أكد زياد، النجل الأكبر لنائب صدام حسين ووزير خارجية النظام العراقي السابق طارق عزيز، وفاة والده في العراق أمس. وأعلن في محافظة ذي قار (375 كلم جنوب العاصمة العراقية بغداد) وفاة عزيز إثر وعكة عن عمر يناهز 79 عاما، وذلك في سجن الناصرية المركزي.
وقال زياد لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من عمان أمس: «على الرغم من أننا لم نبلغ رسميا من قبل أي جهة في الحكومة العراقية بوفاة والدي، فإننا تأكدنا من الخبر بصورة شخصية». وأضاف أن «والدتي كانت معه (أول من) أمس، حيث زارته وبقيت إلى جانبه 15 دقيقة، وكان بالفعل متعبا، لكنه كان يتحدث معها وذاكرته كانت يقظة، وأمس عرفنا عن طريق الإعلام بوفاته».
وأضاف زياد الذي بدا متأثرا للغاية: «لقد بلغت متاعب والدي الصحية ذروتها منذ أكثر من شهر، وعلى الرغم من المناشدات الدولية الإنسانية بإطلاق سراحه فإن الحكومة العراقية رفضت الإفراج عنه ليموت في بيته وبين أفراد عائلته بعد أن قضى 12 سنة و36 يوما في السجن عقوبة لجريمة لم يقترفها، ألا وهي تصفية الأحزاب الدينية، وخصوصا حزب الدعوة، مع أنه لم يكن يتدخل في عمل الأجهزة الأمنية في عهد الرئيس صدام حسين، بل كان مسؤولا عن ملف الخارجية والعلاقات الخارجية للعراق، ولم يعرف عنه أنه تدخل يوما في أي ملف أمني أو عسكري»، منبها إلى أن «القاضي الذي حكم بإعدامه كان والده عضوا في حزب الدعوة، وهو أيضا لا يزال عضوا في الحزب نفسه وترشح للبرلمان عن كتلة نوري المالكي (الرئيس السابق للحكومة العراقية)».
ونفى زياد عزيز أن يكون أي «أحد من الحكومة العراقية أو جهة رسمية قد اتصلت بنا لإعلامنا بخبر وفاة والدي على الرغم من أنه كان قد مضى أكثر من 24 ساعة على مفارقته الحياة». وتساءل: «ماذا كان سيحدث لو أن الحكومة العراقية عبرت لمرة واحدة عن إنسانيتها وأطلقت سراح رجل كبير ومريض، وكان قد خدم بلده بكل وطنية وإخلاص؟ كما أنه سلم نفسه طوعا إلى قوة أميركية بعد 15 يوما من احتلال بغداد؛ لأنه كان يعرف أنه بريء. لكن روح الحقد التي يتمتع بها قياديو حزب الدعوة الذين فشلوا في اغتيال والدي عام 1980 في الجامعة المستنصرية هي ذاتها التي تشفَّت بالحكم عليه بالإعدام وتركه يموت في السجن». وقال: «في غالبية أنحاء العالم تقوم السلطات تعبيرا عن مشاعرها الإنسانية بإطلاق سراح السجين المريض الذي يعرفون أنه سيموت قريبا، ووالدي كان متعبا للغاية ولا يقوى حتى على المشي».
وحول إجراءات دفن طارق عزيز، قال نجله زياد: «نحاول منذ الصباح إخراج جثته من الطب العدلي في مدينة الناصرية، إلا أن القاضي نائم والمحافظ غائب وموظفي الطب العدلي في إجازة أسبوعية (الجمعة والسبت) لا يعرف ماذا يفعل»، قائلا: «إننا سنعمل جاهدين لإخراجه إلى عمان ودفنه هنا؛ إذ نخشى أن ندفنه في العراق فيتعرض قبره للنبش والتمثيل بجثته كما فعلوا بقبور الرئيس الراحل صدام حسين ونجليه عدي وقصي».
وقال مدير سجن الناصرية المركزي «الحوت» حسين خالد لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «طارق عزيز منذ وصوله إلى السجن منذ فترة يعاني الكثير من الأمراض بسبب كبر السن، ومنها أمراض القلب والشيخوخة، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالته الصحية». وأضاف أنه «نقل إلى مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية اليوم (أمس) حيث فارق الحياة».
إلى ذلك، قال مدير عام صحة محافظة ذي قار سعد الماجد لـ«الشرق الأوسط» إن «طارق عزيز منذ نقله إلى سجن الناصرية المركزي كان يراجع مستشفى الحسين التعليمي بسبب ما يعانيه من أمراض قلب مزمنة». وأضاف أن «عزيز تعرض إلى نوبة قلبية حادة تسببت بحصول عجز بالقلب لديه مما تسبب في وفاته». وتابع أن «جميع الإجراءات القانونية أكملت ويمكن لأسرته تسلم جثته».
وكانت المحكمة الجنائية العليا في العراق أصدرت، في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، حكما بالإعدام شنقا حتى الموت بحق عزيز في قضية تصفية الأحزاب الدينية، بعد أن أصدرت، في 3 مايو (أيار) 2011، حكما بالسجن المؤبد بحقه في قضية تصفية البارزانيين.
وكان السياسي العراقي المستقل عزة الشابندر قد كشف، في سبتمبر العام الماضي لـ«الشرق الأوسط»، عن قرب إطلاق سراح كل من سلطان هاشم وزير الدفاع في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وطارق عزيز نائب الرئيس الأسبق صدام حسين، مشيرا إلى أن تلك الخطوة هي أحد مطالب تحالف القوى الوطنية «السني»، ولقيت تجاوبا، إلا أنها لم تتحقق.
وكان عزيز خلال أكثر من عقدين يعد من أبرز وجوه نظام الرئيس صدام حسين، وصوته الدبلوماسي الناطق بالإنجليزية في المحافل الدولية.
وشغل عزيز مناصب عدة إذ عين وزيرا للإعلام في السبعينات، ثم وزيرا للخارجية في 1983، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء في 1991.
ورغم مناصبه، يعتقد أن عزيز لم يكن صاحب نفوذ في عملية اتخاذ القرار داخل النظام، بل كان موكلا الدفاع عنه أمام العالم.
وولد طارق عزيز في تلكيف شمال الموصل في شمال العراق في 28 أبريل (نيسان) 1936، وهو من عائلة كلدانية، واسمه الحقيقي يوحنا ميخائيل.
وتعرف عزيز على صدام حسين منذ خمسينات القرن الماضي، إلا أنه بقي بعيدا عن الدائرة المقربة منه التي ارتكزت بشكل واسع على رموز من السنة، لا سيما من منطقة تكريت مسقط رأس الرئيس الأسبق الذي أعدم في 2006.
وتدرج في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، ليصبح المسيحي ذا الرتبة العليا في الحزب الذي حكم البلاد منذ عام 1968.
واكتسب عزيز صيتا ذائعا في الغرب بنظارتيه الكبيرتين، وسيجاره الفاخر، وقدرته على التحدث بالإنجليزية بطلاقة. وبقي في منصبه إلى حين سقوط النظام إثر دخول القوات الأميركية في أبريل 2003. ويقول منتقدو الغزو إن عزيز كان سجينا سياسيا، وأودع الاحتجاز بسبب مقارعته ببراعة للذرائع الأميركية والبريطانية، لا سيما منها تلك المتعلقة بامتلاك بغداد أسلحة دمار شامل، التي مهدت لاجتياح 2003.
زياد طارق عزيز لـ {الشرق الأوسط}: لم نبلغ بوفاة والدنا رسميًا.. وسننقله لدفنه في عمان
زوجة نائب صدام كانت آخر من ودعه في سجن الناصرية «الحوت»
صورة أرشيفية تعود لعام 1984 في البيت الأبيض تجمع بين الرئيس الأميركي رونالد ريغان وطارق عزيز عندما كان وزيرًا لخارجية العراق (أ.ب)
زياد طارق عزيز لـ {الشرق الأوسط}: لم نبلغ بوفاة والدنا رسميًا.. وسننقله لدفنه في عمان
صورة أرشيفية تعود لعام 1984 في البيت الأبيض تجمع بين الرئيس الأميركي رونالد ريغان وطارق عزيز عندما كان وزيرًا لخارجية العراق (أ.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



