منظمات دولية تعلق أنشطتها داخل «الهول» بعد هجوم مسلح

125 منظمة سورية وكردية تخاطب مؤتمر بروكسل للمانحين

صورة أرشيفية لمخيم الهول قرب محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لمخيم الهول قرب محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

منظمات دولية تعلق أنشطتها داخل «الهول» بعد هجوم مسلح

صورة أرشيفية لمخيم الهول قرب محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لمخيم الهول قرب محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

علقت «منظمة المجلس النرويجي للاجئين» (NRC) أنشطتها الإنسانية في مخيم الهول شرق محافظة الحسكة، بعد تعرض مكتبها لاعتداء وهجوم مسلح في القطاع الخامس. وقال مصدر أمني بارز، إن جميع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في المخيم انسحبت بشكل كامل من القطاع ذاته على إثر الحادثة. وكشف المصدر الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أن مسلحين ملثمين، هاجما مكتب المنظمة النرويجية في وضح النهار، وهددا الموظفين مستخدمين الأسلحة الرشاشة وعمدا إلى الاعتداء عليهم، في ثاني حادثة من نوعها في المخيم.
وقال المصدر: «إن المسلحين وجها أسلحتهما نحو الموظفين الموجودين داخل المكتب القانوني للمنظمة، وسرقا ثلاثة أجهزة حواسيب، واعتدا على الموظفين بالضرب، قبل أن يلوذا بالفرار إلى جهة مجهولة»، وبعد الحادثة غادر الموظفون مكاتبهم احتجاجاً على تدهور الوضع الأمني داخل المخيم. وشنت قوى الأمن الداخلي «الأسايش» حملة أمنية واسعة أسفرت عن اعتقال 23 شخصاً مشتبهاً بهم، بدعم وتنسيق مع قيادة غرفة عملية «العزم الصلب». وكشف المصدر الأمني، أن أعضاء المجموعة النشطة «ينتمون لجنسيات عربية وغربية جرى إلقاء القبض عليهم بتهمة التواصل والتنسيق مع خلايا (داعش) خارج المخيم»، وأن التحقيقات الأولية تشير إلى تورط أعضاء الشبكة التي وصفها بالإرهابية، كانت تعد للقيام بأعمال عنف وتفجيرات داخل المخيم مدن وبلدات ثانية في عموم مناطق شمال وشرق سوريا.
كما اعتقلت 8 نساء غالبيتهن من الجنسية الأوزبكية في عملية أمنية منفصلة نفذتها قوى الأمن في قسم المهاجرات بالمخيم، وقامت قوات «الأسايش» بإطلاق العملية الأمنية بعد نجاة شابين سوريين في العشرينات من محاولة اغتيال في الثالث من الشهر الحالي، والعثور على جثة لاجئ من الجنسية العراقية داخل القسم الأول من المخيم في مقتبل الشهر، كما أحصت إدارة المخيم ومنظمات سورية حقوقية مقتل 6 أشخاص بالهول خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي.
هذا ويضم مخيم الهول نحو 57 ألفاً معظمهم من النساء والأطفال، يشكل السوريون والعراقيون النسبة الكبرى من تعداد قاطنيه، كما يؤوي نحو 12 ألف طفل وامرأة من عائلات مسلحي تنظيم «داعش» محتجزين لدى قوات «قسد»، ينحدرون من 50 جنسية غربية وعربية. وشنت وحدات خاصة تتبع «قوات سوريا الديمقراطية»، بدعم من قوات التحالف الدولي والجيش الأميركي، حملات أمنية متكررة وألقت القبض على المئات من المشتبهين بتورطهم في جرائم قتل وتهريب البشر.
الى ذلك؛ خاطبت 125 منظمة سورية وكردية تعمل في مناطق شرقي الفرات وإقليم كردستان العراق، مؤتمر بروكسل السادس للمانحين حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة الذي نظمه رئاسة الاتحاد الأوروبي، أمس، في العاصمة البلجيكية، وقالت هذه المنظمات في بيان مشترك، إن معظم المواطنين السوريين الذين عاشوا سنوات طويلة من الحرب، «ما زالوا يترقبون بحذر التطورات العسكريّة والسياسية في البلاد، ويتعرضون لهجمات عسكرية عنيفة تشردهم من ديارهم».
وأشار البيان إلى خمسة محددات رئيسية مطلوبة من المانحين للعمل عليها في هذه المناطق الخارجة عن سيطرة القوات الحكومية، والتي تواجه حصاراً محكماً وسط إغلاق جميع المعابر والمنافذ البرية المؤدية إليها. وجاءت عمليات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي على رأس مطالبها، حيث ناشدت هذه الجهات السورية المجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري من أجل وقف عمليات التهجير والعمل على إعادة السكان الأصليين إلى مناطقهم، «وتعويض المتضررين وإزالة الآثار الناجمة من عمليات التهجير، والتأكيد على ضرورة إيجاد حلول مستدامة لأكثر من نصف مليون مهجّر ونازح سوري جُلّهم من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض»، في إشارة إلى المهجرين من مناطق العمليات العسكرية التركية شمال شرقي البلاد.
وتطرق بيان المنظمات إلى قضية الأمن الغذائي، وأن منطقة الجزيرة السوريّة الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية تشهد تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي والحيواني، نتيجة موسم الجفاف والتصحر للعام الثاني على التوالي، وصعوبة تأمين البذار؛ «فمخزون القمح في شمال وشرق سوريا تضاءل إلى حد عدم إمكانيّة توفّره لأكثر من ثلاثة أشهر، مما دفع سلطات الإدارة إلى استخدام حبوب الذرة في صناعة الدقيق لإنتاج الخبز»، وشددت على أن المطلوب في المرحلة القادمة اتباع سياسة تنموية، من خلال مشاريع زراعيّة صغيرة ومتوسطة وكبيرة، وصناعات مرتبطة بالتنمية الزراعيّة توفر موارد ماديّة وبشريّة في المنطقة وتخلق فرصا للاكتفاء الذاتي، وبالتالي سوف تساهم في حماية الأمن الغذائي.
ولفتت هذه المنظمات عبر بيانها إلى قضية النازحين الداخليين والقاطنين في المخيمات المنتشرة في مناطق نفوذ قوات «قسد» والإدارة الذاتية، الذين قدموا من باقي المحافظات السورية، وأكدت أن الإحصاءات الأولية «تشير إلى أنه يقطن مليون نازح ومهجّر يفتقدون لأبسط مقومات الحياة، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والأمني والغذائي». وختمت المنظمات بيانها بالقول: «لم يفقد سكان المنطقة بعد الأمل بالانتصار على الحرب، فهم مصممون على تجاوزها، وهم بحاجة لدعم دولي حقيقي يمهد الطريق لتحقيق حياة مستقرة آمنة في ظل نظام سياسي جديد».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.