الخرطوم تفرج عن طياريَن روسيَّين تم اختطافهما قبل خمسة أشهر

والي ولاية وسط دارفور: إطلاق سراحهما جاء عبر تنسيق بين الأجهزة الأمنية

الرهينتان الروسيان خلال تواجدهما في مطار الخرطوم استعدادا لعودتهما إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)
الرهينتان الروسيان خلال تواجدهما في مطار الخرطوم استعدادا لعودتهما إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

الخرطوم تفرج عن طياريَن روسيَّين تم اختطافهما قبل خمسة أشهر

الرهينتان الروسيان خلال تواجدهما في مطار الخرطوم استعدادا لعودتهما إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)
الرهينتان الروسيان خلال تواجدهما في مطار الخرطوم استعدادا لعودتهما إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة السودانية، أمس، عن انتهاء عملية اختطاف اثنين من الطيارين الروس، كانا قد اختطفا أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، في إحدى ولايات دارفور وتم نقل المختطفين إلى الخرطوم تمهيدًا لترحيلهما إلى موسكو.
وكانت مجموعة مسلحة مجهولة قد اختطفت الطيارين الروسيين الفذين اللذين كانا يعملان لصالح إحدى الشركات المتعاقدة مع بعثة حفظ السلام المشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد)، وجرت عملية الاختطاف في زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، وأجبرتهما على الهبوط من سيارة نقل كانا يستقلانها.
وجرى استقبال الطياريَن في الخرطوم بحضور مسؤولين من جهاز الأمن السوداني والسفير الروسي لدى الخرطوم، اميراجاث شيربنسكي، الذي قال إن عملية تحرير الطيارين اكتملت «دون دفع فدية، وكانت خالية من العنف»، مشيرًا إلى نقلهما إلى المستشفى لإخضاعهما لفحص طبي للتأكد من حالتهما الصحية.
ومن جهته، قال والي ولاية وسط دارفور، جعفر عبد الحكم، في المؤتمر الصحافي الذي عقد في مطار الخرطوم، إن «الطياريَن كانا يعملان في شركة متعاقدة مع بعثة (اليوناميد) وتم اختطافهما في 29 يناير الماضي، من داخل مدينة زالنجي». وأضاف أن «إطلاق سراحهما جاء عبر تنسيق بين الأجهزة الأمنية»، مؤكدًا أن «وراء الاختطاف مطامع مالية حيث طالبت المجموعة الخاطفة فدية مالية»، وأن حكومته رفضت ذلك حتى لا تصبح سُنة يتبعها الآخرون.
ومن جانبه، قال ممثل جهاز الأمن والمخابرات السودانية، تاج السر عثمان، إن «عملية تحرير الطياريَن تمت، مساء أول من أمس (الجمعة)، وتم ترحيلهما، صباح أمس، من دارفور إلى الخرطوم جوًا»، مشيرًا إلى أن «جهاز الأمن ظل مهتمًا، وشكل غرفة للمتابعة وقام بالتنسيق مع السفارة الروسية في الخرطوم». وقال إن «المجموعة المختطفة كانت في منطقة نائية بين ولايتي شمال ووسط دارفور».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، علي الصادق، إن «الأجهزة الأمنية المختصة نجحت في الساعات الأولى من صباح أول من أمس، من إطلاق سراح الروسيين اللذين اختطفتهما جماعة متفلتة منذ أواخر يناير الماضي». وأضاف أن «الأجهزة الأمنية شكلت غرفة مختصة وعالجت الأمر بروية وبحذر حفاظًا على أرواح الرهائن»، مشيدًا بموقف الحكومة الروسية لتفهمها التعقيدات للأوضاع. وقال إن «كل تلك الجهود مكنت من إنهاء عملية الاختطاف بسلام ودون خسائر».
وأكدت وزارة الخارجية أن «حكومة السودان ستظل في كامل اليقظة والحرص على سلامة كل العاملين الأجانب في مختلف أرجاء البلاد، وستواصل جهودها لردع كل من تسول له نفسه التلاعب بأمن الوطن».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».