيجاد علاج في يوم من الأيام من شأنه أن يسمح بالشفاء الكامل. ولفت إلى أن مثل هذا العلاج يمكن أن يعتمد على تقنية «كريسبر»، وهي طريقة للتلاعب الجيني تُعد واحدة من الإنجازات العلمية العظيمة في السنوات الأخيرة.
وتقوم الفكرة على تعديل جينات «CCR5” للمرضى المصابين بشكل مباشر لجعل الجسم مقاوماً لفيروس نقص المناعة البشرية.
وخلص إلى القول: «من الناحية النظرية هذا ممكن لكن في الوقت الحالي هذا خيال علمي».
مريض جديد يشفى من «الإيدز»... حالات نادرة ولا حلول سحرية
مريض جديد يشفى من «الإيدز»... حالات نادرة ولا حلول سحرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة