ماجدة الرومي لـ«الشرق الأوسط»: أنظاري تتجه نحو المبدع محمد عبده... وللكلام بقية

تأثرت بالحفاوة التي استقبلت بها في جدة

ماجدة الرومي في حفلات موسم جدة (حسابها على إنستغرام)
ماجدة الرومي في حفلات موسم جدة (حسابها على إنستغرام)
TT

ماجدة الرومي لـ«الشرق الأوسط»: أنظاري تتجه نحو المبدع محمد عبده... وللكلام بقية

ماجدة الرومي في حفلات موسم جدة (حسابها على إنستغرام)
ماجدة الرومي في حفلات موسم جدة (حسابها على إنستغرام)

في كل مرة تقف ماجدة الرومي على المسرح، تُحدث حالة فنية لا تشبه غيرها. تسرق بصوتها الألباب، وتعانق الروح بكلماتها النابعة من القلب. يلحق بها جمهورها إلى آخر الدنيا، ليس فقط من أجل التمتع بعذابة صوتها وقوته، بل أيضاً للتزود بحفنة من ثقافتها وفكرها الحر. فتتوجه إليهم برسالة معينة تروي غليلهم بكلمات ليست كالكلمات.
لبت الرومي دعوة السعودية، كي تشارك ولأول مرة في «حفلات موسم جدة»، فتألقت أمام جمهور جاء بالآلاف ليستمتع بغنائها. وتصدر وسم (هاشتاغ) «ماجدة الرومي في جدة» التراند على موقع «تويتر». قدمت في الحفل مجموعة من أغانيها المعروفة، من بينها «عيناك ليالٍ صيفية»، و«اسمع قلبي»، و«مفترق الطرق»، و«لا تسأل»، و«لا تغضبي»، و«العالم إلنا»، و«كلمات». وخصت لبنان بأغنية «ست الدنيا يا بيروت» التي تفاعل معها الحضور بشكل لافت.
وبفستان بزرقة بحر جدة، اعتلت الرومي المسرح على وقع تصفيق الجمهور، وما أن أطلت أمامهم، راحوا يلتقطون لها صوراً تذكارية بالمناسبة.
حفلة وصفها بعضهم بالحلم، إذ حملت الرومي جمهورها وحلقت بهم بين الغيوم، وأنستهم كل الهموم والمآسي والمشكلات التي يعيشونها. فكانت أمسية من الخيال كما غرد أحد الحضور.
وشكل حضور الرومي في جدة جسر تواصل بين الشعبين اللبناني والسعودي، وطبعت الجمهور بكلام تؤكد فيه على ذلك. وتسألها «الشرق الأوسط» عما إذا هي تتمسك بالحفاظ على موقعها هذا، فتجد بالكلام من القلب غناءً من نوع آخر؟ ترد: «التواصل في الأساس موجود وقائم، فنحن أبناء المنطقة الواحدة، واللغة الواحدة، والحضارة المشتركة، والتواصل بين شعبينا كان قائماً دائماً. فاللبنانيون الذين يعملون في المملكة هم في وطنهم الثاني، وحضوري في جدة تأكيد على عمق العلاقة بين الشعبين اللبناني والسعودي ومتانتها. أنا هنا كي أجمع القلوب، وأحاول أن أُصلح من موقعي وقدر استطاعتي ما أفسدته السياسة عن قصد أو عن غير قصد». وتتابع في سياق حديثها: «لطالما كان الفن رسالة حضارية إنسانية سامية تجمع بين الشعوب. وهي بالطبع قادرة على الوصول حتى من دون لغة ولا كلمات، والغناء من القلب جوهر عنوانه الصدق».

                                                        ماجدة الرومي حيت جمهورها في السعودية بقلب مرسوم بيديها (حسابها على إنستغرام)
تكمل الحديث مع صاحبة ألقاب كثيرة وبينها «الماجدة»، و«مطربة المثقفين»، و«ملاك الطرب العربي» وغيرها، تسرقك بصوتها الهادئ، وبنبرتها الرصينة والواثقة، هي المعروفة بشغفها وحبها الكبيرين للوطن العربي. وتروي لـ«الشرق الأوسط» عن الذكرى التي احتفظت بها من حفل جدة: «في هذه المدينة الجميلة لفتني شعبها الطيب، والاستقبال الرائع الذي أقيم لي وللفرقة، والحفاوة البالغة التي أُحطنا بها أثرت فينا جداً جداً جداً. ولفتني أيضاً جمال البحر الأزرق الممتد أمام عينيَ، كثوب مرصع بالماس، والسماء التي لم تعكر صفوها غيمة، ولم تُطاوِلْ شمسَها أجنحة العتمة. كانت رحلة أكبر من النسيان».
اتسمت حفلة ماجدة الرومي في جدة بانسجام تام للحضور مع أغانيها وبتفاعل ملحوظ معها، فكانوا يترقبون كل لحظة من لحظات وصلاتها الغنائية مأخوذين بأدائها الأنيق وبإطلالتها المتألقة. وشاركت متابعيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بمقتطفات من البروفات الخاصة في حفل جدة، وكذلك بمقتطفات من اللحظات التي سبقت اعتلاءها المسرح.
وفي سؤال عما إذا كانت تفضل عند اعتلائها المسرح أن يكون الجمهور ملكاً لها قلباً وقالباً تقول: «لقد غنيت وحدي منذ البدايات حتى الآن، ولكن حدثت دائماً استثناءات، وقد تحدث بالتأكيد في المستقبل. كيف لا وقد كنتُ قد غنيت في حفلات سابقة مع جوزيه كاريراس، ويوسو أندور، والراحل زكي ناصيف، ضمن ظروف ومناسبات معينة، فالظروف الخاصة قد تحدث دوماً».
من الأغنيات التي أنشدتها ماجدة الرومي في حفل جدة، واحدة خصت بها لبنان، «ست الدنيا يا بيروت»، وعلا تصفيق الجمهور تفاعلاً وحماساً. فهل هي صرخة قصدتِ إيصالها في هذه المناسبة؟ تجيب: «لقصيدة (ست الدنيا يا بيروت)، مكانة خاصة جداً عندي. هذه قصيدة لنزار قباني كتبها لبيروت الحزينة والمدمرة بعد حرب السنتين، بداية الحرب الأهلية في لبنان. ولحنها لي يومها الموسيقار الراحل الدكتور جمال سلامة. عندما اخترتها، طلبت غناءها عبر مكالمة هاتفية مع الراحل نزار قباني، وكان في لندن في تلك الفترة. أما بيروت فكانت تحترق وتُدمَر وسط قصف غير مسبوق في عام 1989، طلب مني الشاعر قباني يومذاك، أن تكون عملاً كـ«اللامارسييز) الفرنسي، فغنيتها على المسرح، صيف عام 1991، ومنذ ذلك التاريخ لم تغب عن أي من حفلاتي». وتضيف: «نعم هي كانت دائماً بمنزلة صرخة ودعوة لإعمار بيروت في زمن الحرب. وكانت في زمن السلم عنوان إباء وفخر بمدينة هي سيدة العواصم وشرفة الدنيا. وما تعرضت له بيروت عام 2020 من دمار تسبب بتهديم نصف مناطقها بعد تفجير 4 أغسطس (آب)، أعاد قصيدة (ست الدنيا يا بيروت) إلى الواجهة بقوة، لأنها صرخة وجع كل لبناني».
من ناحية ثانية، تحضر ماجدة الرومي مجموعة من الأعمال الجديدة، وقد سجلت وأنجزت واحدة منها أخيراً بعنوان «عندما ترجع بيروت». وهي من شعر الراحل نزار قباني، ولحنها اللُبناني يحيى الحسن، ومن توزيع ميشال فاضل. وتعلق: «من المتوقع أن تصدر في وقت يتزامن مع اقتراب الذكرى الثالثة لانفجار بيروت، أي في 4 أغسطس المقبل، الذي أعده ذكرى اغتيال الشعب اللبناني الشهيد كله وبيروته الحلوة».
