الصين {غير جاهزة} للاستفادة من ضعف روسيا

TT

الصين {غير جاهزة} للاستفادة من ضعف روسيا

من منظور الصين، تنبع أهمية روسيا من دورها كمورد للمواد الخام وقيمتها كحليف جيوسياسي، خلال فترة الصدام بين واشنطن وبكين في أثناء ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بحسب ألكسندر لوكين، المحلل الاستراتيجي الروسي ورئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة «إتش. إس. إي» الروسية. لكن جاءت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لكي تطرح مجموعة عوامل جديدة يمكن أن تكون لها عواقب سلبية بالنسبة لبكين، على حد قول ألكسندر لوكين، في التحليل الذي نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية.
وتضع الحرب الأوكرانية السلطات الصينية أمام معضلات عدة، بعد أن وصلت العلاقات الوثيقة بين بكين وموسكو إلى أعلى مستوياتها خلال السنوات الماضية؛ أولها هو أن الاضطراب الذي وصل حديثاً إلى أوروبا نتيجة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والعقوبات الغربية التالية لها والإجراءات الانتقامية الروسية رداً على هذه العقوبات، خلقت مشكلات كبيرة للاقتصاد الصيني، تمثّلت في ارتفاع أسعار الطاقة، واحتمال تضرر الشركات الصينية بشكل غير مباشر من العقوبات المفروضة على روسيا وغير ذلك. وثانياً، ومع اقتراب العملية العسكرية الروسية من إتمام أسبوعها الخامس، تزايدت الشكوك الصينية حول قدرة روسيا على تحقيق أهدافها بسرعة والخروج من الأزمة أقوى، وليست كدولة ضعيفة. ويقول لوكين إن هذه العوامل أثارت جدلاً بين الخبراء الصينيين، يمكن رصده من خلال المنشورات ذات الصلة أو التواصل بين الزملاء، رغم الطبيعة الآيديولوجية المنغلقة للصين.
ويواصل الكتاب الصينيون بشكل عام الحديث عن أن الصراع الحالي ناتج عن السياسة الأميركية الاستفزازية على مدى سنوات، والمثال الأبرز على هذا هو سلسلة المقالات التي نشرها المحلل العسكري جون شينج في أواخر مارس (آذار) في مجموعة أعداد من صحيفة «جيفانج جونج باو» الناطقة باسم الجيش الصيني، ثم أعيد نشرها في العديد من مواقع الإنترنت. في هذه المقالات واصل جون الذي يطلق عليه اسم «صوت الجيش» انتقاده الحاد للسياسة الخارجية الأميركية، مدعياً أنها هي التي أشعلت فتيل الحرب في أوكرانيا.
وأشار ألكسندر لوكين إلى التنوع الكبير في آراء الخبراء الصينيين بشأن كيفية إنهاء الصراع في أوكرانيا والموقف الذي يتعين على بلادهم تبنيه من هذا الصراع.
على سبيل المثال تبنى هو شيجين، الصحافي البارز ورئيس التحرير السابق لصحيفة «جلوبال تايمز» الصينية، مقترحات معتدلة بشأن هذا الصراع. وفي رسالة مطولة عبر موقع «ويبو» للتواصل الاجتماعي، قال شيجين إنه يتمنى «هبوطاً سلساً» لروسيا واستعادة البيئة الاستراتيجية الآمنة على حدودها الغربية.
في الوقت نفسه، انتقد محاولات «روسنة» السياسة الخارجية الصينية، أي الدوران في فلك السياسة الروسية. وهو يرى أن قوة الصين على عكس روسيا لا ترتبط بقدراتها العسكرية بقدر ارتباطها بإمكانات اقتصادها، لذلك على الصين التحرك بشكل أكثر اعتدالاً، وتحاول على مدى فترة أطول وباستخدام الطرق الدبلوماسية ربط الولايات المتحدة بها اقتصادياً والاستفادة من قدراتها التنافسية.
ورغم أن الإعلام في الصين خاضع بصورة أو بأخرى للدولة، فإن ما ينشر من آراء فيها تظل آراء شخصية، وإن الموقف الرسمي للصين يتم الحصول عليه من البيانات الرسمية لوزارة الخارجية الصينية وتصريحات الدبلوماسيين وبالطبع القيادة الصينية. والموقف الرسمي الصيني لا يبدو قريباً جداً من روسيا، وإن كان لا يعاديها، حيث نفت الصين تقديم أي دعم عسكري لروسيا كما ردد الإعلام الأميركي.
في الوقت نفسه، قال شين جانج، سفير الصين لدى الولايات المتحدة، في مقال نشره بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية يوم 15 مارس الحالي، إن بلاده لم تكن على علم مسبق بالهجوم الروسي على أوكرانيا، أو أنها طلبت من روسيا تأجيل الهجوم. وأشار إلى أن بلاده شريك تجاري مهم لكل من روسيا وأوكرانيا، وأن أكثر من 6000 مواطن صيني يعيشون في أوكرانيا، وهو ما يعني أن العملية العسكرية الروسية تتعارض مع مصالح الصين.
وأخيراً، يرى ألكسندر لوكين أن الصين لم تبلور موقفها النهائي من الأزمة الأوكرانية والصراع الروسي الغربي، وقد يتغير أكثر من مرة خلال فترة الصراع، رغم أن سماته الأساسية واضحة، وتتمثل في ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، انطلاقاً من المخاطر الانفصالية التي تواجهها من آن إلى آخر، وبالتالي فهي تعارض احتلال روسيا لأراضي أوكرانيا أو ضم مناطق من هذه الأراضي إليها. في المقابل، فإن روسيا شريك بالغ الأهمية للصين في مواجهتها مع الولايات المتحدة، التي بذلت جهداً كبيراً خلال السنوات الأخيرة لكي تجعل بكين تدرك أن هذه المواجهة خطيرة، وسوف تستمر لفترة طويلة.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.