أوكرانيا تدخل المرحلة الثانية من الحرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

أوكرانيا تدخل المرحلة الثانية من الحرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

يقول ليون تروتسكي: «إن لم تكن مهتمّاً بالحرب، فهي مهتمّة بك». وإذا كانت أوكرانيا غير مهتمّة بالدب الروسيّ، فالدبّ مهتمّ جدّاً بأوكرانيا. فقدريّة الجغرافيا وثقل التاريخ هما الأساس. هذا ما كتبه الرئيس فلاديمير بوتين في مقالة طويلة، جاء فيها أن الشعب الأوكراني والشعب الروسي هما شعب واحد، ولا وجود لما تُسمّى أوكرانيا. هذا مع التذكير بأن كلمة أوكرانيا يعود أصلها إلى اللغة البولنديّة، عندما كانت بولندا تحتلّ قسماً كبيراً منها.
حتى أن القيصر كاترين الكبرى، وبعد التقسيم الثاني لبولندا في عام 1793، كانت تنظر إلى المكاسب من منظار إثني وديني بحت. وعليه، كتبت إلى سفير روسيا في بولندا قائلة: «لن نحظى بحدود آمنة مع بولندا إلا إذا كانت بولندا في حالة ضعف وعجز كبيرين».
واليوم، تشكّل بولندا رأس الحربة الغربيّة لـ«الناتو» والولايات المتحدة، في دعم الجيش الأوكراني لمنع الانتصار الروسيّ.
فلنذهب إلى الوضع الميداني في أوكرانيا مباشرة لتقييم ما حصل، وإلقاء نظرة على صورة المرحلة القادمة، من ضمن المعادلة الذهبيّة الثابتة التي تقول: «لا يجب التركيز على الأهداف الموضوعة من قبل طرف ما؛ بل يجب التركيز على التقييدات والموانع التي تعيق هذا الطرف عن تحقيق أهدافه».
الآن، لننظر إلى التطبيق على الأرض الأوكرانيّة.
أراد الرئيس بوتين كلّ شيء، وقد لا يحصل على شيء. بمعنى أنه لن يكون قادراً على قياس نجاحه العسكري في أي منطقة من أوكرانيا. بكلام آخر، إذا لم يستطع الرئيس بوتين تحويل المكسب العسكري إلى مكسب سياسي، أي اعتراف الآخر له به، فهو لن يكون قادراً على فكّ الحبال الغربيّة التي بدأت تُضيّق الخناق عليه، اللهم إلا إذا ذهب إلى غير المعقول، أي إلى النوويّ.

كيف تبدو الساحة العسكريّة الآن؟
• انسحاب جزئي من شمال غربي كييف للقوات الروسيّة لإعادة التنظيم. لكن، قد لا تشارك هذه القوات في جبهة ثانية؛ لأنها مُنيت بخسائر كبيرة ومعنوياتها ليست مرتفعة. فعادة، تُسحب هذه الوحدات إلى ثكناتها، وأحياناً تُحلّ. لكن هذا لا يعني ترك مُحيط كييف، لا بل إبقاء أرضيّة عملانيّة للانطلاق منها في حال أي هجوم مستقبليّ.
• من هنا استغلّت القوات الأوكرانيّة هذه البلبلة في صفوف القوات الروسيّة، وبدأت بهجمات عكسيّة استردّت فيها مدينة أربين، وبلدة ماكاريف، والهدف هو دائماً إبقاء طرق الإمداد والطرق اللوجستيّة من جهة الغرب الأوكراني ومدينة لفيف مفتوحة.
• بدء الاستعداد والتحضير للاستيلاء على كلّ إقليم دونباس. فهو يُشكّل 9 في المائة من الأراضي الأوكرانيّة، ويلامس الحدود الروسيّة، الأمر الذي يُسهّل عملية النقل اللوجستيّة في حال الحرب. ويتميّز هذا الإقليم بأراضٍ منبسطة نسبيّاً، وبكثافة سكانيّة قليلة، الأمر الذي يُسهّل عنصر المناورة بالدبابات، وأيضاً يُسهّل عملية قنص هذه الدبابات بالأسلحة الغربيّة المضادة للدروع. وستشهد هذه المنطقة قصفاً نارياً لم تشهده كل أوكرانيا من قبل.
• لكن المهمّ للقوات الروسيّة هو تسريع عمليّة سقوط مدينة ماريوبول، الأمر الذي يُسهّل وضع الإقليم بين فكّي كماشة روسيّة، من الشرق ومن الغرب، انطلاقاً من الجنوب.
• كما يُنتظر في الحرب على الإقليم أن يتمّ استعمال قوات لها خبرة في هكذا نوع من القتال. والمقصود قوات من «فاغنر»، أو ممن شارك في الحرب السورية والليبية أو من غرب أفريقيا.
هذا في الشق العسكري. فماذا عن الأبعاد الأخرى؟
• صرّح الناطق الرسمي باسم الرئيس بوتين، ديمتري بيسكوف، بأن استعمال النووي في أوكرانيا مُستبعد؛ لأن الحرب فيها لا تشكّل خطراً وجوديّاً على روسيا.
• في الوقت نفسه، هناك دبلوماسيّة نشطة للمتضرّرين من الحرب في أوكرانيا، وهم:
• إسرائيل؛ لأنها جارة روسيا في سوريا، هذا عدا وجود الجاليتين اليهوديّتين: الروسيّة كما الأوكرانيّة، في إسرائيل.
• فرنسا؛ لأنها عادة هي الولد المشاغب في أوروبا وفي حلف «الناتو» منذ أيام الرئيس شارل ديغول وحتى الآن، مروراً بموقف الرئيس جاك شيراك قبيل الاجتياح الأميركي للعراق.
• تركيا، وهي الأكثر تضرّراً لعدّة أسباب، منها: التطويق الروسي لها من جهة البحر الأسود، ومن الجهة السورية. وهي تستذكر مطالب جوزيف ستالين بحصّة له في المضايق البحريّة. والخطر أن تنتصر روسيا. لكن هذه المبادرات تدور ضمن الشعار التالي: من هو قادر لا يريد، ومن يريد ليس قادراً. فكيف سيجتمع الرئيس بوتين بالرئيس الأوكراني، وهو أصلاً لا يعترف بكلّ أوكرانيا؟ ألا يُعتبر هذا الأمر انتحاراً سياسياً للرئيس بوتين؟
وعليه، يعتمد الرئيس بوتين المقاربة التالية:
• تغيير الاستراتيجيّة العسكريّة لامتصاص الهزيمة في المرحلة الأولى.
• إعادة تنظيم القوى، وتغيير في بعض القيادات، والعودة إلى المرحلة الثانية لتحقيق نصر ما.
• في الوقت نفسه، فتح باب التفاوض مع أوكرانيا لكسب الوقت، ومحاولة تعديل موازين القوى العالميّة، سواءً باتجاه الصين أو الهند. فكل مكسب عسكري على الأرض الأوكرانيّة سيُعزّز موقفه.
• لكن الأكيد والظاهر أن الرئيس بوتين لا يزال يعتقد أن بإمكانه تحقيق كلّ أهدافه في أوكرانيا، والتي كان قد أعلنها قبيل بدء الحرب.
فهل يمكن لنا تسمية هذه الحرب بالحرب الطويلة؟



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.