استنفار في أميركا بعد قرصنة معطيات 4 ملايين موظف فيدرالي أميركي

شبهات تحوم حول الصين.. واعتراف مسؤولين أميركيين بمحاولة قرصنة بريد أوباما

الرئيس الأميركي باراك أوباما بمؤتمر صحافي في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما بمؤتمر صحافي في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

استنفار في أميركا بعد قرصنة معطيات 4 ملايين موظف فيدرالي أميركي

الرئيس الأميركي باراك أوباما بمؤتمر صحافي في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما بمؤتمر صحافي في البيت الأبيض (أ.ب)

أعلنت الحكومة الأميركية مساء أول من أمس أنها كشفت عن عمليات قرصنة معلوماتية طالت المعطيات الشخصية لأربعة ملايين موظف فيدرالي، على الأقل، خلال هجوم إلكتروني ضخم يشتبه بأن مصدره الصين.
ورصد مكتب إدارة شؤون الموظفين هذا «التوغل الإلكتروني» في أبريل (نيسان) الماضي، وهو هيئة تتولى إدارة شؤون موظفي الحكومة وتصدر كل سنة مئات آلاف التصاريح الأمنية الحساسة، والتحقيقات حول أشخاص مطروحين لشغل وظائف في الإدارة.
وبحسب ما علمت صحيفة «واشنطن بوست» من مسؤولين أميركيين، طلبوا عدم كشف أسمائهم، فإن قراصنة معلوماتيين صينيين خططوا لهذه القرصنة في ديسمبر (كانون الأول) وهي ثاني عملية قرصنة كبرى لهذه الوكالة تنفذها الصين. غير أن بكين انتقدت توجيه أصابع الاتهام إليها في هذه القضية، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية هونغ لي أمس إن «عدم إجراء تحقيق معمق واستخدام كلمات مثل (محتمل) لوصف مسؤولية الصين أمر غير مسؤول ولا يستند إلى أساس علمي»، مؤكدا أن الصين «معارضة لأي شكل من أشكال الجريمة الإلكترونية». كما رفضت سفارة الصين في الولايات المتحدة هذه الاتهامات، وقالت إن «استخلاص استنتاجات متسرعة وإطلاق اتهامات تقوم على افتراضات، أمر غير مسؤول وغير مفيد».
وأعلن مكتب إدارة شؤون الموظفين في بيان أن القرصنة شملت المعطيات الشخصية لنحو 4 ملايين موظف في الإدارة حاليين وسابقين، مشيرة إلى أنه سيتم إبلاغهم اعتبارا من 8 يونيو (حزيران) الجاري. غير أنه لم يستبعد أن يظهر ضحايا آخرون في سياق التحقيق، عارضا التعويض عليهم بمبلغ مليون دولار في حال كانوا ضحية «احتيال وسرقة هوية».
واستخدمت هذه الوكالة في الأشهر الأخيرة أدوات معلوماتية جديدة أتاحت لها رصد هذا الهجوم بعد أربعة أشهر على إطلاقه، وقد نفذ في وقت كانت فيه الوكالة تدرس إجراءات أمنية جديدة تم تطبيقها فيما بعد.
ولم يتضح هدف القراصنة في الوقت الحاضر ما بين سرقة هويات وتجسس، كما لم يتضح ما إذا كانت القرصنة قد طالت الرئيس باراك أوباما أو مسؤولين كبارا في الإدارة الأميركية أو في وكالات الاستخبارات. ولذلك يتولى مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) وإدارة الأمن القومي التحقيق، حيث أعلن (إف بي أي) في بيان أنه «سيواصل التحقيق ومحاسبة الذين يشكلون خطرا في الفضاء الإلكتروني». كما أكدت مديرة مكتب إدارة شؤون الموظفين كاثرين ارشوليتا أن «حماية بيانات موظفينا الفيدراليين من حوادث إلكترونية تخريبية هي أولى أولوياتنا»، مشيرة إلى الالتزام بـ«مسؤوليتنا في ضمان أمن المعلومات المخزنة في أنظمتنا».
ودعا المكتب جميع الذين شملتهم عملية القرصنة إلى توخي «الحذر» في إدارة حساباتهم المصرفية والتعامل مع بياناتهم الشخصية.
وتزايدت عمليات القرصنة في الأشهر الأخيرة داخل الولايات المتحدة، واستهدفت معظمها الأنظمة المعلوماتية لمجموعات كبرى على الإنترنت، وفي العام الماضي تسلل قراصنة صينيون إلى الشبكة المعلوماتية لمكتب إدارة شؤون الموظفين، وشركتين تتعاملان معه مستهدفين بصورة خاصة ملفات طلبات تصاريح أمنية سرية لعشرات آلاف الموظفين. وقد رصد هذا الهجوم في مارس (آذار) 2014. وتم تجميده على الفور، ونسبه مسؤول أميركي كبير إلى الصين. كما استهدف بعض القراصنة العام الماضي عناوين بريد إلكتروني في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، بما في ذلك بريد باراك أوباما نفسه، وفق ما أقر به مسؤولون أميركيون مؤخرا، في هجوم نسب إلى روسيا، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
وبهذا الخصوص قال مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر في فبراير (شباط) الماضي إن التجسس الصيني على شركات أميركية «لا يزال يطرح مشكلة كبيرة»، مذكرا بأن بكين وموسكو تملكان أنظمة «متطورة جدا» لشن هذه الهجمات. وأشار بشكل صريح إلى الصين في هجوم معلوماتي آخر جرى في أغسطس (آب) 2014 واستهدف مستشفيات تديرها شركة «كوميونيتي هيلث سيستمز» التي تمثل 200 مؤسسة صحية، وقد تمت سرقة البيانات الشخصية للمرضى.
وحذر كلابر بصورة عامة بأن الولايات المتحدة لا تواجه خطر التعرض لهجوم ضخم، بل إن الخطر يأتي من تضاعف الهجمات «الضعيفة إلى المتوسطة المدى».
وتزامن الإعلان عن الهجوم مع كشف صحيفة «نيويورك تايمز» استنادا إلى وثائق للمستشار السابق في وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن أن إدارة أوباما أعطت الوكالة صلاحيات موسعة لمراقبة الاتصالات على الإنترنت من أجل رصد أي قراصنة معلوماتيين يعملون لحساب حكومات أجنبية. ودافع مكتب مدير الاستخبارات الوطنية أمس عن موقفه، مذكرا بأن التهديد الإلكتروني للولايات المتحدة يزداد «بوتيرته ومداه وتطوره وخطورته».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.