لبنان: التشكيلة الوزارية المطعمة تمهد الطريق لتعويم حكومة تصريف الأعمال

TT

لبنان: التشكيلة الوزارية المطعمة تمهد الطريق لتعويم حكومة تصريف الأعمال

فوجئ الوسط السياسي بقيام رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بزيارة صباحية لرئيس الجمهورية ميشال عون اقتصرت على تسليمه نسخة من التشكيلة الوزارية اعتبر أنها مناسبة للمرحلة السياسية الراهنة، ولم يصدر عن عون أي تعليق سوى أنه وعد بدراستها مع أنها مطابقة في مواصفاتها لحكومة تصريف الأعمال، وإنما مطعمة باستبدال وزراء بواسطة وزراء آخرين، وتنطلق من حيث انتهت إليه سابقتها لأن لا مجال، كما يقول مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، لهدر الوقت ما دام أن المطلوب منها مواصلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإخراج لبنان من التأزم والانتقال به إلى مرحلة التعافي المالي، خصوصاً أن التوقيع بين الحكومة والصندوق بالأحرف الأولى يبقى في إطار إعلان النيات ما لم تبادر إلى إنجاز دفتر الشروط المطلوب منها.
فزيارة ميقاتي إلى بعبدا للقاء عون بعد أقل من 24 ساعة على الاستشارات غير المُلزمة التي أجراها مع النواب طرحت مجموعة من الأسئلة تتعلق بالأسباب الكامنة وراء تسليمه عون نسخة من التشكيلة الوزارية التي أعدها بخلاف ما كان يحصل في السابق بأن تقتصر الزيارة الأولى للرئيس المكلف على إطلاعه على نتائج الاستشارات النيابية غير الملزمة، والتشاور معه في الإطار العام للتركيبة الوزارية العتيدة.
وفي هذا السياق يقول المصدر الوزاري إن ميقاتي توخى من زيارته المبكرة لعون بأن يختصر المسافات لأن ضيق الوقت في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر فيها البلد وقبل أربعة أشهر من انتهاء الولاية الرئاسية لعون يتطلب الإسراع بتشكيل الحكومة بدلاً من الدخول في مراوحة تقحم البلد في مشاورات مكوكية لا جدوى منها.
ويلفت إلى أن ميقاتي لا يريد أن يحشر عون بمقدار ما أنه يتطلع إلى تمرير رسالة للداخل والخارج بأنه على عجلة من أمره في تهيئة الظروف لولادة الحكومة، وبالتالي يعفي نفسه من المسؤولية في حال لم يلقَ التجاوب المطلوب بدءاً برئيس الجمهورية الذي يمكن أن يسجل اعتراضه على إعفاء عدد من الوزراء من مهامهم واستبدالهم بواسطة وزراء آخرين من الوجوه الجديدة.
ويرى المصدر الوزاري نفسه أن ميقاتي بتسليمه نسخة من التشكيلة الوزارية لعون لم يتجاهل دوره أو يريد القفز فوقه، وإنما أراد أن يمارس صلاحياته المنصوص عليها في الدستور باختيار الوزراء لتفادي الوقوع في فخ إشراك الآخرين كما حصل في الحكومة الحالية ويعود لرئيس الجمهورية للتشاور معه، وله الحق بأن يطلب إدخال تعديلات على أسماء بعض الوزراء أو الامتناع عن التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة.
ويضيف أن ميقاتي بإعداده التشكيلة الوزارية أراد أن يحصر المشاورات بينه وبين عون من دون أن يسمح لأي طرف بالتدخل خلافاً للدستور، كما حصل في السابق من قبل الفريق السياسي المحسوب على عون بتفويض رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الصلاحية بالنيابة عن رئيس الجمهورية للبت في أسماء معظم الوزراء المسيحيين، برغم أن باسيل كان يدعي أنه يوافق على ما يقرره رئيس الجمهورية.
ولدى سؤال المصدر الوزاري عن الأسباب التي أملت على ميقاتي أن يتقدم من عون بتشكيلة وزارية تضم معظم الوزراء في الحكومة الحالية ومطعمة بوزراء جدد بدلاً من أن يتقدم بواحدة جديدة، أكد أن هناك حاجة لتأمين الاستمرارية بين حكومة تصريف الأعمال والحكومة العتيدة لأن ضيق الوقت لا يسمح باعتماد وزراء ممن يمسكون بملفات أساسية ويتولون متابعتها؛ لئلا نبدأ من الصفر في إعدادها، خصوصاً الملفات ذات الصلة المباشرة بمواصلة التفاوض مع صندوق النقد.
ورأى أن هناك ضرورة لتحقيق بعض الإنجازات على يد الحكومة الجديدة للحد من معاناة اللبنانيين، ووقف تدحرج البلد نحو الانفجار الشامل، وغمز من قناة عدد من الوزراء، ومن بينهم وزيرا الطاقة وليد فياض والاقتصاد أمين سلام وآخرون.
لذلك يصعب التكهن بطبيعة الخطوة التالية على طريق استيلاد حكومة جديدة قبل الوقوف على رد فعل عون حيال التشكيلة الوزارية التي أودعها ميقاتي لديه، وما إذا كان سيتعامل معها بسلبية بالإنابة عن باسيل لأن التعديل سيطال وزراء محسوبين على «التيار الوطني» وأبرزهم وزير الطاقة. وعليه، فإن تعذر التفاهم بين عون وميقاتي يمكن أن يفتح الباب أمام التمديد لحكومة تصريف الأعمال على أن يأخذ المجلس النيابي على عاتقه إقرار مجموعة من اقتراحات القوانين المطلوبة لتسهيل التفاوض مع صندوق النقد، خصوصاً أنه ليس هناك ما يمنع البرلمان من تشريع الضرورة الذي أخذ طريقه بعد أن استقالت حكومة الرئيس حسان دياب وتحولت إلى حكومة تصريف أعمال.
ويبقى السؤال: هل سيعاد الاعتبار لحكومة تصريف الأعمال في حال أن المشاورات بين ميقاتي وعون اصطدمت بحائط مسدود؟ وهل يوافق الأخير على إحياء جلسات مجلس الوزراء بذريعة أن هناك ضرورة لاتخاذ قرارات ملحة، كما لمح ميقاتي في موقف سابق اعتبر فيه أن حكومة تصريف الأعمال «كاملة الأوصاف»؟
وينسحب السؤال على رد فعل باسيل، وما إذا كان سيوافق على انعقاد جلسات مجلس الوزراء، ولا يطلب من الوزراء المحسوبين عليه الامتناع عن تصريف الأعمال. فيما يتعاطى مصدر سياسي بارز مع إعادة الروح إلى الحكومة المستقيلة وصولاً إلى تطعيمها باستبدال وزراء بواسطة آخرين على أنه السيناريو المطلوب للإبقاء على حكومة تصريف الأعمال لتفادي إغراق البلد مع اقتراب انتهاء ولاية عون الرئاسية في أزمة مديدة لأن البديل المجيء بحكومة من لون واحد، وهذا ما لا يريده ميقاتي في ضوء إعلان أطراف المعارضة أكانت تقليدية أو تغييرية رفضها المشاركة في الحكومة.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

سوريون في فرنسا يخشون فقدان صفة اللاجئ حالَ زاروا بلدهم

طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)
طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)
TT

سوريون في فرنسا يخشون فقدان صفة اللاجئ حالَ زاروا بلدهم

طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)
طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)

يريد الكثير من السوريين المقيمين في فرنسا زيارة بلدهم، ولو لفترة قصيرة للقاء أحبائهم، أو للبحث عن أقرباء مفقودين، لكنهم يخشون أن تسحب منهم صفة اللاجئ، وفق ما حذّرت منظمة متخصصة، الأحد.

ويستفيد نحو 45 ألف سوري من وضع اللاجئ السياسي في فرنسا، كثر منهم فروا من وطنهم بعيد بدء الانتفاضة ضد بشار الأسد عام 2011، وفق المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (أوفبرا).

وقال ميشال مورزيير، الرئيس الفخري لمنظمة «ريفيفر» التي تستضيف لاجئين سوريين في فرنسا منذ عام 2004، إن العديد منهم يواجهون معضلة منذ سقوط نظام بشار الأسد إثر هجوم شنه تحالف من الفصائل المعارضة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد مورزيير، على هامش تظاهرة ضمت ما يزيد قليلاً عن 200 سوري ومؤيد لهم، الأحد، في باريس، «يحتاج البعض للذهاب لرؤية أسرهم، فهم لم يقبّلوا والديهم منذ أكثر من عشر سنوات، ويريد البعض الآخر الحصول على أخبار عن أحبائهم المفقودين، والاطلاع على القوائم، وهم متشوقون للذهاب».

وتابع: «لكن إذا التزمنا بالقانون الحالي، فإن اللاجئ الذي يعود إلى بلده الأصلي بعد أن طلب اللجوء في فرنسا لم يعد يحق له الحصول على الصفة عند عودته».

وتطالب منظمة «ريفيفر»، السلطات الفرنسية، «بتقديم التزام أخلاقي وإنساني بالقول إن اللاجئين السوريين يمكنهم الذهاب إلى سوريا من دون أن تكون هناك أي مشاكل عند عودتهم إلى فرنسا».

وقررت عدة دول أوروبية، من بينها ألمانيا والنمسا وبريطانيا، تجميد إجراءات طلب اللجوء للمواطنين السوريين منذ سقوط بشار الأسد.

وأودت الحرب في سوريا بحياة نصف مليون شخص منذ عام 2011، وشردت ملايين آخرين وقسمت البلد إلى عدة مناطق نفوذ، مع دعم قوى أجنبية فصائل مسلحة مختلفة.