الأوروبيون يلوّحون بعرض «الاستفزازات» الإيرانية أمام مجلس الأمن

واشنطن تعبر عن «خيبة أمل كبرى» من موقف طهران في المحادثات النووية

لقطة من بث مباشر لاجتماع مجلس الأمن الليلة الماضية
لقطة من بث مباشر لاجتماع مجلس الأمن الليلة الماضية
TT

الأوروبيون يلوّحون بعرض «الاستفزازات» الإيرانية أمام مجلس الأمن

لقطة من بث مباشر لاجتماع مجلس الأمن الليلة الماضية
لقطة من بث مباشر لاجتماع مجلس الأمن الليلة الماضية

عبّرت الولايات المتحدة أمام أعضاء مجلس الأمن، أمس (الخميس)، عن «خيبة أمل كبرى» لأن طهران واصلت في المحادثات النووية الأخيرة «تقديم مطالب تتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة» أي الاتفاق النووي لعام 2015، مؤكدة أن الكرة الآن في ملعب إيران. فيما اتخذت الدول الأوروبية الرئيسية الأطراف في الاتفاق النووي موقفاً أكثر تشدداً من «السياق المقلق للغاية» للتصرفات الإيرانية، مؤكدة أن مجلس الأمن «لن يبقى صامتاً» حيال ذلك.
وقبيل الجلسة، أصدر المندوبون الدائمون لدى الأمم المتحدة، الفرنسي نيكولا دو ريفيير، والألمانية آنتجي لينديرتسي، والبريطانية بربارة وودوارد، بياناً مشتركاً أكدوا فيه أن مجلس الأمن «يبقي قيد نظره التهديد للأمن الدولي بسبب التصعيد النووي الإيراني»، ملاحظين أن برنامج طهران النووي «صار الآن أكثر تقدماً من أي وقت مضى». وأوضحوا أن إيران «اتخذت خطوات غير مسبوقة لتسريع وتيرة برنامجها»، ملاحظين أن بعض «أخطر الخطوات اتخذ خلال عملية التفاوض» التي تهدف إلى إعادة إيران والولايات المتحدة إلى «التنفيذ الكامل» للاتفاق النووي.
وعبّر السفراء الثلاثة عن «الأسف» لأن إيران «ترفض حتى الآن اغتنام هذه الفرصة الدبلوماسية وتواصل تصعيدها النووي» من خلال «تركيب واستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة إضافية وإزالة معدات المراقبة (...) التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية». ولاحظوا أن ذلك يحدث «في السياق المقلق للغاية، المتمثل في استمرار إيران في زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، و60 في المائة، إلى مستويات غير مسبوقة». وذكروا بأن الوكالة الدولية «تلقت تفويضها للتحقق من تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة ومراقبته مباشرة من مجلس الأمن». واعتبروا أن «الإنهاء الكامل من إيران لإجراءات الشفافية الرئيسية المتعلقة بخطة العمل الشاملة المشتركة يعد خطوة سلبية وعكسية واستفزازية بشكل خاص». وشددوا على أن مجلس الأمن «لا يمكن أن يبقى صامتاً» حيال ذلك، في إشارة ضمنية لتفعيل «آلية سناب بك»، لإعادة العقوبات الأممية على طهران، لأن «تصرفات إيران تثير مزيداً من العقبات أمام إيران للعودة إلى التنفيذ الكامل لالتزاماتها المتعلقة بالمجال النووي بموجب الاتفاق النووي، واستعادة قدرة الوكالة على توفير ضمانات بشأن الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي»، علماً بأن تصرفات إيران «تعمل على زعزعة توازن الحزمة التي تفاوضنا عليها على مدى أشهر لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة وإغلاق نافذة الحل الدبلوماسي الفوري». وحذروا من أن تأثير ذلك «سيكون على الأمن الدولي ونظام عدم الانتشار الدولي خطيراً وطويل الأمد». وطالبوا إيران بـ«وقف وعكس تصعيدها النووي، والعودة إلى التعاون الكامل مع (الطاقة الذرية)، وأن تأخذ العرض المطروح على الطاولة من دون مزيد من التأخير». وحضّوا إيران على «اغتنام هذه الفرصة لإبرام الصفقة، بينما لا يزال ذلك ممكناً». وأضافوا أنه «لسوء الحظ، نفهم أنه في الاجتماع الذي اختتم في الدوحة، رفضت إيران مرة أخرى اغتنام الفرصة، وبدلاً من ذلك، قدمت مطالب جديدة غريبة وغير واقعية».
وأكدوا كذلك أنهم سيناقشون في مجلس الأمن التطورات الرئيسية المتعلقة ببرنامج الصواريخ الإيراني، التي «تتعارض مع قرار مجلس الأمن 2231»، مع مطالبة إيران بـ«عدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على إيصال أسلحة نووية». وحضوا إيران على «الامتناع عن مثل هذه الأعمال الاستفزازية»، منددين «بشدة بنشاط إيران المستمر المزعزع للاستقرار في المنطقة».
وخلال جلسة المجلس، عرضت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، لأحدث التطورات في شأن تنفيذ القرار 2231. مؤكدة أن تحقيق خطة العمل المشتركة الشاملة «يتطلب دبلوماسية حازمة» لأن استعادتها «تستوجب جهداً إضافياً وصبراً»، داعية إيران إلى التراجع عن «الخطوات التي اتخذتها ولا تتمشى مع التزاماتها المتعلقة بالمجال النووي»، ومناشدة الولايات المتحدة «رفع عقوباتها على النحو المبين في خطة العمل وتمديد الإعفاءات المتعلقة بتجارة النفط مع إيران».
وإذ كررت المسؤولة الأممية التعبير عن «القلق الشديد» من الخطوات التي تتخذها إيران وتتعارض مع الاتفاق النووي، أشارت إلى تلقي معلومات إضافية حول البرنامج الباليستي الإيراني، موضحة أن فحص حطام 9 صواريخ باليستية و6 صواريخ كروز وكثير من الطائرات بدون طيار التي استخدمها الحوثيون في هجمات مختلفة ضد أراضي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة منذ عام 2020 يشير إلى أنه «يمكن أن تكون نقلت بطريقة لا تتفق مع القرار 2231». وأكدت أن حطام الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز تتميز بخصائص تصميم وأجزاء متشابهة مع تلك الخاصة بصواريخ سبق فحصها واعتبرت من أصل إيراني.
وأملت في أن «تواصل إيران والولايات المتحدة البناء على زخم الأيام القليلة الماضية من المحادثات، التي يسّرها الاتحاد الأوروبي، في الدوحة لحل القضايا المتبقية».
وفي أحدث تقرير له حول تنفيذ القرار 2231، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه «لا يزال يساورني اعتقاد ثابت بأن الخطة تشكّل أفضل خيار متاح لتحقيق عدم الانتشار والأمن الإقليمي، على نحو يعود على الشعب الإيراني بفوائد اقتصادية ملموسة». وأضاف: «أنا مقتنع، الآن أكثر من أي وقت مضى، بأن الحلول الدبلوماسية توفر السبيل الوحيد إلى تحقيق السلام والأمن الدائمين».
وتحدث المندوب الدائم للاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة، أولوف سكوغ، نيابة عن مسؤول السياسة الخارجية في الكتلة الأوروبية، جوزيب بوريل، بصفته منسق اللجنة المشتركة لخطة العمل المشتركة الشاملة، فعرض أولاً لسياق المفاوضات مع إيران، ثم قال: «بعد أكثر من عام من المفاوضات المتعددة الأطراف المكثفة، نعتقد أن لدينا صفقة جيدة على الطاولة»، موضحاً أن «هذه ليست صفقة ثنائية بين إيران والولايات المتحدة». وأكد أن «التطورات النووية الإيرانية لا تزال مصدر قلق كبير، خاصة ما يتعلق بتكديسها المستمر لليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، و60 في المائة، وتركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً». وإذ عبّر عن إدراكه التام لأن إيران «واجهت ولا تزال تواجه عواقب اقتصادية سلبية خطيرة بعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل»، قال إن استعادة الخطة «هي الطريقة الوحيدة لإيران لجني الفوائد كاملة (...) والوصول إلى إمكاناتها الاقتصادية الكاملة». ورأى أنه «من المهم إظهار الإرادة السياسية والبراغماتية اللازمتين لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة على أساس النص المطروح على الطاولة».
بدوره، أكد نائب المندوبة الأميركية، ريتشارد ميلز، أن بلاده «تظل ملتزمة بالعودة المتبادلة إلى التنفيذ الكامل» لبنود الاتفاق النووي. وقال: «شعرنا بخيبة أمل كبرى، لأنه في زيارة الممثل السامي بوريل لطهران، السبت، وفي المناقشات غير المباشرة التي أجرتها دائرة الشؤون الخارجية الأوروبية في الدوحة هذا الأسبوع، واصلت إيران تقديم مطالب تتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة». وعبّر عن «القلق إزاء الخطوات التي اتخذتها إيران أخيراً، والتي تقوض تحقق الطاقة الذرية ومراقبتها لالتزامات الاتفاق النووي، بما في ذلك إزالة الكاميرات ومعدات المراقبة المتعلقة. مثل هذه الخطوات تجعل العودة المتبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة أكثر صعوبة». وقال: «لا تزال الولايات المتحدة مستعدة للعودة المتبادلة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي، ونحن على ثقة من أنها ستعزز الأمن الدولي بشكل كبير»، مضيفاً أن «الكرة في ملعب إيران، وكذا خيار العودة نحو التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة».
وإذ أشار إلى تقرير «الطاقة الذرية»، قال: «تؤكد النتائج التي خلص إليها التقرير أن الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز التي أطلقت على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أو أجزاءها المكونة، من أصل إيراني، وتؤكد الطبيعة المزعزعة للاستقرار لتطور إيران المستمر وانتشار تكنولوجيا الصواريخ. علاوة على ذلك، خلص تقرير الأمين العام إلى أن الطائرات بدون طيار المستخدمة في الهجمات على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحتوي على مكونات كانت الأمانة العامة قد قدّرت في السابق أنها من أصل إيراني». وندّد «بشدة بهذه الهجمات على السعودية والإمارات».


