دخل الجيش اللبناني يوم أمس الخميس في خطوة غير معلنة إلى وسط بلدة عرسال الحدودية الشرقية، والتي كان يتمركز عند تخومها ومداخلها منذ أغسطس (آب) الماضي، حين صد هجوما لمسلحين حاولوا السيطرة عليها أوقع عددا من القتلى في صفوفه وانتهى باختطاف عدد من عناصره.
واتجهت دبابات فوج اللواء الثامن في الجيش من جهة وادي حميد والمصيدة إلى داخل البلدة، وجالت عند مداخل مخيمات اللاجئين السوريين، كما قام عناصر الفوج بدوريات وبنصب حواجز ظرفية، وسط ترحيب حار ونثر للأرز من قبل الأهالي.
وبينما أفيد باتخاذ تدابير استثنائية على مداخل ومخارج عرسال بالتزامن مع إخضاع المارة والسيارات للتفتيش، أصدر «شباب عرسال» بيانا أكدوا فيه أن بلدتهم «بأغلبية أهلها تقف خلف الجيش الوطني اللبناني والأجهزة الأمنية الرسمية كافة»، معلنين ترحيبهم بدخول الجيش إلى البلدة لـ«وضع حد للفلتان المستشري داخلها». وأكد البيان «ثقة أهل عرسال الكاملة بقيادة الجيش الحكيمة بكل ما تراه مناسبا في الجرود دفاعا عن عرسال وكل لبنان»، وأضاف «لن نسمح لأي مخل بالاعتداء على جيشنا الوطني من داخل البلدة». وطالب البيان «الإخوة النازحين السوريين بالتعاون الكامل مع أهالي عرسال والأجهزة الأمنية، وعدم السماح لأي شاذ باستخدام المخيمات منصة وقاعدة للأعمال الإرهابية أو التخريبية حفاظا على الأمن في البلدة»، كما حثّ الحكومة اللبنانية على «وضع خطة عمل عاجلة لتخفيف أعباء النزوح السوري».
وتحدثت مصادر ميدانية عن «سباق تعيشه منطقة البقاع بين التصعيد والحل السياسي – التفاوضي»، لافتة إلى أن «دخول الجيش إلى عرسال سبقه توزيع برنامج عمل لشيوخ العشائر في بعلبك والهرمل وغيرهما من المناطق حيث الأكثرية الشيعية، الذين سيعقدون سلسلة اجتماعات من المرجح أن تنتهي لدعوة حزب الله لحسم الوضع في جرود عرسال، من منطلق أنّهم لا يمكن أن يظلوا رهينة المسلحين المنتشرين في المنطقة».
واعتبرت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن دخول الجيش إلى عرسال «شكّل عنصر تنفيس للاحتقان الحاصل قد يفتح الطريق أمام إعادة تحريك المنحى التفاوضي لحل الأزمة التي تصدرت الاهتمامات اللبنانية أخيرا». وأوضحت المصادر أن «عددا من المطلوبين السوريين تركوا مخيمات النازحين بالتزامن مع دخول الجيش إلى وسط البلدة، واتجهوا إلى الجرود قبيل انطلاق أي مداهمات محتملة بحثا عنهم».
وشدد قائد الجيش العماد جان قهوجي على أن «الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد والسجالات الداخلية حول الاستحقاقات والمواضيع المطروحة لن تؤثر إطلاقا على إرادة الجيش في الحفاظ على مسيرة السلم الأهلي وحماية العيش المشترك بين اللبنانيين، كما في مواصلة مواجهة التنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية». وأكّد قهوجي خلال تفقده فوج المدفعية الأول في بيروت «عدم السماح بأي تعمية أو تشويش أو تحريف للتضحيات الهائلة التي قدمها الجيش في المواجهات الشرسة التي يخوضها ضد هذا الإرهاب التكفيري منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، وقد قام الجيش بما لم تتمكن منه أقوى الجيوش التي واجهت وتواجه تنظيمات كهذه».
وأجّلت الحكومة اللبنانية في الجلسة التي عقدتها يوم أمس البحث بملف عرسال وجرودها إلى يوم الاثنين المقبل، وقال وزير الإعلام رمزي جريج بعد الاجتماع «بحث المجلس الوضع في عرسال وجرودها، وكان النقاش حوله رصينا وهادئا، وعرض وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق الوضع الأمني وقضية التعيينات، وتقرر تخصيص جلسة لاستكمال البحث بهذين الملفين».
واعتبرت كتلة حزب الله النيابية أن «التصدي لخطر المجموعات الإرهابية التي تتخذ من عرسال مقرا لها هو واجب وطني على الجميع، ولا يحتمل أي تقصير»، مشددة على أن «الحكومة مسؤولة عن القيام بواجباتها في هذا الصدد»، ومؤكدةً على أن «المقاومة دوما جاهزة للدفاع عن لبنان وشعبه، فضلا عن أنها حق مشروع، وهي تساند الجيش والمؤسسات الأمنية والعسكرية في هذا الأمر».
وفي سياق متصل، هدّد أهالي العسكريين المختطفين لدى جبهة النصرة وتنظيم داعش الحكومة اللبنانية بقطع الطرق من البقاع والشمال عن بيروت، بعدما فتحت القوى الأمنية شارع المصارف في وسط بيروت والمؤدي إلى ساحة رياض الصلح، حيث يعتصم الأهالي منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2014 في محاولة منهم للضغط على الحكومة اللبنانية للإفراج عن أبنائهم المختطفين.
وقامت القوى الأمنية بإزالة الأسلاك الشائكة بالقوة، في وقت لم يوجد فيه أي من أهالي العسكريين هناك.
الجيش اللبناني يتحرك داخل عرسال مستبقًا عمليات حزب الله في الجرود
مصادر ميدانية لـ {الشرق الأوسط} : اجتماعات مكثفة لعشائر البقاع تمهد للهجوم
الجيش اللبناني يتحرك داخل عرسال مستبقًا عمليات حزب الله في الجرود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة