قبل عامين كانت دول العالم قاطبة، تكافح للحفاظ على اقتصاداتها التي تأثرت جراء جائحة كورونا، وكانت السعودية من الدول القلائل التي كانت تواجه الفيروس في مسارات مختلفة بجانب الاقتصاد، ومن ذلك المسار الديني من خلال إقامة الركن الخامس رغم التحديدات الصحية.
نجحت السعودية حينها ولم تعطل أداء الركن الخامس قبل عامين وفي اللحظات الأولى من انتشار الجائحة، وجنّدت حينها كل الإمكانات البشرية والطبية للحفاظ على سلامات الحجاج، وإن اقتصر على حجاج الداخل بواقع 1000 حاج، ليرتفع العدد في الموسم الذي يليه إلى قرابة 60 ألفاً، وقد استفادت القطاعات السعودية المختصة من التجربة السابقة في ضبط الإجراءات والبروتكولات الصحية ليضاف إلى خبراتها السابقة في إدارة الحشود، والتعامل مع الفيروسات والأمراض الوبائية.
واليوم، مع قرب موسم الحج، تدخل السعودية تحدياً آخر يضاف إلى إنجازاتها مع إعلانها رفع عدد الحجاج إلى مليون من داخل المملكة وخارجها؛ وذلك وفقاً للحصص المخصصة للدول، مع الأخذ بالتوصيات الصحية، ووضعت منذ وقت مبكر كل السيناريوهات المتوقعة مع توافد هذه الأعداد للحفاظ على سلامتهم وما تحققت من مكتسبات في وقت سابق، كما أن رفع الأعداد يأتي تدريجياً للوصول إلى ما كان مسجلاً قبل الجائحة والمقدر بنحو 2.5 مليون حاج في عام 2019.
لم يكن النجاح قاصراً على موسم الحج، فمنذ جرى تنظيم عودة العمرة والصلاة في المسجد الحرام، والمسجد النبوي بشكل تدريجي، انطلقت الترتيبات الجديدة بألف معتمر وتجاوزت في ذروتها 400 ألف معتمر يومياً، وما بينهما عمل وإجراءات احترازية وضوابط لضمان أداء المعتمرين نسكهم بلا عوائق مع الحفاظ على سلامتهم.
يؤكد ذلك النجاح على سلامة هذه الإجراءات ونجاعتها طيلة الفترة الماضية، ولامس عدد تأشيرات العمرة التي تصدر يومياً قرابة 30 ألف تأشيرة، مع تقديرات إلى أن يصل عدد القادمين لأداء العمرة من خارج السعودية نحو 700 ألف معتمر.
يقول المهندس هشام سعيد، وكيل الوزارة المساعد لخدمات الحجاج والمعتمرين المتحدث الرسمي باسم وزارة الحج والعمرة السعودي لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزارة بدأت استعداداتها لموسم الحج، وعملت الوزارة على الاتفاقيات الثنائية من خلال المسار الإلكتروني والتنسيق مع الدول التي سيفد منها الحجاج؛ كونها المسؤولة عن عمليات الاختيار للقادمين لإداء المناسك.
وعن الإجراءات المتبعة في الحج، قال الوكيل، إن القيود الموضوعة في حج هذا العام أخف عما كان عليها إبان جائحة كورونا؛ إذ تركزت الضوابط على الفئة العمرية أن تكون أقل من 65 عاماً، مع اشتراط استكمال التحصين بالجرعات الأساسية بلقاحات «كوفيد – 19» المعتمدة في وزارة الصحة السعودية، كذلك استكمال إجراءات التحصين للقادمين من خارج السعودية لتأدية مناسك الحج من خلال نتيجة فحص سلبي (بي سي آر) لفيروس كورونا.
وحول آلية التعامل مع ظهور حالة إصابة بـ«كوفيد - 19» في موسم الحج، أكد المتحدث باسم وزارة الحج والعمرة السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك بروتكولاً صحياً وخطط طوارئ للتعامل مع أي حالة اشتباه للإصابة بالفيروس، مشدداً على أهمية الوعي لدى الحجاج أثناء تواجدهم في المشاعر المقدسة، لافتاً إلى أن الأمور تسير وفق الخطط في المشاعر وفي جانب الأنظمة التقنية.
وتعمل الأجهزة الحكومية كافة على سلامة الحجاج والمعتمرين ورعايتهم، منذ لحظة قدومهم إلى مكة المكرمة، والمدينة المنورة للقادمين من الداخل، وعبر المنافذ الجوية والبرية والبحرية من مختلف الدول الإسلامية، ومن هذه الخدمات «الإقامة والإعاشة والتنقل» التي تقدمها شركات العمرة والحج، التي تخضع لرقابة مزدوجة تتمثل في الجولات الميدانية، واستقبال الشكاوى التي يجري مباشرتها على الفور؛ وهو ما يدفع هذه الشركات للتحقق من أدائها قبل الوقوع في المحظور من غرامات مالية أو إيقاف.
يقول هشام سعيد «لا بد أن نعرف أن هناك نوعين من المخالفات، منها المخالفة الميدانية، ومن ذلك وصول المعتمرين إلى أحد المنافذ ولم يجد خدمة النقل في انتظارهم، وهذه تكون عليها الغرامات والعقوبات، وهناك المخالفات التشغيلية وهذه تكون في أشكال مختلفة، من ذلك تأخر الشركة في تقديم الخدمة، وهذه تحاسب في حينها»، موضحاً أن الوزارة منذ بدء شهر رمضان وهي تقوم بجولات ميدانية ورقابية وصلت إلى أكثر من 1469 جولة ميدانية بالمدينة المنورة ومكة المكرمة والتي رصدت عدة مخالفات وقصوراً في بعض الخدمات من مزودي الخدمات والشركات.
وأكد الوكيل، أن وزارة الحج والعمرة حريصة على رفع مستوى رضا ضيوف الرحمن وحصولهم على الخدمات بأعلى مستوى من الجودة، مشدداً على أنه لن يكون هناك أي تهاون في هذا الجانب، وفرضت الوزارة غرامات مالية وصلت إلى نحو 13 ألفاً وثلاثمائة دولار (50 ألف ريال) على 10 شركات مقدمة الخدمة للمعتمرين، وهذه رسالة من الوزارة أنها ستقوم بدورها في مراقبة هذه الشركات والوقوف على أدائها. وعن المخالفات الميدانية، رصدت الوزارة، والحديث لهشام سعيد، أنها تركزت في خدمات السكن والنقل، حيث جرى رصد ومتابعة 165 مخالفة ميدانية بمكة المكرمة، و391 مخالفة ميدانية بالمدينة المنورة تم رصدها جميعها ومتابعتها واتخاذ الإجراء التصحيحي بحق مزودي الخدمات للمخالفين، في حين استقبلت الوزارة 72 ألف اتصال على رقمها الموحد، وتتابع الفرق الميدانية الجولات الرقابية والاستكشافية ومتابعة البلاغات واتخاذ الإجراء التصحيحي المناسب وخدمة ضيوف الرحمن.
نجاح التنظيم السعودي للحفاظ على سلامة ضيوف الرحمن
نجاح التنظيم السعودي للحفاظ على سلامة ضيوف الرحمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة