«الحرس» الإيراني يصادر شحنة وقود «مهرب» من سفينة أجنبية

قاربان لـ«الحرس الثوري» يقتربان من سفينة تجارية في مياه الخليج في 15 أبريل (إيلنا)
قاربان لـ«الحرس الثوري» يقتربان من سفينة تجارية في مياه الخليج في 15 أبريل (إيلنا)
TT

«الحرس» الإيراني يصادر شحنة وقود «مهرب» من سفينة أجنبية

قاربان لـ«الحرس الثوري» يقتربان من سفينة تجارية في مياه الخليج في 15 أبريل (إيلنا)
قاربان لـ«الحرس الثوري» يقتربان من سفينة تجارية في مياه الخليج في 15 أبريل (إيلنا)

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، عن احتجاز سفينة «أجنبية» في مياه الخليج، بدعوى تهريب الوقود، تحمل 200 ألف لتر من «الوقود المهرب»، في ثالث حادث من نوعه، في غضون أسبوعين.
ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن مسؤول دائرة العلاقات العامة في منطقة بوشهر، العقيد غلام حسين حسيني، أن «ضباط الحرس احتجزوا السفينة في الجزء الشمالي من الخليج». وأضاف: «جرى تسليم ثمانية من طاقم السفينة إلى السلطات القضائية في ميناء بوشهر لاستكمال إجراءات التحقيق والخطوات القانونية».
وقال حسيني: «كما تم تفتيش خمس سفن من طراز (لنج) كانت تنوي تزويد هذه السفينة الأجنبية بالوقود، وصودرت وثائقها لمزيد من التحقيق». وهذه ثالث مرة هذا الشهر يعلن «الحرس الثوري» عن توقيف سفن أجنبية لتهريب الوقود بالقرب من شواطئه في الخليج، دون أن يعلن عن جنسية السفن أو البحار. وتُعد حماية المياه الإيرانية في الخليج ضمن مهام بحرية «الحرس الثوري»، وهي قوة موازية لبحرية الجيش النظامي المكلف حماية المياه الإيرانية في خليج عمان.
في التاسع من أبريل (نيسان) الحالي، قال مسؤول قضائي في محافظة هرمزغان إن قوات «الحرس الثوري» ضبطت سفينة أجنبية تحمل 220 ألف لتر من الوقود المهرب.
في 15 أبريل، قال «الحرس الثوري» إن قواته صادرت 250 ألف لتر من الوقود المهرب بعد احتجاز سفينة على متنها سبعة أشخاص.
ويأتي الإعلان المتكرر لتوقيف سفن «تهريب الوقود» بينما يواجه «الحرس الثوري» ضغوطاً في الشارع الإيراني، بسبب تعثر «مفاوضات فيينا»، بعدما طلبت طهران إزالته من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية.
في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قدر المتحدث باسم لجنة مكافحة تهريب السلع والعملة، حميد رضا دهقان نيا، في مقابلة تلفزيونية، حجم تهريب المنتجات البترولية ومشتقاتها في إيران بـتسعة ملايين لتر يومياً. وقال دهقان نيا في المقابلة ذاتها: «بما أن إنتاج وتصدير النفط والغاز ومنتجات البتروكيماويات والتكرير الأخرى بيد المؤسسة الحاكمة، فينبغي عدم اعتبار كل ما يدخل ويخرج من حدود البلاد مُهرّباً»، وينوه بأن «ما يتم تصديره من النفط والوقود سيكون من المؤكد بيد وزارة النفط».
وبدوره، قال النائب مجتبي محفوظي في المقابلة التلفزيونية ذاتها إن هذا الحجم من تهريب الوقود «لا يمكن أن يكون عبر مهربين عاديين»، متحدثاً عن وجود «عصابات تهريب خلف الستار». وطالب النائب بمساءلة المسؤولين والأجهزة المعنية.
في سبتمبر (أيلول) 2018، ذكرت صحيفة «همشهري»، المنبر الإعلامي لبلدية طهران، أنها حصلت على إحصائية تُظهِر تهريب 20 إلى 30 مليوناً من البنزين، وبين 15 و20 مليوناً من وقود الديزل.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2018، أفاد الموقع الرسمي للحكومة السابقة بأن تهريب الوقود يُقدَّر بين 20 و40 مليون لتر يومياً. وجاء نشر الإحصائية بعدما قال عضو اللجنة البرلمانية للطاقة، علي أدياني راد، إن بين 10 و20 مليون لتر من الوقود تُهرَّب يومياً من إيران، وأبلغ النائب التلفزيون الإيراني حينها بأنه «لا توجد إحصائية دقيقة للتهريب، لكنها لا تقل عن 10 ملايين لتر».
ويعتقد الخبراء أن التفاف إيران على العقوبات النفطية، من بين الأسباب الأساسية في تفاقم ظاهرة تهريب الوقود.
في يناير (كانون الثاني) الماضي، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن محللين مختصين في صناعة الطاقة والأمن الإقليمي أن عناصر من الدولة الإيرانية، لا سيما «الحرس الثوري» وشركات شحن خاصة في دول مجاورة لإيران، تشارك في عملية تهريب الوقود. وقال الخبراء إن «الحرس الثوري في بعض الأحيان يسعى إلى اعتراض أولئك الذين يحاولون الحصول على جزء من نشاطهم دون إذن مجموعة (الحرس)».
وشكّل ملف التهريب من الحدود الإيرانية ومياه الخليج، أحد محاور الخلافات بين الحكومة والأجهزة الموازية لمؤسساتها، مثل «الحرس الثوري»، خصوصاً في فترة الرئيس السابق، حسن روحاني، وسلفه، محمود أحمدي نجاد.
وتعود أشهر مواجهة بين «الحرس» والحكومة بشأن التهريب إلى يونيو (حزيران) 2011، عندما سلَّط أحمدي نجاد الضوء على ارتباط شبكات التهريب بأصحاب النفوذ والقوة في البلاد، وأطلق خلال مشاركته في ملتقى استراتيجي لمكافحة تهريب السلع والعملة، اسم «الإخوة المهربين»، ما أثار ردود غاضبة بين قادة «الحرس» حينذاك، الذين اتهموه بإثارة قضايا «انحرافية».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.