تضاربت المعطيات التي قدمتها موسكو وكييف حول سريان هدنة من جانب واحد أعلنتها روسيا في ماريوبول لتسهيل إجلاء المدنيين العالقين مع الجنود الأوكرانيين في مجمع آزوفستال الصناعي.
فقد أعلنت روسيا صباح أمس نيتها وقف الأعمال القتالية للسماح بإجلاء المدنيين في المجمع المحاصر في مدينة ماريوبول في جنوب شرقي أوكرانيا، فيما ذكرت كييف أن موسكو لم توافق على إقامة ممر إنساني في المدينة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن القوات الروسية وقوات إقليم دونيتسك الموالية لموسكو يتعهدون وقف الأعمال العدائية «من جانب واحد عند الساعة 14:00 بتوقيت موسكو (11:00 بتوقيت غرينيتش)، وسحب الوحدات إلى مسافة آمنة، وضمان مغادرة مدنيين نحو الاتجاه الذي يختارونه».
وذكر رئيس غرفة العمليات التنسيقية المشتركة ورئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع التابع لوزارة الدفاع الروسية ميخائيل ميزينتسيف، أن القيادة الروسية «تؤكد مرة أخرى استمرار عمل الممر الإنساني الذي لا يزال مفتوحا على مدار الساعة منذ 21 مارس (آذار) لإجلاء المدنيين الذين تتحدث حكومة كييف عن وجودهم داخل (آزوفستال) الذي لا يزال آخر معقل للقوات الأوكرانية في المدينة». وتابع ميزينتسيف: «استرشادا بالمبادئ الإنسانية حصرا، تعلق القوات المسلحة الروسية وقوات جمهورية دونيتسك الشعبية، من جانب واحد كل الأعمال القتالية، وتنسحب وحداتها لمسافة آمنة وستعمل على ضمان خروج فئات المواطنين المذكورة بأي اتجاه يختارونه».
لكن أوكرانيا قالت إن موسكو لم توافق على طلبها إقامة ممر إنساني للسماح بإجلاء الجنود المصابين والمدنيين من مصنع «آزوفستال». وقالت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتوك، إنه «لا يمكن فتح ممر إنساني إلا بالتوافق بين الجانبين»، مضيفة أن «أي ممر معلن من جانب واحد لا يضمن الأمن ولذلك لا يعد ممرا إنسانيا». وأضافت «أعلن رسميا وعلنا أنه ليس هناك للأسف اتفاقات على فتح ممرات إنسانية من (آزوفستال) اليوم». وأشارت فيريشوك إلى أن كييف لجأت إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي يصل موسكو اليوم بطلب لـ«أداء دور الجهة المبادرة والضامنة في فتح ممر إنساني لإجلاء المدنيين» الموجودين داخل المصنع الضخم الذي لا يزال آخر معقل للقوات الأوكرانية في ماريوبول.
وكانت كييف أكدت في وقت سابق أنها دعت موسكو إلى محادثات قرب «مجمع آزوفستال للصناعات الفولاذية» حيث يتحصن جنود أوكرانيون. وقال أوليكسي أريستوفيتش، أحد مستشاري الرئيس الأوكراني: «دعونا الروس إلى عقد جلسة مفاوضات خاصة قرب الموقع». ودعا منسق الأمم المتحدة لشؤون أوكرانيا، أمين عوض، إلى «وقف فوري» للقتال في ماريوبول للسماح بإجلاء المدنيين المحاصرين في المدينة الأوكرانية.
في غضون ذلك، أكدت روسيا أن المحادثات التي سيجريها غوتيريش خلال زيارته المقررة إلى موسكو قد تتناول الوضع في مدينة ماريوبول. وأفاد نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو بأن الهدنة الإنسانية التي أعلنتها موسكو في ماريوبول بغية إجلاء المدنيين المفترض وجودهم داخل مصنع الصلب الضخم «آزوفستال» تمثل «إشارة حسن نية كبيرة» من الجانب الروسي. وتابع: «سيصل غدا الأمين العام للأمم المتحدة وسيتم استعراض هذه المسائل جملة». وذكر الجنرال أن الجانب الروسي يقوم بإبلاغ القوات الأوكرانية المحاصرة داخل «آزوفستال» بهذا البيان عبر قنوات إذاعية كل 30 دقيقة، مؤكدا أيضا تسليم هذا البيان إلى حكومة كييف عبر نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك.
في الأثناء، أعلنت موسكو عدم وجود أي خطط حاليا لعقد اجتماع جديد بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف وأوكرانيا دميتري كوليبا، على خلفية استمرار الأعمال القتالية بين الدولتين. وقال نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو، ردا على سؤال الصحافيين عما إذا كانت هناك تحضيرات لإجراء جولة محادثات جديدة بين لافروف وكوليبا في إسطنبول التركية: «لا خطط لذلك حتى الآن». وأكد رودينكو أن إمكانية عقد لقاء مباشر جديد بين وفدي روسيا وأوكرانيا «ليست مطروحة على الأجندة حاليا»، وزاد: «سندرس هذا الموضوع بمجرد توصلنا إلى اتفاقات ذات مغزى يمكن تبادل الآراء بخصوصها بشكل مفصل، لكن ذلك لم يحصل بعد».
وسبق أن عقد لافروف في 10 مارس اجتماعا مع نظيره الأوكراني كوليبا في أنطاليا التركية، بحضور وزير خارجية هذا البلد مولود جاويش أوغلو.
ميدانيا، أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، عن استهداف مواقع لإنتاج وتخزين الوقود للجيش الأوكراني بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى. وكشف عن القضاء على مئات العسكريين الأوكرانيين خلال الساعات الأخيرة. وأكد إسقاط 13 طائرة مسيرة إضافة إلى صاروخ من طراز «توتشكا أو».
وأوضح في إيجاز صحافي يومي أن القوات الروسية دمرت بأسلحة بعيدة المدى عالية الدقة منشآت لإنتاج الوقود في مصفاة لتكرير النفط بضواحي مدينة كريمنشوك وسط البلاد، إضافة إلى مرافق لتخزين المنتجات النفطية التي استخدمتها القوات الأوكرانية. وأضاف كوناشينكوف أن صواريخ عالية الدقة أطلقت من الجو خلال الليل أصابت ست منشآت عسكرية أوكرانية، بما فيها ثلاثة مستودعات للذخيرة في مقاطعة خاركوف.
ووفقا للناطق، فإن الطيران الحربي الروسي ضرب 56 منشأة عسكرية، بينها موقعان للقيادة و53 منطقة تمركز للقوات والمعدات ومخزن وقود في خاركوف، فيما تم القضاء على ما يصل إلى 160 عنصرا من القوات الأوكرانية و23 قطعة من المدرعات والمدفعية والمركبات.
وخلال الليلة الماضية، نفذت القوات الصاروخية الروسية 19 ضربة، ما أدى إلى تدمير 4 مراكز قيادة، و3 مستودعات ذخيرة، إضافة إلى مقتل أكثر من 240 فردا وتدمير 28 قطعة من المدرعات والمدفعية والمركبات.
نفذت وحدات المدفعية 967 مهمة إطلاق نار خلال آخر 24 ساعة، مستهدفة 33 مركز قيادة و929 نقطة ارتكاز وموقع تمركز القوات والمعدات و5 مستودعات أسلحة الصواريخ والمدفعية والذخيرة.
كما أسقطت الدفاعات الجوية الروسية 13 طائرة دون طيار أوكرانية في مقاطعتي خاركوف وخيرسون.
على صعيد آخر، نفت وزارة الخارجية الروسية صحة تقارير أفادت بأن موسكو تعتزم إجراء استفتاء على انفصال منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا.
وكان الجيش الأوكراني، أعلن مساء أول من أمس عن تدمير مركز قيادة روسي في خيرسون، وهي أول مدينة سقطت في يد القوات الروسية منذ الأسبوع الأول للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
سياسيا، قالت وزارة الخارجية الروسية إن الجانب الروسي، في رد مكافئ، أعلن أن 40 من موظفي البعثات الدبلوماسية الألمانية في روسيا أشخاص غير مرغوب فيهم. وجاء في بيان أن «السفير الألماني تسلم مذكرة تتضمن القرار الروسي كرد متناسق على قرار مماثل أصدرته الحكومة الألمانية» في وقت سابق. في الوقت ذاته، أعلنت الوزارة أنها سلمت مذكرة إلى السفارة الأميركية في موسكو دعت فيها واشنطن إلى وقف عمليات إمداد كييف بالأسلحة، وحذرت من تداعيات مواصلة الجانب الأميركي هذه السياسة.
تضارب روسي ـ أوكراني حول هدنة في ماريوبول لإجلاء المدنيين
موسكو تستبعد لقاء بين لافروف وكوليبا... وتحذر واشنطن من تسليح كييف
تضارب روسي ـ أوكراني حول هدنة في ماريوبول لإجلاء المدنيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة