أكدت روسيا، أمس، أن الحوار بين موسكو وواشنطن حول الاستقرار الاستراتيجي «مجمّد» رسمياً، في حين اعتبرت أن العقوبات الغربية المفروضة عليها وشحنات السلاح لأوكرانيا تعرقل مفاوضات السلام.
ونقلت وكالة تاس للأنباء عن فلاديمير يرماكوف، مدير إدارة منع الانتشار والحد من التسلح بوزارة الخارجية، قوله إن هذه الاتصالات يمكن استئنافها بمجرد اكتمال «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا. وقال يرماكوف إن موسكو تعتقد أن الولايات المتحدة لديها نية إتمام خطط لنشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادي. وتابع أن «ظهور مثل هذه الأسلحة في هاتين المنطقتين سيزيد الوضع سوءاً، ويعزز سباق التسلح».
من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات نُشرت السبت إن رفع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا جزء من محادثات السلام، التي قال إنها «صعبة لكنها مستمرة يومياً عبر رابط فيديو». وانتقد لافروف في حوار خصّ به قناة «العربية»، وبُثّ الجمعة، تغيّر مواقف كييف التفاوضية. وأضاف أن روسيا لا تعتبر نفسها في حالة حرب مع حلف شمال الأطلسي بسبب أوكرانيا، لأن حدوث مثل هذا التطور سيزيد مخاطر اندلاع حرب نووية.
في المقابل، يصرّ الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير (شباط) على أن هناك حاجة لتشديد العقوبات على روسيا، وأن العقوبات لا يمكن أن تكون جزءاً من المفاوضات. وقال الجمعة إن المحادثات تواجه خطر التوقف، وذلك بسبب ما وصفه «بقواعد التلهي بقتل الناس» عند روسيا. واتهمت أوكرانيا القوات الروسية بارتكاب أعمال وحشية في المناطق التي سبق أن سيطرت عليها بالقرب من العاصمة كييف. وتنفي روسيا هذه الاتهامات.
- تكثيف القصف
واصلت القوات الروسية، أمس، ضغوطها على المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، خصوصاً حول خاركيف (شمال شرق) حيث تحاول تعزيز سيطرتها، رغم انتكاسات ميدانية تحدثت عنها كييف.
فقد سمع دوي انفجارات عنيفة ليل الجمعة إلى السبت في خاركيف، ثاني أكبر مدينة في البلاد تقصفها المدفعية الروسية منذ أسابيع. وأدت عمليات القصف الجمعة إلى مقتل شخص واحد على الأقل، وجرح آخرين حسب الإدارة العسكرية لمنطقة خاركيف، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
واعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن الوضع «صعب» في هذه المنطقة، حيث أعادت القوات الروسية تركيز هجومها. لكنه أضاف أن «جيشنا يحقق نجاحات تكتيكية».
في الوقت نفسه، أكد لافروف في مقابلة مع وكالة أنباء الصين الجديدة نشرت أمس، أن «العملية العسكرية الخاصة التي بدأت في 24 فبراير الماضي تسير وفق الخطة بدقة». وأضاف الوزير الروسي: «ستتحقق كل أهداف العملية العسكرية الخاصة رغم العرقلة من جانب خصومنا»، داعياً حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة إلى الكف عن مد كييف بالأسلحة إذا كانا «مهتمين فعلاً بحل الأزمة الأوكرانية».
في المقابل، قال الجيش الأوكراني إن القوات الروسية قصفت منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، أمس السبت، لكنها أخفقت في الاستيلاء على ثلاث مناطق تستهدف السيطرة عليها. وقالت هيئة الأركان العامة في الجيش الأوكراني في تحديثها اليومي إن الروس يحاولون السيطرة على مناطق ليمان في دونيتسك وسيفيرودونيتسك وبوباسنا في لوغانسك، كما نقلت وكالة رويترز. وأضافت: «إنهم لا يحققون النجاح، القتال مستمر».
وبعد الإخفاق في الاستيلاء على كييف في الحرب المستمرة منذ تسعة أسابيع، والتي حوّلت مدناً أوكرانية إلى أنقاض وقتلت آلاف الأشخاص ودفعت خمسة ملايين أوكراني إلى الفرار من بلدهم، نقلت روسيا تركيزها إلى شرق وجنوب أوكرانيا. وتأمل روسيا في السيطرة بالكامل على منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، والمكونة من لوغانسك ودونيتسك، والتي كان انفصاليون مدعومون من موسكو يسيطرون بالفعل على أجزاء منها قبل الحرب.
