«أحرار الشام»: أمام المحاصرين في مشفى جسر الشغور تسليم أنفسهم.. أو الموت

المعارضة تطلق معركة السيطرة على أريحا وجبل الزاوية بموازاة الاشتباكات في جسر الشغور

مقاتل من الجيش السوري الحر يحمل قذيفة مورتر قبل إطلاقها على قوات الأسد ومواليه في ريف درعا (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر يحمل قذيفة مورتر قبل إطلاقها على قوات الأسد ومواليه في ريف درعا (رويترز)
TT

«أحرار الشام»: أمام المحاصرين في مشفى جسر الشغور تسليم أنفسهم.. أو الموت

مقاتل من الجيش السوري الحر يحمل قذيفة مورتر قبل إطلاقها على قوات الأسد ومواليه في ريف درعا (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر يحمل قذيفة مورتر قبل إطلاقها على قوات الأسد ومواليه في ريف درعا (رويترز)

صدت قوات المعارضة السورية أمس، هجومًا آخر نفذته القوات الحكومية في قرية شرق مدينة جسر الشغور الاستراتيجية، في محاولة لإحداث خرق ميداني يوصلها إلى المستشفى الوطني الذي يحاصر فيه نحو 250 شخصًا من العسكريين وعائلاتهم، منذ 25 أبريل (نيسان) الماضي، بينما أعلنت فصائل المعارضة فتح معركة جديدة في منطقتي جبل الزاوية وأريحا في محافظة إدلب.
ونفى قيادي في تنظيم حركة أحرار الشام الإسلامية أن يكون بين المحاصرين، عدد كبير من المدنيين، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن عدد المدنيين المحاصرين لا يتجاوز الخمسين شخصًا، بينهم نحو 10 أشخاص من الكوادر الطبية، موضحًا أن بعض الأطباء في المستشفيات العسكرية السورية أساسًا هم من العسكريين ويحملون صفة الملازم الطبيب.
ويقول معارضون سوريون لـ«الشرق الأوسط» إن «هؤلاء المحاصرين كانوا من ضمن مجموعات خرجت من إدلب إلى جسر الشغور، عقب السيطرة على مركز المحافظة، قبل أن يحاولوا الخروج من جسر الشغور باتجاه بلدة أريحا وقرى اللاذقية في الساحل السوري إثر سيطرة المعارضة على مدينة جسر الشغور». ويشير هؤلاء إلى أن فصائل المعارضة نفذت كمائن في منتصف الطريق بين جسر الشغور وأريحا، أجبرت المنسحبين على العودة حيث تحصنوا في المشفى الوطني المحصن جيدًا، ويتضمن قواعد عسكرية ومطبخا كبيرا يمكن المحاصرين من الصمود أكثر.
وقال القيادي في حركة أحرار الشام التي تقاتل في جسر الشغور وإدلب لـ«الشرق الأوسط»، إن «المدنيين في المستشفى ينقسمون إلى ثلاث مجموعات»، موضحًا أن «المجموعة الأولى منهم هم من عائلات الضباط والقيادات الأمنية والشبيحة الذين انسحبوا من إدلب وجسر الشغور»، بينما الفئة الثانية هم من السكان المدنيين الذين انسحبوا مع القوات النظامية، أما الفئة الثالثة فهي من المدنيين الذين أجبروا على الانسحاب مع القوات النظامية بهدف اتخاذهم دروعا بشرية.
وأكد أن خطة المعارضة كانت تقضي بالسيطرة على المشفى بهدف الحصول على تجهيزاته المتطورة، لكن دخول الضباط المحاصرين إليه، بدّل الخطة، إذ بات في أيدينا ورقة رابحة في حال أسر الضباط، وذلك بهدف مبادلتهم، مشيرًا إلى أن المحاصرين بات أمامهم اليوم خيار من اثنين، إما تسليم أنفسهم كأسرى لجيش الفتح الذي يحاصر المشفى، وإما الموت، وذلك بعد عملية انتحارية نفذها مقاتل من جبهة النصرة أول من أمس، أفضت إلى الدخول إلى حرم المشفى والسيطرة على أحد مبانيه، والقتال عن قرب مع المقاتلين النظاميين.
وإذ نفى القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه، وجود أي محادثات للتسوية حول إطلاق المدنيين المحاصرين، قال: «منذ البداية لا يمكن الإفراج عن أحد دون الآخر لأن قضية الجميع واحدة، ومترابطة»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنه بعد تطمينات (الرئيس السوري بشار) الأسد بأن قواته ستصل للإفراج عنهم، بات لدينا إصرار على منع قواته من التقدم، وباتت حظوظ الإفراج عنهم مستحيلة، في ظل تصعيد العمليات العسكرية التي نتبعها في المنطقة. في غضون ذلك، قالت مصادر معارضة في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، إن قواتها أطلقت في الخامسة من عصر الثلاثاء معركة للسيطرة على بلدتي أريحا وجبل الزاوية بريف إدلب الغربي، مؤكدة أن القصف بدأ على أريحا وجبل الأربعين عصر أمس، بعد إعلان القيادي أبو عيسى الشيخ إطلاق المعركة.
وجاءت المعركة، بعد مقتل عدد من العناصر التابعين للقوات النظامية، في كمينٍ نفّذه مقاتلون تابعون لجيش الفتح المعارض، في قرية الكفير شرق مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، وذلك عقب عملية التفاف نفذها مقاتلو المعارضة على مدرسة في القرية.
بدوره، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي جبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني، واصلوا سيطرتهم على جزء من المشفى الوطني عند الأطراف الجنوبية الغربية لمدينة جسر الشغور، بينما دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة ومقاتلي الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة من جهة أخرى في منطقة المشفى ومحيطها، أسفرت عن مقتل ضابط برتبة ملازم من قوات النظام خلال القصف والاشتباكات في منطقة المشفى الوطني، ترافق مع تنفيذ الطيران الحربي 4 غارات على مناطق الاشتباك.
وأفاد المرصد أيضا بوقوع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي فصائل إسلامية من جهة، وقوات النظام المدعومة بلواء الفاطميين الأفغاني ومقاتلين من كتائب عراقية من الطائفة الشيعية وقوات الدفاع الوطني وضباط إيرانيين وحزب الله اللبناني من جهة أخرى، على الأطراف الشرقية لمدينة جسر الشغور وقرب قرية المشيرفة على الأوتوستراد الدولي بين جسر الشغور وأريحا، وفي محيط تلة خطاب وقرب معمل السكر الواقع في جنوب شرقي مدينة جسر الشغور، ومناطق أخرى في ريف جسر الشغور.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.