اجتماع عسكري رباعي يناقش في إسطنبول خططاً أممية لنقل الحبوب من أوكرانيا

وسط آمال بالتوصل إلى إجماع عليها... وتأكيدات بمراعاة المخاوف الروسية

وفود عسكرية من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة لبحث إمدادات الحبوب من أوكرانيا وخطة المنظمة الدولية لإقامة ممرات آمنة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
وفود عسكرية من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة لبحث إمدادات الحبوب من أوكرانيا وخطة المنظمة الدولية لإقامة ممرات آمنة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
TT

اجتماع عسكري رباعي يناقش في إسطنبول خططاً أممية لنقل الحبوب من أوكرانيا

وفود عسكرية من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة لبحث إمدادات الحبوب من أوكرانيا وخطة المنظمة الدولية لإقامة ممرات آمنة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
وفود عسكرية من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة لبحث إمدادات الحبوب من أوكرانيا وخطة المنظمة الدولية لإقامة ممرات آمنة في البحر الأسود (أ.ف.ب)

اجتمعت في إسطنبول أمس (الأربعاء) وفود عسكرية من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة لبحث قضية إمدادات الحبوب من أوكرانيا وخطة المنظمة الدولية لإقامة ممرات آمنة في البحر الأسود لخروج الحبوب والزيوت والسماد من أوكرانيا وروسيا. وركز الاجتماع الرباعي المغلق بين الخبراء العسكريين، الذي أعلنت وزارة الدفاع التركية عن عقده في قصر قلندر في إسطنبول، على بحث أزمة شحن الحبوب والمواد الغذائية العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، وإنشاء الممرات الآمنة لإخراجها. وسادت آمال، بالتزامن مع الاجتماع، بالتوصل إلى إجماع على الخطة الأممية، بعدما كشفت كييف، الثلاثاء، عن زيادة صادرات الحبوب رغم الحصار الروسي لموانئ البحر الأسود، مشيرة إلى أن السفن بدأت المرور عبر مصب مهم لنهر الدانوب. وقالت وزارة البنية التحتية الأوكرانية في بيان إن 16 سفينة عبرت ممر بيستر الذي أعيد افتتاحه حديثا في نهر الدانوب خلال الأيام الأربعة الماضية، وإن إعادة فتح هذا الممر خطوة مهمة لتعجيل صادرات الحبوب. وقال يوري فاسكوف نائب وزير البنية التحتية في البيان إن أوكرانيا تتفاوض أيضا مع رومانيا وممثلي المفوضية الأوروبية بشأن زيادة المعابر في قناة سولينا. وأضاف فاسكوف أنه في ظل هذه الظروف، ومع إمكانية الخروج عبر ممر بيستر، تتوقع أوكرانيا انتهاء التكدس في غضون أسبوع «وسنكون قادرين على زيادة الصادرات الشهرية من الحبوب بمقدار 500 ألف طن».
وتعد أوكرانيا وروسيا من أهم موردي القمح على مستوى العالم، كما أن روسيا مصدر كبير للأسمدة، وأوكرانيا منتج مهم لزيت الذرة وزيت دوار الشمس. وتسبب الاجتياح الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، والحصار البحري لها، في توقف الصادرات وبالتالي علقت عشرات السفن ما منع خروج أكثر من 20 مليون طن من الحبوب في صوامع في ميناء أوديسا، وعرض للخطر المحصول القادم، بسبب نقص في مساحة التخزين في أوكرانيا على خلفية توقف الصادرات.
وأدخلت الحرب الروسية الأوكرانية العالم في سلسلة أزمات متتالية، أبرزها أزمة الحبوب، فضلا عن الزيوت والنفط. وأوكرانيا هي خامس مصدر للقمح في العالم، بعد روسيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا، كما أنها سابع أكبر منتج للذرة وتصدر 17 في المائة من احتياجات العالم منها.
وفي وقت سابق على الاجتماع الرباعي في إسطنبول، قال وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا إن بلاده على بعد خطوتين من التوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن تصدير الحبوب من الأراضي الأوكرانية.
وقالت مصادر قريبة من الاجتماع إنه تم الأخذ في الاعتبار، خلال المناقشات التي استغرقت ساعات طويلة، نقاط قلق موسكو المتعلقة بإمكانية توريد سلاح إلى أوكرانيا عبر السفن التي تحمل الحبوب، والعقوبات المفروضة عليها في قطاعات التأمين والبنوك واللوجيستيات فيما يتعلق بتصدير المنتجات الزراعية. وبحسب المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الفريق إيغور كوناشينكوف، اقترح الوفد الروسي، الذي يضم ممثلين عن وزارة الدفاع، خلال محادثات إسطنبول اتخاذ قرار بشأن تصدير المنتجات الزراعية من موانئ البحر الأسود، وقدم حزمة مقترحات لحل هذه المسألة بأسرع وقت.
وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، كشف ليل الثلاثاء - الأربعاء، عن إجراء اتصالات مع نظيريه الروسي سيرغي شويغو والأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، قبل اجتماع الأمس، مشيرا إلى أن وفدا من وزارة الدفاع التركية ذهب إلى موسكو واجتمع مع وفد من وزارة الدفاع الروسية، أعقبه زيارة وفد عسكري أوكراني لوزارة الدفاع التركية.
وأطلقت الأمم المتحدة تحذيرات متكررة من أزمة غذاء بسبب نقص الحبوب، واتهم الغرب روسيا بعرقلة نقل الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية، لكن موسكو نفت تلك الاتهامات بشكل قاطع، محملة سلطات كييف المسؤولية بسبب عدم نزع الألغام في البحر الأسود. وتسببت كييف أيضا في العديد من العقبات أمام تصدير الحبوب، فبالإضافة إلى ما تكشف عن الحرق العمد للحبوب في ميناء ماريوبول، قامت القوات الأوكرانية بنشر ألغام في البحر الأسود، ما عرقل نقل الحبوب إلى العالم.