وقالت موسكو السبت إن وحدات المدفعية التابعة لها قصفت 389 هدفاً أوكرانياً خلال الليل. وذكرت وسائل إعلام روسية، نقلاً عن حاكم منطقة بريانسك، أن الدفاعات الجوية الروسية منعت طائرة أوكرانية من دخول المنطقة السبت، مضيفة أن القصف أصاب أجزاء من محطة للنفط والمنطقة المتاخمة لها. من جهته، قال سيرهي غايداي، حاكم لوغانسك، للتلفزيون الأوكراني إن الروس يقصفون المنطقة بكاملها، «لكن لا يمكنهم اختراق دفاعاتنا». وأضاف أن إجلاء المدنيين سيستمر رغم صعوبة الظروف. وقال غايداي إن الهجمات الروسية أسفرت عن تدمير مدرستين و20 منزلاً في روبيجني وبوباسنا الجمعة، وتقع كل منهما في لوغانسك. وقال ميكولا خاناتوف، رئيس الإدارة العسكرية في بوباسنا، إن حافلتين أرسلتا لإجلاء المدنيين من البلدة تعرضتا لقصف من القوات الروسية الجمعة، ولم يتسن التواصل مع السائقين. ولم يذكر عدد من كانوا على متن الحافلتين.
- دمج وإعادة انتشار
وفي بيان المتابعة العسكري اليومي، ذكرت بريطانيا أن روسيا اضطرت لدمج وإعادة نشر وحدات مستنزفة ومتباينة من عمليات تقدم فاشلة في شمال شرقي أوكرانيا. وكتب الجيش في تغريدة: «ما زال هناك قصور في التنسيق التكتيكي الروسي. نقص في المهارات على مستوى الوحدات وعدم انتظام الدعم الجوي، تركا روسيا غير قادرة على الاستفادة كلياً من حشودها القتالية رغم التحسينات المحلية».
وتابع: «تأمل روسيا في تصحيح الأمور التي كانت تشكل عقبة في غزوها من قبل، عن طريق تركيز القوة القتالية جغرافياً وتقصير خطوط الإمداد وتبسيط القيادة والتحكم». أما في واشنطن، فقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية إن القوات الروسية «بعيدة كل البعد عن تحقيق اتصال» بين القوات التي تدخل منطقة خاركيف في شمال دونباس بتلك القادمة من جنوب البلاد. وأضاف المسؤول الأميركي: «نعتقد أنهم يواصلون تهيئة الظروف لهجوم مستمر أوسع وأطول».
- جثث مقيّدة
عثر في حفرة قرب بوتشا على جثث ثلاثة رجال تعرضوا للتعذيب وقتلوا بالرصاص وأيديهم موثقة وأعينهم معصوبة، كما قالت شرطة كييف أمس. وأوضح أندريه نيبيتوف، قائد شرطة كييف في بيان: «تعرض الضحايا للتعذيب لفترة طويلة... وفي نهاية المطاف أصيب كل منهم برصاصة في الرأس»، مضيفاً أنه تم توثيق أيديهم وتعصيب عيونهم، وبعضهم كممت أفواههم.
من جهة أخرى، كشف مكتب النائبة العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا أن عشرة جنود روس اتهموا بارتكاب جرائم حرب مفترضة في بوتشا. وهو أول إجراء من نوعه منذ العثور على جثث عشرين شخصاً يرتدون ملابس مدنية في الثاني من أبريل (نيسان) في أحد شوارع هذه المنطقة. وحمّل الأوكرانيون الروس مسؤولية ذلك، لكن موسكو نفت أي تورط لها وتحدثت عن «فبركة» أوكرانية. وقالت النائبة العامة إنه تم تحديد «أكثر من ثمانية آلاف حالة» لجرائم حرب مفترضة في أوكرانيا.
- حبوب ووقود
اتهم تاراس فايسوتسكي، نائب وزير الزراعة الأوكراني، أمس القوات الروسية بسرقة مئات الآلاف من الأطنان من الحبوب في المناطق التي تسيطر عليها. وأعرب عن قلقه من أن 1.5 مليون طن أخرى من الحبوب في خطر التعرض للسرقة أيضاً. واتهمت أوكرانيا روسيا، الخميس، بسرقة الحبوب في الأراضي التي تحتلها، في تصرف قالت إنه يزيد تهديد الأمن الغذائي العالمي الناجم عن اضطرابات غرس البذور في الربيع وإغلاق الموانئ الأوكرانية خلال الحرب. وقال الكرملين إنه ليس لديه معلومات في هذا الصدد.
وفقاً لبيانات مجلس الحبوب العالمي، كانت أوكرانيا رابع أكبر مصدر للحبوب في العالم في موسم 2020 - 2021. حيث باعت 44.7 مليون طن للخارج. وتراجعت صادراتها بشدة منذ بداية الحرب. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة مساء الجمعة، إن أوكرانيا ستنهي قريباً نقص الوقود رغم إلحاق القوات الروسية أضراراً بعدد من مستودعات النفط. وقالت وزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدنكو إن المشغلين الأوكرانيين أبرموا عقوداً مع موردين أوروبيين.
روسيا تُكثّف الضغط العسكري... وتؤكد تعليق حوار الاستقرار الاستراتيجي مع أميركا
كييف: موسكو فشلت في الاستيلاء على مناطق مستهدفة في الدونباس
روسيا تُكثّف الضغط العسكري... وتؤكد تعليق حوار الاستقرار الاستراتيجي مع أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة