هل ينجح غروندبرغ في تمديد الهدنة اليمنية من دون فتح الطرقات؟

دعوات لضغوط أكبر على الحوثيين

هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

هل ينجح غروندبرغ في تمديد الهدنة اليمنية من دون فتح الطرقات؟

هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

(تحليل إخباري)
قبل نحو أسبوعين من انتهاء التمديد الأول للهدنة اليمنية الهشة، يسود الشارع السياسي الموالي للحكومة الشرعية شعور بالإحباط، لجهة عدم استكمال تنفيذ بنود الهدنة فيما يخص فتح المعابر بين مناطق التماس، وبالدرجة الأساس فك الحصار عن مدينة، تعز، مع شعور بخيبة الأمل من جهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الذي أخفق حتى الآن في إقناع الميليشيات الحوثية بالموافقة على مقترحه.
وفي حين يواجه مجلس القيادة الرئاسي في اليمن ضغوطاً شعبية قد تحول دون الموافقة على تمديد الهدنة للمرة الثانية لفترة أطول، بعد الثاني من أغسطس (آب) المقبل، يراهن غروندبرغ على الضغوط الأوروبية والأميركية لمساندته في انتزاع التمديد، حتى وإن لم يتوصل مع الحوثيين إلى اتفاق بخصوص إنهاء حصار تعز.
ولم يُخفِ غروندبرغ خيبة أمله هو أيضاً جراء رفض الحوثيين لمقترحه المحدث في شأن فتح الطرقات، إلا أنه يرى أن الهدنة القائمة؛ خصوصاً فيما يتعلق بوقف إطلاق النار يجب ألا يتم التفريط فيها للبناء عليها لاحقاً لإطلاق مسارات متزامنة من النقاشات حول الملفات الأمنية والاقتصادية، كما صرح بذلك في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن. وفي ظل حالة عدم اليقين حول ما ستؤول إليه الأمور بعد انتهاء التمديد الثاني للهدنة التي بدأت في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، يتكهن عديد من السياسيين الذين تحدثوا مع «الشرق الأوسط» بأنه ستتم الموافقة على تمديد جديد لها؛ لكن ستظل الأولوية لإيجاد اتفاق لإنهاء الحصار المفروض منذ 7 سنوات على تعز، قبل الولوج في أي نقاشات في ملفات أخرى، وهو الحد الأدنى من التنازلات التي يمكن أن يقدمها مجلس القيادة الرئاسي.
في هذا السياق، يرى وكيل وزارة العدل اليمنية في الحكومة الشرعية، فيصل المجيدي، أنه لا يوجد ضغط كافٍ من الأمم المتحدة ومن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عامة على الميليشيات الحوثية، لإلزامها بفتح الطرق وإنهاء حصار تعز.
ويرى المجيدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حماساً من قبل غروندبرغ للهدنة، وفي تقاريره المنتظمة لمجلس الأمن يعد ذلك إنجازاً يستحق المحافظة عليه؛ بل إن الرئيس الأميركي يعتبره منجز إدارته، وبالتالي فهناك حرص على تمديد الهدنة من المجتمع الدولي الذي يبشر بعملية سلمية كأثر مباشر لها. ويقول المجيدي إن المبعوث تعرض «لنكسات كبيرة جراء تعمد الحوثي تهميشه ورفض مبادراته، رغم أنها لم تلبِّ طموحات الشرعية التي قبلت بشروط مجحفة وتنازلت عن اختصاصات تُعد سيادية لأي دولة، مثل مطار صنعاء وميناء الحديدة، وأخيراً جوازات السفر الصادرة من مناطق الحوثيين، حتى أحرجت المجتمع الدولي بهذه المواقف؛ لكن ردة فعل الأمم المتحدة لم تكن بالمستوى» وفق تعبيره.
وبحسب وكيل وزارة العدل اليمنية، كان من المتوقع «أن يتم حشر الحوثيين في الزاوية، ويتم اتخاذ عقوبات، إلا أن الأمر لم يتعدَّ خطابات إنشائية ومطالبات للحوثي بفتح الطرقات دون أي مخالب، والأغرب من كل ذلك أن المبعوث نكص عن اقتراحاته، وتبنى أخيراً رؤية الحوثي، وهو ما عقَّد المسألة».
ويعترف المجيدي بأن المجلس القيادي لم تعد لديه خيارات كثيرة، ولا ما يقدمه في هذا الشأن، وبالتالي فهو متمسك بفتح الطرق؛ لكن الضغوطات متوجهه إليه فقط، ويعتقد في الوقت نفسه أن زيارة بايدن للسعودية ستؤثر؛ خصوصاً أنه يريد استخدام الملف اليمني في انتخابات التجديد النصفي في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبالتالي فإنه سيضغط باتجاه تجديد تمديد الهدنة.
ومع هذه التعقيدات، يؤكد المجيدي أن الناس لم يشعروا بأي استفادة مباشرة من الهدنة، وأن إقدام المجلس القيادي على التمديد سيكون مغامرة لن تكون مقبولة شعبياً؛ لكنه في الوقت نفسه يتوقع التمديد بسبب الضغوط التي يصفها بالكبيرة. من جهته، يعتقد المحلل السياسي اليمني محمد المخلافي، أن الموضوع برمته «يعود إلى المزاج الدولي المتصاعد بخصوص السعي إلى إنهاء الحرب في اليمن بأي حال من الأحوال».
ويضيف المخلافي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «محلياً في البداية، كانت الهدنة احتياجاً مزدوجاً؛ لكن عدم إبداء أي بوادر لحسن النية من قبل الحوثيين، ورفضهم فتح الطرق إلى محافظة تعز كجزء من صفقة الهدنة ذات الرعاية الدولية والإقليمية، ربما قد يسهم بشكل أو بآخر في إتاحة المجال أمام المجلس الرئاسي للمناورة، وعدم الرضوخ لضغوط المبعوث الأممي ومن يقف وراءه».
الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل، يرى - من جهته - «أن يبقى الموقف المعلن من الرئيس رشاد العليمي في أنه لا انتقال إلى أي خطوة قادمة ما لم تفتح معابر تعز، ثابتاً وحازماً، حتى تجد الأمم المتحدة حلاً مع هذه الميليشيا؛ لأن الاستمرار في مسلسل التنازل من الحكومة دون أن تجد ما يقابل مواقفها من طرف الميليشيا، يعد أمراً مؤلماً لكل مناهضي الحوثي» وفق تعبيره.
ويحذر الدكتور فارس البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن تكون الهدنة ومعابر تعز هي البؤرة التي ستلتهم جهود المبعوث الأممي لسنوات، كما التهمت قضية الحديدة وموانيها مهمة سابقه غريفيث، دون تحقيق أي سلام في اليمن.
أما الصحافي اليمني عبد الله السنامي، فيرى أنه على الرغم من إيجابية الهدنة، فإن المخاوف تكمن في مناورات الحوثيين لكسب الوقت قبل العودة مجدداً إلى القتال، استناداً إلى تاريخ الجماعة الانقلابية.
ويقول السنامي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من خلال إحاطة المبعوث الأممي الأخيرة، يتضح أنه راضٍ بالهدنة فيما يخص وقف الاقتتال فقط، متجاهلاً بقية بنوده، مثلما عمل سلفه غريفيث مع اتفاق استوكهولم، حين اكتفى بوقف الاقتتال وغض الطرف عن بقية بنود الاتفاق المعلقة إلى اليوم».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.