«انتصار» روسيا في ماريوبول يحطم أحلام المدينة

«انتصار» روسيا في ماريوبول يحطم أحلام المدينة
TT

«انتصار» روسيا في ماريوبول يحطم أحلام المدينة

«انتصار» روسيا في ماريوبول يحطم أحلام المدينة

السيطرة على مدينة ماريوبول في شرق أوكرانيا جائزة استراتيجية لروسيا إذ تعزز وصولها إلى شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو، عبر الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون الأوكرانيون المدعومون من روسيا. لكن شدة الحصار أتلفت قرابة نصف المدينة الصناعية بشكل لا يمكن إصلاحه، على حد قول السلطات المحلية. وأوقف القتال العمل في مصنعي الصلب بالمدينة اللذين تحول أحدهما إلى معقل أخير للقوات الأوكرانية المحاصرة. وقال وزير البنية التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف لـ«رويترز»: «كل ما تم استثماره (في ماريوبول) صار حطاما». ودمرت أسابيع من القتال والغارات الجوية معالم تاريخية، بما في ذلك حوض آزوف لبناء السفن، أقدم الأعمال التجارية في المدينة، والذي تأسس عام 1886 وفقاً لمجلس المدينة.
وتغيرت ماريوبول من حال إلى حال في عام 2014 مع اندلاع القتال مع الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا. ولفترة وجيزة سيطر المتمردون عليها، واستعادتها القوات الأوكرانية وكانت أكبر مدينة في منطقة دونباس بشرق البلاد تحت سيطرة كييف.
وفر إلى ماريوبول أكثر من مائة ألف من الأراضي المجاورة الخاضعة لسيطرة الانفصاليين ليبدأوا حياة جديدة في المدينة وأطلقت السلطات المحلية خطة تحديث المدينة. وحدثت (ميتينفيست) مصنعيها آزوفستال وإلييتش ستيل. وفي 2020 استكملت الشركة مشروعا لخفض الانبعاثات هناك تقول إنه أحد أكبر المشروعات البيئية في تاريخ أوكرانيا.
في الساعات الأولى من يوم 24 فبراير (شباط) شوهد طابور من الدبابات والمركبات العسكرية الروسية يتجه إلى ماريوبول ودوت أصوات الانفجارات في ضواحيها. وكان ذلك إيذانا ببدء الغزو الذي تسميه روسيا «عملية عسكرية خاصة»، وكانت المدينة على وشك أن تتحول إلى ساحة قتال. فر السكان أو نزلوا إلى الملاجئ تحت الأرض للإفلات من القصف الذي تسبب بسرعة في وقف خدمات جميع المرافق.
وأوقفت ميتينفيست العمل في مصنعيها. في التاسع من مارس (آذار) أصابت القنابل عنبر التوليد في مستشفى الأطفال الذي أعيد تحديثه تطبيقا لخطة إعادة البناء. وأودى القصف بحياة ثلاثة أشخاص وأطاح بجزء من واجهة المستشفى.
خلال السنوات التي سبقت الاجتياح الروسي لأوكرانيا كانت مدينة ماريوبول الساحلية تشهد تحولا. إذ تم إنفاق أكثر من 600 مليون دولار على طرق جديدة ومستشفى للأطفال ومتنزهات لتحديث المدينة التي يتحدث أغلب سكانها الروسية، وكان ذلك في إطار حملة لإظهار ميزات الحياة في أوكرانيا التي تتجه غربا بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، وقالت ماريا دانيلوفا (24 عاما) التي انتقلت للإقامة في شقة جديدة بالمدينة في أغسطس (آب) بعد زواجها: «كانت حياتنا جميلة وسعيدة». وتعمل ماريا مثل معظم أفراد أسرتها في شركة (ميتينفيست) العملاقة للصلب التي استثمرت أكثر من ملياري دولار على مصنعيها الضخمين في ماريوبول منذ عام 2014. وقالت وهي تتذكر نزهات العطلة الأسبوعية مع والديها على شاطئ البحر الذي تم تحديثه «كانت مدينة نامية حرة قدمت لنا كل ما نريد». والآن بعد شهرين من القصف، صارت المدينة حطاما وتنتشر القبور المؤقتة في شوارعها. وترقد المركبات العسكرية المدمرة بين الأنقاض. ويُعتقد أن الآلاف من السكان قُتلوا.
وكانت ماريا دانيلوفا تحتمي بطرقة شقة والديها يوم 13 مارس عندما أصابت قذيفة الطابق الذي يعلوها. وانتقلوا جميعا إلى شقتها في الطابق الذي يليه إلى أسفل لكن بعد ساعات أطاح تأثير ضربة حدثت في مكان قريب بنوافذ غرفة المعيشة ونزع بابها من إطاره. وبدأت دانيلوفا وزوجها ينامان في طرقة المجمع السكني في درجة حرارة التجمد. وسرعان ما دخلت القوات الروسية الحي.
وتنفي روسيا استهداف المدنيين. وفي منتصف مارس، حولت ضربة مباشرة معظم مسرح دونيتسك الإقليمي للدراما الذي بُني في العهد السوفياتي إلى أنقاض، ودفن مئات المدنيين الذين كانوا يحتمون تحته، وفقاً للسلطات الأوكرانية.


مقالات ذات صلة

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا قبة مبنى مجلس الشيوخ في الكرملين خلف برج سباسكايا وسط موسكو 4 مايو 2023 (رويترز)

روسيا: قصف أوكرانيا بصاروخ فرط صوتي تحذير للغرب

قال الكرملين، الجمعة، إن الضربة التي وُجّهت لأوكرانيا باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي تم تطويره حديثاً تهدف إلى تحذير الغرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي: الضربة الروسية بصاروخ جديد تمثل تصعيداً واضحاً

ذكر الرئيس الأوكراني، الخميس، أن الهجوم الروسي على أوكرانيا بنوع جديد من الصواريخ الباليستية يمثّل «تصعيدا واضحا وخطيرا» في الحرب، ودعا إلى إدانة عالمية قوية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين 21 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:21

بوتين يهدد باستهداف الدول التي تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لقصف روسيا

حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن بلاده يمكن أن تستخدم صواريخها الجديدة ضد الدول التي تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها على روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ كلمة «عقوبات» أمام ألوان علمي الولايات المتحدة وروسيا في هذه الصورة الملتقطة في 28 فبراير 2022 (رويترز)

أميركا تفرض عقوبات على 50 مصرفاً روسياً بسبب الحرب في أوكرانيا

أعلنت أميركا حزمة من العقوبات تستهدف نحو 50 مؤسسة مصرفية روسية للحد من وصولها إلى النظام المالي الدولي وتقليص تمويل المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».