اتهامات لحزب الاتحاد الديمقراطي بممارسة سياسة التهجير العرقي شمال سوريا

وحدات الحماية تضعها في خانة التلفيقات وتحمّل مسؤوليتها للائتلاف و«داعش»

اتهامات لحزب الاتحاد الديمقراطي بممارسة سياسة التهجير العرقي شمال سوريا
TT

اتهامات لحزب الاتحاد الديمقراطي بممارسة سياسة التهجير العرقي شمال سوريا

اتهامات لحزب الاتحاد الديمقراطي بممارسة سياسة التهجير العرقي شمال سوريا

تشتد الخلافات والاتهامات المضادة بين وحدات حماية الشعب الكردية والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة على خلفية المعلومات التي أشارت إلى اعتداءات يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي بحق المدنيين في كوباني (عين العرب) ومحافظة الحسكة وريفها، وتهجيرهم. إذ وبعد الإعلان عن قيام الوحدات بإعدام 20 مواطنا بتهمة موالاة تنظيم داعش الأسبوع الماضي، أشارت صحيفة «فاينانشيال تايمز» يوم أمس إلى طرد 10 آلاف عربي من مناطقهم شمال سوريا بسبب التطهير العرقي الكردي.
وبينما ينفي الأكراد التّهم الموجهة إليهم مؤكدين أنّ من يقوم بتهجير المدنيين هو تنظيم داعش، يعكس خطاب الطرفين الخلافات الجذرية بينهما والتي تصل إلى حدّ التخوين. وفي حين يحمّل الأكراد الائتلاف مسؤولية ما وصل إليه الوضع في سوريا، يعتبر الأخير أنّ سلوك حزب الاتحاد الديمقراطي ينسجم مع مخططات النظام الرامية لإثارة الفوضى والتغيير الديموغرافي، ولا يختلف عن النهج الإرهابي الذي يتبعه تنظيم داعش، بما في ذلك اتهامه بالنزعة الانفصالية. وهو ما يشير إليه عضو الائتلاف، أحمد رمضان، قائلا «لدينا تقارير واضحة عن عمليات تهجير منظمة يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي في مناطق بالحسكة ومحيط كوباني، تتم بالتنسيق مع النظام لتغيير الوضع الديموغرافي». وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ الانتهاكات وعمليات التهجير لا تقتصر على العرب، بل تشمل أيضا الآشوريين والمعارضين الأكراد للحزب، وقد منع كل من يقف في وجه سياسته من العودة إلى كوباني.
كذلك، يؤكّد عضو الائتلاف، ياسر الفرحان، الذي يتحدر من منطقة الحسكة، أنّ كل المناطق في ريف جبل عبد العزيز ورأس العين وتل حميس في ريف الحسكة، والتي تسكنها عائلات عربية، باتت شبه خالية من العرب، بعد الاعتداءات التي تعرضوا لها من قبل الأكراد وحرقت منازلهم ومحاصيلهم الزراعية بهدف تهجيرهم، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدد هؤلاء يتجاوز العشرة آلاف، هرب معظمهم إلى بادية دير الزور والحدود التركية، واصفا ما يحصل بالتهجير القسري لتغيير الديموغرافية في المنطقة لكي تأخذ الإدارة الذاتية حدودها التي رسمها الحزب.
في المقابل، يضع الناطق باسم وحدات حماية الشعب (الذراع العسكرية للحزب)، ريدور خليل، كل الاتهامات بقيام الأكراد بعمليات الإعدام والتهجير العرقي، في خانة التلفيقات التي لا أساس لها من الصحة، موضحا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «نحن في حالة حرب فرضت علينا ولم نخترها بإرادتنا، وما يحصل من حالات نزوح من القرى هو نتيجة لما يقوم به تنظيم داعش من زرع الألغام في المناطق التي انسحب منها إضافة إلى استخدامه المدنيين كدروع بشرية».
وقال خليل، إنّ عملية إعدام 20 مواطنا الأسبوع الماضي ليست صحيحة، وأكد أنّ القتلى سقطوا نتيجة تفجير «داعش» سيارة مفخخة بعدما كانت وحدات الحماية قد عمدت إلى تحريرهم مع 15 آخرين كانوا مختطفين لدى التنظيم في مدينة على غرب رأس العين.
من جهته، يقول ياسر الفرحان، إنّ «الوحدات قامت في السنتين الأخيرتين، بإعدام الكثير من العرب بتهم مختلفة، بينما بلغت عمليات التصفيات في الأسابيع الأخيرة العشرات بينهم نساء وأطفال وكبار في السن».
وبينما اتهم الفرحان فصائل الجيش الحر، التي تقاتل إلى جانب الأكراد بأنّها ضعيفة ويتم إخضاعها بالمال، أكد خليل أن التعاون ضمن غرفة عمليات بركان الفرات بين وحدات الحماية وفصائل من الجيش الحر، لا يزال مستمرا بعيدا عن أي خلافات، مشيرا إلى أن لواء التحرير وثوار الرقة وبعض الفصائل الأخرى موجودة في الحسكة وتقاتل إلى جانب الوحدات. وأوضح أنّ نحو 14 في المائة من المقاتلين في وحدات الحماية هم من العرب، مشددا على أنّ الأكراد لا يسعون إلى أهداف انفصالية، وما يقومون به هو لإبقاء سوريا موحدة في وجه التطرف وليس موجها ضدّ مكون أو آخر.
ورأى خليل أن أي توافق مع الائتلاف الوطني صعب التحقيق، متهما إياه بأنه شريك بما آلت إليه الأوضاع في سوريا، وقال «ما وصلنا إليه هو نتيجة السياسات الخاطئة التي يقوم بها والتي تدار من قبل أجندات خارجية، مما يجعل التوافق معه على رؤية موحدة صعب التحقيق».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.