عبد الله الثاني وعباس يناقشان التحرك المشترك قبل اجتماعات الأمم المتحدة

بحثا في عمان زيارة بايدن ونتائج «قمة جدة»

العاهل الأردني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني ويبدو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله (الديوان الملكي)
العاهل الأردني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني ويبدو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله (الديوان الملكي)
TT

عبد الله الثاني وعباس يناقشان التحرك المشترك قبل اجتماعات الأمم المتحدة

العاهل الأردني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني ويبدو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله (الديوان الملكي)
العاهل الأردني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني ويبدو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله (الديوان الملكي)

ناقش العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان أمس (الأحد)، «الخيارات المتاحة»، في ظل غياب أفق سياسي ملموس لدفع عملية سياسية في المنطقة، وبعد «فشل» زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن في دفع مثل هذا الاحتمال. وأكد عبد الله الثاني، ضرورة التحرك الأردني - الفلسطيني المشترك على مختلف المستويات، للبناء على النشاط الدبلوماسي في المنطقة، خصوصاً قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، لافتاً إلى حرص الأردن على إعادة التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية أمام المجتمع الدولي.
وتناول اللقاء التطورات في المنطقة، خصوصاً الانتخابات الإسرائيلية المقبلة وتأثيرها على فرص استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما تم تأكيد استمرار التنسيق الأردني - الفلسطيني لتذليل العقبات الإسرائيلية على جسر الملك حسين، والتي تتسبب بازدحامات للمسافرين.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن الزعيمين يُجريان تنسيقاً مشتركاً منذ فترة طويلة يقوم على تقييم الموقف وتبادل الآراء، والاتفاق على آليات عمل، وهو ما حدث في أثناء اجتماع (الأحد) كذلك، مضيفاً أن الطرفين «اجتمعا قبل وصول بايدن، وكان هناك اتفاق على طرح موقف مشترك، وتم الآن نقاش نتائج زيارته (بايدن) وطبيعة الخطوات التي يجب اتخاذها في ظل فشل الزيارة في دفع أي أفق سياسي، أو بشكل أدق في ظل عدم رغبته بالضغط على الإسرائيليين، حتى فيما يتعلق بالوعود الأميركية للفلسطينيين، مثل فتح القنصلية في القدس». وحسب المصدر، فإن «التنسيق مع الأردن بالغ الأهمية لما له من دور مؤثر في المنطقة ومع الأميركيين كذلك».
وكان عباس قد غادر جواً إلى قصر الحسينية، في العاصمة الأردنية عمان أمس (الأحد)، من أجل لقاء عبد الله الثاني، بصحبة وفد ضم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج.
وقال بيان فلسطيني رسمي، إن عباس أطلع ملك الأردن خلال اجتماع ثنائي، على آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، «والتحديات التي تواجه شعبنا جراء استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وبحث معه العلاقات الثنائية والقضايا المشتركة بين البلدين الشقيقين، وآخر التطورات السياسية في المنطقة».
وسمع عباس من الملك الأردني مرة أخرى تأكيداً على موقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية، والداعم للأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة، قبل أن يتم عقد اجتماع ثانٍ موسع انضم إليه وفدا البلدين؛ الفلسطيني: أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ومدير جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، وسفير فلسطين لدى الأردن عطا الله خيري، والأردني: رئيس الوزراء بشر الخصاونة، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي، ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني.
وثمّن الرئيس الفلسطيني من جهته، الجهود المتواصلة التي يبذلها جلالة الملك في إيجاد أفق سياسي للقضية الفلسطينية، وحرص الأردن على ضرورة إشراك السلطة الوطنية الفلسطينية في المشاريع الإقليمية.
وجاء اللقاء بعد نحو الشهر من لقاء آخر استبق زيارة بايدن إلى المنطقة، وحمل آنذاك تأكيداً أردنياً على أن أي تطورات سياسية في المنطقة لن تكون على حساب الفلسطينيين، بعدما أبدوا توجساً من التقارب العربي - الإسرائيلي، الذي انتهى بحلف جوي وأفكار حول «ناتو شرق أوسطي» كذلك.
وفي الاجتماعين، ثم تأكيد أنه على الأقل، يجب الآن وقف الإجراءات الأحادية لفتح المجال أمام استئناف المفاوضات مستقبلاً، كما تم التشديد على رفض فكرة أنه يمكن تحقيق أي تقدم في التعاون الاقتصادي في المنطقة، دون التقدم في الجهود الساعية للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية.
وكان عباس قد أوضح كل ذلك لبايدن حين التقاه في بيت لحم منتصف الشهر الحالي، وطلب منه كذلك دفع عملية سلام إلى الأمام، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ورفع المنظمة عن قائمة الإرهاب، إلى جانب طلبات أخرى متعلقة بإسرائيل، ورد بايدن بتمسك الولايات المتحدة بشأن حل الدولتين، لكن دون أي تقدم في هذا المجال، لأن الظروف في المنطقة وفي إسرائيل لا تسمح، ومقابل ذلك، قدم للفلسطينيين مئات ملايين الدولارات، وإنجازات أخرى متعلقة بحصولهم على خدمة «4 جي»، وتمديد عمل المعابر الحدودية لـ24 ساعة خلال الشهور المقبلة إلى جانب تسهيلات أخرى إسرائيلية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.