القضاء التونسي لا يستبعد فرضية الغرق المتعمد للسفينة المنكوبة

بدء عمليات سحب حمولتها

السفينة الغارقة (أ.ف.ب)
السفينة الغارقة (أ.ف.ب)
TT

القضاء التونسي لا يستبعد فرضية الغرق المتعمد للسفينة المنكوبة

السفينة الغارقة (أ.ف.ب)
السفينة الغارقة (أ.ف.ب)

كشف محمد الكراي المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بقابس، أن التحقيقات جارية مع طاقم السفينة الغارقة على مقربة من سواحل منطقة قابس (جنوب شرقي تونس) وذلك للتحري حول وضعيتها وما إذا كانت قد تعطلت قبل دخولها ميناء مدينة صفاقس، وأيضاً حول فرضيات غرقها نتيجة سوء الأحوال الجوية أو إغراقها بصفة متعمدة للحصول على تعويضات من شركات التأمين بعد التخلص منها لكبر سنها (45 سنة).
وقال إن التحريات تشمل كذلك مسألة غياب السفينة عن الرادار لأيام قبل أن تظهر قبالة سواحل منطقة قابس، علاوة على شبهات تهريب النفط وإخفاء الوثيقة الخاصة بمسارها من نقطة الانطلاق إلى جهة الوصول والمعدات الموجودة على متنها. وأشارت مصادر حقوقية إلى أن أحد عناصر الطاقم أكد على وجود حقيبة سوداء تحوي وثائق تهم السفينة المنكوبة قبل أن يتراجع عن اعترافاته الأولى ويشير إلى ضياعها خلال عملية الإجلاء.
من جهته، كشف لطفي بن سعيد المدير العام للوكالة التونسية لحماية المحيط (حكومية) عن بدء عمليات سحب كميات من حمولة السفينة التي غرقت مساء الجمعة الماضي والمقدرة بنحو 750 طن من «المحروقات» اعتباراً من أمس الثلاثاء، مؤكداً أن «الوضع حالياً تحت السيطرة ومستقر».
ونفى وجود تسربات جديدة من المواد الملوثة مؤكداً على تطويق المكان وتركيز حواجز لمنع أي تسرب للمواد الملوثة وتهديد سواحل منطقة قابس (جنوب شرقي تونس). واعتبر بن سعيد أن المادة التي تحملها السفينة تختلف عن البترول وهي تعد أحد مشتقاته فهي سهلة التبخر، وأشار إلى أن التسربات الحاصلة كانت من محركات السفينة وليس من الخزانات التي بقيت محكمة الإغلاق طوال الثلاثة أيام الماضية على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، قال لطيف الماجري العميد بجيش البحر التونسي المكلف بالإشراف على العمليات الميدانية البحرية المتعلقة بالسفينة العالقة قبالة الميناء التجاري بقابس، أن عملية سحب الحمولة انطلقت امس الثلاثاء بعد سلسلة مفاوضات قادتها السلطات التونسية مع شركات وطنية واجنبية.
وفيما يتعلق بالتلوث الذي تم رصده صباح أمس في شواطئ مدينة غنوش التابعة لولاية - محافظة - قابس، قال الماجري إنه امتداد لزيوت السفينة الغارقة، قبل وضع الحواجز العائمة مؤكداً أنه جارٍ التعامل مع الوضعية للحد من تأثيراتها البيئية.
وبشأن المساعدة التي عرضتها عدة دول لإجلاء السفينة وتحديد طريقة إخراج حمولتها من المحروقات دون مخاطر بيئية، قال الماجري وهو كذلك آمر المنطقة العسكرية البحرية بالجنوب التونسي، إن السفينة الإيطالية التي ستساند الجهود المبذولة تصل اليوم (الأربعاء) إلى ميناء قابس.
يشار أن وزارة النقل التونسية اعتبرت أن حماية السواحل التونسية من أي تلوث بحري مسألة سيادية، وأعلنت تبعاً لذلك الشروع في التحقيق البحري وفق ما يستوجبه القانون البحري الوطني والاتفاقيات الدولية المعروفة



الحوثيون يُصعّدون جنوباً... وواشنطن تدمر مسيّرة ومركبة دعم

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يُصعّدون جنوباً... وواشنطن تدمر مسيّرة ومركبة دعم

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)

صعّدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران من هجماتها باتجاه محافظة لحج اليمنية (جنوباً)، وذلك عقب تهديدات زعيمها عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بما وصفه بـ«المفاجآت البرية».