وعما إذا ممكن أن تغني بالخليجية، تقول: «غنيت الكثير من القصائد بالعربية الفصحى. وأيقنت أنها هي التي تجمعنا مهما اختلفت لهجاتنا من لبنان إلى مصر إلى الخليج العربي إلى المغرب العربي. اللهجات كثيرة جداً، لكن لغتنا العربية واحدة، وهي تجمع الكل تحت سماء مباركة واحدة، وقبة أصيلة واحدة، ومن ثَم هي لها مكانتها عند كل عربي أصيل».
وتتوقف الرومي عند غنائها بالمصرية، وتقول: «حدث أيضاً أن غنيت باللهجة المصرية الغالية جداً على قلبي، والقريبة مني قربها لكل الأرض العربية. وحييت أيضاً بعض البلدان العربية الحبيبة، كالجزائر بلد المليون شهيد، وتونس عاصمة الياسمين، والمغرب أرض الفرح، ببعض الأغاني الفولكلورية الجميلة الرائعة التي تخص هذه الأوطان الحبيبة. أما فيما يتعلق بالخليج بالذات، فإن كل أنظاري تتجه صوب الكبير المُبدِع محمد عبده وأعماله الرائعة. وللكلام بقية وموعد ولقاء».
لا تفوت الرومي الفرصة لإبداء رأيها بالوضع اللبناني. فهي على تماس دائم مع الناس، وتقف على همومهم عن قرب، تماماً كما فعلت إثر انفجار بيروت. حين جالت بينهم واستطلعت أراءهم وتعرفت إلى همومهم وعزتهم بضحاياهم. وغالباً ما حملت حفلاتها رسائل مباشرة عن لبنان ورجال السياسة فيه. كما كررت أكثر من مرة دعمها ووقوفها إلى جانب الجيش اللبناني. فكيف تنظر اليوم إلى أوضاع لبنان؟ ترد: «لبنان في خطر شديد، وكلنا يعلم ذلك. الأرض تُسرَق منا كل يومٍ أكثر. ولكن نحن نعلم أيضاً أن هذه الشدة المرعبة إلى زوال، وسنطويها بإرادتنا تماماً كما طوينا غيرها من المصائب، لأن الله معنا. فهو رب هذا البلد الحبيب وخالقه. لا لن يلتفت إلى الخائنين والمجرمين، بل سيلتفت إلى كل صلاة طالعة من صميم القلب، ولن تذهب دموعنا ومعاناتنا وصمودنا واستبسالنا في الدفاع عن أرضنا وسيادة لبنان، سُدى، لن تذهب دماء الشهداء إلى التراب دونما رجعة. بل ستُزهر سلاماً وأمناً وحباً. فالله يُمهِل ولا يُهمل. لا بد في الأرض من حق، ولا بد من فجرٍ آتٍ. فكل الحروب إلى نهايات وتبقى أوطاننا. كل الطغاة إلى جهنم وتبقى ديارنا. ومهما طال الزمن تبقى كلمة الله فوق كل كلام البشر».
الصفاء الذي تتمتع به الرومي وهي تتحدث أو تغني، ينعكس إيجاباً على محبيها. فهل في رأيها الساحة الفنية اليوم، تفتقد هذا الصفاء؟ «من طبعي أنني صوفية الميول. صلاتي لا تفارقني ثانية، ورأي رب العالمين في مسلكي مهم جداً وله الأولوية في عمري. وبعد، لا صداقات متينة لي في المجال الفني، لذا لا أعرف الكثير عن مسلك باقي الفنانين. وبناءً عليه، لا يسعني أن أحكم من موقعي على أحد، وأتمنى للجميع الخير والتوفيق. فمهما كبرنا في هذه الأرض، ومهما نجحنا، ومهما تمجدنا وتدللنا، في النهاية سنواجه الموت يوماً ما. وأرجو في ذلك اليوم ألَا أقف فارغة اليدين أمام ربي. رضا الله له كل القدسية في نفسي. لن أحيد عن دربه، ويبقى أن صوتي هو طريقي إلى السماء وللحديث بقية».
وتختم لـ«الشرق الأوسط» متوجهة إلى أهل المملكة العربية السعودية: «أحبكم كثيراً، وأدام رب العالمين السعودية حرة آمنة أبية مزدهرة قوية بقيادتها الشريفة وشعبها الحبيب إلى الأبد».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

