«داعش» يسيطر على معظم مدينة تدمر وانسحاب كثيف للقوات النظامية

اليونيسكو «قلقة جدًا» إزاء دخول التنظيم المدينة ودعت إلى وقف «فوري» لإطلاق النار

«داعش» يسيطر على معظم مدينة تدمر وانسحاب كثيف للقوات النظامية
TT

«داعش» يسيطر على معظم مدينة تدمر وانسحاب كثيف للقوات النظامية

«داعش» يسيطر على معظم مدينة تدمر وانسحاب كثيف للقوات النظامية

سيطر تنظيم داعش مساء أمس بشكل شبه كامل على مدينة تدمر في وسط سوريا، بعد انسحاب كثيف لعناصر القوات النظامية من مختلف أنحاء المدينة، بحسب ما ذكر ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «انسحب عناصر قوات النظام بكثافة من كل المناطق». إلا أنه أشار إلى أن التنظيم لم يدخل سجن تدمر (شرق المدينة) ومقر المخابرات العسكرية في غربها الذين توجد فيهما أعداد كبيرة من الجنود.
وعبرت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) أمس الأربعاء عن «قلقها الشديد» إزاء دخول تنظيم داعش أجزاء من مدينة تدمر السورية ودعت إلى وقف «فوري» لإطلاق النار.
وقالت إيرينا بوكوفا في بيان «أنا قلقة جدا إزاء الوضع في موقع تدمر. المعارك تعرّض أحد أهم المواقع في الشرق الأوسط والسكان المدنيين فيه للخطر». وأضافت: «أكرر ندائي لوقف فوري للأعمال الحربية في الموقع» المدرج ضمن التراث العالمي للإنسانية. وطلبت من «المجتمع الدولي أن يبذل كل ما بوسعه لحماية المدنيين وحماية تراث تدمر الثقافي الفريد».
وقال عبد الرحمن، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن «فرع المخابرات العسكرية» الذي يضم مئات العناصر من قوات النظام وتدور المعارك العنيفة على مقربة منه، له الدور الأبرز في معركة تدمر، وبالتالي فإن النظام لن يصمد، ومصير الآثار سيكون مجهولا، في حال تمكن التنظيم من السيطرة عليه.
وأشار عبد الرحمن، إلى أنّ المئات من عشيرة الشعيطات التي سبق لها أن تعرضت لإعدامات جماعية على أيدي التنظيم، وهرب قسم كبير منها إلى ريف حمص، تشارك في القتال بشكل كبير إلى جانب النظام. وأوضح «أنّ مئات الشباب من العشيرة يشاركون في المعركة بعدما كانوا قد خضعوا لتدريبات في معسكرات خاصة في ريف تدمر، وقد سجّل لغاية الآن مقتل 15 منهم في ضربة واحدة قبل أيام قليلة في شمال المدينة».
وفيما يحيط الخطر بآثار المدينة ومصيرها، قال مأمون عبد الكريم مدير عام المتاحف والآثار السورية، بأن مئات التماثيل نقلت من مدينة تدمر الأثرية إلى أماكن آمنة، بعيدا عن متشددي تنظيم داعش الذين تمكنوا من دخول المدينة، ولكن الخطر يحيط الآن بالمتحف والآثار الكبيرة التي لم يكن من الممكن نقلها، داعيا إلى إنقاذ المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة «اليونيسكو».
وقال عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية بأن مقاتلي التنظيم تمكنوا من السيطرة على كامل الجزء الشمالي من مدينة تدمر، بعد ما لاذت القوات النظامية بالفرار من هذه المنطقة التي تمثل ثلث المدينة.
وأقرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) بدخول التنظيم إلى المدينة، إذ أوردت أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة تتصدى للمجموعات الإرهابية التي تسللت إلى أطراف الحي الشمالي للمدينة وتوقع بين أفرادها قتلى ومصابين».
وكان التنظيم قد استولى صباحا على مبنى أمن الدولة وعلى حاجز في المنطقة، بالقرب من أحد الأبنية الذي يضم القيود المدنية لسكان المدينة. وأكد الناشط محمد المتحدر من تدمر لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «عناصر النظام قد فروا بعد استيلاء التنظيم على مبنى أمن الدولة»، مشيرا إلى أنّ عناصر القوات النظامية لجأت إلى فرع المخابرات العسكرية الواقع في جنوب غربي المدينة بالقرب من المعالم الأثرية الشهيرة.
ويأتي تقدم التنظيم إثر اشتباكات عنيفة استمرت منذ ليل الثلاثاء في محيط الأحياء الشمالية للمدينة، بحسب المرصد الذي أشار إلى ترافق الاشتباكات «مع قصف متبادل بقذائف الهاون والمدفعية».
ونقلت «شبكة الدرر الشامية» عن مصادر ميدانية، أن عناصر داعش تمكنوا من السيطرة على مبنى فرع أمن الدولة ومديرية المنطقة ومدرسة أذينة ومبنى الفرن الآلي في مدينة تدمر، بعد مواجهات ضارية مع قوات النظام.
وأشارت الشبكة إلى تقدم مقاتلي التنظيم باتجاه الحي الأوسط، حيث قام بعض العناصر بالتجول في الحي بالقرب من الساحة العامة في وسط المدينة، كما هربت كافة عناصر قوات النظام المتواجدة في حاجز خطاب بالحي الشرقي من أماكنهم باتجاه فرع الأمن العسكري. وقالت مصادر ميدانية، إن التنظيم بات على بعد مئات الأمتار فقط من المعالم الأثرية في المدينة التي أبدت جهات عدة مخاوف من تعرضها للتدمير في حال وصول التنظيم إليها.
وقد طلبت تنسيقية الثورة في تدمر من المواطنين توخي الحذر في تنقلاتهم داخل المدينة؛ إذ يُطلق قناصة النظام النارَ على أي شيء يتحرك في الشوارع العامة، وضمن الشوارع الفرعية التي تطل عليها محارس فرع الأمن العسكري وسجن تدمر.
وبحسب ناشطين، فإنه رغم التعزيزات والأرتال العسكرية المتوالية التي أرسلها نظام الأسد إلى محيط المدينة، فإن عناصر التنظيم اقتربوا من مبنى البلدية ومتحف المدينة، وسط حالة نزوح واسعة تشهدها المدينة.
وكان التنظيم سيطر السبت على أجزاء واسعة من شمال المدينة، إلا أن القوات النظامية تمكنت من صده في أقل من 24 ساعة.
وبدأ التنظيم في 13 مايو (أيار) هجوما في اتجاه تدمر التي تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي بالنسبة إليه، إذ تفتح له الطريق نحو البادية المتصلة بمحافظة الأنبار العراقية. كما أنها مهمة من الناحية الدعائية، كونها محط الأنظار عالميا بسبب آثارها المدرجة على لائحة التراث العالمي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.