مقتل أطفال بقصف سوري شمال إدلب

غارات روسية على جبل الزاوية

تشييع أطفال في ريف إدلب قُتلوا بقصف سوري أمس (أ.ف.ب)
تشييع أطفال في ريف إدلب قُتلوا بقصف سوري أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل أطفال بقصف سوري شمال إدلب

تشييع أطفال في ريف إدلب قُتلوا بقصف سوري أمس (أ.ف.ب)
تشييع أطفال في ريف إدلب قُتلوا بقصف سوري أمس (أ.ف.ب)

قُتل أمس ثلاثة أطفال على الأقل بقصف مدفعي من قوات النظام على ريف إدلب، في وقت شنّت طائرات روسية غارات على مناطق في شمال غربي سوريا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، إنه «وثق مقتل ثلاثة من طلاب المدارس كحصيلة أولية، بالإضافة إلى سقوط عدد آخر من الجرحى، جراء قصف صاروخي نفذته قوات النظام، استهدف بلدة معارة النعسان بريف إدلب الشمالي».
وبحسب «المرصد»، فإن الطلاب الثلاثة «كانوا في طريقهم إلى مدارسهم وأعمارهم دون سن الـ18». في حين قال أحمد عرابي وهو ناشط في إدلب، إن «قصفاً برياً بقذائف المدفعية المتطورة لقوات النظام، استهدف منطقة محيطة بمدرسة في بلدة معرة النعسان شمال إدلب، وأدى إلى مقتل 4 أطفال، أثناء توجههم إلى المدرسة، بينما أصيب 4 آخرون بجروح خطيرة، جرى نقلهم إلى المشافي في المنطقة، وقامت فرق الدفاع المدني السوري وطواقم الإسعاف بإجلاء الأطفال القتلى وتأمين المكان من الشظايا وإطفاء حرائق نشبت بالمكان جراء القصف، وذلك بالتزامن مع غارات جوية نفذتها مقاتلات روسية انطلقت من قاعدة (حميميم) بريف اللاذقية، استهدفت محيط قرى سفوهن وفليفل ومحيط بلدة الفطيرة، بجبل الزاوية جنوب إدلب؛ ما أدى إلى إصابة مدني (مزارع)، بجروح خطيرة».
ويضيف، أنه «تزامن القصف البري لقوات النظام اليوم على ريف إدلب الشمالي ومقتل 4 أطفال، مع الذكرى الخامسة لمجزرة الكيماوي في مدينة خان شيخون جنوب إدلب، جراء قصفها من قِبل طيران النظام الحربي في 4 أبريل (نيسان) 2017، بقنابل محملة بغاز السارين، وأسفر حينها عن مقتل نحو 90 مدنياً بينهم عشرات الأطفال والنساء (خنقاً بغاز السارين)، في حين أصيب نحو 540 شخصاً بإصابات متفاوتة، جراء الهجوم».
وقال أبو محمد (56 عاماً)، إن «عشرات العائلات من أبناء قرى وبلدات جبل الزاوية، عادت من مخيمات النزوح إلى منازلها قبيل بدء شهر رمضان هذا العام، بعد أن شهدت المنطقة هدوءاً نسبياً، شجعهم على ذلك، إلا أن تجدد الغارات الجوية الروسية على المنطقة، أثار مخاوفهم ونغص عليهم فرحتهم بشهر رمضان، ودفعهم مجدداً مغادرة منازلهم والعودة إلى المخيمات، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعانون منها».
يذكر، أن هذه أولى الاستهدافات الجوية الروسية لمنطقة «خفض التصعيد» خلال الشهر الرابع من العام 2022.
وكان «المرصد» أشار في 28 الشهر الماضي، إلى تنفيذ مقاتلة روسية غارة جوية محملة بصواريخ فراغية عدة استهدفت أطراف بلدة معارة النعسان بريف إدلب الشمالي، تزامن ذلك مع تحليق لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء منطقة «خفض التصعيد».
على صعيد آخر، أفاد «المرصد»، بأن الجهاز الأمني التابع لـ«هيئة تحرير الشام» وعلى مدار اليومين السابقين، نفذ حملة دهم واسعة في مناطق متفرقة من مدينة إدلب وريفها، اعتقل خلالها نحو 7 متطرفين من ضمنهم 2 من الجنسية المصرية.
وبحسب مصادر «المرصد»، فإن العناصر الأمنية التابعة لـ«تحرير الشام» صادرت كامل محتويات منازل المتطرفين من أموال وسلاح وهواتف ولابتوبات.
يأتي ذلك مع استمرار هيئة «تحرير الشام» في حملتها ضد المتطرفين في مناطق سيطرتها بهدف التفرد بالحكم والهيمنة الكاملة على مناطق نفوذها في إدلب وأجزاء من ريف حلب واللاذقية وحماة.
وكان «المرصد» أشار في فبراير (شباط) إلى أن هيئة «تحرير الشام» ومنذ طرد كتائب من جبل التركمان من بينها كتيبة «مسلم الشيشاني» في نهاية العام الماضي تعمد إلى تنفيذ اعتقالات شبه يومية تستهدف من خلالها عناصر وقياديين من تنظيم «حراس الدين»، وغيرها من الكتائب المتناثرة ضمن مناطق سيطرتها غالبيتهم من جنسيات غير سورية.
وقال «على مدار الأشهر الأخيرة ومنذ بدء هيئة (تحرير الشام) تضييق الخناق على التشكيلات المتطرفة في مناطق سيطرتها، اعتقلت نحو 40 قيادياً، غالبيتهم من جنسيات غير سورية؛ إذ استهدفت الاعتقالات تنظيم (حراس الدين) المتهم بولائه لتنظيم (القاعدة)، وعرف من القياديين والشرعيين الذين اعتقلوا أبو عبد الرحمن المكي – أبو بصير الديري – أبو حمزة الدرعاوي – أبو عبد الله السوري – أبو مصعب التركي - خلاد الجوفي أمير الإعلاميين في حراس الدين – أبو ذر المصري – أبو البراء التونسي – أبو يحيى الجزائري قيادي – أبو رحمة التونسي شرعي – أبو فاطمة التركي – موسى الشيشاني ونحو 8 آخرين لم ترد أسماؤهم، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 20 قيادياً من جنسيات غير سورية، غالبيتهم من الجنسية المغربية يعملون ضمن ما يسمى (الكتائب المستقلة وغيرها من التنظيمات)، فضلاً عن اعتقال ما يزيد على 250 عنصراً جهادياً من تلك التشكيلات».
وبحسب «المرصد»، فإن «تحرير الشام بدأت بإرسال رسائل غير علنية للأجانب من جنسيات غير سورية والمتواجدين في مراكز المدن ضمن محافظة إدلب تحثهم على المغادرة إلى خارجها، بالإضافة إلى استمرار مضايقة العناصر عند مرورهم من حواجزها، فضلاً عن طردهم من منازل كانوا قد استولوا عليها سابقاً في مدينة إدلب، تعود لمتعاونين وعناصر بقوات النظام».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.