وسبق أن أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن بلاده لا تمنع تصدير الحبوب من أوكرانيا، قائلا إنه إذا أزالت كييف الألغام، فإن السفن المحملة بالحبوب ستكون قادرة على المغادرة دون أي مشاكل.
وحاول إردوغان الاستفادة من علاقاته الجيدة مع كل من بوتين وفولوديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا المدعوم من الغرب لتهدئة التوتر. وقال مكتبه إن إردوغان حض بوتين أيضاً على «اتخاذ إجراء» بشأن اقتراح الأمم المتحدة استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية المتوقفة عبر البحر الأسود.
وعرضت الأمم المتحدة خطة لتسهيل الصادرات من شأنها إنشاء ممرات آمنة عبر الألغام التي يُعرف مكانها. وحصل الاقتراح على دعم محدود فقط في كل من موسكو وكييف.
وترفض أوكرانيا إزالة الألغام البحرية خوفاً من هجوم برمائي روسي على مدنها الواقعة على البحر الأسود على غرار أوديسا. ويقول دبلوماسيون إن تفاصيل الخطة التي قيد المناقشة تشمل سفنا أوكرانية توجه سفن الحبوب داخل وخارج مياه الموانئ الملغومة، وأن توافق روسيا على هدنة أثناء نقل الشحنات بينما تقوم تركيا، بدعم من الأمم المتحدة، بتفتيش السفن لتهدئة مخاوف روسيا من تهريب أسلحة. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن بيوتر إليتشيف، مدير إدارة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية الروسية، قوله إن روسيا تريد ضبط وتفتيش السفن لاستبعاد «تهريب الأسلحة». وأضاف أن روسيا على استعداد لتسهيل إبحار السفن التجارية الأجنبية لتصدير الحبوب الأوكرانية.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن مصدر دبلوماسي آخر قوله إن مطالب روسيا تشمل إزالة «العقبات أمام الصادرات» والتي وضعتها العقوبات الغربية. وأضاف مصدر الوكالة «هناك عقبات أمام الجانب الروسي فيما يتعلق بتأمين السفن والخدمات اللوجيستية وخدمات النقل والعمليات المصرفية بسبب العقوبات المفروضة».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء: «نعمل بجد بالفعل لكن لا يزال أمامنا طريق نقطعه... كثيرون يتحدثون عن ذلك. ونحن نفضل أن نحاول وننجز المهمة».
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أنه «لا يزال هناك طريق لنقطعه» في المحادثات الرامية لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية من البحر الأسود.
وتشمل خطة الأمم المتحدة بخصوص الممرات الآمنة في البحر الأسود، وهي قيد المناقشة، سفناً أوكرانية تقوم بتوجيه سفن الحبوب داخل وخارج مياه الموانئ الملغومة، وأن توافق روسيا على هدنة أثناء نقل الشحنات، بينما تقوم تركيا، بدعم من الأمم المتحدة، بتفتيش السفن لتهدئة مخاوف روسيا من تهريب أسلحة.
وأعلنت تركيا أنه حال الموافقة على خطة الأمم المتحدة، سيتم إنشاء مركز مراقبة في إسطنبول للتحقق من حمولات السفن والتأكد من عدم حملها للسلاح.
وتواصل روسيا تصدير الحبوب منذ بدء الحرب، لكن يوجد نقص في السفن الكبيرة إذ يخشى العديد من مالكيها إرسالها إلى المنطقة. كما أن تكلفة الشحن والتأمين زادت بشكل حاد.
وأدى الغزو الروسي والحصار البحري لأوكرانيا إلى توقف الصادرات وبالتالي علقت عشرات السفن، كما علق أكثر من 20 مليون طن من الحبوب في صوامع بأوديسا.
ويحصد المزارعون في البلدين حاليا محصول القمح الخاص بعام 2022، وعادة ما تكون الفترة بين يوليو (تموز) ونوفمبر (تشرين الثاني) هي الأكثر ازدحاما بالنسبة للتجار لشحن المحصول الجديد من البلدين. والمحصول القادم عُرضة للخطر إذ تعاني أوكرانيا حاليا من نقص في مساحة التخزين بسبب توقف الصادرات.


مقالات ذات صلة

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

أوروبا انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في كييف (د.ب.أ)

زيلينسكي يناقش مع وزير الدفاع الألماني بناء درع شاملة للدفاع الجوي

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه ناقش مع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بناء درع شاملة للدفاع الجوي، وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا لقاء سابق بين ماكرون وزيلينسكي في باريس (رويترز)

زيلينسكي يناقش مع ماكرون «نشر وحدات» أجنبية في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني، الاثنين، أنه ناقش مع نظيره الفرنسي دعم أوكرانيا واحتمال «نشر وحدات» من العسكريين الأجانب في البلاد، وهي فكرة طرحها حلفاء كييف مؤخراً.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عمال يقفون بالقرب من أنبوب في موقع بناء لتمديد خط أنابيب الغاز الروسي «ترك ستريم» عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

الكرملين: هجوم أوكرانيا على خط أنابيب «ترك ستريم» عمل «إرهابي»

قالت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، إن الكرملين اتهم أوكرانيا اليوم (الاثنين)، بمهاجمة خط الأنابيب «ترك ستريم»، واصفاً ذلك بأنه «عمل إرهابي في مجال الطاقة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.