في خطوة غير مسبوقة، حددت إيران موعدا لتنفيذ حكم الإعدام بحق سويدي من أصل إيراني بتهمة التجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية، في محاولة للضغط على السويد، بينما انتهت محاكمة تاريخية لمسؤول إيراني سابق متهم بارتكاب جرائم حرب خلال حملة تطهير ضد معارضين عام 1988، ومن المقرر صدور الحكم في هذه القضية في يوليو (تموز).
وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية أمس نقلا عن مصادر لم تسمها بأنه من المقرر إعدام السويدي من أصل إيراني، أحمد رضا جلالي بحلول 21 مايو (أيار)، بتهمة التجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية سيُعدم هذا الشهر.
واعتقل جلالي (61 عاما) وهو طبيب وباحث في طب الكوارث في 2016 أثناء زيارة أكاديمية بدعوى من جامعة طهران.
وقالت وزيرة الخارجية السويدية آن ليند على حسابها على تويتر «السويد والاتحاد الأوروبي ينددان بعقوبة الإعدام ويطالبان بالإفراج عن جلالي». وأضافت «قلنا ذلك مرارا لممثلين إيرانيين. نحن على اتصال مع إيران» حسبما أوردت رويترز.
جاء الإعلان قبل قليل من انتهاء محاكمة تاريخية حميد نوري، وهو مسؤول سابق بالادعاء الإيراني اعتقلته السلطات السويدية عام 2019، في استوكهولم، بعدما قدم معارضون إيرانيون في السويد شكاوى ضده لدى الشرطة. وهو يحاكم بتهمة المشاركة في «جرائم حرب وضد الإنسانية» و«جرائم قتل» أغسطس (آب) 2021 أمام محكمة العاصمة السويدية. ومن المقرر صدور الحكم عليه يوم 14 يوليو (تموز).
وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بأن وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان طالب بالإفراج الفوري عن نوري في مكالمة هاتفية مع نظيرته السويدية ليند، ووصف المحاكمة بأنها «غير قانونية».
وسيواجه نوري في حالة إدانته عقوبة قصوى بالسجن مدى الحياة بتهم ارتكاب جرائم حرب دولية وانتهاكات لحقوق الإنسان.
ونوري متهم بلعب دور بارز في قتل السجناء السياسيين الذين أعدموا بناء على أوامر حكومية في سجن غوهردشت في كرج بإيران عام 1988. وقدرت منظمة العفو الدولية عدد الذين أُعدموا بنحو خمسة آلاف، قائلة في تقرير عام 2018 إن «العدد الحقيقي قد يكون أعلى»، لكن منظمة مجاهدين خلق تقول إن ثلاثين ألفا من مناصريها وأعضائها أعدموا في موجة الإعدامات التي سبقت وفاة الخميني بأشهر.
وهذه المرة الأولى التي يحاكم فيها مسؤول إيراني بتورطه في هذه الإعدامات التي نُفذت بأمر من المرشد الإيراني الأول (الخميني)، مع نهاية الحرب العراقية - الإيرانية.
وبموجب القانون السويدي، يمكن محاكمة المواطنين السويديين وغيرهم على الجرائم التي ترتكب ضد القانون الدولي في الخارج.
كانت وسائل إعلام إيرانية ذكرت في وقت سابق أن وزارة الخارجية الإيرانية استدعت السفير السويدي يوم الاثنين لنقل اعتراض طهران على «الاتهامات الملفقة التي لا أساس لها التي وجهها المدعي العام السويدي لإيران خلال نظر المحكمة لقضية نوري».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رمضان فتحي، وهو أحد الموقوفين السابقين (1980 - 1993) الذي شهد ضد المتهم، قوله: «يا لسخرية القدر، رأيت العديد من أصدقائي يحكم عليهم بالإعدام في محاكمات مدتها دقيقة واحدة في إيران، والآن أرى الفرق هنا».
وتميز اليوم الأخير من المحاكمة التي استمرت تسعة أشهر، بمرافعات الدفاع الأخيرة، تخللتها مداخلات من المدعي العام ومحامي الأطراف المدنية والمتهم.
وقال نوري متوجها إلى المحكمة «أتمنى أن تبرأ يداي». وأضاف في قاعة المحكمة باللغة الفارسية ترجمها مترجم «أيها الأصدقاء، أنا أحبكم، لست غاضبا منكم». وشكر المتهم رئيس المحكمة على حسن سير المحاكمة وهنأ زوجته «لأنها تحظى بزوج كفء».
وطوال المحاكمة التي انتقلت لفترة وجيزة إلى ألبانيا للاستماع إلى بعض الشهادات في نهاية عام 2021، نظم أنصار منظمة «مجاهدين خلق» المعارضة في المنفى ، وقفات احتجاجية خارج محكمة استوكهولم.
وبعد الطعن في مبدأ الولاية القضائية العالمية السويدي الذي يسمح لها بالنظر في القضية بغض النظر عن مكان وقوع الجرائم، شكك الدفاع في شهادة المدعين.
وقال دانيال ماركوس أحد محامي نوري للمحكمة «هناك كثير من الشكوك حول الطريقة التي برز فيها اسم حميد نوري في الشهادات» واصفا الأدلة بأنها «غير كافية».
وبعدما علا التصفيق في نهاية الجلسة الماضية، قال محامي المدعين كينيث لويس إنه «يتطلع لصدور إدانة» معتبرا أن الأدلة في القضية «لا لبس فيها. لقد حاولوا (الدفاع) العثور على ثغرات صغيرة، لكنهم، في رأيي، لم يكونوا مرتاحين» للوضع. إلا أن محامي «مجاهدين خلق» أعرب عن قلقه إزاء «خطر» مغادرة حميد نوري السويد إذا تمت تبرئته قبل تقديم استئناف.
وأدت المحاكمة إلى زيادة توتر العلاقات بين استوكهولم وطهران. ونصحت وزارة الخارجية السويدية مواطنيها بعدم السفر غير الضروري إلى إيران.