عون يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة بديلة لـ«اليونيفيل»

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عون يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة بديلة لـ«اليونيفيل»

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)

أبلغ الرئيس اللبناني جوزيف عون، وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله، اليوم (الاثنين)، في قصر بعبدا ببيروت، بأن «لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها في عام 2027»، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وأوضح عون أن هذا الترحيب يأتي «لمساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها».

وأوضح عون أن «خيار التفاوض» الذي تعتمده بيروت مع تل أبيب «هدفه وقف الأعمال العدائية وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الأسرى المعتقلين في إسرائيل، وإعادة السكان الجنوبيين إلى قراهم وممتلكاتهم»، مؤكداً أن «لبنان ينتظر خطوات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، ونعتمد على دول صديقة مثل إيطاليا، للدفع في اتجاه إنجاح العملية التفاوضية».

وشدد الرئيس اللبناني على أن بلاده «محبة للسلام ولا تريد الحرب؛ بل حفظ الأمن وحماية الحدود وبسط سيادة الدولة»، مضيفاً أن هذا «ما يجب أن يتولاه الجيش اللبناني بالتعاون مع الدول الصديقة الراغبة في مساعدته، لا سيما أننا تعلمنا من الحروب المتتالية على أرضنا أنه لا يمكن أن ينتصر فريق على آخر، ولا بد في النهاية من التفاوض».

ولفت عون إلى أن الجيش اللبناني «هو العمود الفقري لضمان الاستقرار؛ ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة كلها» التي تتأثر بالوضع الأمني في لبنان، وأشار إلى «أهمية توفير الدعم» للجيش «الذي لا تقتصر مهماته على الحدود فقط؛ بل على كل لبنان».

بدوره، شدد وزير الدفاع الإيطالي على دعم بلاده للبنان في المجالات كافة، لا سيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار في الجنوب.

وأشار كروسيتو إلى أن بلاده «ترغب في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب نهر الليطاني بعد انسحاب (اليونيفيل) منها»، لافتاً إلى وجود «دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه»، وقال إن «هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب، لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له».

وأشار إلى أن بلاده «تواصل اتصالاتها بهدف تثبيت الاستقرار في جنوب لبنان، وتتابع تطورات التفاوض، وسوف تعمل كي تتحقق نتائج عملية منه، لأنه لا مصلحة لأحد في استمرار التوتر في الجنوب، وعلى إسرائيل أن تدرك هذا الأمر جيداً».

وأكد أن المساعدات الإيطالية للجيش اللبناني سوف تستمر «وفق ما تم الاتفاق عليه مع وزير الدفاع اللبناني خلال محادثاتهما» اليوم.


الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصف عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله» في صيدا بجنوب لبنان.

وتُواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته، بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين، التي استغرقت أكثر من عام قبل وقف هشّ لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قبل أكثر من عام، قُتل قرابة 340 شخصاً بغارات إسرائيلية في لبنان، وفق حصيلةٍ أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى بيانات وزارة الصحة.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب «حزب الله» إلى شمال الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تُبقي على خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بينما يرفض «حزب الله» نزع سلاحه مشيراً إلى أن الاتفاق يلحظ فقط منطقة شمال الليطاني الحدودية. وأقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله»، تطبيقاً للاتفاق، بدأ الجيش تنفيذها، على أن تنتهي المرحلة الأولى التي تشمل المنطقة الحدودية مع إسرائيل (جنوب الليطاني) بحلول نهاية العام. لكنّ إسرائيل صعّدت غاراتها الجوية، في الأِسابيع الأخيرة، متهمة «حزب الله» بإعادة بناء قدراته ومشككة في فاعلية الجيش اللبناني.


إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
TT

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

شرعت آليات تابعة للسلطات الإسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من أربعة طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة»، وأكدت منظمات حقوقية أنها الأكبر من نوعها خلال عام 2025.

ونددت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية بالهدم، ووضعته في إطار «سياسة ممنهجة من التهجير القسري».