جاء ذلك في وقت واصل فيه الجيش الأميركي ضرباته الاستباقية ضد الجماعة، في سياق السعي لإضعاف قدراتها على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير مسيرة للحوثيين المدعومين من إيران، إضافة إلى مركبة دعم واحدة في منطقة يمنية تسيطر عليها الجماعة.

وفي حين لم يتحدث الحوثيون عن هذه الضربات، ولا آثارها، ولا عن المنطقة التي استهدفتها، قال الجيش الأميركي إنه تبيّن أن هذه الأنظمة كانت تُشكل تهديداً واضحاً وشيكاً للقوات الأمريكية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة.

وأضاف البيان أنه «تم اتخاذ الإجراء (تدمير المسيرة المركبة) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً وأمناً».

وفي مقابل التصعيد الحوثي، أطلقت واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمّته «تحالف حارس الازدهار» لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

طائرة وهمية من دون طيار يرفعها أحد عناصر الحوثيين في أحد ميادين صنعاء (إ.ب.أ)

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 600 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة، التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن.

وتشّن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وكانت الجماعة قد هاجمت الأسبوع الماضي ناقلة نفط ترفع علم بنما، وتدعى «بلو لاجون 1»، ليرتفع عدد السفن التي أصيبت منذ بدء التصعيد إلى ما يقارب 34 سفينة، من بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها.

تعثر إنقاذ «سونيون»

وكان أحدث هجوم مؤثر ضد السفن قد نفّذته الجماعة في البحر الأحمر في 21 أغسطس (آب) الماضي ضد ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عبر سلسلة هجمات؛ ما أدى إلى توقُّف محركها وجنوحها، قبل أن يجري إخلاء طاقمها بواسطة سفينة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية «أسبيدس».

وبعد إخلاء الطاقم، اقتحم المسلحون الحوثيون الناقلة، وقاموا بتفخيخ سطحها وتفجيرها؛ ما أدى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من انفجارها، أو تسرُّب حمولتها من النفط البالغة مليون برميل.

وأعلنت البعثة البحرية الأوروبية «أسبيدس»، الثلاثاء الماضي أنّ «الظروف غير مواتية» لقطر الناقلة المشتعلة، محذرةً من كارثة بيئية «غير مسبوقة» في المنطقة.

وقالت «أسبيدس» على منصة «إكس»: «إن الشركات الخاصة المسؤولة عن عملية الإنقاذ توصَّلت إلى أن الظروف لم تكن مواتية لإجراء عملية القطر، وأنه لم يكن من الآمن المُضي قدماً، وتدرس الشركات الخاصة الآن حلولاً بديلة».

وأدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

تصعيد ميداني

إلى جانب التهديد البحري ضد السفن، ذكرت مصادر محلية يمنية أن الجماعة الحوثية شنّت هجمات على مواقع عسكرية تابعة للقوات الموالية للحكومة اليمنية في محافظة لحج الجنوبية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

ووفق المصادر، استهدفت الهجمات الحوثية موقعين في منطقة عهامة، التابعة لمديرية المسيمير، واستولت عليهما، قبل تشّن القوات الموالية للحكومة هجمات مضادة في مسعى لاستردادهما.

مسلحون حوثيون ضمن حشد دعا إليه زعيمهم في ميدان السبعين بصنعاء (رويترز)

وتسود مخاوف في الأوساط اليمنية من أن تقوم الجماعة الحوثية بنسف التهدئة الميدانية القائمة منذ أبريل (نيسان) 2022، خصوصاً بعد حديث زعيم الجماعة الحوثية في أحدث خطبه عما وصفه بـ«مفاجآت برية».

ومن وقت لآخر، تهاجم الجماعة الانقلابية مواقع القوات الحكومية في تعز ولحج والضالع ومأرب، واتهمتها الحكومة أخيراً بمحاولة قصف منشأة «صافر» النفطية في مأرب.

وبعد تطلع اليمنيين في آخر العام الماضي إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة اليمنية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، فإن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي أحدث تصريحات رئيس «مجلس القيادة الرئاسي اليمني»، رشاد العليمي، حمل الحوثيين مسؤولية تعطيل مسار السلام، وتطرق إلى المبادرات التي قدمها «المجلس»، وقال: «لم نجد المشترك معهم للتقدم على هذه الطريق؛ إذ ليس لديهم سوى الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».