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

التقى هاليفي وكاتس... كوريلا بحث في إسرائيل الوضع بسوريا والمنطقة

قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
TT

التقى هاليفي وكاتس... كوريلا بحث في إسرائيل الوضع بسوريا والمنطقة

قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)

زار قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، من الأربعاء إلى الجمعة، حيث التقى بمسؤولين من الجيش الإسرائيلي، وناقش الوضع في سوريا وعدداً من المواضيع الأخرى المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، وفق «رويترز».

وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إن الجنرال كوريلا التقى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.

وحثت واشنطن إسرائيل على التشاور الوثيق مع الولايات المتحدة بشأن مستجدات الأوضاع في سوريا، بعد أن أنهى مقاتلو المعارضة بقيادة أحمد الشرع، المكنى أبو محمد الجولاني، قبل أيام، حكم عائلة الأسد الذي استمر 50 عاماً عقب فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد من البلاد.

ويراقب العالم لمعرفة ما إذا كان بمقدور حكام سوريا الجدد تحقيق الاستقرار في البلاد التي شهدت على مدى أكثر من 10 سنوات حرباً أهلية سقط فيها مئات الآلاف من القتلى، وأثارت أزمة لاجئين كبيرة.

وفي أعقاب انهيار الحكومة السورية، قال الجيش الإسرائيلي إن طائراته نفذت مئات الضربات في سوريا، ودمرت الجزء الأكبر من مخزونات الأسلحة الاستراتيجية لديها.

وأمر كاتس القوات الإسرائيلية بالاستعداد للبقاء خلال فصل الشتاء على جبل الشيخ، وهو موقع استراتيجي يطل على دمشق، في إشارة جديدة إلى أن الوجود الإسرائيلي في سوريا سيستمر لفترة طويلة.

وقال بيان القيادة المركزية الأميركية: «ناقش القادة مجموعة من القضايا الأمنية الإقليمية، بما في ذلك الوضع المستمر بسوريا، والاستعداد ضد التهديدات الاستراتيجية والإقليمية الأخرى».

وقالت القيادة المركزية الأميركية إن كوريلا زار أيضاً الأردن وسوريا والعراق ولبنان في الأيام القليلة الماضية.

ورحبت إسرائيل بسقوط الأسد، حليف عدوتها اللدودة إيران، لكنها لا تزال متشككة إزاء الجماعات التي أطاحت به، والتي ارتبط كثير منها بتنظيمات إسلاموية.

وفي لبنان، زار كوريلا بيروت لمراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية الأولى بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي، في حرب تسببت في مقتل الآلاف ونزوح أكثر من مليون شخص.

وتشن إسرائيل حرباً منفصلة في قطاع غزة الفلسطيني منذ نحو 14 شهراً. وحصدت هذه الحرب أرواح عشرات الآلاف، وقادت إلى اتهامات لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وهو ما تنفيه إسرائيل.