ووصل ثلاث آليات إلى الحي الواقع في بلدة سلوان قرب البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، وسط طوق أمني من الشرطة الإسرائيلية، وشرعت بهدم المبنى الذي كانت تقطنه أكثر من عشر عائلات، بينهم نساء وأطفال ومسنّون.

وقال عيد شاور الذي كان يقطن في شقة بالمبنى مع زوجته وخمسة أطفال، إن الهدم «مأساة لجميع السكان».

الآليات الإسرائيلية تهدم المبنى السكني الواقع في بلدة سلوان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كسروا الباب ونحن نيام. طلبوا أن نغيّر ملابسنا ونأخذ الأوراق والوثائق الضرورية فقط. لم يسمحوا لنا بإخراج الأثاث». وأكد أنه «لا مكان لديّ لأذهب إليه»، وأن العائلة المؤلفة من سبعة أفراد ستضطر للبقاء في مركبته.

ورصدت الوكالة الفرنسية ثلاث حفارات تعمل على هدم المبنى أمام أعين الأهالي. وقالت سيدة بحسرة وألم أثناء متابعتها العملية: «هذه غرفة نومي».

ويعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن، ولا تمنحهم البلدية الإسرائيلية إذن بناء إلا بأعداد نادرة لا تتوافق مع الزيادة السكانية.

ويقول الفلسطينيون ونشطاء حقوق الإنسان إن هذا المنع لا يراعي النمو الديمغرافي، ويسبّب نقصاً في المساكن.

جرافات إسرائيلية تشارك في عملية الهدم (إ.ب.أ)

وتنفذ السلطات الإسرائيلية بانتظام عمليات هدم لما تعتبره أبنية غير قانونية بناها فلسطينيون في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين.

ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، في حين تعتبر إسرائيل المدينة بأكملها عاصمتها «الموحدة».

ويعيش أكثر من 360 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، بالإضافة إلى نحو 230 ألف إسرائيلي.

ووصفت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله الهدم بأنه «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تأتي في سياق سياسة ممنهجة تستهدف تهجير المواطنين الفلسطينيين قسراً، وتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين».

الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

وفي بيان مشترك، قالت منظمتا «عير عميم» و«بمكوم» الحقوقيتان الإسرائيليتان إن هدم المبنى بدأ «دون إنذار مسبق»، وقبل ساعات من اجتماع كان مقرراً بين محامي العائلات ومسؤول في بلدية القدس لـ«مناقشة إجراءات ممكنة لتسوية أوضاع المبنى».

وبحسب المنظمتين، فإن العملية تمثل «أكبر عملية هدم نُفذت في القدس خلال عام 2025»، مشيرتين إلى أن «نحو 100 عائلة من القدس الشرقية فقدت منازلها هذا العام».

ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت بلدية القدس الإسرائيلية إن المبنى «بُني دون ترخيص»، وإن «أمر هدم قضائياً سارٍ ضد المبنى منذ عام 2014». وأشارت إلى أن الأرض المقام عليها المبنى «مصنفة لأغراض الترفيه والرياضة»، وليست للسكن.

إخلاءات في بيت لحم

إلى ذلك، أخطرت القوات الإسرائيلية اليوم عائلات فلسطينية بوقف بناء وإخلاء خمسة منازل في شرق بيت لحم ومخيم جنين بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية قولها إن «قوات الاحتلال الإسرائيلي أخطرت ، اليوم ، بوقف بناء أربعة منازل في قرية العساكرة شرق بيت لحم بحجة عدم الترخيص».

بدورها، قالت مصادر محلية إن «قوات الاحتلال دفعت بآليات عسكرية ومعدات ثقيلة ومعدات هندسية وآليات تعبيد شوارع إلى مخيم جنين ، كما أخطرت
عائلات في عمارة الزهراء في محيط المخيم بإخلاء منازلهم تمهيدا لبدء أعمال تعبيد شوارع في المكان».

وأشارت الوكالة إلى أن عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها متواصل منذ 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تفيد تصريحات رسمية لبلدية
جنين بأن «الاحتلال هدم قرابة 40 % من مخيم جنين، فيما يواصل فتح شوارع جديدة في المخيم وهدم بنايات وتغيير جغرافيته».