التمست النيابة بمحكمة الجنايات في العاصمة الجزائرية، ليلة أول من أمس، السجن 10 سنوات مع التنفيذ بحق وزير العدل السابق الطيب لوح، والسجن 5 سنوات مع التنفيذ ضد سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وكبير مستشاريه سابقاً، وذلك على أساس تهمة «التأثير على القضاء» بغرض إلغاء أوامر دولية بالقبض صدرت سنة 2013 بحق وزير الطاقة آنذاك شكيب خليل، المقيم حالياً بالولايات المتحدة، والذي هو محل مذكرة اعتقال دولية.
وظهر لوح متوتراً وهو يجيب عن أسئلة القاضية، التي قال إنها «ترتكب خطأً سياسياً كبيراً بمحاكمتي؛ لأن فيها تجاوزاً للقانون، كونها جاءت بناء على سياسة المنجل»... و«المنجل» وصف أطلق على قائد الجيش الراحل، الفريق أحمد قايد صالح، للدلالة على صرامته في إنزال العقاب بالمسؤولين المتورطين في قضايا الفساد. ويحتفظ المتتبعون بصور فيديو مثيرة يقول فيها الضابط العسكري الكبير لوزير العدل بلقاسم زغماتي: «يجب أن تذهب إلى أبعد حد»، وكان يقصد بكلامه ألا تأخذه رأفة بوجهاء الحكم المسجونين. فرد عليه الوزير: «شكراً... ألف شكر».
وكان قايد صالح وراء تنحي بوتفليقة عن الحكم في 2 أبريل (نيسان) 2019، وهو من أمر بسجن كل رموز النظام قبل عامين ونصف؛ وأهمهم رئيسا الوزراء أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وسعيد شقيق الرئيس، والعديد من الوزراء؛ من بينهم لوح. كما أنه أطلق مذكرة اعتقال ضد وزير الدفاع الأسبق اللواء خالد نزار ونجله لطفي، اللذين كانا يقيمان في إسبانيا. وتوفي قايد صالح نهاية 2019 إثر أزمة قلبية.
واتهمت النيابة سعيد بوتفليقة بتوجيه أوامر للوزير لوح عام 2015 قصد إبطال كل المتابعات ضد خليل وزوجته الأميركية وأحد أبنائه، بعد اتهامهما بتسلم رشوة وعمولات في صفقة تخص مشروعات نفطية مشتركة مع عملاق الطاقة الإيطالي «إيني». وقال المستشار الخاص لبوتفليقة سابقاً إن شقيقه كلفه متابعة قضية الخليل، الذي قال عنه إنه «صديق العائلة»، وإن علاقات شخصية قوية كانت تربطه بالرئيس منذ الطفولة، مشيراً إلى أنه بعث برسائل هاتفية للوزير لوح يطلب منه فيها النظر في هذه القضية، لكنه لم يضغط عليه لإصدار أي قرار لفائدة وزير الطاقة السابق وعائلته، حسب تعبيره، مبرزاً أن ذلك كان هو «أسلوب الرئيس في تكليف مستشاريه بمتابعة الملفات المهمة».
وبدت القاضية غير مقتنعة بمبررات سعيد بوتفليقة، وقالت إن موقعه مستشاراً لا يتيح له قانوناً التواصل مع وزير العدل بخصوص وقائع فصل فيها القضاء، أو هي محل تحقيق. كما حاول سعيد إبعاد الشبهة عن نفسه، بشأن الاتصال بلوح لإعادة النظر في أحكام صدرت في قضية تخص أعمال ومشروعات رجل الأعمال علي حداد، الذي التمست النيابة السجن 5 سنوات ضده، وهو يقضي عقوبات ثقيلة في ملفات أخرى.
وأكد لوح بخصوص اتهامه بالتأثير على القضاء في ملفي خليل وحداد أن متابعته «ستبقى نقطة سوداء في تاريخ البلاد». وتساءل بنبرة استهجان عن سر اتهامه باختلاس المال العام والرشوة من طرف النيابة، عندما اعتقل عام 2019، مبرزاً أن «الموضوع يتعلق في الواقع بالتسيير القضائي للملفات، وهو أمر لا يجرمه القانون الجزائي، فهو يتعلق بقضية مدنية»، مضيفاً: «أمام هكذا محاكمات، نعطي حججاً لأعداء الجزائر للتهجم على جهازها القضائي أمام هيئات حقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة».
واتهم لوح رئيس أركان الجيش السابق بإعطاء أوامر لوزير العدل بلقاسم زغماتي (سفير الجزائر لدى جمهورية التشيك حالياً) لـ«تفعيل سياسة المنجل»، ويقصد بها سجن الرموز المحسوبين على بوتفليقة، مشيراً إلى أن الفريق صالح «ليس له صلاحية تنظيم الانتخابات»، في إشارة إلى انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019 التي اقترح قائد الجيش موعدها في خطاب شهير، ونفذ رئيس الدولة الانتقالي آنذاك عبد القادر بن صالح طلبه.
رموز بوتفليقة يحاكمون «سياسة المنجل» المنسوبة لقائد الجيش
مطالب بتشديد العقوبة ضد شقيق الرئيس السابق ووزيره للعدل
رموز بوتفليقة يحاكمون «سياسة المنجل» المنسوبة لقائد الجيش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة