مصر: «الشوكولاتة المثيرة للجدل» بريئة رسمياً من المخدرات

أحد متاجر بيع الشوكولاتة والحلوى في مصر (وسائل إعلام مصرية)
أحد متاجر بيع الشوكولاتة والحلوى في مصر (وسائل إعلام مصرية)
TT

مصر: «الشوكولاتة المثيرة للجدل» بريئة رسمياً من المخدرات

أحد متاجر بيع الشوكولاتة والحلوى في مصر (وسائل إعلام مصرية)
أحد متاجر بيع الشوكولاتة والحلوى في مصر (وسائل إعلام مصرية)

بعد تسبب أحد أنواع الشوكولاتة الألمانية في حدوث ضجة واسعة في مصر، لوجود شكوك حول احتوائها على مواد مخدرة، أصدرت وزارة الداخلية المصرية بياناً قالت فيه إنه تم سحب عينات من منتج الشوكولاتة المشار إليها والمتداولة بالأسواق، وتم تحليلها بمعامل مصلحة الطب الشرعي، وثبت خلوها من أي مواد مخدرة، وأكدت مطابقتها للمواصفات العالمية.
يأتي ذلك بعدما شهد البرلمان المصري، أمس، تقديم طلب إحاطة لوزير التموين بشأن هذه الشكوك، وتساءلت النائبة إيناس عبد الحليم، في بيانها، حول دور وزارة التموين في مراقبة الأسواق المصرية.
وخلال الساعات الماضية، نفّذت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، حملات لسحب عينات من هذه الشوكولاتة من بعض المتاجر الكبرى للتأكد من مدى صحة الادعاءات الخاصة باحتوائها على «مادة الحشيش المخدرة» بالتزامن مع تحركات وزارة الداخلية لتحليل العينات.
وبدأ جدل الشوكولاتة المخدرة في أعقاب نشر الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق، منشوراً على حسابه الشخصي على «فيسبوك»، قال فيه إنه «تلقى شكوى من كثير ممن يتولون وظائف تتطلب إجراء تحليل كشف المخدرات، تفيد بإيجابية تحاليلهم رغم عدم تعاطيهم أي مخدر، وبالصدفة اكتشف في الأسواق نوعاً من الشوكولاتة الألمانية تحتوي على نسبة معتبرة من الخشخاش».
وقالت وزارة الداخلية، في بيان لها، أول من أمس، إن «بعض بذور الخشخاش تدخل ضمن مكونات بعض المواد الغذائية، وتتم معالجتها قبل استخدامها للتأكد من خلوها من المواد المخدرة»، وهو ما عاد نصار إلى استدراكه في منشور ثانٍ قال فيه إن «بعض المختصين تواصلوا معه وأوضحوا أن الأمر يتعلق ببذور الخشخاش، وليس بالخشخاش في حد ذاته، وأن اللبس جاء نتيجة ما ورد في نسب المكونات الموجودة على عبوة الشوكولاتة، من وجود نسبة خشخاش تصل إلى 2.3 في المائة»، مشيراً إلى أنه «كان على الشركة المصنعة توضيح أن المواد الموجودة غير مخدرة».
وتستخدم بذور الخشخاش في صناعة بعض أنواع المخبوزات والأطعمة في الولايات المتحدة الأميركية، بشكل قانوني، لكن رغم معالجتها تبقى محتفظة بنسبة من الأفيون قد تؤدي لنتائج إيجابية في بعض تحاليل الكشف عن المخدرات، وفقاً للمعهد الوطني الأميركي لتعاطي المخدرات، الذي أوضح أن «بعض الدراسات تشير إلى أن هذه النتائج الإيجابية قد تظهر في التحاليل بعد ساعتين من تناول المنتجات التي تحتوي على بذور الخشخاش، فيما أشارت دراسات أخرى إلى أنها قد تستمر في الظهور حتى 3 أيام من تناول هذه المنتجات»، لذلك تنصح وكالة مكافحة المنشطات الأميركية بتجنب تناول أي طعام يحتوي على بذور الخشخاش قبل أيام من المسابقات الرياضية.
ويقول خبراء إنه رغم أن التحاليل المعملية لا تثبت وجود مواد مخدرة بالشوكولاتة، ولا تترك أثراً للمواد الأفيونية في الدم، فإن بذور الخشخاش ستترك حلقة الميثيل التي تعد مؤشراً لتعاطي المخدرات وهي موجودة بأنواع غذائية وأدوية عدة.



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».