مطالب لبنانية برفع بدل نقل الموظفين لتأمين استمرارية القطاع العام

TT

مطالب لبنانية برفع بدل نقل الموظفين لتأمين استمرارية القطاع العام

يجد موظفون وعمال لبنانيون أنفسهم عاجزين عن تحمل أعباء كلفة بدل النقل إلى مراكز عملهم، إثر ارتفاع أسعار المحروقات بشكل قياسي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث لامس سعر صفيحة البنزين الواحدة الـ500 ألف ليرة لبنانية (حوالي 18 دولارا)، وهو ما دفع الموظفين ليرفعوا الصوت مجدداً طلباً لزيادة أخرى في بدل النقل، ليتمكنوا من الذهاب إلى وظائفهم.
ولم يكد اللبنانيون يتنفّسون الصعداء بفعل رفع بدل النقل اليومي في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، حتى شهدت أسعار المحروقات مزيدا من الارتفاع، وارتفعت معها الاعتراضات. ويسعى الاتحاد العمالي للدفع باتجاه تصحيح جديد لبدل النقل اليومي ليصبح 100 ألف ليرة لبنانية عن كل يوم حضور في مركز العمل (نحو 3.5 دولار يومياً)، خصوصا أن ارتفاع أسعار المحروقات يؤثّر سلباً على تنقّل العمال للوصول إلى مراكز عملهم ويرخي بثقله على قدراتهم الإنتاجية.
في هذا الإطار، يؤكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الأجواء إيجابية بين الاتحاد والهيئات الاقتصادية، ويشير إلى أن الاتحاد كان قد اتفق مع وزير العمل مصطفى بيرم على تفعيل عمل لجنة المؤشر ووزير الأشغال العامة والنقل علي حمية متعاون جداً في هذا الإطار، كما أن الهيئات الاقتصادية، ممثلة بالوزير السابق محمد شقير، متجاوبة، معلناً «انعقاد اجتماعات اللجنة بعد أعياد الفطر والتي من المؤمل أن تفضي إلى نتائج قريباً في إطار رفع تعرفة النقل».
وأقرّ مجلس الوزراء اللبناني في نهاية يناير الماضي رفع بدل النقل اليومي من 24 ألف ليرة إلى 64 ألف ليرة للقطاع العام و65 ألف ليرة للقطاع الخاص، إلا أن أسعار المحروقات واصلت ارتفاعها لتبلغ 474 ألف ليرة لبنانية في آخر جدول تسعير صادر للمحروقات، مسجلة ارتفاعا 130 ألف ليرة عن يناير الماضي، نتيجة تأثرها بالحرب الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط عالميا، وتحليق سعر صرف الدولار أمام الليرة محليا.
وإذ يلفت الأسمر إلى أن الاتحاد العمالي «بدأ بإجراء حوار مع الوزير شقير في إطار وضع تصور لرفع بدل النقل»، يشرح: «اقتربنا من عيد العمال (في 1 مايو/أيار) ونرفض أن تقتصر الاحتفالات بهذا العيد على إلقاء الخطابات، فماذا نقول للعامل في عيده وسط هذه الكارثة الاقتصادية؟»، مشددا على ضرورة «إعطاء العمال، في القطاعين العام والخاص، شيئاً ملموساً بهذه المناسبة».
وشدد على ضرورة تصحيح بدل النقل بعد أن لامس سعر صفيحة البنزين الـ 500 ألف ليرة بحيث لم يعد الموظف أو العامل قادرا على تحمل كلفة النقل. ويوضح الأسمر أنه وضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في أجواء الحوار الحاصل مع شقير برعاية وزير العمل، كما يشير إلى أن الاتحاد طلب من رئيس الحكومة «أن تكون زيادة بدل النقل للقطاعين على حد سواء»، مؤكدا أن «الرئيس ميقاتي متجاوب جدا ويبقى تحديد التنفيذ الذي نأمل أن يكون في القريب العاجل».
وعن احتمال تأخر تنفيذ رفع بدل النقل إلى ما بعد الانتخابات النيابية التي ستحصل في 15 مايو المقبل، يعتبر الأسمر أنه «في حال تم التوصل إلى اتفاق والنوايا سليمة تستطيع القطاعات التي لديها القدرة على المباشرة بالتنفيذ، خصوصا في القطاع الخاص، قبل صدور المرسوم من مجلس الوزراء وذلك ضمن مبدأ إيجابية التعاطي». ويضيف: «من المفترض أن يكون رفع بدل النقل قبل الانتخابات، كما اتفقنا مع الرئيس ميقاتي على تسريع دفع المبالغ المستحقة للقطاع العام وللعسكريين والمتقاعدين قبل 15 مايو».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».